|
مخاطر وتداعيات الهجمة الخليجية المتصاعدة
بدر الدين شنن
الحوار المتمدن-العدد: 5103 - 2016 / 3 / 14 - 12:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ربما أدرك القليل في البدايات ، من أهل الرأي والسياسية ، أن ما سمي بالربيع العربي ، بقيادة الإمبريالية والرجعية وممارساته ، ليس خياراً عربياً تقدمياً يقارب معنى الثورة .. ليس هو الخيار الذي تنشده الجماهير العربية . بل هو نكوص تراجعي يعوق ، لزمن مديد النهوض الوطني القومي ، ويخدم في مآلاته المشروع الرجعي الإسرائيلي . لكن لا أحداً كان يستطيع الادعاء ، أنه يعرف تفاصيل مسار هذا الربيع المريب ، ومن هم مفاعيله من طيبي النوايا ، والمرتزقة ، وكيف سيلعبون أدوارهم . بل إن الذين اشتغلوا في الأشهر والسنوات الأولى ، لم يكونوا يعرفون أن أداءهم الغبي المميز ، والمدعوم بالإعلام الفضائي والورقي والإلكتروني المتآمر ، والكهنوتي المنافق ، سوف يجري لاحقاً ، تحت تأثير التفاعلات الموضوعية في الداخل والخارج ، دون محسنات إعلامية مبهرة ، ومباركة كهنوتية خاشعة ، وملونات ليبرالية لامعة ، لأنها ستتساقط .. وتنفضح .. وعليهم أن يلعبوا .. هكذا .. على المكشوف .. منغمسين بوقاحة في استغباء الشعوب .. واستجحاش أنفسهم . ما يتطلب طرح عدد من التساؤلات ذات الصلة :
هل يجرؤ أحد على القول أنه كان يعرف ، أن حاكمي دولة قطر السابقين ، الحمدين من آل ثاني ، كانا سيتنحيان ، وهما في ذروة صعودهما " الربيعي " عن الحكم ، للشيخ تميم بن الشيخة موزة ، وهو لم يتقن بعد لعبة كرة القدم ، وفي لحظة بلغ رصيدهما فيها ، تنحية ثلاث رؤساء دول في تونس ، ومصر ، واليمن ، والاشتراك الفعال في ذبح رئيس دولة رابع في ليبيا .. وأطلقا مع أقرانهما الخليجيين وتركيا وأميركا ، جيوش الإرهاب الدولي في سوريا لتدميرها .. وذبح بشار الأسد .؟
وهل لأحد ، أن ينفي أو يؤكد ، لماذا تم استعجال تصريف ما تبقى من عمر الملك عبد الله آل سعود ، دون انتظار آليات عزرائيل المتخلفة ، وإعلان شقيقه سلمان ، المصفرة ورقته في " شجرة الأعمار " سلفاً وبوضوح ، لتنصيب ابنه محمد ، ولياً لولي العهد ، وتفويضه بإدارة شؤون الحرب ، والسياسة الخارجية ، واللعب المغامر بالدولة السعودية ، وأن يجعل الدولة السعودية سيدة الخليج المطلقة ، ودول الخليج تطيع وتخضع ، دون أي تحفظات .. مع تعليق السؤال : من .. وماذا .. وراء محمد بن سلمان هذا ؟ .
وهل كان يخطر ببال أحد ، أن يفرض مجلس " التآمر " .. التعاون الخليجي ، بقيادة ولي ولي العهد السعودي ، سيطرته على جامعة الدول العربية .. والجامعات العربية .. والشؤون الداخلية العربية .. والأقمار الصناعية .. والفضائيات العربية .. ويهمش دولة مثل مصر ، وهي وحدها أكثر عدداً ، وقوة ، من دول الخليج العربية مجتمعة . وبين الدول العربية كلها . ويهمش دولاً بأكثرية دول مرتزقة في جامعة الدول العربية ، مثل الجزائر وسوريا والعراق ولبنان ؟ .
وهل هناك من يزعم أنه قد حسبها صح ، من السياسيين المتحمسين للديمقراطية ، والليبرالية ، بقيادة الفاشية الخليجية ، من المعارضين المتشددين .. والمعارضين المعتدلين ، أن خسائر نسائم ربيعهم البشرية من القتلى والمصابين والنازحين والمهجرين ، ستبلغ أكثر من عشرة ملايين بريئاً . والخسائر المادية ، التدميرية ، واللصوصية ، وتعطيل السياحة ، ومعظم حركة الإنتاج الصناعي والزراعي ، والشلل شبه التام للتجارة ، في البلدان التي عمت فيها كوارث الربيع ، هي أكثر من تريليون دولار . وذلك ثمناً لإبعاد رؤساء مستبدين ، وتوليهم هم السلطة ، فكان البديل سيطرة الإرهاب ، والرجعية ، والتطرف الديني والسياسي ، الأكثر سوءاً من الاستبداد . وكان لهم سلال المهملات .. والوصول بهم لهذه المرحلة ، حيث لا قيمة ولا رأي لهم ، ولا حتى هامش لإثبات الذات ولو شكلياً ؟ .. وفي دوامة البحث عن جواب على هذه التساؤلات .. يبادر البعض ويتذاكى ، ويقول بخبث ووضاعة .. لقد خدعنا .. لقد كذبوا علينا .
* * *
مع قدوم عام 2016 ، بدأت السنة الأولى لمرحلة الإنشاء والاستثمار في البرنامج الربيعي السيء الذكر ، ومن البديهي أن يقوم ذلك ، على ما أنجز في مرحلة " 2011 ـ 2015 " ، من متغيرات في البلدان التي اجتاحتها الكوارث والتداعيات المرحلية الأولى ، في السلطة ، وفي بنى الدولة والمجتمع ، وكذلك في البلدان المتضررة المحيطة بها ، وعلى استحقاقات التدخل العسكري الروسي في سوريا ، والاتفاق النووي الإيراني ، وتقدم الجيش السوري ، والاضطرابات المتفاقمة في تركيا . ولابد أن يتم تجديد الشحن السياسي والشعاراتي ، وإعادة تشكيل مفاعيل القوى التي عليها أن تؤدي في المرحلة الجديدة أدوراً حاسمة . ، محلية وإقليمية .
المحور الرئيس في المرحلة الجديدة ، هو المملكة السعودية بقيادتها الجديدة المغامرة ، وتبوأ مجلس التعاون الخليجي ، مكانة ودور التحالف العسكري " ناتو عربي مصغر " في المشرق العربي والخليج ، ما تطلب .. وساعد على ذلك ، هو تحجيم الدور التركي ، الذي كان الأبرز ، في منظومة قوى التدخل العدواني في سوريا والبلدان العربية الأخرى ، وذلك بفعل المتغيرات الشرق أوسطية ، والداخلية التركية ، وتحجيم دور قطر بعد تنحي الحمدين . والسيطرة الخليجية التامة على جامعة الدول العربية .
والهدف المحوري الجديد ، هو إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي ، المرجو تحقيقه ، لضمان استقرار دول الخليج واستدامة هيمنتها على الشعوب والدول العربية والمنطقة . ما يستدعي بإلحاح إنهاء دور ووجود المقاومة الفلسطينية والعربية ضد إسرائيل ، وتجنب إحراجات صداماتها المتواصلة مع الإسرائيليين وحرفها عن مخططها الإقليمي والدولي .كما يتطلب القضاء على أية حركة نهضوية قومية عربية ، لأنها لن تكون إلاّ حملة مشروع القضاء على إسرائيل وتحرير فلسطين . ويتطلب أيضاً القضاء على أي نوع من حضور وحركة اليسار الثوري المقاوم ، إذ لن يكون اليسار العربي الناهض يساراً حقاً ، إن لم يكن مع الشعب الفلسطيني ، لاستعادة حقوقه في وطنه فلسطين .
ما يعني أن القوى التي انجذبت في ربيع " 2011 ت 2015 " قد تقلص دورها وانتهى . وانتهت لعبة الديمقراطية الخليجية المخادعة تماماً . ومن كان مخدوعاً ، بكرم الدول الخليجية الديمقراطي قد يقبل المتابعة في اللعبة الجديدة ، ومن كان على نية حسنة سيصدم ، لأن كل القوى المصنفة ، أو تصنف نفسها معادية للمشروع الإسرائيلي ، الوطنية ، والديمقراطية ، والقومية ، واليسارية ، صارت عند السادة الخليجيين وأزلامهم من الحكام العرب ، صارت قوى معادية ينبغي القضاء عليها .
* * *
وفي تركيب العقيدة السياسية الجديدة ، تصبح كل قوى المقاومة والنضال القومي التحرري الوطني الديمقراطي ، قوى معادية عند سادة العرب الخليجيين الجدد ، وتوضع كل هذه القوى برسم المكافحة والقضاء عليها ، تحت مسميات مختلفة . لكن المفضل الدارج منها ، هي تهمة الإرهاب . وفي هذه العقيدة لا فرق بين أي من هذه القوى وبين حزب الله ، الذي جند نفسه للقتال ضد إسرائيل ويتقدم صفوف المقاومة العربية .
إن العقيدة السياسية الخليجية في المرحلة الجديدة ، التي حددت أعداءها ، بالقوى العربية الرافضة للمشروع الإسرائيلي ، قد أعادت الاعتبار لهذه القوى ، التي تشتت ، وأضاعت البوصلة ، والهوية ، أمام انبهار العولمة ، والرايات الخليجية الديمقراطية المزيفة ، والليبرالية المفوتة حتى في مصادرها ، ووضعتها أمام مسؤولية ضرورة العودة للنضال الوطني القومي التحرري والتقدمي بمضمون ديمقراطي وعدالة اجتماعية . وأمام مسؤولية إعادة بناء عقيدتها السياسية أيضاً . وأن لا تتردد في وضع فلسطين في مقدمة أولوياتها الموازية لتحرير سوريا والبلدان العربية من احتلال الإرهاب الدولي . لأن الموقف من فلسطين ومن المقاومة المقاتلة ضد المروع الإسرائيلي والإرهاب الدولي ، هو مفصل الافتراق بين الوطنية والخيانة .. بين الشرف والعار .. بين النهوض والانحدار .
إنهم يعدون الساحات لذبح المقاومة .. اليوم حزب الله ، وغداً الجهاد الإسلامي .. وبعد غد .. الجبهة الشعبية ، والجبهة الديمقراطية وبقية قوى النضال العربي القومية والديمقراطية واليسارية . والرد على ذلك هو إعداد كل الساحات .. لمواجهة التخلف .. والجهل .. والخيانات الجماعية .. والظلم التاريخي المتجدد .
#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الموت يختطف عمر قشاش
-
في يوم المرأة العالمي
-
موعد مع السلام
-
في ذروة التحول إلى سناء وبدر
-
لماذا .. ولمصلحة من المفاوضات والحل السياسي ؟
-
حرب بلا حدود
-
هل تصل عواصف الحزم السعودية الأمريكية لدمشق
-
بانتظار - دمشق 1 -
-
كلمات ما قبل الأخيرة
-
أية هيئة ؟ .. أي حل سياسي ؟ ..
-
نوع من الحرب
-
دفاعاً عن آمال العقلانية والعلمانية والتقدم
-
التحالف العدواني التوسعي الجديد ومخاطره
-
الأرض السورية تقاتل
-
إنها البرهان
-
من الربيع العربي إلى التحالف الإسلامي
-
الذين يرسمون خريطة سوريا الآن وغداً
-
سقوط قناع التحالف الأميكي الدولي
-
- الناتو - يزحف إلى دمشق .. وسوريا تقاتل
-
الحل السياسي بين الإرهاب والتدخل الخارجي
المزيد.....
-
ردّا على ترامب.. الكنديون يلغون رحلاتهم إلى أمريكا.. من يدفع
...
-
الجيش الإسرائيلي: قتلنا قائدا آخر بفيلق القدس.. ونخوض -واحدة
...
-
لماذا رشحت باكستان ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام؟
-
تايمز: أوكرانيا تلجأ لحل غير تقليدي لتعويض النقص بالجنود
-
كاتب أميركي: 4 أسئلة حاسمة على ترامب التفكير فيها قبل الضربة
...
-
إجلاء رعايا عرب وغربيين وصينيين من إيران
-
على وقع الاقتحامات.. انطلاق امتحانات الثانوية العامة بالضفة
...
-
تحذير خليجي من استهداف المنشآت النووية بإيران
-
كاتب إسرائيلي: لهذه الأسباب الثلاثة تفشل إسرائيل في غزة
-
عاجل | الجيش الإسرائيلي: نهاجم حاليا بنية تحتية عسكرية في جن
...
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|