أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم الفياض - أرنو لمنبع فكرة















المزيد.....

أرنو لمنبع فكرة


كاظم الفياض

الحوار المتمدن-العدد: 5116 - 2016 / 3 / 28 - 18:05
المحور: الادب والفن
    


أرنو لمنبع فكرة
كتبت الشعر لفترات بعد عام 1987م تمتد لسنتين أو ثلاث بعد انقطاع قد يصل إلى ست سنين. الشعر لي مثل قريب كاره، اتجه دائما لما يبعدني عنه، لا أكتب الشعر وثمة ما يشغلني، ولا أقول (عنه)! فهو تحصيل حاصل.
كتابة الشعر، بل الكتابة بأنواعها، فعل شاق. ولا نمارس ما يشقّ علينا إلّا تلبية لمطلب هام. ولا شك إن الأمر الأهم لطفل إبراز مواهبه!! وجدت بيتين في دفتر لي من دفاتر الخامس الابتدائي، ثانيهما لا أتذكر صياغته، ومعناه موجه للقارئ لكي لا يستكثر عليّ ما أراه من عظمة في نفسي إزاء الكون، فهو عظيم بنفسه مثلي، أما البيت الأول فنصه:
" مركز الكون أنا هل عندك مانع؟"
كان البيتين بقافية وطبعا غير موزونين. وأذكر إني بدأت المطالعة الخارجية في سنة كتابتي لهما، لكن طفولتي المبكرة عذبها غياب العدالة عن المشهد الاجتماعي، لذلك بحثت عنها في مجالس عاشوراء، وفي المطبوعات المدرسية المتقدمة على سنتي، وأيضا في الحكايات التي لا تتوقف من الرجال والنساء الذين أعرف، يشجعهم إنصاتي العميق على الاستمرار بسردها بحماس، لبعضهم ولي. صغر صيوان أذني، وقليل بروزه نسبيا عن راسي جعلا استقبالي للأصوات غير نموذجي، ما يضطرني لعدم تحويل نظري عن فم محدثي، فيشعر باهمية شخصه، إضافة لأقواله، لنفسه ولي، وهو مهم لي فعلا، لما ذكرت، ولأني لم أستهن بشيء قط، فما بالك ببشر، ويحدثني.
من يبحث يصغي، ويحرص، وأنا حريص جدا، لا يبدو عليّ ذلك، لكنني منظم جدا، ولاحظ ذلك مني باستغراب زميل دراسة! ومن يصغي كثيرا يجد وقتا قليلا ليتكلم. وليس بمقدور طفل أن يصمت طويلا. ومن يكتب يتكلم.
أحببت قراءة الكتب التراثية، والروايات. لم أعبأ بالقصة القصيرة، ويشعرني الشعر بالسأم، وقلما خلا منه كتاب تراثيّ، واخترته منبرا لحديثي مع بعده عن نفسي، وما في أغلبه من إشارات تدل على ضعف قائله، لما فيه من رمز يبعد عني سخرية من قد يطلع عليه، وما كنت أتركه أكثر من يوم وليلة، ولا أعرف كيف سلم البيتان.
بعد أن توسع محيطي الثقافي، والتقيت بشعراء حقيقيين، أطلعوني بكرم على أسرار الشعر، والقصيدة الحديثة، صرت لا أتلف أيّا من شعري. ولنا عيون تقرأ كما لنا لسان ينشد، وإذ أتحدث عن لساني فما أنشدته الآخرين هو ما استحسنوه مني منذ قصيدة (رماد الحكمة) اول قصيدة موزونة لي وهي قصائد وهبني الله (سبحانه) أبياتها الأول (بتعبير شاعر أجنبي لا أتذكر اسمه) ولكنني كتبت مرارا بدون الهبة الرفيعة استجابة لمحرض نفسي غالبا يسلم بفشله سريعا. فألقي بالورقة بعيدا، مع أكداس الورق المستعمل، دون نية بمراجعتها. " أرنو لمنبع فكرة " عنوان أحدها ربما هو خير شاهد لما أرمي إليه. الله (سبحانه( نور السموات والأرض، عندما يهبنا البيت الأول فإنه يهبنا الرؤيا، ولكن للعمي أيضا أسرارهم في مدّ أسبابهم إلى مواضع الجمال.
سأنشر بعضها تحت عنوان جامع هو (أرنو لمنبع فكرة)
***

أرنو لمنبع فكرة
-1-
(ميسان)

أدخل سهلا ينبت فلاحين على أكتاف الغبطة
يرويهم لفح البرسيم البارد..
لم تشرق مملكتي
ولن تسقط من ذاكرتي الأيام البيض
فأسحب خيطا ربانيا
وأبثه من زيت قناديل النوّم
مسرورا أتمرأى في شط امريبي
وجه ميسانيّ يضحك، في الجهة الأخرى
وخراف، دوني، تلعق صبيتها
***


أرنو لمنبع فكرة
-2-
(شقفة)

في بيتنا
وفي نهاية الحجارة التي توالي اصطفافها
مشدودة بعض ببعض، بعض طوبى
بعض إثم، جثث قديمة
وربما آيات روح من تراب.
طرق معلومة، أجساد ماشيها، تواري كفه وكفها
بين كثيرين تواروا.
جلد أصبح وهنا
وبلا بسالة تنفث ريحا ليس منها
دفق مائنا مضى في صلب غيرنا
وبعد إثرة نضب.
لنا سلام يتكسر، الآن،
ومن قبل السعاة حين مروا من خلالنا
لنا كثير قبل أن نكون ما عليه نحن
شقفة في بيت
غيرنا.
***

أرنو لمنبع فكرة
-3-
(الرسامون في المقهى)


في المنفى
تحت سماء صافية
نعرف إنّا نشبه جدران المقهى البيضاء
وفينا حبل أسود
يدليه حبر الليل.
بعيدا خارج مقهانا
أنجم ساطعة تنفذ من أقمشة اللوحات
وراء الأفق، بجانب أشواك الملح
تراءت شمس كاذبة
أيضا


في المنفى
وهج البحر شديد
وخطوط الفرشاة على اللوحة أسرار
تتناغم مثل نثيث الماء
على الساحل
كنّا نتصيد شمسا لا تتبلل
والبحر سطوح متعاقبة لا تهدأ.


في المنفى تتبدل أشكال الأشياء
يصير البعد أليفا
والوجد أليفا
والنسوة أزمنة بيضاء.


في
عمق القلب
هنا في المنفى، يتسع القفر
وينشف في أعيننا دمع الواحات المهجورة.
***

أرنو لمنبع فكرة
-4-
(المستشفيون)

المستشفيون هنا على هذه الأكمة
المرتفعة قليلا
والمنبسطة من أعلى
وضعوا أشجارا مقطوعة
على إنها أسرّة
وأمروا مرضاهم أن يلتحفوا الغيوم...

د. عبد المنعم وجهه أبيض وأسنانه بيض.
كان يوصوص ،هناك، بين غصنين أخضرين
من شجرة خروع .
--- --- ---
ما كنت مريضا فقط
... صبيّ قيده الوهن
اندسّ في ثوب أخضر
وأطلق صوته من قفص فمي
ورحت أرقبه وهو يحلق عاليا بين العصافير.
--- --- ---
لم تكن لغة التخاطب بيننا سهلة
في الصباح، وفي المساء تتغير أعدادنا
وحين ينقضي يومنا يبتسم جميعنا
نتذكر إننا لم نقل شيئا
وإنّ جميعنا لم يكن أيّ شيء
فقط هناك بيت واسع وكبير
مشيّد من حجر الألم.
--- --- --
الرجل ذو الصدرية
الواقف في قلب الردهة
شعره المجعّد شتته يوم طويل.

كان يتأمل أسرة مرضاه
دون أن يشعر بتعدد صورته الواضحة البيضاء
في عيون مرهقة
ترقرق في مياهها الألم.

لم يحسب يوما الردهة كهفا
وربما فكر طويلا: إن سرنجة واحدة
تكفي لحمل بحر.
"ما من ليل غير سواد شعري" قال في سّره.
وقال أيضا:- "شعري فراش يوم طويل
وبعده تماما
بل فوقه ترقد السماء وحيدة
دون عينيّ"
***

أرنو لمنبع فكرة
-5-
(روح الصدفة)

كان مكان ليس طريقا ولا مأهولا
لم تعرفه زهرة
هواءه ماء وتراب
وجميعنا مغمورون بروح الصدفة
تلك الكائنة في عقل مصائرها
لم نخسر شيئا
... هل نفقد مجهولا؟
زهرتنا لم تخسر أيضا
مرّ عليها زمن لا تعرف، ويمرّ...
الزهرة تخرج ثمرة
وربما نحلة.
فالكائن مختلف.
معنى القدرة أن نتبدل
أن يقطع أحدنا صدفته حقّ الزمن المبتور
وأن يفقد صيرورته في جسم آخر.

أمس وكنت أجرّ مكاني
فوق جدار انقضّ على رجل مثلي
- "أمي
وهم أعمارنا".
***


أرنو لمنبع فكرة
-6-
(غودو)

الليل وراء النهر يجن بعري الفتنة
والفتنة عرق لا ييبس
والليل يدحرج فوق سطوح الرغبة أمرا...

هلي طقسا
يا للفرح الغامر.
يا للملك المخدوع.
بنيران التاج المطفيّة
قرن الناموس يخاتل شخص الغيب.
أرى قمرا يهوي
ومياها تدّافع
نحو ثياب الملك الغافي
قيل: "الموتى عشب جفّ"
وقيل: "الأولاد نبات يكبر"
هلي بدرا
لا معنى للشجر الثابت حول المطلق
لا معنى للنهر يسير وديعا
بين الرغبة والناس
ولا يتخللنا
سنظل على الجرف نجمّع أصدافا، حجرات القصر المهجور.
ضلالتنا امرأةٌ ساعة قيلولتها، ساعة ينهمر الفجر عليها
تلك مشيئتنا.
ألعازر فينا
يمحو سلطان الموت من الدفتر
يرقب أمرا ...

منكسرا كغيوم الصيف أرافق صحوا يتفتت.
ليس طبيعيا موتي، موت الأحياء
تعالوا ننسى إنّا نحيا
***

أرنو لمنبع فكرة
-7-
(أرنو لمنبع فكرة)

"كلّ شيء يبرد" أحاول أن أنشط ذاكرتي
كي تعطيني الأشياء أسماءها.
يتراءى لي أنّ شرخا واسعا يستبد بواقعية التواريخ
يحيل الرماد الذي على الأرض
الرماد القادم من الجهة التي صنعت الشمس
إلى حريق.

وحدي أتذكر، ومن غيري؟ مرارة حزني
مرارة اليوم الذي بدت فيه الضفادع كالأفاعي
حين تصاعدت دخانا
في سماء خالية من النجوم والصحو
أعفيه من التسمية، يومي المعلّم بصاعقة
تشقّ سماوات علقت بفيء
اختبريني أيتها الضجة كسماسرة يلون الذهب.
لمي وضوح المياه إلى واحتي
فعيناي اتسعتا كنافورتين
أيتها المرارة.
أجلس تحت حنجرة فاتح.
حشود تتابع نضالها
ومدينة تحرر من الإلفة.
ماذا أقول لهرم خوفو
لدجاجة منزوية في بطن ثعلب
لربة بيت
لنفسي
لغبار يتراكم في أرض دهليز
... الورم يختفي مع الجوع
وكذلك النجوم عن الأرض العطشى.

هنالك باب يفضي إلى ممالك الأسرار
وصوت يستقرّ في خاصرة الجمهرة
هذه الذئبة البشرية التي تبحث عن موطئ قدم في بؤبؤ رجل
الأساور ملكة
وكذلك الأقراط تحت سمع الثراء..

أنا راغب عنك أيتها الطيور
ممجد لك أيتها السماء الفسيحة
وحدك أيتها المقابر ستظلين معي الآن وأمس

لا بديل عن ورق التقويم
تفاجئني الساعة بدقة رتيبة
وتحملني البهجة إلى مدنية الجشع الغالي
الممجد تحت وطأة القيلولة
ورحمة الفاتح المحتشدة فوق الورق
وعلى الأبواب
في الغد
والآن.

للا شيء ومعتقداته الكثيرة
للاشيء وضجة تتكوم تحت الأطر المستنغلة كنت أمضي
كربّ بيت إلى كرنفال السوق..
تحت عجلة مسرعة لسيارة فخمة
تركت كل ما أتذكره عن الصحراء
وها هي البنت المقلية بالذهب تسيل لعابي
وتتركني أتذكّر الأشياء التي تنساني دوما....
مهلك أيتها اللحظة النافرة كحصان
مهلك أيتها العجيزة الصاهلة
أيها الغناء المبارك – أيتها المندسة كحرير ناعم فيه
أيتها المضرجة بأقواس انكساراتي
الساطعة
الغائبة عن الوعي
هذا رضّ بسيط في قدم الرغبة
وعكة في أنوثة التويج.

فرسخ خضرة لا طحلب ماء آسن
يدك على قلبي
أيتها البنت
الحلوة.




#كاظم_الفياض (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ناقة صالح
- الشرخ
- الموسيقى تقول: الحرية موجودة
- شعر- فهم واقعة المرور بحديقة عامة يشطر أحداثها:
- سرد حر- خاتم فضة
- لا أحد معي
- سرد حر- إلهي
- الأعمال الشعرية- مطر صامت
- مظاهرات الطبقة الرثة العراقية
- العالم الآن
- معنى الاحتلال
- مقدمة لدحر العدو
- رأسي ليس خاملا
- منشورات لا غنى عنها لإقامة دولة عالمية عادلة
- أعمال السرد الحر/شجرة البمبر
- ضجر
- الأعمال السردية الحرة/لحظات
- الأعمال الشعرية - فضاء الذئب الميت - ومرثية إبراهيم
- الأعمال الشعرية - فضاء الذئب الميت - مرثية ثالثة
- الأعمال الشعرية - فضاء الذئب الميت - مرثية ثانية


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم الفياض - أرنو لمنبع فكرة