أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرتضى العبيدي - العمليات الإرهابية في باريس ترسم مجددا خط الفرز بين القوى الرجعية والقوى التقدمية















المزيد.....

العمليات الإرهابية في باريس ترسم مجددا خط الفرز بين القوى الرجعية والقوى التقدمية


مرتضى العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 5002 - 2015 / 12 / 1 - 11:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



إضافة إلى الاجراءات الأمنية والعسكرية المتخذة من قبل السلطات الفرنسية غداة العملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت العاصمة باريس ليلة 13 نوفمبر الجاري، والتي راح ضحيتها مواطنون أبرياء ينتمون إلى 19 جنسية مختلفة، أفرز هذا العدوان الإرهابي نقاشات حادّة داخل المجتمع الفرنسي وحتى داخل المجتمع الدولي.
وكما كان الأمر غداة العملية الإرهابية التي استهدفت صحيفة "شارلي هبدو" في شهر جانفي الماضي، سارع الرئيس فرانسوا هولاند إلى الدعوة إلى رصّ الصفوف وتمتين "الوحدة الوطنية" لمواجهة المخاطر المحدقة بالوطن. وتزامنت دعوته تلك والتي وجّهها من على منبر الجلسة الاستثنائية التي جمعت غرفتي البرلمان الفرنسي ـ وهي الجلسة التي لم تُعقد سابقا إلا في حالات نادرة، إما لتنقيح هامّ لبعض فصول الدستور أو في حالات خطر مُحدق بالبلاد ـ تزامنت تلك الدعوة إذن مع ارتفاع أصوات أحزاب اليمين وأقصى اليمين لمراجعة السياسات الفرنسية في عديد المجالات وخاصة منها مجالي الهجرة واللجوء السياسي. ومثلما هو الشأن في الحالات المماثلة السابقة، تتذكّر بعض مكوّنات فرنسا الجمهورية أنّ جزءا من مواطنيها المولودين على ترابها والحاملين لجنسيتها والمتعلمين في مدارسها ـ مدارس الجمهورية ـ هم من أصول غير فرنسية، ممّا يجعل منهم، لا بالقوة فحسب، بل بالفعل كذلك مواطنين من درجة ثانية، فيُنادى بالتضييق عليهم وحتّى بطردهم. لكن إلى أين؟؟ إلى أوطان لم تطأ أقدام الكثير منهم ترابها ولم يشعروا يوما بالانتماء العميق إليها، إلا ببعض الانتماء الثقافي السطحي والعاطفي لا غير. تتعالى أصوات العنصرية فتجد لها صدى لدى أصحاب القرار فيحوّلونها إلى قوانين استثنائية واجراءات قمعية، وهو ما طفح به خطاب الرئيس الفرنسي من على المنبر المذكور وتجسّد في الاجراءات الماسّة بممارسة الحقوق والحريات، تبعا لحالة الطوارئ المعلنة.
أمّا تنظيمات اليمين وأقصى اليمين ذات الطابع الفاشي، فإنها لم تكن تنتظر غير مثل هذه المناسبات لتخرج من جحورها وتمارس الاعتداءات ليس على المهاجرين فحسب، ولا على الفرنسيين من ذوي البشرة المختلفة بل حتى على من يعتبرونهم فرنسيين من الدرجة الأولى من ذوي الرأي المختلف. من ذلك الاعتداءات المسجلة في عديد المدن الفرنسية ومن بينها باريس وبالتحديد في الدائرة الحادية عشرة أي في مسرح العمليات الإرهابية الأخيرة ليلة 19 من نوفمبر الجاري ضد مناضلين ينتمون إلى الحزب الشيوعي الفرنسي رفضوا أن ترتع العصابات العنصرية المنتمية لحزب "الجبهة القومية" في أحيائهم وأن تكسو جدران المدينة بمعلقات تدعو إلى الحقد والكراهية وإلى طرد الأجانب والاعتداء عليهم. فراح هؤلاء المناضلين يغطّون معلقات الحقد بمعلقات مناهضة تدعو إلى التعايش ـ كما في السابق ـ بين جميع متساكني المنطقة في كنف الاحترام المتبادل والتعاون والتآخي، فتمّ الهجوم عليهم وتعنيفهم إلى حدّ نقل البعض منهم إلى المستشفى.
لكن وبالرغم من هذه الأصوات الناعقة، وبالرغم من صعوبة الخروج على السرب في مثل هذه الحالات الدقيقة، ترتفع في فرنسا أصوات العقل لتنبّه إلى مخاطر الانجرار وراء الدعوات العنصرية ولتذكّر بعلوبة القانون وبتساوي الجميع أمامه، وهو ما عبّر عليه في الآونة الأخبرة مثقفون ومبدعون وسياسيون يساريون أمثال جان لوك ميلونشون وأحزاب وتنظيمات يسارية مثل الحزب الشيوعي الفرنسي وحزب العمال الشيوعي الفرنسي والحزب المناهض للرأسمالية ومنظمة "المبادرة العمالية الشيوعية" وغيرها كثير. وهو ما يثبت أنّ اليسار الحقيقي، لا بفقد البوصلة مهما اختلطت السبل وحتى في أحلك الظروف، بل يحرص دوما على إعلاء راية العقل، بوصلته في ذلك مصلحة الطبقة العاملة والشعب. بل هو لا يتواني في تحميل الحكومات نصيبها من المسؤولية في ما يحدث، كمسؤولية الحكومة "الاشتراكية" الحالية في السياسات العدوانية التي تنتهجها فرنسا في عديد مناطق العالم مهما اختلفت المسوّغات، وهي سياسات في جوهرها معادية للشعوب وللسلام العالمي. إذ أنّ الحكومة الفرنسية الحالية ـ ولعلها ذهبت في ذلك أكثر من سابقتها اليمينية ـ حريصة كل الحرص على التدخل العسكري في جميع بؤر التوتّر، من ذلك حضورها العسكري المكثف في دول غربي إفريقيا وفي التحالفات العدوانية التي تشنّ الحرب على اليمن وخاصة على سوريا، تحت ذرائع الدفاع عن الديمقراطية وقيم حقوق الإنسان الكونية والتي تؤدّي بها لا إلى مهادنة التنظيمات الإرهابية فحسب بل إلى دعمها ماديا ولوجيستيا في إطار سياستها الامبريالية الحريصة على تأمين مواقعها الجيوستراتيجية وضمان نصيبها من عملية إعادة اقتسام مناطق النفوذ الجارية منذ مستهلّ الألفية الجديدة.
وينجرّ عن هذه السياسات التي لا تخدم في الواقع سوى رأس المال المالي ورأس حربته شركات تصنيع الأسلحة والاتجار فيها، تنجرّ عنها سياسة الكيل بمكيالين كلّما تعلق الأمر بحليف من حلفائها. ففرنسا التي تتصدّر البلدان الغربية في العدوان على سوريا بدعوى مساعدة الجماعات الإرهابية المسلحة المصنّفة "معتدلة" على الإطاحة ببشار الأسد وإحلال الديمقراطية، لا تنبس ببنت شفة حول الانتهاكاتت اليومية لحقوق الإنسان والشعوب المرتكبة من قبل حلفائها في المنطقة من أمثال الكيان الصهيوني والنظام الوهابي الرجعي القروسطي وقطر وتركيا أردوغان. وإن كانت فرنسا تدّعي كذبا في عدوانها على سوريا أنّها لا تدعم سوى من تعتبرهم "معارضة معتدلة"، فهي تعلم حق العلم أنّ حلفاءها المذكورين يدعمون بالمال وبالعتاد وبالإرهابيين أبشع هذه التنظيمات أي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وهي تعلم حق العلم أنّ بلدان المغرب العربي وشعوبها مازالت تكتوي بدعم فرنسا وتحالف الدول الغربية "للمعارضات الديمقراطية والمعتدلة" التي أطاحت بنظام العقيد الراحل معمّر القذافي.
غداة العملية الإرهابية بباريس، انخفض حجم المبادلات في بورصة باريس بصورة ملحوظة وسجل مؤشر (كاك 40) تراجعا واضحا. وحدها شركة "طاليس" أكبر مصنّعي السلاح في فرنسا سجلت ارتفاعا في رقم معاملاتها فاق الـ 3 بالمائة والشأن ذاته سُجّل في كبرى البورصات العالمية التي شهدت هي الأخرى ارتفاعا في أرقام معاملات صنّاع السلاح، وهو مؤشر كاف لفضح ادعاءات الدول الامبريالية التي تواصل الضحك على ذقون العباد بادّعائها التدخّل في معظم مناطق العالم حماية للسلم وانتصارا للديمقراطية وحقوق الإنسان.

مرتضى العبيدي



#مرتضى_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع الأستاذ مصطفى القلعي حول كتابه الجديد -التيار الإخوا ...
- اليونان من الاستفتاء إلى قبول المذكّرة الجديدة
- أمام هجمة رأس المال، الطبقة العاملة العالمية تتجنّد للدفاع ع ...


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرتضى العبيدي - العمليات الإرهابية في باريس ترسم مجددا خط الفرز بين القوى الرجعية والقوى التقدمية