أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - فاطمة ناعوت - اليماماتُ مذعورةٌ في بلادي!














المزيد.....

اليماماتُ مذعورةٌ في بلادي!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5157 - 2016 / 5 / 9 - 18:18
المحور: بوابة التمدن
    


عند شُرفة المنزل الذي أسكنه الآن في مدينة "أبو ظبي" الوادعة، ثمة يماماتٌ، تُحوِّم ثم تحُطُّ لتلتقطَ حبوب البُرغل التي أنثرُها مع نسائم الفجر الأولى. في شرفة بيتي بالقاهرة، ورغم أنها تُطِلُّ على حديقة شاسعة مترامية الأطراف، قلّما تأتي اليماماتُ، رغم حبوب القمح والشعير التي أنثرها كلَّ نهار، ورغم أن قلبي الذي يعشقُ الطيرَ والنَّغمَ، هو هو الذي ينثرُ الحَّبَّ والحُّبَّ هنا، وبالقاهرة!
طالما حيّرتني تلك الظاهرة! مشهدٌ لا نراه إلا في ميادين الغرب، وعند الحرم المكيّ، وفي بلاد “الإنسان”. يماماتٌ تسيرُ على الأرض تلتقط القمح من بين أقدام المارّة، دون خوفٍ من دهسِ قدمٍ باطشة، أو ترقُّب نبالٍ مُصوّبة نحو القلبِ الصغير الواجف، ولا فزعٍ من نَصلِ سكينٍ غاشمة تجزُّ العنقَ النحيل لتعرفَ من أين يتدفق الدمُ. لماذا لا نشاهد هذا المشهد "المثقف" في بلادنا؟ لماذا لا يُحوِّم حول رؤوسنا الطيرُ ويحطُّ فوق أكتافنا، فإن بسطنا أمام عيونه الطيبة أكفَّنا الطيبة تحمل الحبوب وكسرات الخبز، حطَّ عليها، والتقطَ رزقَه المقدور، ثم دعا لنا في سِرِّه، قبل أن يبتسم ويعاود التحليق، لماذا؟! لأن ذاكرة اليمامات دوّنت على مدى السنوات والعقود، بطشَنا بكل ما هو صغير ونحيل، وقسوتَنا مع كل ما، ومَن، لا حول له ولا قوّة. في أبجديات الجمال والفضيلة والتحضّر، يحمي القويُّ الضعيفَ. لكن في ثقافة حَيِّنا: يستقوي القويُّ بقوته ويظلم، ثم يجد ما يفخر به، وهو لو تعلمون مدعاةٌ للخجل والتواري عن مرصاد الإنسانية النبيلة! خسارة يا أولاد حارتنا! لم تتقنوا بعد درسَ الإنسانية الذي سبقنا إليه الغربُ والبلاد العربية التي تنتهج الحضارة والترقّي! ننادي بالرحمة والتحضُّر مع مخلوقات الله، فتدعوننا: "كفّارًا"!! وما الكفرُ إلا القسوة والفظاظة التي تملأ قلوبَنا ومدوناتِنا وأفكارَنا؟! التحضّر والإنسانية والسموّ ليست في احترام "الآخر"؛ لأن القانون يحميه أو لأنه قويّ يحمي نفسَه بنفسه، بل يبدأ التحضر من رحمة مَن لا يملك ذراعين مفتولتين يدفع بهما الأذى عن نفسه، واحترام ما لا يحميه القانونُ الأعور، الذي لا يحمي ما لا يشكو مثل الطير والحيوان والنبات، والآثار والممتلكات العامة. كَم نحن بعيدون عن التحضّر والإنسانية والسموّ.
أُذكّركم بمقالي هنا بالمصري اليوم بعنوان "أولاد الوزّة"، بتاريخ الاثنين 18 أبريل 2016، وفي المقابل يُحكى عن إحدى العائلات المصريه المهاجرة إلى أمريكا، وقد فوجئت باستدعاء المحكمة، بتهمة اصطياد بط البحيرة، وذبحه. مَن الذي أبلغ؟ عمال النظافة إذ وجدوا الريش فى قمامتهم. جامعُ القمامة ليس بحاجة إلى قراءة وصايا المصري القديم عن رحمة الطير والحيوان ليترقّى، ولم يقرأ فلسفات النباتيين ليتحضّر، إنما تعلّم في طفولته أن للحيوان حقّ الحياة بكرامة، مادام لا يتقاطع مع جوعنا، ونحن في الأصل نباتيون، لأننا لا نمتلك أنيابًا معقوفة كالضواري.
“انظرْ إلى النافذة يا حبيبي!/ من أين جاءَ ذاك العصفورُ/ وتلك الشجرةُ/ وذاكَ المرجُ الأخضرُ/ واليماماتُ التي تُغطي أرضَ الميدانِ/ دون خوفٍ من أحذية العابرين!/ حيثُ اليماماتُ تجولُ في الطرقاتْ/ دون خوفٍ من دهْسِ المارّة/ ولا حصواتِ النِّبالْ.” من قصيدة "حفنة أرز" | ديوان "اسمي ليس صعبًا" دار الدار 2009.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب -دفتر العمر-
- تحت شرفة عبد الوهاب … كَم تُرتكب من جرائم!
- السير يعقوب وليلى ابنة الفقراء
- الإمارات تكسر شرانقهم |الأسبوع العالمي للتوّحد
- تعالوا نمشيها نكت
- حُلم | قصيدة للشاعرة فاطمة ناعوت
- دعاء خصم فاطمة ناعوت | كيف ندعو على ظالمينا؟
- أجدلُ السعفَ لأنني أحبُّ
- ما الهزيمة؟
- القطة .... التي كسرت عنقي
- العصفورُ المتوحّد
- أولاد الوزّة
- سامحيني يا سمراء | أم الشهيدة والأرنب المغدور
- أيها الشعراء غنّوا وأُسجنوا!1
- قفص العيب
- مَن هُم خصومُنا؟
- اسمُها زَها حديد
- ثغرة في قانون ازدراء الأديان
- كنتي سيبيه يمسكها يا فوزية!
- توب الفرح يا توب


المزيد.....




- بعيدا عن الكاميرا.. بايدن يتحدث عن السعودية والدول العربية و ...
- دراسة تحذر من خطر صحي ينجم عن تناول الإيبوبروفين بكثرة
- منعطفٌ إلى الأبد
- خبير عسكري: لندن وواشنطن تجندان إرهاببين عبر قناة -صوت خراسا ...
- -متحرش بالنساء-.. شاهدات عيان يكشفن معلومات جديدة عن أحد إره ...
- تتشاركان برأسين وقلبين.. زواج أشهر توأم ملتصق في العالم (صور ...
- حريق ضخم يلتهم مبنى شاهقا في البرازيل (فيديو)
- الدفاعات الروسية تسقط 15 صاروخا أوكرانيا استهدفت بيلغورود
- اغتيال زعيم يكره القهوة برصاصة صدئة!
- زاخاروفا: صمت مجلس أوروبا على هجوم -كروكوس- الإرهابي وصمة عا ...


المزيد.....

- خط زوال / رمضان بوشارب
- عينُ الاختلاف - نصوص شعرية / محمد الهلالي
- مذكرات فاروق الشرع - الرواية المفقودة / فاروق الشرع
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 9 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة ,, العدد 8 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 7 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة الالكترونية , العدد 6 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 5 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 4 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 2 / ريبر هبون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - فاطمة ناعوت - اليماماتُ مذعورةٌ في بلادي!