كتلة الالم

كامي بزيع

الحوار المتمدن-العدد: 5069 - 2016 / 2 / 8 - 14:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

يشير ايكارت تول الى ان كل انسان يحمل معه "كتلة الم"، قد تنشأ معه من الحياة، وقد يتوارثها ايضا.
كتلة الالم تسعى للاستمرار ولذلك فهي تتغذى من الاحداث الدرامية في حياة الانسان، لكنها احيانا قد تنشئ افكارا مأسوية لتستطيع عبرها البقاء والحياة.
ليس فقط الفرد من يحمل كتلة الالم هذه بل احيانا الامم او المجموعات التي تعرضت في تاريخها الى مآسي جماعية، تقوم على ترديد هذه المآسي باستمرار ولا تريد لها النسيان.
ويؤكد ايكارت هول ان صناع الافلام على وعي بقوة تأثير كتلة الالم هذه، لذلك تزدهر صناعة الدراما التلفزيونية، والافلام الحزينة، التي تحاكي هذا الجانب في حياة الافراد.
اما الاخبار فهي احد مصادر غذاء كتلة الالم، لان التلفزيون يعرض كل ماهو مأساوي ويصوره حيث تتماهى كتلة الالم معه بشكل كبير.
وينزع الانسان الى التعلق بالذكريات وفي هذا نراكم الالم العاطفي الذي بدوره يغذي كتلة الالم الخاصة عنده.
والامر يتعدى ذلك الى الاقبال الكبير التي تلقاه الرياضات القائمة على العنف "المصارعة" مثلا التي تغذي كتلة الالم بزخم كبير تجعل الانسان متعلقا بها.
احيانا بدافع من كتلة الالم هذه يرتبط شخصين ببعضهما، لان الالم عن الواحد يحاكي الالم عند الاخر.
ان كتلة الالم هي شكل شبه مستقل من الطاقة يعيش داخل معظم البشر، وهي كينونة مكونة من العاطفة.
الافكار السلبية احد ابرز مظاهر كتلة الالم ايضا، وكذلك الامر بالنسبة لمشاعر اللوم، التذمر، الحقد الغضب، الكراهية، السلبية عموما، والشعور الدائم بالتعاسة.
تكمن بداية الانعتاق من كتلة الالم عبر ادراك وجودها فينا.
وبالتالي فان القدرة على "الحضور"، واليقظة وملاحظة كتلة الالم في الذات كدفق ثقيل للعاطفة السلبية حين تصبح فعالة، يجعلك تدرك ابعادها وتأثيرها.
حين تدركها لا يعود في امكانها التماهي معك، بل انت تقيم المسافة بينك وبينها وهذا هو الخلاص الوحيد.
في اللحظة التي لا تعود فيها متماهيا مع كتلة الالم اي "هي ليست انت" تبدأ كتلة الالم بفقدان ظاقتها.
عندها يمكن ان تصبح وقودا للوعي. ولهذا السبب فان اكثر الافراد جكمة وتنويرا على هذا الكوكب هو من عانوا من كتل الم ثقيلة.

#كامي_بزيع (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل