هل سيصبح سد الموصل سبباً للحفاظ على وحدة العراق؟

راهبة الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 5059 - 2016 / 1 / 29 - 09:04
المحور: المجتمع المدني
    

هل سيصبح سد الموصل سبباً للحفاظ على وحدة العراق؟؟

أصبح إحتمال إنهيار سد الموصل، حديث الساعة بين الأوساط العراقية والأجنبية في الفترة الأخيرة، خاصة بعد أن تناولته أوساط دولية مثل بعض الصحف الامريكية الرصينة، كالواشنطن بوست ونيويورك تايمس، وكذلك الرسالة التي بعث بها الرئيس الامريكي أوباما، الى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، والتي يحثه فيها على منح الأهتمام الأكبر لهذا الموضوع.
في البدء لابد أن نعلم أن إختيار موقع سد الموصل، لم يكن عشوائياً، وإنما جاء عن دراسة وتمحيص، ودامت المداولات والدراسات عن هذا الموضوع لعدة سنوات، حتى إستقر الرأي الصائب منها في أن يكون موقع السد في مكانه الحالي بالذات، وبعد أن أكدت الشركة الإستشارية الخاصة، صلاحية المكان.
وأُفتتح المشروع بعد إتمامه عام 1986 ليكون سبباً لخير العراق.
وتقدر الكمية التي تستوعبها البحيرة الموجودة خلف هذا السد ب 11 مليار متر مكعب من الماء.
ولقد كان لهذا السد أهمية كبيرة في تنظيم إيصال المياه الى حوض دجلة مابين الموصل والبصرة بشكل منتظم، خاصة في موسم الصيهود حيث تشح كمية المياه، فتقوم الجهات المعنية بوزارة الري بإطلاق الحصص المائية المناسبة للزراعة، وللشرب، ولتشغيل المحطات الكهربائية، وللحفاظ على منسوب معين للمياه في نهر دجلة.
ولكن هذا السد، وللأسف الشديد، لم يحظ بالإهتمام والإدامة المطلوبة، خاصة خلال الفترة مابعد 2003، حاله في ذلك، مثل حال كل الأمور المهمة في العراق، رغم (ماهو معلن) في أن هنالك مصنعاً خاصاً به لإنتاج وتوفير مادة السمنت الضرورية لتدعيم أرضية السد بإستمرار.
ولقد تعرض السد لإحتلال الدواعش له لمدة تزيد عن شهرين، لم تكن تخلو من مخاطر جسيمة عدا مخاطر الإهمال.
أما ما يملأ الساحة الآن من أخبار تثير الفزع والمخاوف، هو إحتمالية إنهيار هذا السد في أي وقت( لاسامح الله)، وهذه بمثابة كارثة كبيرة إن حصلت، حيث ستغمر المياه مدينة الموصل في أقل من ساعتين بمنسوب ماء يصل الى إرتفاع 25 متر، أي مايعادل ثمان طوابق بحسابات البناء، وبالتالي يعني ذلك أن طوفاناً هائلاً سيقضي على كل ماموجود من الأحياء في المنطقة كلها، وبعدها بساعات يكون المد الطوفاني قد إكتسح محافظة صلاح الدين بمركزها وأقضيتها ونواحيها، فيقضي على النسل والزرع كذلك، وماهي إلا يومين أوثلاثة ليصل خلالها الى بغداد ليغمر كل جانب الكرخ بإرتفاع حوالي 4 أمتار ثم ليغمر30% من مساحة جانب الرصافة، ويستمر غمر المياه لأراضي محافظة واسط وميسان والبصرة، مسبباً بذلك خسائراً هائلة في الأرواح والممتلكات وفي الزرع والضرع، مقدرة ب 200 مليار دولار، منها التي تمثل البنى التحتية والمنشآت الزراعية والخدمية المختلفة، وفوق ذلك تضاف خسائر أخرى ممثلة بخمس سنوات من العمل وإعادة الإعمار( إن توفرت الأموال اللازمة لذلك).
كل ما تقدم أعلاه كان عن الجانب التقني لموضوع سد الموصل، وبإقتضاب، ولم تكن غايتي من كل ماطرحت، هي الخوض في إحصاءات الخسائر أو حسابات المبالغ التي ستهدر بسبب هذا السد، إنما غايتي هي أن أصل الى السؤال الذي يطرح نفسه بوضوح وبقوة وهو:
ماهي نسبة الضحايا من المواطنين الشيعة ؟؟
ماهي نسبة الضحايا من المواطنين السنة؟؟
ماهي نسبة الضحايا من باقي المكونات العراقية؟؟
ماهي نسبة كل من هذه المكونات العراقية من التي ستكون ضحية للطوفان المحتمل ؟؟؟
هذا السؤال موجه للطبقة السياسية من أحزاب الطوائف الحاكمة في العراق، وهل في إعتقاد كل فئة منهم أن الطوفان المحتمل سوف يقع على فئة معينة دون أخرى؟؟!!
والسؤال الآخر هو:
هل سيحتضن أبناء الشعب العراقي بعضهم بعضاً خلال هذه المحنة، فيفتح الشيعي بيته ليحمي السني من هذه الكارثة، ومثله يفعل المواطن السني والمسيحي والمندائي والآيزيدي أو الشبكي، أو العربي والكوردي والتركماني أو الأرمني والآشوري، و و و ؟؟؟ ويفتحون بيوتهم ليحمون أرواح من يتعرضون للموت المحتمل؟ فيذيبون بذلك كل الهويات الفئوية بهوية الوطن، لتصبح هوياتهم موحدة تحت إسم العراق وحده؟ فيكنسون كل الطائفيين بهذا التيار الجارف؟
وهل ستُرسم صورة جديدة في مخيلة المواطن العراقي الذي كان يحلم بالتقسيم والأقاليم، فيفكر ملياً كيف سيكون موقف الإقليم العراقي الفلاني، وهو تحت رحمة الإقليم الآخر المتنفذ على أسباب الحياة وقت الكوارث؟
وهل يعتقد من يفكرون بالتجزئة والتقسيم أن العدالة ممكن أن تتحقق لكل الأقسام المفترضة، بالطريقة المنصفة المعقولة؟
أم سوف يكتشف الجميع أن لُحمة العراق قد جُبلت بخلطتها الفريدة التي لاتقبل للتفكك والتجزئة، وإنها جسدٌ واحدٌ إذا إشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسد بالسهر والحمى؟!

راهبة الخميسي_السويد
28/ 01/2016

#راهبة_الخميسي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات