أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نورالدين الطويليع - المستشار والموظفة الجماعية















المزيد.....

المستشار والموظفة الجماعية


نورالدين الطويليع

الحوار المتمدن-العدد: 5080 - 2016 / 2 / 20 - 01:22
المحور: الادب والفن
    


بعد طول انتظار رن هاتف تبور رنة مختلفة اختارتها لتدلها على نداء رفيقها في الحزب المستشار الجماعي ميمون، وجعلتها وقفا عليه تمييزا له عن بقية الناس لمكانته الأثيرة الوتيرة، لم تتردد تبور في فتح الخط، وحرصت على أن تصدر كلماتها الأولى بضحكات متعالية بناء على توصياته المقدسة وتعليماته الصارمة " لن أقبل إلا بسماعك ضاحكة، وبرؤيتك كذلك".
أهلا رفيقي العزيز
أنا صديقك ولست رفيقك، نحن رفاق فقط في الاجتماعات الرسمية.
عفوا صديقي العزيز، من الآن فصاعدا لن أناديك إلا بما تحب أن تسمع، راحتك وطمأنينتك هما كل ما أريد، وإليهما أسعى.
أنا كذلك لا يهمني في هذا العالم إلا أن أراك في منتهى سعادتك ونجاحك، وحتى تتأكدي من حقيقة مشاعري، فقد بذلت الغالي والنفيس من أجل أن أوفر الظروف المادية والمعنوية لنسافر معا نهاية هذا الأسبوع إلى مدينة ساحلية تعشقينها كثيرا، وحجزت لنا غرفة فاخرة بفندق من فئة خمس نجوم.
شكرا جزيلا على نبلك صديقي العزيز، ولكن من أين لك بمصاريف هذه الرحلة وأنت تمر بأزمة مالية خانقة؟.
ربما لا تعرفين أنني رجل المهام الصعبة، لقد منحني الرئيس سيارة الجماعة التي وضعها رهن إشارتي منذ أن صوتت لصالحه في جلسة انتخابه رئيسا، أما الإقامة في الفندق، فمصاريفها مؤداة مسبقا، وسنتلقى تعويضا عنها فور رجوعنا.
رجاء صديقي لا تمزح، هذه أمور لا تصدق
أقسم أنني أحدثك بجد، وسترين حال عودتنا كم سنتقاضى جراء هذه الرحلة، ّأعرف أنك شغوفة إلى معرفة حقيقة الأمر، لكن الوضع يقتضي أن أتركه مفاجأة لتعرفي أنني رجل المهمات العشقية الصعبة، رتبي شؤونك، على أن نلتقي بعد الغد في رحلة الأحلام.
وضعت تبور هاتفها جانبا واستلقت على السرير، ضغطت على زر تشغيل شريط حكايتها مع هذا "الميمون" الذي اقتحم حياتها طولا وعرضا، وجعلها فريسته التي لا تملك أي قرار في حضرته وفي غيابه، ولم يترك صغيرة أو كبيرة إلا وضع يده عليها، تذكرت يوم تحدثت معه عبر الهاتف بنبرة حزينة فانفجر غاضبا وزجرها بنبرة متعالية، ووبخها على قلة لباقتها، دون أن يكلف نفسه عناء السؤال عن سبب حزنها، معللا ردة فعله هذه بلا حاجته إلى مزيد من تعكير المزاج بعدما شرب حتى طفح من كأس الأسى والألم والمعاناة والنكد والشقاء على يد من سماها الحية الرقطاء التي هي لازمته الدائمة كلما هم بالحديث عن زوجته التي أنجب وإياه خمسة أبناء، وهددها إن هي عادت إلى اقتراف ذات الإثم في حقه أن يذيقها وبال أمرها، وأن يضغط على رئيس الجماعة ليعفيها من مهامها ويوقف الترقية التي تنتظرها على أحر من الجمر، وأن يرميها بعيدا خارج ما يسميه فردوسه ونعيمه.
لست إلا دمية يا تبور، يتملى بهذا هذا الكهل الذي يحمل قلبا أشد قسوة من الحجر، وعابرة من عابري سريره اللواتي يقتل السابقة منهن باللاحقة ليمحي كل أثر لها من قلبه الحجري الذي يأبى أن يحتفظ بأي أثر للعابرات مهما قدمن له من تضحيات، اختارك أنت بالذات هذه المرة لتكوني عينه على ما يجري ويدور في كواليس المجلس، ولترصدي له الصفقات التي يبرمها الرئيس وتأتيه بخبرها اليقين، ليمارس عليه ابتزازه ويطلب منه أن يمنحه نصيبا منها، وإلا انتقل إلى صفوف المعارضة وأطاح بعرشهّ، لم يسع لتوبيئك منصب كاتب عام الجماعة إلا لغاية في نفسه الجشعة، حتى راتبك صار له منه في كل شهر نصيب مفروض، لست سوى رهينة أحكم هذا الكهل المتصابي قبضته ورماها في معتقله السري، وفي أحسن الأحوال يرميها في المقاعد الخلفية لسيارة الجماعة التي جعلها وقفا عليه بالليل والنهار، ويطلب منك يا تبور أن تتمددي حتى يخرج من المدينة حتى لا تضبطا متلبسين بالجنحة المعلومة، أنت مجرد بضاعة مهربة انتهت صلاحيتها واستقرت في يد تاجر طماع لا يفكر إلا بمنطق الربح، ولا يهمه في شيء أي أمر آخر دون ذلك.
في الوقت الذي استمرت فيه تبور مسترسلة في استدعاء هذا الشريط الثقيل الذي تساقطت حلقاته على رأسها دفعة واحدة كإعصار عاصف، كان رفيقها ميمون وحيدا في غرفته، يتملى بانتشاء كبير بغنيمته وصيده الثمين، هذه الغر البلهاء التي جعلته يتصابى كطفل في بداية مراهقته، ويمارس عليها شتى أساليب التدلل ، هل هي غبية حقا، لا تدري ما تفعل، ولا تعرف شيئا عن حقيقتي كإنسان يعيش بلا قلب ولا عواطف، أم أنها على بينة من أمرها، لكنها تتغابى لتجعل مني مسلكها الآمن لبلوغ أهدافها المهنية وتحقيق كل ما تصبو إليه من ترقيات لتصبح من ثمة صاحبة الأمر والنهي داخل الجماعة وفي صفوف الحزب، هذا النوع ربما لا يعنيه شرفه في شيء بقدر ما تعنيه المكاسب المادية التي أنا على يقين أنها حينما تحيط بها عن الآخر سترميني خارج حياتها، وحينئذ ستبحث عن الشخص الذي يناسبها لتكون معه أسرة وتوصد الأبواب في وجهي نهائيا وتجعلني نسيا منسيا، أنا وهي يجمعنا قاسم مشترك هو اللهاث وراء المصلحة الشخصية الضيقة، كل يغني على ليلاه، ولا مجال للقلب ولا دخل له من قريب أو بعيد في علاقتنا، أنا الذي أقف على أعتاب التقاعد واشتعل رأسي شيبا وغزت التجاعيد وجهي الذي يشبه قطعة ليل كالح، ونخر المرض جسدي، سأكون في منتهى الغباء إن صدقت أن امرأة تصغرني بأكثر من عقدين، بل تصغر كبرى بناتي، سترهن نفسها بي لسواد عيني، أفق من سباتك يا ميمون، هي مجرد حية أخرى من أفاعي الأدغال، سترميك في يوم من الأيام بسمها الزعاف وتنصرف إلى حال سبيلها، كل منا يعرف حقيقة الآخر، لكننا نداري هذه المعرفة بكلام معسول، فلتبق على مناوراتك ولتتغابى أمامها كما تتغابى هي أمامك، لك اللحظة التي أنت فيها مع أفعى الأدغال هذه، غدا سيكون شأن آخر لا تشغل به نفسك الآن...
في بداية الأسبوع أقفل ميمون وتبور راجعين من رحلتهما، وبمجرد ما التحقا بالجماعة تسلم كل منهما تعويضا قدره ثلاثة آلاف درهم، بعدما قدما للرئيس فواتير الوجبات والإقامة بالفندق، ولأن المناسبة شرط فقد حرص الرئيس على أن يصحب المبلغ ببطاقة جميلة وقعها باسمه الشخصي نيابة عن كل مستشاري الجماعة وموظفيها، ضمنها عبارات الشكر و الامتنان للرفيقين على انخراطهما الإيجابي في الدورة التكوينية وسعيهما إلى تحسين قدراتهما ومؤهلاتهما بما اعتبره فخرا للجماعة وقيمة مضافة ستعود بالنفع والفائدة على الجماعة وتجعلها في مقدمة الجماعات الناجعة بالبلاد.



#نورالدين_الطويليع (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات على هامش زيارة وزير الاتصال المثيرة للجدل لمدينة الي ...
- إلى الرفيقة شرفات أفيلال الوزيرة التقدمية في حكومة بنكيران ا ...
- يوسفية المغرب، وحلم التنمية المنفلت
- هل أفلحت أحزاب المعارضة المغربية في كشف ازدواجية الخطاب لدى ...
- هل ستزحزح جمعيات المجتمع المدني باليوسفية جبل جليد التهميش و ...
- من يقف وراء تحريض شباب اليوسفية العاطل على الخروج إلى الشارع ...
- إلى رئيس المجلس الحضري لمدينة اليوسفية المغربية: سئمنا من تد ...
- رئيس الحكومة المغربية ولغة الاستيهام الجنسي
- البشارة البنكيرانية بفشل منظومة التعليم المغربية
- البقاء للصراصير بقلم نورالدين الطويليع


المزيد.....




- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نورالدين الطويليع - المستشار والموظفة الجماعية