أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عصام شعبان حسن - كيف تُحوِّل اقتصاداً إلى جمعية إحسان؟














المزيد.....

كيف تُحوِّل اقتصاداً إلى جمعية إحسان؟


عصام شعبان حسن

الحوار المتمدن-العدد: 5121 - 2016 / 4 / 2 - 01:27
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


تحاصر الأزمة الاقتصادية الدولة المصرية، فتزداد معاناة الشعب. الطبقات الحاكمة التي خلفت الانهيار ما زالت تطبق سياستها الفاشلة. تبيع السلطة الأمل الزائف، لكنّ عدداً كبيراً من المواطنين لم يعد يصدق لغة العواطف، خصوصاً أن وجع الأرقام لا يزيله حلو الكلام.
فصناعة الأمل أمام البؤس القائم تجارة خاسرة. ومظاهر الأزمة يلمسها الجميع، تراجع في معدلات الإنتاج، وانخفاض في معدلات التصدير، وارتفاع الواردات، ما يخلق عجزاً مالياً متصاعداً يشكك في قدرة الدولة على توفير متطلبات السوق. ومع انهيار الاحتياطي النقدي تصبح مصر مهددة في المستقبل القريب. يزداد الاقتراض ومعه ترتفع خدمة الديْن، ولذا فإن الركود هو النتيجة الطبيعية لارتفاع الأسعار.

على الرغم من كل إجراءات التقشف ورفع أسعار السلع والخدمات، إلا أن عجز الموازنة مستمر. صحيح أن الأزمة ليست وليدة اليوم، لكنها وبكل تأكيد تزداد بتطبيق سياسات اقتصادية خاطئة من جانب، ومنحازة ضد الأغلبية العظمى من جانب آخر. وعلى الرغم من ذلك مازالت السلطة تحمل الشعب فاتورة الأزمة، وتتهم الثورة كونها السبب في الأزمة. تتناسى السلطة أن الأزمة الاقتصادية بجانب الاستبداد، أساس اندلاع الثورة، وأن العدالة الاجتماعية هي فريضة الثورة التي لم تتحقق بعد.
يحاول رجال السلطة إقناع القطاعات الشعبية أن نتائج الفشل في إدارة الاقتصاد ترتبط بوجود مؤامرات كبرى على مصر. هذه الحالة دفعت الرئيس، عبد الفتاح السيسي، إلى تكرار دعوة الشعب للتبرع ولو بجنيه لحل الأزمة المالية. يطالب الشعب الفقير بتحقيق العدالة الاجتماعية، وجمع أموالاً من جيوب خاوية لا يعرف مصيرها أحد. ها هو النظام يعاود طرح أفكار قديمة وحلول غير مجدية.

لا تعالج الأزمات الاقتصادية بالتبرع وثقافة الإحسان، فهي ليست أزمة أب يجهز ابنته لعرسها، أو أزمة مريض يجمع ثمن الدواء. الاقتصاد لا ينتعش ولا العدالة تتحقق سوى بإقامة مشروعات إنتاجية جديدة توفر السلع وتستوعب قوة العمل، وتدعم الوحدات الإنتاجية القائمة فعلياً وتحريرها من الفساد الذي يسعى إلى تصفيتها ضمن خطط التحرير الاقتصادي والخصخصة. يكمن الحل في أن تخوض الدولة معترك الإنتاج، خصوصاً القطاعات التي لا يوفرها القطاع الخاص، ويرفض الدخول بها. لكن إدارة الاقتصاد بمنطق الإحسان والنظر إلى الأزمة الاقتصادية في بعدها المالي وحسب، وإهمال طريقة إدارة الاقتصاد تعتبر المعضلة الأساسية. لا شك أن خلف هذه النظرة تقف مصالح الطبقات الاجتماعية الحاكمة لتحلل الأزمة بالطريقة التي لا تؤثر على مصالحها وامتيازاتها. تلك المجموعات تنهب جزءاً كبيراً من الإيرادات العامة في شكل أجور ومكافآت في ظل هيكل الأجور المشوه. وهي ذاتها الفئات التي تسعى للاعتماد على القروض والمنح، بدلاً من الاعتماد على موارد الدولة. هذه الفئات ترفض إلغاء البنود والمصروفات غير الضرورية، وتدعو لخفض الدعم كحل للأزمة.
تحمل الشعب ما فرضته السلطة، خلال عامين، من ضرائب غير مباشرة ضمن فواتير الخدمات، وضرائب مباشرة تحصل تحت بند القيمة المضافة.
نعود مرة أخرى إلى فكرة معالجة أزمة الاقتصاد بالتبرع، وهو إن اتسعت حصيلته، لن يشكل إضافة حقيقية إلى مجمل الاقتصاد المصري، ولن يكفي لبناء مشاريع استثمارية. وقد سبق وأن طرحت فكرة التبرعات لحل الأزمة ولم تحقق مردوداً ولا نتائج. فاقتصاد التبرعات لا ينهي أزمة إدارة الموارد الاقتصادية، واقتصاد الإحسان والزكاة قد يكون أداة للتكافل الاجتماعي في دوائر اجتماعية ضيقة، لكنه لا يؤسس لتقدم اقتصادي، ولا يحقق عدالة اجتماعية.
لذا فإن الأطروحات بشأن حل الأزمة بالتبرعات لا تتجاوز كونها تبرئة سياسات السلطة وتبرير فشلها، حيث تمثل محاولة لتجاوز الأزمة. في الوقت ذاته الذي يطالب الشعب المصري بالتبرع، يُترك من نهبوا الموارد والأموال والثروات أحراراً، بل يتم منحهم مزايا وتسهيلات باسم تنشيط الاستثمارات.
يستدعي حل الأزمة الاقتصادية طرحاً وطنياً، ينطلق من مشروع للعدالة الاجتماعية يتضمن استرداد الأموال المنهوبة ومحاسبة أباطرة الفساد، وإقرار سياسة ضريبية عادلة يدفع فيها أصحاب الدخل المرتفع ضرائب تناسب ثرواتهم وأرباحهم. كما يتطلب الأمر استثمار المحصلات في مشروعات إنتاجية توقف استيراد السلع عبر إنتاجها وتوفيرها. وكذلك تشجيع التصدير لتوفير احتياط نقدي يؤمن الاقتصاد، في حال تعرض بعض القطاعات الداعمة كالسياحة وعوائد قناة السويس للتراجع.
ينبغي القول، إن المتشدقين بتأييدهم السلطة من التيارات السياسية ونخب وفئات وسطى، عليهم التفكير في أي دولة يعيش المصريون، وأي دور تلعبه الدولة، وهي تتوسل رجال الأعمال بالتبرع لإنقاذ الاقتصاد. بينما اللصوص الذين كونوا ثرواتهم من النهب، لا تستطيع الدولة إصدار قانون واحد يلزمهم بدفع عوائد ضريبية تناسب أرباحهم المتراكمة.

إن تعامل الدولة مع مواطنيها ومع الأزمة الاقتصادية بمنطق الجمعيات الأهلية ينافي قواعد العلم والمنطق. كما لا يليق بمصر وشعبها الاستمرار في الاقتراض وتلقي المنح، وهي الدولة التي تمتلك موارد طبيعية وبشرية تستطيع كفالة نفسها. يتناسى من يحكم مصر أن الأخيرة حققت نهضة صناعية كبرى في بداية الستينيات، وأنها على الرغم من العدوان ومواجهة العدو الإسرائيلي لم تصل إلى هذا المستوى من الأزمات.

(باحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية/ جامعة القاهرة)



#عصام_شعبان_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنظمة تنتج البطالة وتبررها
- المهمّشات فى فصول الاحتجاج العربي
- من فصول العطش والموت في مصر
- الثورات العربية مستمرة والاقتصاد أساسها
- مدخل اقتصادي للقضايا النسوية
- عن عنف السلطة المسكوت عنه
- نظام السيسي يمنع الانتقاص من سلطاته ونسبة المشاركة بالانتخاب ...
- الشباب وسلطة 30 يونيو
- مصر: عام من قمع الحريات وعودة الدولة البوليسية
- الأجور والثورات
- نهب الفلاحين وتدمير الزراعة في مصر.. أزمة الأسمدة نموذجاً
- من يرفع أسعار الغذاء؟
- أكتوبر موعد مع الثورة... فالسكر مر يا خرطوم
- عصام شعبان حسن - كاتب وباحث و عضو السكرتارية المركزية للحزب ...
- عن منجهة المنهج وفلسلفة التبرير (1)
- جيفارا الرمز والانسان والمناضل *
- الشعب يريد تغيير نمط الحياه ...الشعب يريد تغيير نمط الانتاج
- نحلم بحجم الوطن ... نحلم بحجم الثورة لا لبتر الثورة ..نعم لم ...
- المحجوب مناضلا لأخر لحظة ......... معلما على درب النضال
- الفيس بوك وحركة التدوين مدخل فى قراءة واقع مأزوم


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عصام شعبان حسن - كيف تُحوِّل اقتصاداً إلى جمعية إحسان؟