أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حمَّش - الديكُ الذي أضحى دودة














المزيد.....

الديكُ الذي أضحى دودة


عمر حمَّش

الحوار المتمدن-العدد: 5043 - 2016 / 1 / 13 - 20:12
المحور: الادب والفن
    


الديكُ الذي أضحى دودة ...


قصة قصيرة


عمر حمَّش


في دار المخيم نما، لكنَّه جاء معقوفا، برأسٍ دقيقٍ، يتقدمه عُرفٌ عالٍ؛ يطلقُه لريحٍ، ولغيرِ ريح، يحدِّبُ أنفه كمنقار، ويحني عودهُ قليلا؛ ليريحَ ظهرَهُ النحيل ..
يناديه الصغارُ: يا ديك
وجارُهُ "المنسيّ" يحركُ رأسَ جثتِه المُمدّدة في الزقاق؛ كلما قال:
أهلا ديك ... تفضلْ يا ديك ..
لكنْ أن يصبحَ دودةً!
هذا الذي أطار عقلَه، وأغرق عينيهِ في سحابةِ سَوَاد ...
أنْ يتمنى نعمةَ ابنةَ المنسيّ، وهي لا تتمناه .. يرسل خيالُه؛ لوقعِ خطوِّها على صحن الدار، يلتقطها؛ وهي تردُّ على طلبات أبيها المتكررة للشاي ..
أن يمشي كرجلٍ صار ديكا، أو يتقوّس كديكٍ كان رجلًا، وأَنْ يهربَ كلما انهمرتْ الحجارةُ على الخُوَذ، يفرّ مع الأولاد؛ من قبل أن يلتقطوه؛ فيدكوا عظامه؛ من غيرِ أنْ يتفهموا أنّه ليس سوى الديك .. وقد يجرُّه الصِّغارُّ مثل جريحِ حربٍ .. أمه تأتي؛ لتنوح، وذراعاها فوقها تحومان، مثلما تحومُ أذرعُ كل الأمهات.
والمنسي قد يقهقه، وهو يلوي عينيهِ: لا تخرج يا أستاذ.
هو الديكُ ذو العرفِ الشهير، النحيلُ الذي قد تقصفه أيُّ ريح ...
كلُّ هذا ارتضاهُ .. لكنْ أن يصبح دودة ..!
كان وقتَها يستحمُ .. يغرفُ الماءَ بالمقلاة، ليسكبٌه مباشرةً على عُرفِ رأسِه، والماءُ يهوي إلى ساقيه القصبتين ..
كانت الأشياءُ تبدو سليمةً، وكانت أذناه تحومان لاستقبال مَا تسنى من صوتِ نعمة التي خلف الجدار؛ لتنتفضَ ساقاهُ كوتَرَيْنِ لكلِّ همسةٍ يقذفها الجدار ..
لم يكُن ما ينبئُ بخطر؛ قبل أن يعلو الصخب، وتأتي الهرولة، ثمَّ في لحظةٍ يطيرُ الباب ...
في لحظةٍ صار ديكا منتوفا من الثياب..
صرخت أمّه، وهم يسحبونه .. وصرخت وهي تتعثر .. وصرخ هو كقصبةِ ريحٍ مثقوبة، وصراخُه جاء صفيرَا معطوبا..
تضاحك الجندُ وهم يدفعونه إلى بيتِ المنسي، تعلق بصفيحِ الباب .. لم يفهمْ، ولم يتخيلْ عبوره إلى هناك.
نادى الله لاهثا، ثمَ المنسي ...
كانت على الباب معركةُ تدور ... تخللها صوتُ المنسي المتهدّج من داخل بيتِه:
جننتنا يا ديك .. ولك ادخل تنشوف شو بدهم من سمانا؟
عند دحرجته إلى الداخل؛ كان قد تكوّم مومياءً ترتعش، كيس جلدٍ قد ضمر، تشجّه عظامٌ متبقية ... على التراب حطَّت غيمةُ السواد، غمرته، ثمَّ انغلقتْ ... لم يتبقَ في الدنيا سوى قهقهة الضابط، وشهقةَ نعمة ... ثمَّ جاءت صيحةُ المنسي التي شقّت فؤاده:
معقول يا ديك؟ ولك دودة أنت مش ديك...!



#عمر_حمَّش (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عمر حمَّش .. مزجُ الواقع بالخيال!
- قصص قصيرة جدا ( 8 )
- الموتُ من جديد! قصة قصيرة
- فروسيّة! ق ق جدا
- أيامُ الأسبوع! ق ق جدا
- قصص قصيرة جدا ( 7 )
- تحالف! ق ق جدا
- تحالف! قصة قصيرة جدا
- قُبَّة ذهبيّة! ق ق جدا
- قصص قصيرة جدا ( 6 )
- حوار! قصة قصيرة
- جيران! قصة قصيرة
- (تنابلة)! قصة قصيرة
- توَحُد! ق ق جدا
- قيادة! ق ق جدا
- نَفَسُ نارجيلة! قصة قصيرة
- غيبوبة! ق ق جدا
- إدراك! ق ق جدا
- تقابُل! ق ق جدا
- وفاء أبريوش ... وفخاخ الكلام!


المزيد.....




- وفاء لوصيته.. فنانة لبنانية شهيرة تعود إلى المسرح بعد أسبوع ...
- مصر.. منشور غامض لفنانة شهيرة يثير قلق متابعيها
- الخبير في الثقافة الإسرائيلية أورن شالوم: إسرائيل تتجه نحو ا ...
- تونس.. وفاة مغني الراب أحمد العبيدي الشهير باسم --كافون-- عن ...
- رغم خلاف قديم بينهما.. فنانة مصرية شهيرة تفجّر مفاجآت مع إعل ...
- أزمة ورثة الفنان محمود عبد العزيز وبوسي شلبي تفتح ملف توثيق ...
- الفنان الشهير سيلاوي يكشف أسرارا عن معاناته وعن الظلم الذي ت ...
- المواطنة في فكر محمد بن زايد... أطروحة دكتوراه بامتياز لعلي ...
- تمثالان عملاقان من فيلم -ملك الخواتم- بمطار.. فرصة اخيرة لرؤ ...
- حمدان يعقد ندوة حوارية حول واقع الثقافة الفلسطينية في معرض ا ...


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حمَّش - الديكُ الذي أضحى دودة