أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان الهواري - صدفة .. أقبح من ألف ميعاد














المزيد.....

صدفة .. أقبح من ألف ميعاد


سليمان الهواري

الحوار المتمدن-العدد: 5131 - 2016 / 4 / 12 - 15:09
المحور: الادب والفن
    



التقيته صدفة بعد اكثر من اثنين و عشرين سنة لم اعلم من اخباره الا القليل .. علمت خلالها انه اصبح استاذا للتربية اسلامية و ياما تساءلت كيف انتهى فؤاد في هذه المادة و هو الذي كان يعشق كل ماله ارتباط بالفلسفة و العقل و اثارة الاسئلة .. تذكرت كيف كان يفوق زملاءه في القسم سنا هو الآتي من القرية و لم يلتحق بالمدرسة الا في سن الاحدى عشر .. كنا انا استاذه و هو تلميذي متقاربين في السن كثيرا .. كم التهم في نهاية الثمانينات كتب شريعتي و الجابري و برهان غليون حينها بعدما فصلنا معا ادبيات حسين مروة و مكتبة كاملة حين جعلته معي مسؤولا في النادي السينمائي للمدينة و معا نتراس جمعية ثقافية ننفتح من خلالها على شباب المنطقة و فعاليات طلابية بالجامعة الوليدة للمدينة .. لم نكن نفهم ما الذي سيمنعنا و نحن اساتذة من حضور حلقيات في قلب الجامعة و لا ماكان وزير الداخلية حينها مالك الانفاس يمكن ان يفعله و هو لا يثير فينا ادنى اهتزاز قصبة .. كان فؤاد يعشق كتب السيد حسين فضل الله حتى صارت له مصادره الخاصة و انا لا اذكر بالتحديد كيف تمكن من الحصول على عشرة اشرطة كاملة تمثل منهجا كاملا للسيد الفضل .. كنت حينها ارى فيه شابا يمتلك مشروعا في الحياة و في الرسالة له بصمته الخاصة و هو ابن الجنوب و الصحراء و كل صفات الجدية و الالتزام تلبسه .. كيف يمكن ان تنس فؤاد و جحافل البوليس تجتاح مؤسستنا الثانوية حين كان هو يقود مجموعة خلايا تلاميذية وحده يعرف تفاصيلها .. بقي صامدا و قوات المخازنية تنهال عليهم كما مواجهة في فلسطين .. اعتقلوا فؤاد حينها و بعض زملائه و ما كان مني و انا وسط بعض رفاق اساتذة حاولنا ان نمنع المجزرة ما امكن لكن القرار كان اكبر و البصري يكشر انيابه في وجه كل من يحتج ضد التدخل الامريكي اثر غزو الرئيس صدام للكويت .. ما كان مني الا ان اتابع قساوة هذا النظام في وجه شبابل لازال اغلبهم اطفالا .. اتذكر ليلتها كيف قطعت مسافة طويلة الى خارج المدينة لاوصل الى البيت الذي كان يؤوي فؤاد بعض مساعدة هي اكيد كانت قليلة جدا لكنها كانت ضرورية لانها تحمل في طياتها حلما و مشروعا و مشاتل ازهار ..
فؤاد يقود سيارة رباعية الدفع و علامات النعمة تشع من خدوده الوضاءتين .. كانت تجلس جواره شابة بحجابها الانيق عرفت بعدها انها زوجته الجديدة بعدما طلق نادية تلميذتي و زميلته في الجامعة و الحلقيات لترجع الى قريتها بعد ان اكتفت بشهادة الاجازة التي لم تغنها بؤس السؤال و قد تخلى عنها فؤاد خطيب المسجد الكبير بالمدينة .. فؤاد اصبح له اسم في المجلس العلمي الذي يتوسطه برلمانيو حكومة صاحب الجلالة و ارتدى في وجهه قسمات الرزانة هو اسمر اللون الذي شاركنا كما اطفال لعبنا و خرجاتنا لكل هوامش المدينة التي قطعناها طريقا طريقا و كاننا كنا نتجهز لغزوة قريبة .. كانت مرحلة اكتسب فيها فؤاد قدرة الخطابة و بعض مهارات القيادة التي كان يمتلكها بالفطرة .. فؤاد لا يشبه جيلا كنت ترميه وحده في اشواك الصحراء و ترجه اليه بعد سنين لتجده انشأ واحة و الناس حوله يرتوون من بئر هو من حفره .. فؤاد غادر المدينة لاستكمال دراسته العليا ليقطع كل علاقاته بالزمن الماضي و فيالق اللحى المشذبة تستقبله في عاصمة البلاد ليصبح و هو صاحب التجربة الميدانية زعيما انيقا و مسؤولا حزبيا يليق بموجة المتدينين الجدد .. و ما هي الا ايام حتى عاد الى اهله مظفرا و هو يخوض تجربة الانتخابات الجماعية و مواقعه الاجتماعية تتمدد خاصة و هو ينخرط مع بعض زعماء دار القرآن في وداديات سكنية تأكل هوامش المدينة الفلاحية ليسيطروا مع مرور الوقت على سوق السكن و شبكات قضم العراسي و الجنائن و القطع الارضية التي يعلم الراسخون في الجماعات البلدية وحدهم كيف ستصبح مستقبلا جزءا من المدار الحضري للمدينة .. فؤاد زادت سمنته كثيرا و هو الذي لا يعرف من الحركات الرياضية الأن الا ما ينجزه من فرائض الركوع و القيام من السجود و هو يتوكأ على ركبتيه ..
أحسست و كاني اتوغل في حضن فؤاد و هو يسلم علي بكل الحب الممكن .. طبيعي ان يسال عن احوالي و تفاصيل ابنائي الذين شاركهم لقمة الخبز و هو تلميذ ثم طالب حين كان واحدا من افراد البيت تقريبا ثم شرع يحكي كيف اصبح يمتلك فيلا في قلب حي الموظفين و كيف تمكن من اقتناء عشرات الشقق و لا تكفيه شقة مارتيل لعطل الاسرة و لا تلك التي يمتلكها في شاطئ بوزنيقة حسب مستجدات الفصول .. و كلما كان فؤاد يستغرق في فتوحاته كنت انا اتأمل في وجهه ارشق عينيه بنظراتي فيما هو يهرب مني نظراته و كانه يحكي للهواء .. فؤاد لا يذكر على وجه الدقة عدد العمرات و الحج التي زار فيها مقامات النبي هو من تثق في تدبير سياحته الدينية مؤسسات سعودية معروفة و العدد الكبير الذي يتمكن من استقطابه حتى يذهب ليغسل ادران هذا المغرب الموحش في بركات زمزم .. فؤاد اصبح متخصصا في نوعية الاثواب التركية و اي الالوان تحتاجها نساء الاخوة المؤمنين في الجماعة .. فؤاد لا تنتهي فتوحاته التجارية سبحان رب العالمين و هو الذي لا يغيب عن دروسه في مؤسسته الثانوية ، مثال الانضباط .. حكاياته ايضا لا تنتهي .. استفقت على آذان العصر يرفع من مسجد قريب ليبادرني فؤاد بالسؤال .. هل تمتلك بيتا اخي رضا ؟ تفحصته جيدا ثم اخدت يده في يدي كما كنت افعل و هو تلميذ في جلسة هامشية .. قل لي فؤاد : هل لازلت تحتفظ بكتب و اشرطة علي شريعتي .. فؤاد لم يكلف نفسه عناء الاجابة لكنه رفع ضحكة كانت اقرب الى قهقهة لم اعد اسمع منها شيئا و نحن نقترب من باب المسجد لعلنا نجد مكانا في بيت الوضوء .. هو الوجع الملعون يزور احشائي اذن كلما طغى زمن الاحلام الموؤودة .. الله اكبر الله اكبر .. حي على الضلاة ..
***الرباط 11/4/2016***



#سليمان_الهواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- و لِأنَّهُ عاشق ..
- و تسالني .. ماذا اريد
- يا امرأة قدت من شهوتي ..
- الحُبُّ يا سيِّدتي
- صباح الصبر ..
- شكون يقد يهضر
- أَنَا اخْتَرْتُنِي لَكِ
- يَا رفيقةَ نَبضِي 40
- يَا رفيقةَ نَبضِي 39
- يَا رَفِيقَةَ نَبْضِي 38
- يَا رَفِيقَةَ نَبْضِي 37
- يَا رَفِيقَةَ نَبْضِي 36
- يَا رَفِيقَةَ نَبْضِي34
- حين ينقل نصر الله اسرائيل الى مثلث الرعب ؟
- يَا رَفِيقَةَ نَبْضِي32
- يَا رَفِيقَةَ نَبْضِي 30
- يَا رِفَاقِي ..
- يا حسن
- تَعَالَيْ سَيِّدَتِي
- وتريات نهد أحمر


المزيد.....




- مصر.. الفنان محمد عادل إمام يعلق على قرار إعادة عرض فيلم - ...
- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان الهواري - صدفة .. أقبح من ألف ميعاد