أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرتضى العبيدي - هل تتجاوز بلدان أمريكا اللاتينية أزمتها الاقتصادية الراهنة؟















المزيد.....

هل تتجاوز بلدان أمريكا اللاتينية أزمتها الاقتصادية الراهنة؟


مرتضى العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 5086 - 2016 / 2 / 26 - 13:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تواجه بلدان أمريكا اللاتينية ومنطقة الكارايبي ظروفا اقتصادية عصيبة قد تكون هي الأسوأ منذ الأزمة المالية العالمية لسنة 2008. فاقتصاديات هذه البلدان لا تشهد حالة من التباطؤ في نسق النمو فحسب بل إن أغلبها يعاني انكماشا فعليا وتقلصا مرعبا خاصّة في البرازيل وفنزويلا. وهذا الوضع المفزع كان محور اجتماع قمّة بلدان أمريكا اللاتينية ومنطقة الكارايبي المنعقد نهاية الشهر الماضي في كيتو عاصمة الإكوادور، والذي خلص إلى أنه على هذه البلدان أن ترصّ صفوفها وتفعّل جميع إمكانياتها لمواجهة مشتركة لهذا الوضع بما في ذلك تفعيل الاتفاقات السابقة التي بقيت حبرا على ورق وبالخصوص منها إحداث "بنك الجنوب" و "صندوق النقد لأمريكا الجنوبية" واستعمال العملات المحلية في التعاملات البينية.
إذن كانت قضايا الاقتصاد والتنمية والتكامل بين بلدان القارّة هي التي هيمنت على أشغال القمة المذكورة والتي انعقدت بالإكوادور بداية من 27 جانفي الماضي. ومنذ مدّة لم يعد خافيا على أحد الحالة الصعبة لاقتصاد هذه البلدان بعد التدنّي المتواصل لأسعار النفط وعديد المواد الأولية الأخرى في الأسواق العالمية. ففي سنة 2015، شهد الناتج الداخلي الخام لبلدان شبه القارّة الأمريكية انخفاضا قدّر بـ 0,4% حيث لم يتجاوز في مجمل بلدان القارة نسبة 1,6% وهي أسوأ نسبة سُجلت منذ سنة 2009 وهو مرشح لمزيد الانخفاض في السنة الجديدة حسب خبراء هذه البلدان الذين يرجحون أن تكون هذه النسبة سلبية في سنة 2016. وحسب تقديرات اللجنة الاقتصادية المختصة المنبثقة عن القمّة، فإن نسبة النمو للسنة المنقضية لن تفوق 0,2%. وكان الوضع الاقتصادي أكثر قتامة في البلدان الأكثر تصديرا للمواد الأولية مثل فنزويلا التي زادها تأزما التخريب الاقتصادي الممنهج الذي مارسته المعارضة البورجوازية وعصابات المافيا والتهريب والتجارة الموازية. وهو ما جعل الرئيس مادورو يؤكد غداة هزيمة حزبه في الانتخابات العامّة أن المعرضة هزمتنا في المعركة الاقتصادية.
فممّا لا شك فيه أن مرحلة الازدهار التي ارتبطت بتصدير المواد الأولية قد استنفذت جميع إمكانياتها. ففي سنة 2015، تقلصت تجارة هذه البلدان مع بقية بلدان العالم بنسبة 14% بينما بلغ هذا التقلص في التجارة البينية (تجارة هذه البلدان في ما بينها) نسبة 21%. كما تسبب انخفاض أسعار المواد الأولية في الأسواق العالمية في تراجع الاستثمار الخارجي في حدود 20%، خاصّة منه ذاك الذي يوظف رؤوس الأموال في تلك المواد الأولية التي شهدت أسعارها انخفاضا (الزراعة، الصناعات الاستخراجية، صناعة النفط). وبما أنّ هذه الأسعار لن تشهد تحسنا في السنة الجديدة حسب معظم التوقعات، فإنّ اجتماع القمة تطرق إلى ضرورة تنويع الإنتاج وإيلاء أهمية خاصة لبعض القطاعات لم تكن تحظى بالعناية الكافية، وذلك بالخصوص للتقليص من حجم الواردات وتحسين الميزان التجاري.
وكان قادة الدول المجتمعة يعلمون أنّه لا مجال لمجرّد النقاش والتداول حول هذه القضايا الحارقة لأن أيّ تأخير في معالجته سيكون معناه تعميق للأزمة. فكان عليهم إذن الخروج بقرارات عملية قابلة للتنفيذ على المدى القصير والمتوسط، خاصة وأنهم يعلمون أنهم تحت التهديد المباشر لمناورات الولايات المتحدة الأمريكية. لأنه إذا ما قرر "نظام الاحتياطي الفيديرالي" لهذه الأخيرة الترفيع في نسبة الفائض على الرصيد الفيديرالي، فإن جميع بلدان أمريكا اللاتينية ستواجه صعوبات حقيقية حتى لتوفير السيولة الضرورية. وإذا ما حصل مثل هذا السيناريو، فإن المشاكل الاجتماعية ستطفح على السطح بحدّة وأنّ الملايين من شعوب هذه البلدان ستعود إلى ما تحت عتبةالفقر.
ولمواجهة مثل هذه الاحتمالات المرعبة، يعلم قادة أمريكا اللاتينية أنّه لا خلاص لأيّ من دولهم إذا ما حاولت مواجهة العاصفة بحلول فردية، وعليه فإنه يتحتم عليهم إيجاد الحلول بصفة جماعية. من ذلك إقرارهم بتفعيل مؤسسة "صندوق النقد لبلدان أمريكا الجنوبية" للحدّ على الأقل في مرحلة أولى من عمليات تهريب رؤوس الأموال المحلية باتجاه بقية بلدان العالم، إذ لا يعقل وهذه البلدان تعاني ما تعانيه أن يواصل أثرياؤها ادخار أموالهم في بنوك البلدان الغنية خاصة البلدان السبعة الأكثر غنى (ألمانيا، كندا الولايات المتحدة، فرنسا، إيطاليا، اليابان والمملكة المتحدة) كما هو الحال اليوم.
كما أنّ الاجتماع تطرّق إلى التعطيل الحاصل في انطلاق نشاط "بنك الجنوب" (والمقصود به البنك المركزي لبلدان أمريكا الجنوبية، كما هو الحال بالنسبة للبلدان الأوروبية). ومن الواضح أن المصالح الضيّقة لبعض البلدان، خاصة البرازيل، والتعقيدات البيروقراطية هي من الأسباب التي حالت إلى حد الآن دون انطلاق نشاط هذه المؤسسة الإقليمية التي اتخذ قرار بإنشائها منذ سنوات عدّة، دون أن ننسى بطبيعة الحال الدور التخريبي للولايات المتحدة الأمريكية التي تجتهد في تعطيل إيّ إنجاز قد يحدّ من سيطرتها في ما تعتبره حديقتها الخلفية. فإنشاء مثل هذا البنك سيساعد لا محالة في توفير الاستثمارات الضرورية للنهوض ولو جزئيا باقتصاديات هذه البلدان التي يقدّر الخبراء أنها بحاجة إلى استثمارات بحجم 320 مليار دولار سنويا وحتى غاية سنة 2020 لمجرد تطوير بنيتها التحتية.
وفيما يتعلق بالتكامل الاقتصادي بين بلدان شبه القارة، فهو في حاجة إلى قرارات سيادية من مختلف الدول، خاصة الكبرى منها مثل البرازيل والأرجنتين وفنزويلا. وهي قرارات مؤجلة لهذا السبب أو ذاك. من ذلك أن بلدين اثنين من البلدان السبعة التي قرّرت إنشاء بنك الجنوب وهما البرازيل والباراغواي لم يصادقا بعد بصفة نهائية (أي عبر البرلمان) عن الوثيقة المحدثة لهذه المؤسسة، ثماني سنوات بعد وضعها. ورغم أن قانونها الأساسي وسياستها وأساليب تسييرها تمّ ضبطها منذ البداية إلا أن هذه المؤسسة مازالت بعد اسما بلا مسمّى. من ذلك أنّه لحدّ اللحظة فإن الإكوادور وفينزويلا وبوليفيا هي البلدان الوحيدة التي عينت ممثلين عنها في مجلس إدارة هذا البنك.
وفي الختام، يمكن القول إن انخفاض أسعار المواد الأولية في الأسواق العالمية قد أضرّ أيما ضرر باقتصاد بلدان أمريكا اللاتينية، لكن هذا السيناريو كان محتملا في أيّ وقت من الأوقات، إلا أنّ هذه البلدان حتى تلك التي أوصلت الانتخابات فيها إلى سدّة الحكم أحزاب اشتراكية راديكالية أو اشتراكية ديمقراطية، ورغم الإنجازات الكبيرة التي حققتها على الصعيد الاجتماعي بصفة خاصة، بتحسين ظروف عيش مواطنيها وإخراج الملايين منهم من تحت عتبة الفقر ، فإنها لم تتخذ ما يكفي من الإجراءات ولم تضع من السياسات ما يؤسس لاقتصاد وطني متكامل غير مرتهن بالأسواق العالمية ويوفر الاكتفاء الذاتي لشعوبها على الأقل في المجالات الحيوية.



#مرتضى_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المغرب: هل يساهم إضراب 24 فبراير في إرساء دعائم الوحدة العمّ ...
- الحركة الشيوعية وتحرير النساء (ترجمة)
- القوى الديمقراطية في ألمانيا وباقي أوروبا تتصدّى للنازية الج ...
- رأي حول -الحكومات التقدمية- بأمريكا اللاتينية
- الشباب المغربي يخوض معارك شهر يناير بروح 20 فبراير
- هل تدفع بوركينا فاسو ضريبة التدخل الامبريالي الفرنسي في بلدا ...
- أردوغان يستغلّ انشغال العالم بالحرب على سوريا ليشنّ الحرب عل ...
- -التنمية في تونس-، كتاب جديد للأستاذين محمود مطير وحسين الرح ...
- الطبقة العاملة تستقبل السنة الجديدة بموجة من النضالات في أنح ...
- الانتخابات التشريعية في فنزويلا: هل هو انتصار للثورة المضادّ ...
- هل هي نهاية الاستقطاب الثنائي على الساحة السياسية الإسبانية؟
- الانتخابات الجهوية بفرنسا: الشعب يعبّر عن رفضه لبرامج الأحزا ...
- صدور العدد 31 (أكتوبر 2015) من مجلة -وحدة وصراع- في نسخته ال ...
- خلفيات إسقاط الطائرة الحربية الروسية وتداعياته
- القمة الدولية للمناخ: رهانات وعوائق
- علامات من ثقافة المقاومة زمن الاستبداد
- ثنائية الأمن والحرية في مواجهة الإرهاب
- حوار مع الأستاذ عبد الحميد الطبابي حول كتابه الجديد -دراسات ...
- ماذا يحصل في تركيا بعد فوز حزب العدالة والتنمية في انتخابات ...
- لا لسياسة الحرب والإرهاب والبؤس! من أجل جبهة مشتركة لنضال ال ...


المزيد.....




- قُتل في طريقه للمنزل.. الشرطة الأمريكية تبحث عن مشتبه به في ...
- جدل بعد حديث أكاديمي إماراتي عن -انهيار بالخدمات- بسبب -منخف ...
- غالانت: نصف قادة حزب الله الميدانيين تمت تصفيتهم والفترة الق ...
- الدفاع الروسية في حصاد اليوم: تدمير قاذفة HIMARS وتحييد أكثر ...
- الكونغرس يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا بقيمة 95 مليار ...
- روغوف: كييف قد تستخدم قوات العمليات الخاصة للاستيلاء على محط ...
- لوكاشينكو ينتقد كل رؤساء أوكرانيا التي باتت ساحة يتم فيها تح ...
- ممثل حماس يلتقى السفير الروسي في لبنان: الاحتلال لم يحقق أيا ...
- هجوم حاد من وزير دفاع إسرائيلي سابق ضد مصر
- لماذا غاب المغرب وموريتانيا عن القمة المغاربية الثلاثية في ت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرتضى العبيدي - هل تتجاوز بلدان أمريكا اللاتينية أزمتها الاقتصادية الراهنة؟