أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد رفعت الدومي - يا مواليَّا














المزيد.....

يا مواليَّا


محمد رفعت الدومي

الحوار المتمدن-العدد: 5048 - 2016 / 1 / 18 - 00:24
المحور: الادب والفن
    


"مروان بن محمد"، شاعرٌ عاش حياته عالقاً بين دولتين، كان شاهدًا علي سقوط سميه ومولاه "مروان بن محمد" آخر الخلفاء الأمويين، وأنفق بقية عمره في ظلال العباسيين فقيرًا!

من الغريب أنه لم يستفز أحدًا للكتابة عنه سوي قلة أهمهم المستشرق النمساوي "جوستاف فون جرونباوم" الذي رآه بحدقتين مختلفتين، وما احتفظت به أدبيات زمانه من حياته يختلط فيه المزيف بالحقيقي، لكنه ترك خلفه الكثير من النوادر علي كل حال..

لقد زاره أحد المتطفلين علي عالمه، فلما رأي ما يعانيه من وطأة الفقر، زف له هذه البشري المؤجلة:

- أبشر يا أبا الشمقمق، فإن روينا في بعض الحديث : إنَّ العارينَ في الدنيا هم الكاسون يوم القيامة!

فأجابه "أبو الشمقمق" جادًا:

- إن صح والله هذا الحديث كنتُ أنا في ذلك اليوم بزَّازاً..

يعني تاجر قماش!

ثم استأنف ارتجالاً:

أنا في حالٍ تعالي الله ربِّي، أيَّ حال ِ

ليس لي شئٌ إذا قيلَ: لمن ذا؟ قلتُ: ذا لي

ولقد أفلستُ حتي، حلَّ أكلي لعيالي!!

لا شك أن الفقر حد من شاعرية "أبي الشمقمق" بشكل كبير، وكان شعراء عصره يرون فيه شريرًا ليس بالضرورة أن يقطعوا كل صلة بينهم وبينه حين ابتكر أسلوبه الخاص في التربح بالشعر، فبينما اختار "أبو فرعون الساسي" أن يتسول من الحجيج علي الطرقات بشعره، اختا ر هو أن يفرض "أتاوة" علي كبار الشعراء، ومن كان منهم يرفض دفع الجزية كما كان "أبو الشمقمق" يسميها فهو علي وعدٍ بهتك عرضه، ولأنهم، كانوا يقدرون جاذبية شعره وسرعة انتشاره في الأوساط الدنيا، لم يرفضوا دفع الجزية أبدًا، "بشار بن برد" علي سبيل المثال، كان يعطيه كل سنة 200 درهم، مع ذلك، عندما سمع أن "عقبة بن سلم" أعطاه عشرة آلاف درهم، زار "بشارًا"، وهدده:

- يا "أبا مُعاذ"، إني مررتُ بصبيةٍ فسمعتهم ينشدون:

هلِّلينه هلِّلينه / طعنَ قثَّاةٍ لتينة / إنَّ بشارَ بنَ بُردٍ / تيسٌ اعْمي في سفينة..

فما كان من "بشار" إلا أن أعطاه 200 درهم إضافية، وهو يقول:

- خذ هذه، ولا تكن راوية الصبيان يا "أبا الشمقمق"!

هذه رواية مهمة لارتباطها بحدث ما زال باهتاً، فثمة إجماع علي أن هذين البيتين يمثلان الشكل الأول للمواليا، أو الموال، صحيحٌ أن بدايات التحول من الفصحي إلي العامية أقدم عمرًا من "أبي الشمقمق" بسنين طويلة، لكن، صحيحٌ أيضًا أنه كان من أوائل الذين أذابوا العامية في الشعر، ليكتمل هذا اللون من الأدب الشعبي ويستقل ككيان قائم بذاته لا يحترم قواعد الفصحي عقب نهاية "البرامكة" الدامية علي يد الخليفة "هارون الرشيد"، عندما رثت جاريةٌ أعجمية مولاها "جعفر البرمكي" عقب مقتله قائلة:

دارٌ كنتَ تلهو لو تراها دَرْسُ / سودًا وألسنة المداح عنها خُرْسُ / يا ليتَ عينك تراها حينَ صارت فرْسُ / خرابٌ لا للعزا تصلح ولا للعرسُ

وكانت تصيح عقب كل بيت يا "مواليا"!

وأغلب الظن أن "بشار بن برد" كان ينوي الاشتباك الشعري مع "أبي الشمقمق" علي شروط لغوية أكثر جاذبية للعوام وأقل التزامًا، وإلا، فلا معني لتدريب قريحته علي صناعة الشعر الضعيف إذ يقول:

ربابةُ ربَّة البيتِ / تصبُّ الخلَّ بالزيتِ / لها عشرُ دجاجاتٍ / وديكٌ حسنُ الصوتِ..

وعندما لام أحدهم "بشارًا" علي قول هذين البيتين، أجابه:

- كل شئ في موضعه، و "رباب" هذه جارية لي، وأنا لا آكل البيض من السوق، فلها عشر دجاجات وديك، وهي تجمع هذا البيض وتحضره لي، فكان هذا قولي لها أحب إليها وأحسن عندها من: "قفا نبكِ من ذكري حبيبٍ ومنزلِ"!

علي هذه الخلفية، فإن التأثر بقلم "أبي الشمقمق" ساهم إلي حد كبير في تغذية العامية في الأدب!

محمد رفعت الدومي



#محمد_رفعت_الدومي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آينشتاين في هوليوود
- عندما أعاد السماد كتابة التاريخ
- هم لا فرانسيسكو ريدي
- في فيروز، قوقعتي !
- نجَّار القرن
- من الذي لا تخجله الكتابة عن نهاية شيخ الصيادين؟
- الكنديون الجدد
- لفيف
- لاستعادة المصريين العالقين في ستوكهولم
- فكري أباظة : حياته من حكاياته (2)
- عدالة داعش وعنصرية العالم
- آية الله أبو الطين
- مطلوب خياطة
- عفريت (1)
- بنات كلب
- للَّه أمُّكِ جومانا
- تليفزيون الواقع
- عادوا
- حتي يراقَ علي جوانبه الدمُ
- ديوان الجنوب


المزيد.....




- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد رفعت الدومي - يا مواليَّا