أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - الهيموت عبدالسلام - التصفيق بين الطقس الاحتفالي والممارسة القهرية














المزيد.....

التصفيق بين الطقس الاحتفالي والممارسة القهرية


الهيموت عبدالسلام

الحوار المتمدن-العدد: 5073 - 2016 / 2 / 12 - 20:13
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


التصفيق عند القدماء
التصفيق ظاهرة موغلة في القدم،ارتبطت بالطقوس الاحتفالية كالعبادة والفرح والغناء والرقص والمسرح ،وتقاسم لحظات الفوران العاطفي واندغاغ المشاعر

وكذلك التماهي مع الديكتاتور ،التصفيق في عصرنا نوع من التصويت والاستفتاء والتبعية الكلية للحاكم، التصفيق يشبه الركوع و الانحناء وتقديم القرابين والتبرك

والتزلف خوفا من البطش أو طمعا في الانتفاع والحظوة والجاه والسلطة .

تحفظ الأبحاث الأركيولوجية والأثرية أن التصفيق عند المصريين رافق طقوس الغناء والرقص وعند اليونان ارتبط كذلك بالغناء والمسرح ،بل إن اليونانيين عرفوا فئة

المصفِقين بأجر مالي لاستجلاب الجمهور لهذه المسرحية أو تلك ، المجوس كانوا يصفقون للنار أثناء ركوعهم، كما ظل التصفيق مرافقاً لجلسات وحلقات الذكر لدى الدراويش والمتصوفة.

مع الشعوب القديمة إذن بقي التصفيق فيها مقترنا بالطقوس الدينية الاحتفالية و أنها مارست هذه الطقوس داخل الكنائس والمعابد.

العرب قبل الإسلام مارسوا التصفيق كطقس شعائري أمام الحرم المكي وثقيف ونجران وغطفان وأمام معبوداتهم الوثنية ،وبمجيء الرسول محمد سيمارس القرشيون التصفيق للتشويش وإحداث الضجيج

حتى لا يستطيع الرسول إيصال دعوته الدينية إلى عموم الناس .

عرف التصفيق انتشارا واسعا داخل قصور السلاطين والخلفاء والولاة، إذ اتخذ مدلول القوة والبطش والسلطة المطلقة والإيحاءات السحرية،فحين يصفق

السلطان أو الملك أو الخليفة فالحاضرون يتوقعون أن تتبع هذه التصفيقة موائد فاخرة من المأكولات والمشروبات أو قد يعقب تصفيق الملك ظهور

مغنية تسحر الألباب وتدوخ العقول بسحر جمالها وغنج حركاتها وتموج جسمها ،وقد يعقب التصفيق سيف حاد لقطع رؤوس أينعت وقد حان وقت قطافها .


التصفيق السياسي
إذا كان التصفيق في القدم ممارسة تعبدية احتفالية يندغم فيها الفرح بالتعبد والجبروت بالسحر والجسد بالروح، وإذا كان في العصر الحالي يدل على الفرح

والاستحسان والتشجيع والانفعال الإيجابي ونوعا من أنواع التطهير فإنه في المجال السياسي سيتحول التصفيق إلى ممارسة قهرية كعربون على التأييد لسياسة الحاكم ولسيطرته ونفوذه .

ليس غريبا أن يتخذ التصفيق مؤشرا لقياس ديمقراطية المجتمعات وتقدمها حيث أنه يخِفﱠ-;- التصفيق في الدول الديمقراطية ويزداد صخبا وجلجلة في الأنظمة الديكتاتورية، التصفيق إذن ممارسة استسلامية خنوعة

يعربن بها المواطن المقهور في هذه المجتمعات عن استسلامه الكلي وتفويض كل أموره و عن رهن مصيره للحاكم ، إن التصفيق ممارسة قهرية ينسحق فيها الفرد ويبخس فيها نفسه ويعمق ضآلته ودونيته وعجزه

عن الفعل والمبادرة أمام جبروت الحاكم وسلطته المطلقة.

إن التصفيق في الأنظمة الديمقراطية قد انزاح عن وظيفته الأصلية المؤيدة والتثمينية وتحول إلى ممارسة استهجانية وتحقيرية ،حيث يمارَس بشكل بطيء ومتراخ وساخر وبدون صوت كنوع من الاستخفاف كما حصل على سبيل

الحصر مع الخطابات السياسية التي كان يدعو فيها توني بلير رئيس وزراء انجلترا سابقا للتدخل في العراق.

التصفيق الصاخب والمتهافت والمجلجل كالذي يمارسه مسؤولو كوريا الشمالية ليس حبا في الرئيس جيم كونغ ولكن سعيا لسلامتهم واتقاء لغضباته وخوفا من بطش أو إعدام ،التصفيق الحار يمارسه مسؤولو الشعب الكوري تجنبا للاعتقال

بتهمة قلة التصفيق والتي كان من ضحاياها زوج عمته الذي أعدم لمجرد عدم تصفيقه الحار ولعدم نهوضه السريع من كرسيه أثناء دخول الرئيس إلى البرلمان، ناهيك عن اعتقاله لحولي 1700 مواطنا و مسؤولا لم يبدوا أكثر حزنا وتأثرا على

وفاة والده أمام الكاميرات والذي اعتبر فقدانه حينها كارثة وطنية .

التصفيق كممارسة قهرية تشي بالكثير من الانمحاء للشخصية واستعدادها لخدمة الاستبداد دائما وأبدا لم تحصل فقط مع جيم كونغ ،بل مع الطاغية نيرون الذي حرق روما ومع كل الحكام المستبدين على اختلاف مرجعياتهم القومية أو

الاشتراكية أو الإسلامية، وبعبارة مختصرة فإنه حيث يكثر التصفيق تسود الديكتاتورية وحيث يقل ويخف التصويت ثمة ديمقراطية .


ملحوظة لها علاقة بما سبق
لا حديث هذه الأيام سوى للقرار الذي صدر مؤخرا عن مجلس الشورى السعودي بعد جدال دام لعقود حول إن كان التصفيق حلالا أو حراما، وأخيرا اعتبر

مجلس الشورى للمملكة العربية السعودية أن آلية التصفيق أصبحت حلالا وفقا لنصوص الشريعة الإسلامية من باب الترحيب بالضيوف والزوار فقط ،إذا اعتبره

البعض قرارا جريئا وتاريخيا فيما حوله مرتادو الفايسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي إلى موضوع للسخرية والتنذر .




#الهيموت_عبدالسلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول قاموس الأحزاب السياسية بالمغرب
- ما يجب أن نعرفه عن تقاعد الأجراء وعن تقاعد ومعاشات الوزراء و ...
- هل أتاكم خبر مشاركة المرأة السعودية في الانتخابات؟
- الإبداع بين المسلمين والإسلاميين
- على شفا الانفجار الثوري !!! كما تراءى ذات يوم لجون واتربوري
- هجمات 13 نوفمبر على باريس : السياق والتداعيات
- أمانديس : تدبير مفوض أم سرقة موصوفة للشعوب
- -محمد العريفي- يخدم الدين الإسلامي أم يستخدمه؟
- حتى لا نشيع جنازة العقل
- أثرياؤنا وأثرياؤهم والعمل الخيري
- حكاية صور مغربية...والوهابية
- داعش : عودة إلى التوحش
- تونس الثورة التي تولد كل يوم
- تقرير تركيبي لمجريات ندوة حول التقاعد
- أضواء على الوهابية
- علي أنوزلا الصحافة الإرهاب
- فصل المقال فيما بين العمل السياسي والثقافي والحمار من اتصال
- حين ينتصر منطق حرب الكل ضد الكل
- الصحافة مهنة من لا مهنة له
- لشكر في -90 دقيقة للإقناع- ونهاية حزب عتيد


المزيد.....




- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...
- ممثلية إيران: القمع لن يُسكت المدافعين عن حقوق الإنسان
- الأمم المتحدة: رفع ملايين الأطنان من أنقاض المباني في غزة قد ...
- الأمم المتحدة تغلق ملف الاتهامات الإسرائيلية لأونروا بسبب غي ...
- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - الهيموت عبدالسلام - التصفيق بين الطقس الاحتفالي والممارسة القهرية