أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - بناءُ الإنسان في الإمارات














المزيد.....

بناءُ الإنسان في الإمارات


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5158 - 2016 / 5 / 10 - 12:56
المحور: المجتمع المدني
    


لأن "الإنسانَ" هو شاغلي الأول في مجمل تجربتي الأدبية، فإن له مكانًا دائمًا في مقالاتي وقصائدي وكتبي. أفكر كثيرًا في هذا الكائن المُعجِز المُلغِز الذي استخلفه اللهُ على الأرض ليصنع مملكتَه الخاصة، ويخوضَ تجربة الخلق الصغرى، بعدما منحه الخالقُ الأعظم لمحةً من لدنه فعلّمه كيف يفكر ويتأمل ويحلل ويُحاكي الطبيعة فيبدع ويكتب ويقرأ ويُشيّد ويحبُّ ويعلّم الصغار. في كل بلد أزوره، عربيًّا كان أو غير عربي، وبعد تجوالي لأتأمل العمارة العتيقة والمتاحف والمكتبات والجاليرات، أبدأ في تأمل موقع "الإنسان"، ومكانته وقيمته ومدوّنة حقوقه وواجباته، فأعرف على الفور طبيعة هذا المجتمع وقدرَه بين المجتمعات، وأحكم على مستوى تحضُّر هذا البلد أو ذاك، وأحدّد موقعه، اليوم وغدًا، على سُلّم الترقّي والحضارة.
وأنا، منذ سنوات طوال، أتأمل مكانة "الإنسان" في دولة الإمارات العربية المتحدة، وأغبطُ تلك التجربة الفريدة التي دشّنها قبل أربعة وأربعين عامًا سموّ الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، فصنع ذلك المجتمع العربي الإسلامي الفريد الذي احترم الإنسانَ كونَه إنسانًا، من دون النظر لأية اعتبارات أخرى عِرقيةً كانت أو عَقَدية أو طبقية أو عنصرية، ثم أكملَ من بعده تلك المسيرة النهضوية المستنيرة أبناؤه المثقفون بعدما ربّاهم على التواضع الجمّ والمحبة الكاملة للبشر كافة وتقديس قيمة الإنسان، فنشأتِ الأجيالُ الجديدة وقد أصبحت القيمُ الإنسانية العليا واحترام حقوق البشر مغروسةً داخل عقولهم كجزء من البنية الصلبة التي لا تتبدّل مهما تبدّلت القوانين والأعراف والظروف. كتبتُ قديمًا عشرات المقالات عن تلك الظاهرة الحضارية والمجتمعية الفريدة في دولة الإمارات من خلال زياراتي العديدة الخاطفة للإمارات، ومن خلال القراءة وحكاوي الأصدقاء والأهل المقيمين هنا، ولكن، أثناء زيارتي الحالية، الطويلة نسبيًّا، لتلك الدولة الطيبة، من أجل حضور بعض الفعاليات الثقافية والفكرية والأدبية والمجتمعية، بدأت أعاينُ بعيني وألمسُ بيدي ما كنتُ قرأت وسمعت عنه من قبل، لأتأكد أن ثمة طفرةً إنسانية حضارية مدهشة صنعها رجلٌ عظيم واستأنفها رجالٌ متحضرون أحبوا وطنهم واحترموا مواطنيهم فآمنوا أن الاستثمار الأعظم لا يكون إلا في "الإنسان"، فصنعوا خلال سنوات قليلة ما جفّت حلوقُنا ونحن ننادي به في مجتمعاتنا العربية منذ سنوات طوال، سبقنا للمناداة بها آباؤنا وأجدادُنا الأدباء والمفكرون المشغولون بقيمة الإنسان في مجتمعنا المصري والعربي.
وعلى هامش معرض الكتاب الدولي بأبو ظبي، حيث متعة تبادل الكتب بين الأدباء والكُتّاب والمفكرين، كان لي نصيبٌ طيبٌ في تلك الجدلية الفكرية المبهجة، فأهديتُ بعض كتبي لأدباء ومفكرين، وأُهديتُ منهم بعض كتبهم الثرية التي تضمن لي شهورًا قادمة من الإبحار الغنّي في عقول مؤلفيها. فطوبى لمن أهدى الكتبَ، ولمن أُهديت إليه. من بين تلك الهدايا القيّمة كان مجلد: "دفتر العمر" الذي كتبه الكاتب المؤرخ الإماراتي الأستاذ سالم السامان، أحد رفقاء مشوار الشيخ زايد رحمه الله وأثابه خيرًا على تلك المعجزة الحضارية والإنسانية التي صنعها في مجتمعه.
ولعل العبارة الأجمل التي فتحت شهيتي للكتابة عن هذا المجلّد الضخم، هي هذه الكلمة الصادقة، والبليغة التي كتبها السامان في كتابه: “تمثل ملحمة بناء الإنسان التي قادها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيّب الُله ثراه بصورة موازية لبناء الوطن، الإنجاز الأهم في مسيرة الاتحاد، وذلك انطلاقًا من قناعته؛ أن الإنسان هو محور كل تقدم حقيقي، وأن الإنسان المتعلم؛ هو الدعامة الأساسية التي تعتمد عليها دولة الاتحاد. عملت الدولةُ على توفير المدارس ومؤسسات التعليم العالي والمعاهد والمراكز الثقافية والمؤسسات العسكرية والأكاديمية والفنية لتحقيق هذه الغاية النبيلة، برعاية ودعم بلا حدود من الشيخ زايد لمؤسسات بناء الإنسان، وتهيئة كل الظروف الملائمة التي تمكّن أبناء الوطن من تحمّل مسؤولياتهم الوطنية. ويتذكر الجميع قوله المأثور: إن الثروة ليست ثروة المال بل ثروة الرجال، فهم القوة الحقيقة التي نعتزّ بها.” ثم يُقرُّ أالكاتب، بوصفه أحد شهود العيان على رحلة الشيخ زايد قائلا: “بعد استلام الشيخ زايد مقاليد الحكم في إمارة أبو ظبي، بدأت النُقلة النوعية في الحياة بالإمارة، كما كان فكر زايد منذ البداية وحدويًّا، فبادر بالدعوة للاتحاد بين الإمارات، وقال حينئذ: “إن الاتحاد هو طريق القوة وطريق العزة والخير المشترك، وإن الفُرقة لا ينتج عنها إلا الضعف، وإن الكيانات الخزيلة لا مكان لها اليوم في هذا العالم، فتلك هي الحقيقة الجلية عبر التاريخ وعلى امتداد عصوره.”
هذه ملحمة سيرية ثرية كتبها أحد أقرب المرافقين للشيخ زايد رحمه الله في مشواره العصيّ الفريد منذ ستينيات القرن الماضي، وحتى رحيله عن عالمنا نهايات عام 2004. كتبها ليس بمداد قلمه، بل بمداد روحه وجسده لأن كل موقف وحادثة ومشوار بين دفتي ذلك المجلد، ما كانت مجرد محكية تُروى من محكيٍّ له إلى مُنصتين، إنما كانت وليدة تجربة حيّة عاشها المؤلف سالم السامان، استغرقت حوادثُها الغزيرةُ جلّ سنوات عمره اقترن فيها بموحّد الإمارات وباني نهضتها الشيخ زايد، فكان شاهدًا على كل حجر زاوية في كل بناية ومؤسسة، وكان حاضرًا لكل حلم منذ بزوغه بُرعمًا وليدًا في عقول أبناء الإمارات وحتى إزهاره ورودًا وثمارًا يانعاتٍ تسرُّ الناظرين. طوبى لصنّاع المجد، وطوبى للشاهدين عليه، وطوبى لمن دوّنوه وأرّخوه لكي يكون مِشعلاً منيرًا دائم الضوء تحمله المجتمعاتُ التي تعثّرت في كبواتها ومازالت تخطو خطاها نحو التحضّر. اقرأوا هذا الكتاب الغنّي ونقّبوا معي في برديات رحلة شاقّة وشائقة صنعها رجالٌ أحبوا أوطانهم.

فاطمة ناعوت



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليماماتُ مذعورةٌ في بلادي!
- قراءة في كتاب -دفتر العمر-
- تحت شرفة عبد الوهاب … كَم تُرتكب من جرائم!
- السير يعقوب وليلى ابنة الفقراء
- الإمارات تكسر شرانقهم |الأسبوع العالمي للتوّحد
- تعالوا نمشيها نكت
- حُلم | قصيدة للشاعرة فاطمة ناعوت
- دعاء خصم فاطمة ناعوت | كيف ندعو على ظالمينا؟
- أجدلُ السعفَ لأنني أحبُّ
- ما الهزيمة؟
- القطة .... التي كسرت عنقي
- العصفورُ المتوحّد
- أولاد الوزّة
- سامحيني يا سمراء | أم الشهيدة والأرنب المغدور
- أيها الشعراء غنّوا وأُسجنوا!1
- قفص العيب
- مَن هُم خصومُنا؟
- اسمُها زَها حديد
- ثغرة في قانون ازدراء الأديان
- كنتي سيبيه يمسكها يا فوزية!


المزيد.....




- ميدل إيست آي: يجب توثيق تعذيب الفلسطينيين من أجل محاسبة الاح ...
- بعد اتهامه بالتخلي عنهم.. أهالي الجنود الأسرى في قطاع غزة يل ...
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة للمركز الوطني لحقوق الإنسان حول اس ...
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة لمركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان ح ...
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة للمنظمة العربية لحقوق الإنسان حول ...
- هايتي: الأمم المتحدة تدعو إلى تطبيق حظر الأسلحة بشكل أكثر فا ...
- قبيل لقائهم نتنياهو.. أهالي الجنود الإسرائيليين الأسرى: تعرض ...
- هيومن رايتس ووتش تتهم تركيا بالترحيل غير القانوني إلى شمال س ...
- بسبب المجاعة.. وفاة طفل بمستشفى كمال عدوان يرفع حصيلة ضحايا ...
- الأمم المتحدة تحذر: الوقت ينفد ولا بديل عن إغاثة غزة برا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - بناءُ الإنسان في الإمارات