أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - ماذا لو أن كافافيس عاش حياته في بيروت؟














المزيد.....

ماذا لو أن كافافيس عاش حياته في بيروت؟


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 1380 - 2005 / 11 / 16 - 12:07
المحور: الادب والفن
    


( لأن المعروف عنكَ من التأريخ
ليس سوى القليل
يمكنني أن أصوغك بحرية أكبر في ذهني )
كافافيس

قسطنطين كافافيس الشاعر اليوناني الأصل الإسكندري المولد والممات يمثل شعره اليوم واحدا من أجمل رؤى الحس والشعور بغرابة اللذة وهو يعد ظاهرة شعرية فذة من ظواهر القرن العشرين لما يمثله شعره من قدرة عالية في رسم غيبيات الأزمنة في صمت عزلة أثر عليها ليجلب لذاكرته قارة من ميثولوجيا التوحد والتعري مع فكرة أن تكون إغريقيا مشبعا بقدرية التبدل لقرن الآلة والحروب العظيمة . القرن الذي قال عنه صاحب ثلاثية الطريق إلى الإسكندرية وهو يصف حارس فنار الإسكندرية كافافيس : لقد مارس بعزلته الحسية نمطا من تعبير ذات خفي عن المتغير الهائل ليبتعد عنه ببديل أزمنة لايمكن فقدان لذتها بسهولة .
كانت الإسكندرية المدينة البحرية التي مثلت في قدمها العريق صورة مجد قياصرة الأمس وأحلام زوايا ومرايا فيثاغورس الملاذ الآمن لرؤى صنع منها الشاعر قصائد البهجة العميقة في أدراك منه أن هذه المدينة بقايا صدى أمس يونانيته المجيدة وأن الأثر لازال يشغل مدرجات ملعبها الرئيس بأسطرة متعة القياصرة ولازال أنف كيلوباترا المعقوف قليلا يشم هواء البحر بانتظار قيصر القادم من مجاهيل الحروب الطاحنة . لهذا كانت الإسكندرية تمثل جدلية النأي لروح الشاعر وقتلا للعربة والنفي والمواطنة .
على ذات الشريط الساحلي المتوسطي تقع مدينة أخرى هي صانعة لحلم الزمن بعلته وبهاءه الفينيقي ، مدينة أعطت للبحر وللتخيل هواجس لا تحصى وأطنانا من الشهر البهيج المتحد بخضرة أرز الجبال المكونة لطرف حلمها والميمنة على أنبساط الساحل الأزرق . إنها بيروت ، المدينة التي تتفن بصناعة وجودها عبر بعثرة حصى غيب ثمل جمعه في فنجان قهوة حانة من حاناتها الأسطورية لنقرا قادم الزمن لحظة الشعور بالرغبة في دمج بحة الشعر بحنجرة وديع الصافي أو فيروز أو بأسى الدمعة المسكينة التي جلست تحت صاحب الأجنحة المتكسرة وهو يعطي ناي أساه إلى موسيقى رغبة التصوف أنه جبران خليل جبران .
أحاول في افتراضي أن أتخيل أن بيروت التي حرمت من أشجان النبي الذي صنعه جبران عبر خواطر اللغة التي قادته الى غربته الأمريكانية أن أتصور أن الشاعر الإسكندري قسطنطين كافافي قد عاش حياته في نزل بنصف إضاءة بحارة بيروتية لها ذات الروح المتعرجة وعطر أزقة الشوارع التي تسرق من البحر بخار الموج لتجعلها رطبة سعيدة بشرفاتها الحديدية والسنادين الغامقة لأشجار الزعتر الصغيرة التي تنتظر يدا مرتعشة تهيل إليها ماء نظارتها بعد أن ينهي الشاعر الموظف دوامه الروتيني في إحدى دوائر العدلية الحكومية .
إبدال مدينة بأخرى لحياة شاعر أمر صعب وخطر وخاصة عندما يتعلق الأمر بشاعر يعد في رأي النقد الحديث شاعر صنع المكان بحس متفوق ومازج حس أزمنة متداخلة في حكمتها وفلسفتها ودعارتها ليصنع منها نمطا استشعاريا جديدا جعل الشباب الجامعي في أوربا من المهتمين بالشعر وحداثته يتعلقون شوقا بتنبؤات الشاعر أمزجته وألاعيبه الذكية والشاعرة يبدو أمرا ليس في مزاج التصور ولكنه تصور مفترض أن اجعل كافافيس يعيش حياته في بيروت وليس الإسكندرية ولكني ليس بصيغة التمني كي لا يقال أني أتحامل في الدعوة إلى فقدان الإسكندرية شرف إيواء حياة وشاعرية شاعر فذ كقسطنطين كافافي ولكني أردت أن أدعو الأخرين ونفسي في أفتراض لو أن كافافي عاش في بيروت الحياة التي عاشها في الأسكندرية . هل يستطيع أن يكتب ذات القصائد العالية الحسية والتي أدرجت كواحدة من نصوص الطاقة الهائلة لرجل مزج الزمنة بحماس محارب طروادي وهو لايقوى على مسك كأس خمر بثبات .
كنت عندما أريد أن أبحث في هاجس المدن وروحها يصادفني تشابه الرؤى حين تمتلك هذه المدن صورة التضاريس الواحدة وانتمائها الى أمكنة متشابهه ولآن بيروت والسكندرية متوسطيتان فهما يمتلكان من رؤى التلاقي الكثير ، فأذا كانت الأسكندرية قد آوت لحد الأسكندر بعد موتته البابلية وظلت وعلى الدوام رئة مصر الى الحضارات الأخرى وحلم أبدي لذاكرة نابليون فأن بيروت بالرغم من تشبعها بمشرقية الطربوش وأنتمائها الشامي تظل فينيقيتها مصدر عودة منتصرة الى مجد تأريخي كبير لهذا أعتقد أن روح كافافيس تظل واحدة حين نفترض أن غرفة بيروتية قريبة من البحر وحانوتي خمرة الشعر ودائرة لها مناخ الرائحة العصملية وشذى أشرعة قبرصية لقادرة على صنع ذات الرؤية الخلابة التي أستطاع فيها عجوز الأسكندرية أن يرينا بهجات ترتعش لها حواسنا الخفية وتجعلنا في تيه من نشوة القراءة وأستعادة أمزجة القياصرة والفلاسفة وطالبي رغبة الجسد بمثيلية مبتهجة كالتي تقول :
( أن اقتربت من فراشي
ستصيبني رعشة يولسيس وهو يقترب من أيثاكا )
وهكذا يقف حدود أفتراضي عند نص يجعل المدن تتشابك ، مدن بألفة المكان والأنتماء تصنع خصوصيتها وحين تعكس هذه الخصوصية على الشعر تتضح الغرائز العميقة ونكتشف دوال وتفكير هذه المدن لأن الشعر هو الشارع الخلفي والحقيقي لكل عاطفة صادقة .
بيروت أذن في تقديري تنجح تماما في أيواء كافافيس وقد نجحت في أزمنة ما بصناعة حواس مثيرة ومبدعة لغير أبنائها . أذن هي كالأسكندرية مدينة أممية ، وصانعة ماهرة للمشفرات الخيرة التي نبحث فيها عن روح أنيقة تبعدنا عن مشعات العولمة وصخب مؤثراتها الليزرية لتأتي لنا بكل ماهو عاطفي وجميل ونبيل أيضا .



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملف المدن الأثرية السومرية // مدينة أور
- مدن فجر التأريخ ..مصاطب للآلهة وحاضنة للوعي الاول
- مصطفى العقاد ..الموت بسيناريو لم يعد سلفا
- صوت وردة الجزائرية ..بين الشهوة الحسية ومسمار النجار
- حصة في الكلام
- خيوط الفجر
- غيوم أكتوبر ... إلى صديقي الطيب فهد ناصر
- طغراء بن بطوطة
- دهر في بنجوين..دهر في كردمند ..دهر في دمعة أمي
- أوجلان يؤدي التحية الى عبد الله كوران
- إلى فوكنر والجنوب ..والهاجس الصعب
- هواجس قبل بيان الرؤية الشرعية لهلال العيد
- كوخ الطين وكوخ وردة عباد الشمس...نص ضد حرب انفلونزا الطيور
- ميثولوجيا الأهوار ..الأهوار وذاكرة المثقف ..بين مخيلة الأسطو ...
- قصة قصيرة جدا 12
- ميثولوجيا الأهوار..وزارة الموارد المائية والأمانة الوطنية في ...
- الماني يرطن بالكردية وياباني يتحدث بلهجة بغداد ..وانا بلغة ا ...
- قصص قصيرة جدا
- قارئ الجريدة والكشوفات الجديدة
- مندائيات


المزيد.....




- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة
- -كذب أبيض- المغربي يفوز بجائزة مالمو للسينما العربية
- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...
- لا تشمل الآثار العربية.. المتاحف الفرنسية تبحث إعادة قطع أثر ...
- بوغدانوف للبرهان: -مجلس السيادة السوداني- هو السلطة الشرعية ...
- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-
- أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة
- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - ماذا لو أن كافافيس عاش حياته في بيروت؟