أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - قصة العجوز والأيباد!














المزيد.....

قصة العجوز والأيباد!


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 5110 - 2016 / 3 / 21 - 15:21
المحور: كتابات ساخرة
    


اشتكى لي صديقٌ من والده العجوز، وقال:
لي أبٌ عجوزٌ، أقعدتْهُ السنون، وألزمتْه البيت، أما أنا، وأسرتي المكونة من ستة أفرادٍ أعيشُ معه في بيتنا العائلي الكبير.
صدّقْني إذا قلتُ لك، أنني وعائلتي نُعاني من نقده اليومي المتواصل، وتعنيفه للصغار والكبار، لدرجة أنني أستاءُ عندما أرى نفورَ أبنائي من جَدِّهم، وكان ينبغي أن يكونَ الجَدُّ أقربَ إليهم مني، وأكثرَ حُبّا لهم.
أتعرف متى نسمعُه يضحك ويبتسم فقط، عندما يزوره أحدُ أقاربه، فيتحول إلى إنسانٍ وديع مُسلٍ، نُحسَدُ عليه!
والدي يتحوَّل إلى صوتٍ قامعٍ، آمرٍ، ناهٍ، عند خروج الضيف، ويشرع في تعنيف الأبناء على أصواتهم، وعلى طريقة لعبهم، وعلى تقصيرهم في النظافة، وعلى لباسهم، وطعامهم، واستقبالهم لأصدقائهم، ولا يكتفي بذلك، بل إنه يُعنِّفُ زوجتي، ويُسبب لها الألم.
والدي ليس جاهلا، بل واعٍ ومثقفٌ، انتزعَ منه طولُ العمر صبرَه وجلَدَه، ولم تُبقِ له السنواتُ سوى العصبيةِ، وعباراتِ التقريع، والنقدِ الجارح!
ماذا أفعل؟
قلتُ له:
الأمر بسيطٌ، ما عليك إلا أن تحاول جذبَه إلى عالم الألفية الثالثة، إلى شبكة الكمبيوتر، افتح له صفحة في الفيس بوك، ودَرِّبه على تصفُّح المواقع الإلكترونية، أو اجعل أبناءك الصغار يُدربونه، ثم انظر مفعول هذه الوصفة؟
ابتسمَ صديقي، وكان يظنُّ أنني أُمازحه، ثم أعاد النظر في عباراتي، فوجدني جادا في طرحي، فقال: ما أكثر الأجهزة المحمولة في البيت!
نسيتُ الأمرَ أياما، إلى أن قابلتُ صديقي بعد أكثر من شهر، فبادرني بابتسامةٍ عريضة، وهو يقول: ألم يطلب والدي صداقتك في الفيس بوك؟!!
استعدتُ شكواه، وابتسمتُ:
هل أدخلته عالم الشبكة؟
نعم ، فمنذ شهرٍ تقريبا، لم يعد والدي عصبيا، بل استعادَ هدوءه وحلمه، ولم نعد نسمعُ أصواتَ التقريع والنقد واللوم، بل صرنا نراه منكفئا على جهاز الأيباد، يُتابع، ويكتب الرسائل والتعليقات، ويقرأ، حتى أنه نسي مواعيد الطعام المعتادة!
المهم في كل ما سبق، ليس أنه استعاد الهدوء والسكينة فقط، بل إن والدي العجوزَ استعاد حنانَه وعطفَه على أبنائي، بعد أن كانوا ينفرون من تقريعه، فاقتربوا منه، لأنهم تحولوا إلى معلمين له، بعد أن كان هو يُعلِّمهم!!
يتنافسون على تقديم الخدمات الإلكترونية، وحل المشكلات التي تعترض طريقة للدخول إلى شبكة الإنترنت!
ولأول مرة يبتسم في وجه زوجتي، حتى أنها قالت لي:
ما كنتُ أعرف أنَّ (للأيباد) فوائدَ إلا اليوم!
أضاف يقول بسرورٍ:
ما أروعَ نصيحتكَ، فقد رأيتُ بالأمس أروع صورةٍ، كنتُ أفتقدها منذ زمنٍ بعيد؛ كانت الصورةُ لوالدي العجوز، وهو مستلقٍ في الفراش نائما، وهو يحتضن شيئين، ابني الذي كان يُدَرِّبُ جدَّهُ الكهل على تكنولوجيا الألفية، وجهاز الأيباد.
إنها من أروع صور العصر!!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتاب المطرود من رحمة الأزهر 2-3
- الكتاب المطرود من رحمة الأزهر
- ثقوب في ذاكرتنا الفلسطينية
- مستحضر سياسي لإذابة قضية فلسطين
- ملخص كتاب محظور عند العرب 5-5
- اليساري الذي انتقمَ من ماضيه!
- ملخص كتاب محظور عند العرب 4-5
- دعشنة النضال الفلسطيني
- ملخص كتاب محظور عند العرب 3-5
- ملخص كتاب محظور عند العرب، الجزء الثاني
- ملخص كتاب محظور في دول العرب
- كلسترول الطرب المزيف
- شروط الحصول على الجنسية الإعلامية
- عربتان فوق جسرٍ ضيِّقٍ
- شحنات من التعظيم والمدح!!
- وصفة إبداعية للشفاء من الحزبية
- لا توّرِّثوا التشاؤم لأبنائكم
- عام 2016 العنصرية في إسرائيل
- (مستر أمن) الإسرائيلي
- هل اقتربتْ نهاية رئيس دولة إسرائيل؟


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - قصة العجوز والأيباد!