أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فاطمة ناعوت - سيبيهم يحلموا يا طنط عفاف














المزيد.....

سيبيهم يحلموا يا طنط عفاف


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5167 - 2016 / 5 / 19 - 15:31
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


(الزفت ده في أمريكا! النيلة ده مش في سمنود! ولابسيون! ولاسنديون! ولاسمالوط! ولاملوي! ولا كفر البطيخ! الكوبري في أمريكا. إن شالله أعدم اللي بيكذّبوني واحد ورا التاتي، في أمريكا. جننتوني وجبتولي اكتئاب وكرهتوني في الفيسبوك من كتر مابتكذبوا. ليه كده ياخونة؟! بلدكم جميلة وفيها إنجازات حقيقية ومشاريع جبارة. صعبان عليكم تقولوا إن فيه نهضة بجد، وعايزين تنشروا أكاذيب تخلي العالم يضحك عليكم؟؟ اختشو أو غوروا في داهية. أنا مش فاضية لكم كل شوية أطلع من الاحتجاب علشان أصحح معلومة اتعمل لها أكتر من 1000 شير على العمياني. الكلمة أمانة ومسؤولية. اللي مش متأكد من معلومة بلاش يشيّرها. مادام مش عارف يعمل بحث في جوجل للتأكد. سلامو عليكو.)
كاتبة تلك العبارة المرحة المفخّخة هي "طنط عفاف". هكذا اسمُها على فيس بوك. وهي سيدة مثقفة مستنيرة من أصل سوداني وتعيش في القاهرة بعد تقاعدها من العمل في السلك الاقتصادي في بلدها الجميل. وأما "الاحتجاب" الذي ورد بالبوست، فهو فترات تخرج فيها تلك السيدة الجميلة من صخب الانترنت لتنشغل بالحياة الحقيقية بالتأمل والقراءة والاستمتاع بالأولاد والأحفاد، بعيدًا عن فوضى هذا العالم الافتراضي الصاخب، كثير اللغو قليل العمل. وأما "الزفت" المذكور في البوست الغاضب، فهو جسر Marquam ذو الطابقين الشاهق العُلوّ، الذي يقع في مدينة بورتلاند بولاية أوريجون بالشمال الغربي الأمريكي، ويقطع نهر ويلمات ليخدم خمسة اتجاهات للمرور السريع في وقت واحد، وتمرُّ فوقه أكثر من 135 ألف سيارة يوميًّا وفق إحصاءات 2008. وأما نعته بـ"الزفت" فلأنها لم تكن المرة الأولى التي نبّهت فيها السيدة المثقفة متابعيها وأبناء وطنها مصر لضرورة التحقق قبل نشر الأغاليط المنتشرة على طول فيس بوك وعرضه باعتبارها حقائق موثّقة. قبل نشرها هذا البوست بيوم، خرجت عن احتجابها خصيصًّا للتنبيه قائلة: “خرقت الاحتجاب علشان أقول لكم خلوا بالكم وإنتم بتعملوا شير لصور على إنها من مصر، وهي في الحقيقة مش مصرية. اعملوا بحث بالصور في جوجل وانتم تعرفوا الحقيقة. زي الصورة التي قيل إنها طريق مصر-اسكندرية الزراعي الجديد. الطريق ده في كندا. اسيبكم وارجع احتجب شوية.”
وكما ترون، لم يتركوها تحتجب، وأزعجوا راحتها بصور مفبركة جديدة، وعدد هائل جديد من الشير والتعليقات، فلم تهنأ المحتجبةُ براحتها وخرجت تعلن عليهم حربها التوعوية الطيبة.
والشاهد أن متابعيها، وأنا منهم، نكره احتجابَها، لأنه يحرمنا من قراءة تغريداتها المثقفة الذكية، لهذا فلا أغفلُ احتمالية أن أحباءها ربما ينشرون تلك الصور خصيصًا لكي تكسر صمتها وتخرج إلينا، ولو غاضبةً لاعنة، ولكنني هذه المرة بدأت في تأمل تلك الظاهرة. قال بعض الخبثاء إن الإخوان هم من يفبركون تلك الصور، لكي يلتقطها الكسالى الذين يكرهون البحث والتدقيق، فيبدأون في نشرها وتمجيد القيادة المصرية والتصفيق للحكومة والتهليل للحاكم، فيبدأ الإخوان في السخرية الشامتة وإطلاق كلمتهم الأثيرة: "التطبيل- المطبلاتية" وتبدأ الحروب على صفحات فيس بوك، والخاسر دائمًا هي مصر، التي ينصرفُ أعداؤها في الكيد لها، وينصرف محبوها في إضاعة الوقت في الأباطيل والمعارك التافهة، والنتيجة: لا عمل، لا إنتاج، مزيدٌ من التضخم، مزيدٌ من انهيار العملة المصرية، مزيدٌ من الدمار الشامل.
ما السبب في تلك الظاهرة المُخزية؟ نشر الأكاذيب على أنها حقائق؟ لصالح مَن؟ لا شك أن السبب الرئيس هو غياب العقلية النقدية، العقلية البحثية التي تفتش وتبحث وتدقق الخبر قبل نشره على أنه معلومة. العقلية التي لا تُقرُّ بالشائعات لمجرد شيوعها، وتفترض الشكّ في كل ما تسمع. أذكر مقولة للإمام المثقف علي بن أبي طالب، يقول مضمونها: "إن جاءك شخصٌ مفقوء العين زاعمًا أن شخصًا قد فقأ عينه، فلا تصدقه قبل أن تقابل الآخر وتسمع منه، ربما وجدت أن عينيه الاثنتين مفقوءتان.” تلك عقلية "القاضي" الحكم كما يبنغي أن تكون، وكما تنبغي أن تكون عليه عقولنا جميعًا. ألا نُسلّم آذاننا لأحد قبل الاستوثاق والتأكد بالأدلة الناصعة على صدق ما يقول، أو يظلُّ كلامُه محلّ شكٍّ، فلا نروّجه باعتباره حقائق، ونبني عليه آراءنا وأفعالنا.
لكن هناك بُعدًا آخر للظاهرة. إنه "الحُلم". أحيانًا نحلم، ونصدّق أحلامنا. نحن نعي أن ما نتمناه مجرد حلم. لكننا أحيانًا نفقد السيطرة على أفكارنا فيغيب الحدُّ الفاصل بين الوهم وبين الحقيقة، فنصدّق نحن أولا أن الحلم قد تحقق، ثم نشيع بين الناس أحلامنا باعتبارها حقائق. يحدث هذا على نحو إيجابي حين نقول: هذا الجسر الجميل في بلادنا، لكن السلبيّ فيه ألا نعمل لنشيّد مثله بالفعل. ويحدث هذا على نحو شرير حين يُروّج شريرٌ أكاذيب عن أبرياء، ويظلّ يكذب ويكذب حتى يصدّق هو كذبته، ثم يشيعها بين الناس باعتبارها حقيقة. حيلةٌ ذهنية خائبة يفعلها العقلُ المأزوم طمعًا في التوازن. لكن الكذب عمره قصير و"مالوش رجلين" كما قالت الجدّة وهي تصنع قهوتها عند العصر.
أيتها الجميلة المثقفة، لا بأس من بعض الخيال المريح، وسيبيهم يحلموا يا طنط عفاف.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جمال السويدي يحذّر من السراب
- عينُ الطائر... والزّمارُ البدين
- مهنتي الكتابة | كُن كاتبًا تمشِ في الطرقات حُرًّا
- بناءُ الإنسان في الإمارات
- اليماماتُ مذعورةٌ في بلادي!
- قراءة في كتاب -دفتر العمر-
- تحت شرفة عبد الوهاب … كَم تُرتكب من جرائم!
- السير يعقوب وليلى ابنة الفقراء
- الإمارات تكسر شرانقهم |الأسبوع العالمي للتوّحد
- تعالوا نمشيها نكت
- حُلم | قصيدة للشاعرة فاطمة ناعوت
- دعاء خصم فاطمة ناعوت | كيف ندعو على ظالمينا؟
- أجدلُ السعفَ لأنني أحبُّ
- ما الهزيمة؟
- القطة .... التي كسرت عنقي
- العصفورُ المتوحّد
- أولاد الوزّة
- سامحيني يا سمراء | أم الشهيدة والأرنب المغدور
- أيها الشعراء غنّوا وأُسجنوا!1
- قفص العيب


المزيد.....




- مصر.. تصريح اللواء المتقاعد سمير فرج عن إيران وإسرائيل و-الض ...
- رد بعثة إيران بأمريكا على تهديد ترامب باغتيال خامنئي و-التذل ...
- محمد علي الحوثي يخاطب ترامب حول مهاجمة إيران ويذكره بـ-قاذفا ...
- تحذير عاجل: إسرائيل تهدد بقصف مفاعل أراك النووي في إيران!
- نيوزيلندا تفرض عقوبات جديدة ضد شخصيات روسية
- تحذير للسائقين.. عنصر أساسي في السيارة مليء بالجراثيم!
- الجيش الإسرائيلي: رصد إطلاق صواريخ من إيران باتجاه أراضي إسر ...
- تحذيرات من إيقاظ إيران -الخلايا النائمة- بعد ضربات إسرائيل ل ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قائد مدفعية -حزب الله-
- Xiaomi تدعم أسرة حواسبها المحمولة بجهاز مميز


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فاطمة ناعوت - سيبيهم يحلموا يا طنط عفاف