أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد رفعت الدومي - عندما أعاد السماد كتابة التاريخ














المزيد.....

عندما أعاد السماد كتابة التاريخ


محمد رفعت الدومي

الحوار المتمدن-العدد: 5044 - 2016 / 1 / 14 - 00:06
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


بإمكان الفلاحين أيضًا أن يكتبوا التاريخ؟

وثمة حكايتان بدأت كلتاهما بفلاح يبحث عن سمادٍ لأرضه، وانتهت باكتشاف عظيم جعل الكثير من الفرضيات التي حاول المؤرخون أن يملئوا بها فراغات حقبة كاملة بلا قيمة!

بدأت الحكاية الأولي في أحد صباحات العام 1887 بامرأة مجهولة الإسم من قرية الحاج قنديل القريبة من مدينة تل العمارنة بمحافظة المنيا تبحث عن سماد لأرضها بين أطلال مدينة أخيتاتون، عاصمة إخناتون، كعادة أهل القرية جميعًا، وهي تملأ وعاءها بالسماد، عندما ارتطمت أصابعها بجسم صلب شهقت من الدهشة، واستحوذ علي حواسها شعور بالإثارة، لقد أدركت أنها وجدت كنزاً عليها أن تفتش فورًا عن تاجر يشتريه، كانت قد عثرت علي قوالب من الطوب المحروق عليها نقوش فرعونية، ويبقي أطرف ما في هذه القصة المثيرة هو نهايتها البائسة، ذلك أن تاجرًا مدلسًا اشتري من المسكينة كنزها بعشرين قرشًا فقط!

عندما انتشر الخبر في القرية أصيب أهلها بما يشبه الجنون، وشاعت بينهم حمي البحث عن قوالب الطوب، ووجدوا الكثير منها، بل وجدوا جدارًا من طوب أصفر وأحمر وأسود مرصوصة فى صفوف بطريقة منظمة، فحملوها كلها على حميرهم وعادوا، ولم تمض أيام حتي كانت هذه القوالب في حيازة تجار الآثار فى مدينة أخميم ومدينة ألاقصر و مدينة القاهرة، ليتضح بعد ذلك أن المرأة وأهل قريتها قد اكتشفوا بالصدفة ما يعرف الآن في أدبيات العالم بـ "رسائل تل العمارنة"، وكما ولدت في تل العمارنة أول دعوة للتوحيد في التاريخ المدون، فإن هذه الرسائل تمثل أول شكل للعلاقات الدبلوماسية في العالم، ذلك أنها مراسلات دبلوماسية مكتوبة بالخط المسماري من حكام كثيرين إلي الملك إخناتون!

والحكاية الثانية بدأت في أحد صباحات العام 1945 بالفلاح "محمد السمان" يبحث أيضًا عن السماد بالقرب من مدينة نجع حمادي في جنوب مصر، عندما وجد أثناء الحفر علي بعد عدة أمتار من دير "القديس باخوم" جرة خزفية خابت ظنونه وضاعت بهجته بمجرد أن كسرها، لم يجد ذهبًا كما كان يتوقع، إنما 13 مجموعة من لفافات البردي، لم يكن يدور بباله وقتها أنه أضاء دون أن يدري ظلام حقبة منسية كانت تربك منطقية الكثير من الأحداث وخلفيات الكثيرين من الأشخاص الذين لم يكن المؤرخون يعرفون شيئاً دقيقاً عن البيئة التي نمت جذور أفكارهم من خلالها، "أريوس المصري" علي سبيل المثال، أشهر الآباء الأوائل المنشقين عن الكنيسة، وبالتالي، جعل العم "محمد السمان" العالم علي علم تام بتفاصيل المعركة السرية التي اندلعت بين المسيحية القويمة وبين الحركة الغنوصية، أول وأهم حركة انشقاقية في تاريخ الكنيسة الشرقية، مسيحيون أيضًا لكنهم يفضلون النظر إلي تعاليم المسيحية في ضوء مغاير للضوء الذي تسمح به الكنيسة!

ومما لا شك فيه أن الكنيسة كانت تظن ألا أحدًا في المستقبل سيمكنه أن يطلع علي جريمتها بعد أن قامت بكل ما أمكنها القيام به لمحاصرة أخبار تلك المعركة وتعتيمها، ولحسن الحظ، لم يتوقع من أعطي أوامره بقتل الغنوصيين بلا رحمة أن راهبًا غنوصيًا كان علي الأرجح يقيم في الدير القريب قبل أن يلقي حتفه، ربما بساعات، شعر باقتراب الخطر منه ومن المنتمين إلي الغنوصية فأخفي بعض الوثائق في جرة ودفنها خلف الدير، رسالة أمينة من الماضي البعيد إلي العم "محمد السمان" حين تسلمها أعاد كتابة تاريخ واحدة من أبشع المعارك الدينية وأقلها تكافئاً، وجعل الأناجيل التي تصنفها الكنيسة علي أنها أناجيل مزيفة تباع علي الأرصفة، كان قد اكتشف ما يُعرف الآن بـ "وثائق نجع حمادي" أو "مكتبة نجع حمادي" أو "مخطوطات نجع حمادي"..

محمد رفعت الدومي



#محمد_رفعت_الدومي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هم لا فرانسيسكو ريدي
- في فيروز، قوقعتي !
- نجَّار القرن
- من الذي لا تخجله الكتابة عن نهاية شيخ الصيادين؟
- الكنديون الجدد
- لفيف
- لاستعادة المصريين العالقين في ستوكهولم
- فكري أباظة : حياته من حكاياته (2)
- عدالة داعش وعنصرية العالم
- آية الله أبو الطين
- مطلوب خياطة
- عفريت (1)
- بنات كلب
- للَّه أمُّكِ جومانا
- تليفزيون الواقع
- عادوا
- حتي يراقَ علي جوانبه الدمُ
- ديوان الجنوب
- موكب البابوات
- معابر الخراب


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد رفعت الدومي - عندما أعاد السماد كتابة التاريخ