|
بداية الإصلاح محاسبة الرؤساء !!
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 5126 - 2016 / 4 / 7 - 02:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بداية الإصلاح محاسبة الرؤساء !!
ليس هناك ما يسمى "صلاحيات مطلقة" ولا "سلطات مطلقة" في دول المؤسسات التي تحترم نفسها وتحترم حقوق الفرد والجماعة..لأن "السلطة المطلقة، سياسة كانت أو دينية هي في حقيقتها، مفسدة مطلقة".
والناظر اليوم للكيفية التي تدار بها الكثير من الجماعات المحلية المغربية يسيئه ما يراه من سلطات مطلقة إلى درجة التسيب في من تعامل الكثير من الرؤساء مع من وما يسيرونه في الجماعات التي يرأسونها وكأنها ضيعاتهم الخاصة؛ هم فيها الأسياد وغيرهم الخدم والتابعون.. يتصرفون في أمور خلق الله وكأنهم خلفاؤه في الأرض. يعبثون في مقدرات البلاد وأموالها العامة، وكأنها إرث شخصي وينفقون منه على المتنفذين ليوفروا لأنفسهم الحماية، يحركون المواقع والموظفين كبيادق الشطرنج.. ويـُنعمون على من يـُريدون من المحظيين، ويمنعون عمّن يكرهون أو يتوجّسون من المنبوذين، ويعطون لأنفسهم الحق في عزل من يشاؤون، واصطفاء من يشتهون، والاتيان بالمولين المريدين، الذين لا كفاءة لهم إلا التصفيق ، ولا رأس مال لهم غير الطاعة العمياء والولاء اللامشروط، ولا هم لهم إلا الانتهازية والاستئثار بالغنيمة لبناء الأمجاد الشخصية، على حساب الجمل وما حمل.
مسخرة الزمان سُقينا منها حتى الثملة.. جماعات حضارية وأخرى قروية تدار بقرارات مزاجية، لرؤساء نرجسيون مستبدون يثرون على رؤوس الأشهاد بطرق غير مشروعة، ولمواراة ذلك يقدمون الرشاوى للمتواطئين من الإعلاميين والصحفيين ، ليظهروا كالقادة الأفذاذ على الشاشات الوطنية والفضائيات الدولية، وعلى صفحات الجرائد الورقية والالكترونية ، ليتحفوا الجماهير التي ملت وجوههم وكرهت تصريحاتهم ، وخطبهم المنافقة .
فهل سينتهي زمن إستثناء الرؤساء من المحاسبة والمساءلة عن نتائج المشهد المأساوي الذي تعيشه الجماعات، لأنهم كانوا ولازالوا الطرف المهم والشريك الأساسي في صناعة الكثير من أزمات المدن والقرى التي تحملوا أمانة تسيير شؤونها كما قال الإمام علي (ع) "لا يطمعن، القليل التجربة المعجب برأيه في رئاسة"..
لإن إنصلاح حال الجماعات المغربية رهين بمحاسبة ومعقابة الفاسدين من الرؤساء الذين خرقوا القوانين الوضعية، وخرجوا عن التعاليم الدينية وأصولها التي تؤكد على شرط طهارة يد كل من يتصدى للشأن العام محليا كان أو وطنيا- والرئاسة على رأسه- وحرصه على أن تكون ممتلكاته وأمواله حلالاً لا شبهة فيها وأن يستنفر كل قواه العقلية لإقتناص أية تجربة تفيده وهو في موقع المسؤولية. ولذلك حذر الله سبحانه وتعالى وأنذر الذين يخالفون ذلك منهم بحساب عسير وعذاب شديد يوم القيامة كما جاء في ختام سورة "فاطر" في الآية الكريمة: "وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا" (45). وقد صح عنه _صلى الله عليه وسلم_ أنه قال: "ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلاّ حرم الله عليه الجنة". [البخاري ومسلم] كما استنكر الرسول صلى الله عليه وسلم أن تصير المسؤولية سبيلاً للتلاعب بمصالح الأمة والعبث بالشأن العام والإثراء غير المشروع، بدليل ما روي عنه أنه صلى الله عليه وسلم استعمل رَجُلًا عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ الْلَّتَبِيَّةِ؛ فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ؛ قَالَ: هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :" فَهَلَّا جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا"، ثُمَّ خَطَبَنَا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ عَلَى الْعَمَلِ مِمَّا وَلَّانِي اللَّهُ؛ فَيَأْتِي فَيَقُولُ: هَذَا مَالُكُمْ، وَهَذَا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي. أَفَلَا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ. وَاللَّهِ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَلَأَعْرِفَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ".
ولم يكتفي النبي صلى الله عليه وسلم بتحذيرالعابثين بالمال العام وخائني الأمانة من مغبة أفعالهم. بل حمل المسؤولية للناس كافة داعيا لمحاسبة وكل من يعين الفاسدين ولو بصمته، كما ورد ذلك في الحديث النبوي الشريف الذي رواه الترمدي والنسائي والذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: "سيكون بعدي أمراء من غشى أبوابهم وصدقهم في كذبهم أعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ولا يرد على الحوض. وانت لم يغشى أبوابهم ولم يصدقهم في كذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه وسيرد على الحوض". وقال أبو بكر رضي الله عنه، أن "أطول الناس حساباً يوم القيامة وأشدهم عذاباً الحكام- والرؤساء منهم- إلا من اتقى الله".
وإنه لمن الأمانة القول أن التعميم هنا فعل غير شرعي ولا عادل، لأن هناك عدد لا بأس به من الرؤساء يحفاظون على شرفهم ويؤدون أدوارهم كاملا. لكنه كما يقال في المثل المغربي الدارج "حوتة وحدة تتخنز الشواري" أي أن مجرد سقوط بعض الرؤساء في مهاوي العفن يسبغ الأمر بشرعية التعميم. حميد طولست [email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لكراسي تخطف الأبصار وتعمي الأنظار!!!
-
ظاهرة التعصب الكروي !!
-
علاقة لا تحركها شيء سوى الحب والارتباط الروحي
-
سلامة تدبير الشأن المحلي في صدقية المنتخبين .
-
هل يكفي العرب، يوم واحد للكذب؟
-
اللي تسنينا براكتو دخل لجامع بلغتو-
-
لقد تخلفوا عن لحظة تاريخية حاسمة!؟
-
الخطاب السياسي المغربي المطلسم !!
-
تدخل السياسي في الثقافي أية آفاق !!.
-
لأم، الإنسان الأولى بِالإِكْرَام وَالإِحْسَان والاحتفاء.
-
تدخل السياسي في الرياضي !!
-
مستشارين لا عهد لهم بالتسيير.
-
التطوع يخلق التقارب والتآلف والمودة...
-
-لولا المشقة لساد الناس كلهم- !!
-
مشاركتي في مسيرة الرباط .
-
الاستثمار في نغمة الاصلاح.
-
قضية مستشار المشور فاس الجديد !!
-
الشخص غير المناسب في أي المكان كان هو سبب تخلفنا !!
-
لحظة متعة وهناء أفسدتها السياسة !!
-
لقد جانب بان كي مون الصواب والحكمة !!
المزيد.....
-
أرسلوا له دراجة بطائرة مسيرة.. ابتكار جنوني ينقذ جنديًا أوكر
...
-
بين القصف والاحتجاج: الانقسام يتعمّق في إسرائيل حول حرب غزة
...
-
البرتغال تستنفر آلاف رجال الإطفاء لمواجهة حرائق الغابات
-
بنين تحتفي بمهرجان الأقنعة السنوي تخليدًا لذكرى الأجداد
-
-بدي شي من ريحته-.. طفل غزاوي يبكي أبًا قُتل قرب موقع توزيع
...
-
الجوع يجبر السودانيين في مدينة الفاشر على أكل علف الحيوانات
...
-
أوكرانيا تعول على المسيرات الاعتراضية كدرع جوي.. ما ميزاتها؟
...
-
نتانياهو سيجتمع بمجلس الوزراء الأمني لتحديد الأهداف التالية
...
-
سلاح حزب الله على طاولة الحكومة اللبنانية.. سيناريوهات الجلس
...
-
من الاستعمار والصراعات القبلية إلى غزّة.. تاريخ التجويع كسلا
...
المزيد.....
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
-
ذكريات تلاحقني
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|