أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلاح اسماعيل حاجم - نظرة قانونية: الفيدرالية ومبدأ تدخل المركز بشؤون الاطراف















المزيد.....

نظرة قانونية: الفيدرالية ومبدأ تدخل المركز بشؤون الاطراف


فلاح اسماعيل حاجم

الحوار المتمدن-العدد: 1382 - 2005 / 11 / 18 - 07:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ان واحدة من اكثر القضايا اثارة للجدل في الحالة العراقية الراهنة هي مسألة تنظيم العلاقة بين المكونات القومية والاثنية المختلفة للشعب العراقي وبالشكل الذي يضمن الحقوق المشروعة لتلك المكونات من جهة, و يصون وحدة الدولة العراقية ويحول دون تفتتها من جهة اخرى. واذا كان ثمة ما يمكن خشيته فهو ليس الشكل المقترح دستوريا للدولة العراقية, اي الفيدرالية, وانما تطبيقها في ظروف العراق الحالية واستثمارها سياسيا وبالشكل الذي قد يجعل من تلك الخشية امرا مبررا. واذا كانت الفيدرالية واحدة من المعالجات الناجعة لتنظيم العلاقة بين السلطات المركزية للدولة وسلطات الاقاليم المكوّنة لتلك الدولة, بالاضافة الى تنظيم علاقة الاطراف (الاقاليم) فيما بينها, فان واحدا من شروط نجاحها وديمومتها يكمن في مدى امكانية حل معضلة توزيع الاختصاصات بين السلطات المركزية وسلطات الاقاليم, الامر الذي سيقود بالضرورة الى طرح قضية تحديد العلاقة من مبدأ السيادة وما بات يطلق عليه في القانون الدستوري بمبدأ التدخل الفيدرالي, أي امكانية تدخل السلطات الفيدرالية بشوؤن الاطراف, بما في ذلك التدخل العسكري. ان مراجعة بسيطة لـتأريخ الدوّل الفيدرالية المعاصرة سيكتشف بسهولة ان واحدة من المعضلات التي واجهت تلك الدول هي الحفاظ على البناء الفيدرالي للدولة وتطويره وتكييفه بالشكل الذي يجعله مستجيبا لمتطلبات التغيير التي يفرضها مبدأ التطوّر وفي مختلف المجالات. فنهاية القرن المنصرم شهدت انهيار فيدراليات لانظمة عظمى على شاكلة الاتحاد السوفيتي ويوغسلافيا وجيكوسلافاكيا, فيما تعاني فيدراليات معاصرة من التشظي و تعاظم النزعات الانفصالية للكثير من اطرافها. من هنا يبرز الترابط الوثيق بين الديمقراطية والفيدرالية. فاقامة فيدرالية ناجحة تبدو امرا مستحيلا في ظل الانظمة الشمولية, ذلك ان واحدا من اهم شروط اقامة الفيدرالية الحقيقية هو الاقرار بالتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة والاخذ بمبدأ الفصل بين السلطات وتأمين استقلالية القضاء (بما في ذلك اجهزة الرقابة الدستورية) واستبعاد اي مظهر من مظاهر التسلط القومي والطائفي والمذهبي, أي استبعاد كل ما من شأنه الاخلال بالحقوق والحريات الاساسية للمواطنين.
ان الاقرار بحق الاقليات القومية والاثنية بادارة شوؤنها وبالشكل الذي تراه مناسبا يعتبر من المسائل الرئيسية التي تضمنتها المواثيق واللوائح الدولية. فقواعد القانون الدولي ومبادئه الاساسية مع انها اقرت للمكونات الاثنية اختيار الشكل المناسب لادارة شؤونها (تكوين الدولة المستقلة, الحكم الذاتي,الأتحاد الفيدرالي مع مجاميع أثنية اخرى ....الخ), ربطت ذلك الحق بامكانية تلك المكونات على اختيار هذا الشكل او ذاك لتقرير مصيرها. فالمجاميع الاثنية الصغيرة جدا تبدو عاجزة عن تكوين دولّها المستقلة مع كل ما يترتب على ذلك من توفير مستلزمات الدفاع عن استقلالها السياسي وتأمين اكتفائها الاقتصادي والحفاظ على وحدة اراضيها.....اخ. ويبدوالامر اكثر صعوبة اذا ما وجدت تلك الدولة المفترضة نفسها محاطة بمجاميع اثنية وقومية اخرى ارتأت التنازل عن سيادتها السياسية للمركز الفيدرالي (الاتحادي) بهدف تأمين المصالح المشتركة للمكونات المختلفة. من هنا الاهمية القصوى لتنظيم العلاقة بين المركز الفيدرالي ومكونات الدولة الفيدرالية, ومن هنا ايضا تبرز ضرورة دراسة موضوعة التدخل الفيدرالي كواحد من الاساليب الدستورية للحفاظ على سيادة الدولة الفيدرالية ووحدة اراضيها.
لقد احتلت موضوعة تدخل المركز الفيدرالي بشؤون الاقاليم مكانا واسعا في دساتير البلدان التي اتخذت الفيدرالية شكلا للدولة ما يؤكد الاهمية الاستثنائية للمعالجة الدستورية لاشكالية العلاقة بين السلطات المركزية وسلطات الاقاليم. ومع ان تلك الدساتير اختلفت في آلية واساليب ممارسة التدخل, الا انها اجمعت على اعتباره الاسلوب الامثل للحفاظ على وحدة الدولة وتأمين تطور مكوناتها الاساسية (الاطراف). وربما كان دستور جمهورية المانيا الفيدرالية لعام 1949 الاكثر تفصيلا في تنظيم وتحديد اطر تدخل السلطات الفيدرالية بشؤون الاقاليم. فقد منحت المادة 37 من الدستور المذكور الحكومة الفيدرالية الحق بالتدخل واتخاذ الاجراءات اللازمة لاجبار سلطات الاقاليم على تنفيذ التزاماتها تجاه السلطات المركزية. لكن المادة ذاتها اشترطت موافقة مجلس ممثلي الاقاليم في البرلمان الالماني لتنفيذ ذلك التدخل, وهو الاجراء الذي من شأنه الحيلولة دون تعسف السلطات الفيدرالية تجاه الاقاليم. في ذات الوقت ذهب الدستور الاماني الى التمييز بين التدخل لمواجهة الكوارث الطبيعية (المادة 35), وبين التدخل كاجراء تمليه الطوارئ السياسية (المادتان 87 و91), فيما افرد الدستور المادة 115 لمعالجة حالة التدخل للحفاظ على وحدة البلاد في حالة اعلان الحرب. اما دستور الفيدرالية البلجيكية فقد خوّل السلطات الفيدرالية العمل مع الاطراف للحيلولة دون بروز خلافات من شأنها تهديد المصالح العليا للدولة (المادة 143). فيما ذهبت المادة 44 من دستور الكونفيدرالية السويسرية الى اعتماد الوساطة والمباحثات اسلوبا لحل الخلافات بين السلطات الفيدرالية وسلطات الاقاليم, مؤكدة على اولوية التشريع الفيدرالي في حالة تنازعه مع تشريعات سلطات الاقاليم (الكونتونات). لكن المادة 53 من الدستور السويسري اوكلت للسلطات الكونفيدرالية مهمة الدفاع عن وحدة اراضي المقاطعات. ولم يخل دستور الولايات المتحدة الامريكية من معالجة مبدأ التدخل الفيدرالي, فقد نص التعديل العاشر (مكمل للدستور) على عدم صلاحية سلطات الولايات تعديل المبادئ الاساسية في ادارة شؤون الدولة والاخلال بمبدأ سيادة القانون واصدار تشريعات مخالفة لمبادئ الدستور الفيدرالي. حتى انه يمكننا القول بأن ادارة كل ولاية امريكية تعتبر صورة مصغرة للادارة الامريكية الفيدرالية.
ان دراسة التراث الدستوري للبلدان الفيدرالية يبين الترابط الوثيق والتأثير المتبادل لكل من شكل الدولة ونظامها السياسي. فقد ذهبت دساتير البلدان الديمقراطية المتأصلة الى اعطاء مساحة اكبر من الاستقلالية لسلطات الاقاليم, فيما تكون المركزية الادارية صفة مميّزة لفيدراليات البلدان النامية. فالمادة 150 من دستور ماليزيا ,على سبيل المثال, اعطت الحق لرئيس الدولة باعلان حالة الطوارئ في كافة انحاء البلاد او على اجزاء منها في حال توفر (القناعة) لديه بأن خطرا ما يهدد النظام العام. وربما كان الدستور الاثيوبي الوحيد من بين دساتير الدوّل الفيدرالية الذي اقر حق الانفصال عن الفيدرالية الاثيوبية (المادة 80), فيما ذهبت مادته الخامسة والتسعون الى منح الاقليات الصغيرة امكانية تأليف مقاطعات خاصة بها ضمن الفيدرالية الاثيوبية رابطة هذا الحق باجراء الاستفتاء العام لتلك الاقليات. اما في الحالة العراقية فلم يتضمن الدستور اية اشارة الى مبدأ التدخل الفيدرالي مكتفيا في المادة 107 بالتأكيد على محافظة "السلطات الاتحادية على وحدة العراق وسلامته واستقلاله وسيادته ونظامه الديمقراطي الاتحادي". وربما تم ترحيل تلك المهمة الى البرلمان الاتحادي الدائم لجمهورية العراق.



#فلاح_اسماعيل_حاجم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرة قانونية:الدستور العراقي واشكالية تنظيم العلاقة بين المر ...
- نظرة قانونية: جرائم الدكتاتور بين التشريع المحلي وقواعد القا ...
- نظرة قانونية: قراءة سريعة في مسودة الدستور الدائم لجمهورية ا ...
- نعم...لابد من مشاركة عراقيي الخارج في الاستفتاء والانتخابات
- نظرة قانونية: مبادئ الدستور
- نظــرة قــانونيــة: الدســتور الــدائـم واشــكاليــة العلاقـ ...
- نـظـرة قـانـونيــة: الاســتفـتاء و مـحاولــة تـبـريــر الأخـ ...
- نظرة قانونيــة: لجنــة صياغــة الدستور بين الاستحقاقــات الا ...
- نــظرة قــانونيــة: اللجــان البـرلمانيــة
- نظــرة قانونيــة: الدستــور الدائــم ومهمــة الاصــلاح السيا ...
- نظرة قانونيــة: المعالجــة القانونيــة لمسؤوليــة الجهاز الت ...
- نظرة قانونية: المعالجة القانونية لتنظيم العمل داخل الجهاز ال ...
- نظــرة قانونيــة:المعالجــة القانونيــة لثنائيــة الجنسيــة
- نظرة قانونية:المعالجــة القانونيــة لتفعيــل الحــق الانتخاب ...
- الفيـدرالـيــة وضـمانــات وحــدة العــراق
- اي الاهداف يبرر الوسائل
- نظرة قانونية: السلطــة العراقيــة القادمــة ومهمــة التأسيــ ...
- نظرة قانونيــة: السلطــات العراقيــة القادمــة ومهمـة صيانــ ...
- نظــرة قانونيــة: المعالجــة القانونيــة لعــد اصــوات الناخ ...
- نـظرة قـانونيــة: وحـدة السلطــة ومبــدأ الفصــل بيــن السـل ...


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلاح اسماعيل حاجم - نظرة قانونية: الفيدرالية ومبدأ تدخل المركز بشؤون الاطراف