كتاب (القرآن بين المعقول واللامعقول ) - طوفان نوح وطوفان موسى (عليهما السلام ) ج17

نبيل هلال هلال

الحوار المتمدن-العدد: 5047 - 2016 / 1 / 17 - 00:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

ويحدثنا القرآن الكريم عن طوفانين : أحدهما هو الطوفان الأعظم: طوفان نوح (ص):{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ}العنكبوت14 , والطوفان الثاني هو طوفان موسى (ص):(فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ }الأعراف133
1- طوفان نوح :
لم يكن طوفان نوح (ص)مجرد مد مائي وهطول أمطار رقيقة , وإنما كان كارثة كونية مرعبة مهيبة تحركت على أثرها كتل ضخمة من اليابسة بمن عليها من الناس إلى البحر, وارتفعت موجات من المد المائي إلى ارتفاعات بلغت حوالي 6000 قدم (ستة آلاف قدم)صوب القطبين , وصدق الله العظيم إذ يقول{وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ }هود42 ."وانمحت الحضارة الأم من على وجه الأرض وغاصت مظاهرها إلى الأبد في مقبرة من المياه .ولا ينبغي التهوين من شأن الطوفان فأثره رهيب شمل الكوكب كله , ففيه اندكت الجبال وانطلقت موجات مدّية (تسونامي)بأسرع من الصوت , وغاب الكوكب في ظلام دامس لمدة قرون وحدثت تغيرات كبيرة في الطقس , واستمرت الزلازل لمئات السنين" .واهتزت الأرض وتمزقت ولم تهدأ قبل قرون , ولفَّت الأرضَ سحابةُ كثيفة من الغبار حالت دون ظهور الشمس وأثَّرت على المناخ مئات السنين ."ويفترض العلماء تعرض كوكبنا لتأثير خارجي (كوني)خاطف وعنيف سبَّب انحراف محور دوران الأرض مما سبب ضغوطا هائلة على القشرة الأرضية التي انفلقت وأطلقت العنان لقوى تدميرية هائلة , وتحررت المياه فجأة من داخل أحواض مائية تحت أرضية , واندفع محتواها بقوة هائلة نحو أعالي الغلاف الجوي ثم ارتدت إلى سطح الأرض على شكل أمطار غزيرة , وبدأت سلسلة من التفجيرات البركانية تكتسح الكوكب بكامله , بلغ عددها نحو 3000 بركان . لذا كان بقاء من بقي من الناس الناجين معجزة حقيقية. ولو لم يكن الطوفان بهذا الشمول والجبروت الذي قضى على الحياة على الكوكب , لم يكن الله ليأمر نوحا(ص) بأخذ زوجين من كل كائن حي , فالطوفان سيقضي على كل الأجناس .ولنا أن نتخيل - دون البعد عن الصواب- أن سفينة نوح (ص) لابد أن تكون سفينة خاصة جدا مبنية بتقنية عالية تمكنها من الإبحار في مثل تلك الظروف الاستثنائية الرهيبة , فما نعرف الآن - على ما بلغناه من تقدم في علوم بناء السفن- سفينة يمكنها الإبحار في مثل تلك الظروف غير المسبوقة التي يرتفع فيها المد إلى نحو 6000 قدم والتي يتعين عليها أيضا في مثل تلك الحال أن تملك قدرات الغوص تحت الماء كالغواصة , علما أن ما نبنيه اليوم من غواصات لا يتحمل سوى حدود معينة من ضغط الماء, إن جاوزتها تحطمت بلا رحمة كقطعة خبز يابسة. ذلك ما يمكننا فهمه من قول الله تعالى: {فَأوحَيْنَا إِلَيْهِ أن اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا}المؤمنون27 . فالله تعالى كان يوحي إلى نوح (ص) ما يجب فعله لصنع السفينة .والسفينة التي يشهد الله أنها تُبنى" على عينه" ليست- منطقيا- على غِرار السفن التي يبنيها الناس , فهي سفينة خاصة تُبنى لمهمة خاصة , وهي الإبحار في أجواء وبحار غير عادية حاملة شحنة ثمينة من الناس وسائر المخلوقات , ومن غير المسموح لها بأي حال أن تغرق , فقد كانت سفينة فريدة في بابها حتى أن الله تعالى وصفها بأنها (آية) , اسمع: {فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَة لِّلْعَالَمِينَ}العنكبوت15.
ملحوظة هامة : بعد الانتهاء من استعراض الكتاب سوف نورد قائمة بأسماء المراجع العلمية العربية والأجنبية لمن يريد الوقوف على المزيد من التفاصيل - يتبع- بتصرف من كتابنا (القرآن بين المعقول واللامعقول).

#نبيل_هلال_هلال (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات