أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرتضى العبيدي - هل هي نهاية الاستقطاب الثنائي على الساحة السياسية الإسبانية؟















المزيد.....

هل هي نهاية الاستقطاب الثنائي على الساحة السياسية الإسبانية؟


مرتضى العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 5025 - 2015 / 12 / 26 - 15:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



شيء من الماضي

هي الانتخابات الثانية عشرة التي تجري في اسبانيا منذ نهاية الفرانكية. وكانت اسبانيا لم تعرف طعم الانتخابات طيلة أربعين سنة هي فترة حكم الديكتاتور. إذ ما أن فازت الجبهة الشعبية في انتخابات 1936 بأغلبية مقاعد "الكورتاس" (البرلمان) حتى انقلب عليها اليمين الرجعي واضعا مصير البلاد بين أيدي طغمة عسكرية فاشية بقيادة الجنرال فرانكو وقادة آخرين من الجيش، أدخلوا البلاد في حرب أهلية راح ضحيتها ما يزيد عن نصف مليون شخص زيادة على ملايين المهجّرين والمفقودين. ولم يعد الشعب الإسباني إلى ممارسته حقّه الطبيعي في اختيار حكّامه إلا بداية من سنة 1977 فيما سمي بالانتقال الديمقراطي. ومنذ تلك الدورة الأولى والتي خصّصت لانتخاب مجلس تأسيسي يضع دستورا جديدا للبلاد، هيمن على المشهد السياسي حزبان كبيران: حزب يميني يمثل مصالح البورجوازية التي انتفعت من النظام الدكتاتوري لتحقيق أرباح طائلة بالاستغلال المفرط للطبقة العاملة في ظل غياب التمثيل النقابي وأي شكل من أشكال التنظيم المستقل وهو "الحزب الشعبي"، وريث أحزاب يمينية أخرى تمكنت من التوحد تحت هذا المسمى في أواخر الثمانينات، وحزب "يساري" هو "الحزب الاشتراكي الموحد الاسباني" الذي كسب شعبيته من وقوفه في وجه الديكتاتورية رغم القمع الذي سُلط باستمرار على قادته ومناضليه. فكانت النتيجة أن تداول هذان الحزبان عن الحكم بصفة تكاد تكون مطلقة منذ أربعين سنة، حيث فاز الحزب اليميني في خمس دورات والحزب الاشتراكي في ستة قبل الانتخابات الحالية.

من فاز بانتخابات 20 ديسمبر 2015؟

وبالنظر في نتائج هذه الانتخابات الأخيرة، يبدو من الصعب الإجابة على مثل هذا السؤال، إذ بالرغم من تصدّر "حزب الشعب" اليميني للائحة الأحزاب الحاصلة على مقاعد في البرلمان، فإنّه لا يمكن الجزم بفوزه بها إذ هو لم يحصل على الأغلبية المطلقة التي تخوّل له تشكيل الحكومة الجديدة بمفرده. فبحصوله على 123 مقعدا فقط من أصل 350 أي بخسارة 3,5 مليون صوت و63 مقعدا مقارنة بانتخابات 2011، يجد الحزب الشعبي نفسه في وضع لا يُحسد عليه. وكان المستفيد الأوّل من مثل هذا الوضع الصعب في المرّات السابقة الغريم التقليدي لهذا الحزب أي "الحزب الاشتراكي الموحّد". لكن نتائج هذا الأخير تقول إنّه ليس أفضل حال من غريمه، إذ بحصوله على 90 مقعد فقط، ورغم مركزه الثاني، فإنّ خسارته تساوي 1,4 مليون صوت و 20 مقعدا مقارنة بآخر انتخابات عامّة. وسيكون هو الآخر عاجزا على تشكيل الحكومة جديدة في صورة استحالة ذلك على خصمه. إذن أين ذهبت أصوات الناخبين غير المُسندة للأحزاب التقليدية؟
حزبا "قادرون" و"مواطنون" يصنعان الحدث
هل كانت نتائج هذين الحزبين حديثي النشأة واللذين تتزعمهما قيادات شابّة مفاجئة؟ كلاّ، إذ هما حققا نتائج جدّ إيجابية في أولى مشاركتهما في الانتخابات المحلية التي دارت في ماي الماضي. وأسندت إليهما معاهد سبر الآراء نتائج تفوق ما حصلا عليه اليوم. واللافت للانتباه أنّ الحزبين على طرفي نقيض. ففي حين يصنّف حزب "بوديموس" ( ومعناها قادرون) كمُنتم لليسار الراديكالي ويقدّم بديلا اجتماعيا لوضع الأزمة التي تتخبط فيها البلاد منذ سنوات، فإن حزب "مواطنون" يُعتبر حزبا يمينيا محافظا ويقدّم بديلا مناقضا تماما أي أنّه لا يرى خلاصا للبلاد إلا في الليبيرالية المطلقة ويعتبر أنّ مأساة الحزب الشعبي الحاكم هو قبوله بأنصاف الحلول رغم كل الإجراءات اللاشعبية التي اتخذها ووضعها حيّز التنفيذ. وهو حزب نشأ في بدايته في كحزب جهوي في مقاطعة كاتالونيا فقط، ثم مع تطوّر طموحات زعيمه الشاب، "ألبار ريفيرا" (36 سنة) أصبح يراهن على احتلال مركز الصدارة على الصعيد الوطني. فمن المرجّح جدّا أن تكون الأصوات التي حصل عليها هذا الحزب والتي بلغت 3,5 مليون صوت هي في معظمها تلك التي فقدها الحزب الشعبي (وعددها 3,5 مليون صوت كذلك) أي هي أصوات البورجوازية الكبيرة التي لم تعد ترى في الحزب الشعبي ممثلا لها، خاصة وأنّ هذا الأخير أقيم منذ نشأته على أنقاض أحزاب عديدة كانت تتبارى جميعا في تمثيل مصالح البورجوازية.

من صوّت لبوديموس؟

أمّا حزب "بوديموس" فلا يصحّ عليه نفس القول بعلاقة بالحزب الاشتراكي إذ أنّ هذا الأخير لم يفقد سوى 1,4 مليون صوت بينما حصل بوديموس على 5,18 مليون صوت مثلت نسبة 20,6٪-;- من الأصوات المصرّح بها، ولولا الحيف الذي يتسم به القانون الانتخابي والذي يعطي نوعا من التنفيل للأحزاب الكبرى التي بمقدورها وحدها الترشح في كل الدوائر والمقاطعات لحصل هذا الحزب على أكبر عدد من المقاعد. فعلى سبيل المثال فإن عدد الأصوات التي حصل عليها الحزب الاشتراكي لم تتجاوز أصوات بوديموس إلا بـ 340 ألف صوت بينما بلغ الفارق في المقاعد بينهما 21 مقعدا، جرّاء تطبيق هذا القانون الانتخابي الجائر. إذا فأصوات بوديموس جاءت ولا شك من قواعد الحزب الاشتراكي الغاضبين على سياسة قياداته التي لم يعد يفرّق بينها وبين سياسات أحزاب اليمين أيّ شيء، ولكن كذلك من قواعد الأحزاب والتنظيمات اليسارية الأخرى التي لم يعد لها ذكر في المحطّات الانتخابية على غرار الحزب الشيوعي الإسباني العريق والذي كان في طليعة القوى المناهضة للدكتاتورية وأكبر ضحاياها والذي لم يستفد فيما بعد من ذلك الرصيد النضالي. فبعد أن احتل المرتبة الثالثة في الدورات الثلاثة الأولى للانتخابات العامّة، بدأ يتهاوى حتى كاد يندثر ولم يعد يقدر على الترشح إلا في قائمات ما يسمّى باليسار الموحّد. لكن الخزّان الأساسي لحزب بوديموس جاء من الحركات الاحتجاجية العفوية منها والمنظمة التي اجتاحت إسبانيا منذ سن 2011 على خلفية الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها والتي عرف هذا الجيل من الشباب تبنّي مطالبها وصياغتها في شعارات بسيطة وقابلة لصنع الحلم، ولعل اتخاذ أحد هذه الشعارات "نحن قادرون" اسما للحزب ذاته عند تكوينه في بداية 2014 يوضّح الصورة أكثر. وأهمّ تلك الحركات هي طبعا حركة "غاضبون" التي نشأت في ذات الآن في عديد بلدان العالم والتي عرفت تعبيرتها السياسية في إسبانيا.

الشعب يهزم سياسات التقشف الرجعية

إذا فإن لم يكن من السهل الجزم بمن فاز في الانتخابات، إذ تنتظر الجميع صعوبات جمّة في تشكيل الحكومة الجديدة التي لا يمكن أن تكون إلا ائتلافية، فإنه يمكننا القول إنّ الشعب الإسباني الذي شارك بأعداد غفيرة في الانتخابات الأخيرة إذ تجاوزت نسبة المشاركة 73 ٪-;- من نسبة المسجلين، على عكس ما يجري في بقية البلدان الأوروبية، هذا الشعب صوّت ضدّ السياسات المتّبعة والتي يشترك في وضعها الحزبان التقليديان اللذان تقاسما السلطة طيلة الأربعين سنة الأخيرة. فالمعلوم أنّ سياسة التقشف التي تفرضها المؤسسات المالية الدولية والاتحاد الأوروبي، تضرّرت منها بالخصوص دول جنوب أوروبا ومن بينها إسبانيا ودفع ثمنها الشعب الإسباني الذي عبّر عن ذلك بشتى الطرق وفي مناسبات عديدة، لن تكون هذه هي الأخيرة باعتبارها وإن أدخلت تغييرا ذات أهمية على الخارطة السياسية في البلاد فإنّها لم تفرز تحوّلا جذريا لصالح الطبقات الشعبية، بل لعل الاستقطاب الثنائي ذاته الذي بشّر عديد الملاحظين بنهايته هو في طريقه إلى اتخاذ شكل جديد يقابل بين شقين: الحزب الشعبي ومواطنون من جهة والحزب الاشتراكي وبوديموس من الجهة الأخرى.

مرتضى العبيدي



#مرتضى_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتخابات الجهوية بفرنسا: الشعب يعبّر عن رفضه لبرامج الأحزا ...
- صدور العدد 31 (أكتوبر 2015) من مجلة -وحدة وصراع- في نسخته ال ...
- خلفيات إسقاط الطائرة الحربية الروسية وتداعياته
- القمة الدولية للمناخ: رهانات وعوائق
- علامات من ثقافة المقاومة زمن الاستبداد
- ثنائية الأمن والحرية في مواجهة الإرهاب
- حوار مع الأستاذ عبد الحميد الطبابي حول كتابه الجديد -دراسات ...
- ماذا يحصل في تركيا بعد فوز حزب العدالة والتنمية في انتخابات ...
- لا لسياسة الحرب والإرهاب والبؤس! من أجل جبهة مشتركة لنضال ال ...
- العمليات الإرهابية في باريس ترسم مجددا خط الفرز بين القوى ال ...
- حوار مع الأستاذ مصطفى القلعي حول كتابه الجديد -التيار الإخوا ...
- اليونان من الاستفتاء إلى قبول المذكّرة الجديدة
- أمام هجمة رأس المال، الطبقة العاملة العالمية تتجنّد للدفاع ع ...


المزيد.....




- هل قررت قطر إغلاق مكتب حماس في الدوحة؟ المتحدث باسم الخارجية ...
- لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في ...
- القضاء الفرنسي يستدعي مجموعة من النواب الداعمين لفلسطين بتهم ...
- رئيسي من باكستان: إذا هاجمت إسرائيل أراضينا فلن يتبقى منها ش ...
- -تهجرت عام 1948، ولن أتهجر مرة أخرى-
- بعد سلسلة من الزلازل.. استمرار عمليات إزالة الأنقاض في تايوا ...
- الجيش الإسرائيلي ينفي ادعاءات بدفن جثث فلسطينيين في غزة
- علييف: باكو ويريفان أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق السلام
- -تجارة باسم الدين-.. حقوقيات مغربيات ينتقدن تطبيق -الزواج ال ...
- لأول مرة.. الجيش الروسي يدمر نظام صواريخ مضادة للطائرات MIM- ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرتضى العبيدي - هل هي نهاية الاستقطاب الثنائي على الساحة السياسية الإسبانية؟