أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - وليد مهدي - صراع الحضارات ، حوار الحضارات، مستقبل الحضارات، هذا العالم......الى اين ؟















المزيد.....


صراع الحضارات ، حوار الحضارات، مستقبل الحضارات، هذا العالم......الى اين ؟


وليد مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 1370 - 2005 / 11 / 6 - 10:51
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


يوما بعد يوم تظهر الحاجة الإنسانية الشاملة الملحة إلى مشروع يوحد الثقافة البشرية وينشر روح الانسجام والوفاق العالمي بين أطياف حضارات الجنس البشري المختلفة ، هناك محاولات كبيرة وجاهدة في هذا السبيل لا تزال في أول الرحلة الطويلة الشاقة ، حيث ساعدت الشبكة العنكبوتية على تقريب العالم وكذلك قنوات البث الفضائية ، لكن الذي نحن بأمس الحاجة أن نفهمه اليوم هو :
إن لكل حضارة تجربتها التاريخية الفريدة ، ونضوجها الخاص المستقل الذي يجعلها بمصاف جدارة واستحقاق لاحترام باقي الشعوب الأخرى ، ولكي نتجنب نبوءة هنتنكتون بــ” صدام الحضارات ” ..علينا أن نفهم ” هندسة الحركة التاريخية” في ضوء الشخصية الخاصة التي تميز أي شعب ٍ من الشعوب في كوكبنا الأزرق ، وما تحمله من عقيدة وأفكار ليتسنى لنا في النهاية طرح الحلول الجذرية الشاملة بناء على تجربة الواقع..، الحلول التي تجنبنا الكارثة التي تتحول بموجبها أوربا إلى ” صليبية” مرة أخرى كالذي كانت عليه قبل عصر النهضة ، ونخرج بها حضارتنا العربية من مستنقع ” الاسلاموية المظلمة” لنعيدها إلى رحبة ” الإسلام” الخالص النقي الذي يقبل الآخر وينشر روح التسامح والمحبة بين الناس ، الحلول التي تجنبنا الانفجار ” الهندوسي ” الكامن في أقصى الشرق ، أو البوذي الذي قد يميل على العالم على حين غرة ، إننا بحق نرزح على بركان من الإرث التاريخي المتلون ، أقولها بصراحة ، كنت من الذين يضحكون عند قراءة مفاهيم ” صدام الحضارات” ، لكن رحلتي في سبيل هوية وطني وتاريخه هي التي جعلتني أعيد حساباتي من جديد ..!
حيث سالت ُ نفسي : هل كانت بابل ٌ وحدها من امتلكت الحضارة ؟
ماذا عن ” الجوبون ” المندثرة في أقصى شرقنا قبل أكثر من عشرة آلاف سنة ؟
ماذا عن أطلانطس المفقودة التي لا يعرف لها مكان..؟
ماذا عن مصر وما أغنت التاريخ البشري به ؟
ماذا عن اليونان…وروما..وفارس..والهند…والصين…؟؟؟؟؟؟
حيث إن بحثي ” الطريق إلى بابل ” قادني إلى استنتاج إن مفاهيم الشعوب القديمة تبقى فاعليتها واضحة في حركة التاريخ الثقافي للأمم إلا إنها تظهر بتسميات ورموز جديدة تحمل بعض التحويرات استنادا إلى واقع التطور السياسي والاقتصادي والتكنولوجي للأمم ..، ولهذا فاعتقد ، إن جذور كل الحضارات ماثلة في سلوك الأمم وان كان ذلك بصورة لاشعور جمعي ، وان تمايز هذا الشعور الذي تجلى أخيرا بالصدام الغربي – الإسلامي ينذر بخطر الصدامات بين حضارات أخرى في الشرق الآسيوي أو الغرب الأمريكي بين الاميريكيتين على سبيل المثال ، حيث يبدو جليا إن روح ” الازتيك ” و ” المايا ” بدأت تتسلل إلى خطابات ” شافيز” ..وبدأ بالتبلور نمط ثقافي جديد من العداء للغرب ، والتحامل على الإسلام في الوقت نفسه في الكثير من مناطق العالم ، إننا أمام فوضى جديدة عارمة من المفاهيم وفق رؤية خاصة فيما إذا كانت ” روح ” الحضارات العريقة ماثلة بالفعل في شخوص أخلاف لا يعرفون عن أسلافهم الكثير ..!
لفت انتباهي بعض التقارير العلمية التي قرأتها في السابق ، واحد التقارير المتلفزة الحديثة عن اكتشاف حضارة مندثرة قريبة من جزر اليابان ..تسميها الأساطير الآسيوية القديمة بــ” شعب الجوبون ” ، أثار دهشتي قرب هذا الاسم من Japan الاسم الحالي لليابان ، لقد قيل عن هذه الحضارة كما ورد في التقرير الذي نقلته قناة الجزيرة قبل بضعة أيام إن العلماء يعتقدون إن هناك حضارة بشرية ساحقة بالقدم قد اندثرت بنهاية العصر الجليدي الأخير حيث ذابت الثلوج في القطبين وعمت المياه الكثير من أجزاء العالم واندثرت بفعل ذلك تحت الماء أجزاء كبيرة من اليابسة الآسيوية..!
يقولون إن ذلك حدث قبل أكثر من عشرة آلاف سنة قبل الميلاد …وهي فترة موغلة في القدم إلى درجة يصعب الحصول على أي اثر للإنسان فيها تحت الماء ، لقد وجدت آثار ما يشبه ميناء بحري عظيم في أحدى الجزر ، بنى هندسية وأساليب في التصميم ذكرت العلماء ببعض اللقى عن شعب الجوبون في اليابان ، مما ذهب بهم إلى تصديق مقولة أفلاطون عن الحضارات المفقودة والذي كان مفادها أن قد وصلت حضارات الجنس البشري إلى مستوى عالي من الرقي والتقدم والازدهار ، لكن كارثة الطوفان العظيم جعلتنا نبدأ من جديد…وكان شيئا لم يكن ..!
عادت إلى ذهني أساطير الخليقة البابلية وملاحمها وقصة الطوفان العظيم في ” كلكامش” وكيف إن الملوكية السماوية كانت في بلاد غير ” أوروك” في سالف الأزمان..!
هل كانت هناك حضارة قديمة مندثرة في اليابان ؟
هل اخطأ أفلاطون عندما وصف مكانها لنا في عرض المحيط الأطلسي وسميت لذلك أطلانطس..؟؟
هل حقا إن الحضارات تموت…أم إن لها تأثيرا ً ماثلا في تطور الأمم….هل لتلك الحضارة علاقة باللاشعور الجمعي لشعب اليابان حاليا ً..؟
هل إن تميز الشعب الياباني الفريد له علاقة بتلك الحضارة المندثرة..؟
هل إن الطاقة والإرادة التي يمتلكها اليابانيون لها صلة بـالعمق التاريخي المجهول هذا ..ما سر القفزة اليابانية في القرن العشرين ؟
هل إن القنبلة الذرية الأمريكية كانت مجرد صدمة غسلت أدران الفكر العسكري الإمبراطوري لليابان وايقضت روح الجوبون في دواخلهم ؟؟
أتمنى أن ينبري احد أبناء اليابان للبحث في ذلك…فهو الأقدر على إجابة مثل هكذا تساؤلات .
هل ستستفيق امتنا ” العروبية” كما استفاق اليابانيون ؟
هل تكرم علينا القدر بأمريكا كي توقض بنا عمق تاريخنا المجيد..تاريخ بغداد الخوارزمي وابن سينا وجابر وابن خلدون ..تاريخ بابل وسوريا ومصر القديمة ؟
أم ترانا من الذين لا ينتفعون أبدا من خطوب الأيام ..؟
قد تكون أطلانطس هي اليابان القديمة ، أو ربما حضارة أخرى معاصرة لها في عرض المحيط الأطلسي أو ربما جزيرة قريبة من الساحل الأمريكي نظراً لوجود علاقة بين وصفها من قبل اليونان وبين حضارتي المايا و الازتيك ، ولو سعى الجنس البشري إلى قراءة خاصة ودراسة موضوعية شاملة لــ” ميكانيك” حركة التاريخ فإننا و ( برأيي الشخصي ) سنعثر على جوهر ذاتنا البشرية وحقيقة انتماءنا للتاريخ البشري الجامع بأكمله ، خصوصا إذا ما توسعت هذه الرؤية إلى موسوعة عالمية للحضارات ، اقصد مشروع عالمي كبير لقراءة التاريخ وحل ألغازه كمشروع الــ” جينوم ” الذي اشرف عليه جيمس واطسون مكتشف الـ” DNA” حيث انبرى العالم الصناعي المتقدم كله لإنجاز مشروع حل لغز الشفرات الجينية للجنس البشري ، تمكنوا لحد الآن من إنجاز 98 % منه وهو ما يعادل ( كما صرح العديد من العلماء ) صعود الإنسان للقمر ، نحن بأمس الحاجة إلى مشروع ” جينوم الحضارات الإنسانية ” ..كي تفهم كل حضارة الأخرى بيسر ٍ ، فرغم دعوات حوار الحضارات من قبل العديد من المفكرين والسياسيين في العالم ، إلا إن هذا الحوار يفتقد للجدية والقراءة العلمية الموضوعية ” الذكية ” الشاملة للتاريخ ، وأسميتها بالذكية لافتقار قراء التاريخ من مفكرينا المعاصرين لعلم ٍ يختص فقط بقراءة التاريخ..!
معادلات خاصة ، تستند إلى ثوابت جدلية تاريخية خاصة في هذه القراءة ، امقت أن اسميها فلسفة كثيرا ً ، لان هذا الجيل لا يحب الفلسفة على الإطلاق برأيي الشخصي ، وواقع حال هذا العلم يتطلب منا أن نسميه ” هندسة التاريخ” ..قد نفلح من خلال ذلك في بناء ” منظومة خاصة ” تتناول حضارات العالم وتأثيرها في ثقافات البلدان والشعوب ، أطلق عليه تسمية مبدئية :
الطريق إلى أطلانطس
كون أطلانطس اسم محايد لا يمت إلى حضارة معينة ، يمكن أن يكون اسماً جامعا لمشروع سبر أغوار الحضارات الذي ابتدأته برحلتي في طريق هوية بلادي :
الطريق إلى بابل
أتمنى أن اسمع عن طرق إلى روما، ولندن، ومصر القديمة ، وفارس ، والهند ، وأثينا، والجوبون، والمايا ، والازتيك، والصين ..وأي مكان شهد نشاطا حضاريا في فترة من فترات التاريخ .
إن جينوم الحضارات إذا ما تم …ووضع مثل الــ” ويكيبيديا ” المعرفية على شبكة الانترنت بلغات العالم الحية ، نكون قد قطعنا نصف الطريق إلى جزيرة السلام العالمي ” أطلانطس ” ، حيث سيكون بالامكان تدريس مادة دراسية تتبناها اليونسكو في كل العالم تدعى : الحضارات البشرية
حيث إن تعميم ثقافة ” الحضارات” أساس الحوار بين الحضارات ، وإلا فان كل جهودنا الحالية هواء في شبك ، ففيها فقط يتحصن كل العالم بمعرفة كافية ووافية تتيح له احترام الآخر ، وتقدير تجربة باقي الأمم ، هذا الاحترام الذي وجد عند الأفراد في الغرب لان مناهجهم التعليمية تتيح لهم الإطلاع على حضارات الشرق وتجعلهم ينحون إجلالا أمام سدة علياءها ، إلا إن مناهجنا الاسلاموية مع الأسف الشديد تكفر الآخر..وتنصب العرب كأفضل الأمم بين الناس ..!
فلا يمكن أن تكون الأمم مقبولة بدون ” الإسلام” ..!
علينا أن نضع حلولا عاجلة قبل أن يفلت الزمام من أيدينا ، علينا تدارك الفكر العربي الإسلامي قبل الضياع في صدام ٍ حضاري مؤكد ليس مع الغرب فقط ، وإنما مع الشرق أيضا نظراً لاتساع الفجوة الهندوسية – الإسلامية في جامو وكشمير..!

كيف نفهم ” هندسة ” التاريخ وعلاقته بهندسة الفكر العربي للأجيال المعاصرة ..؟؟
أجد إن مفاهيم حركة التاريخ ، وفلسفة التاريخ ..تندمجان في مفهوم ٍ عصري جديد اسميه ” هندسة التاريخ ” أو ” علم الميكانيك التأريخي ” إذا جازت التسمية ، فالجيل الحالي من الشباب المثقف اقرب إلى فهم هذا الاصطلاح من مصطلحات ” حركة ” أو ” فلسفة” ، فكوني واحدا ً من الباحثين الشباب أبناء هذا الجيل إدرك حق الإدراك..إننا متأثرون بـــ ” بيل كيتس ” وفلسفة المنظوماتية الــ” مايكروسوفتية” والتوجهات السكنرية وما نتج عنها من انبثاق ما يعرف بــ” هندسة الذات ” ..أكثر من التأثر بـفرويد..وفلسفة الذات الوجودية السارترية ، إننا أمام ثقافة التخصص والتنافس التي انبثقت في ظل مفاهيم السوق الحرة ..والعولمة ، وكما أسلفت في إحدى مقالاتي السابقة فان مثقفنا الحالي عبارة عن مستهلك لـ” ثقافة الوجبة السريعة ” أو كما أسميتها الـ Fast Culture أو القوالب الجاهزة إذا صحت في كل الحالات التسمية ، هذا المثقف ونتيجة عصر السرعة ، عصر التخصص، لم يعد بامكانه التمييز بين ما هو حقيقي وما هو مزيف ، بات أكثر نزوعاً للشك من سواه ، بسبب كثرة ما هو معروض..!
ولكون إنسان القرن الحادي والعشرين اقرب إلى مستوى الــ” هو ” من الشخصية حسب تصنيف فرويد ، بمعنى إن إنسان القرن الحادي والعشرين وبسبب تطور الموضة..ووسائل الإعلان..والترفيه..وعروض ” الإباحية” .والسرعة الإعلامية في تناقل الأخبار أصبح اقرب لاستخدام غريزته المبسطة في التغذية المفاهيمية والايدولوجيا ، لهذا نجده ميالا ً إلى ” أيديولوجيا السلف” والتاريخ …!!
العودة إلى الغريزة..إلى الأمومة..إلى العاطفة الدفينة التي تنقذه أخيرا من الرعب الذي يلاقيه في خضم ازدحام العالم بالأفكار، يلجأ ببساطة إلى كهف الموروث الحاني ، لهذا السبب استغل الظلاميون هذا العامل العصري ، ونجد أنفسنا يوما بعد يوم أمام النبؤة الكارثية لــ” صموئيل هنتنغتون ” التي تقول إن أوربا نفسها تميل إلى أن تكون دينية في المستقبل كما يطالعنا به كل حين سلاسل كتبه المستمرة عن الحضارات وما يمكن أن يجري بينها…!!!!!
لا يجب أن نيأس..وعلينا أن نقطع الطريق أمام هؤلاء ، ما هو مطلوب منا فقط هو الإخلاص للقضية ، الإخلاص لمستقبل أبناءنا وأحفادنا والعزم على توفير عالم رغيد لهم يحترم كرامتهم ويقدس إنسانيتهم ، علينا أن نفهمهم ، ماذا يريدون ، وكيف يفكرون ، وكيف بامكاننا استرجاعهم من طيش هذا العالم الغريق في أفيون الظلام التاريخي ..؟؟؟
بلا شك ..إن الطريق صعبة وقد تكون ” مهلكة” ..و لربما إن جذوري ” الشيعية ” ومفاهيم كربلاء ، والموت في سبيل الموقف والكلمة هي التي تسكرني وتخدرني عن الإحساس بالخطر المحدق بي خصوصا وأنا أعيش في قلب العراق ، حيث تموج الساحة بالأفيون ..، لقد توصلت إلى نتيجة مهمة قد تفيدنا في هذا الطريق وهي :
إن للحقيقة تأثيرا ً سحريا يفوق تأثير أفيون الظلام ، وبمعنى اصح، إن الحقيقة هي خمر النور المنعشة..!!
فعندما ندرس التاريخ ، ونحاول تحليل ميكانيكيته ورسم صورة نهائية لحركته المنظمة واتساق تحليقه نحو المستقبل ، نكون قد ضربنا عصفورين بحجر ٍ واحد :
المفاد الأول…نكون قد اقتربنا من عقول الأجيال المعاصرة القريبة من الكهف الامومي التاريخي ، باستخدام حب الوطن ، والوطنية الصادقة ، استخدام لغة ” الهوية ” التي تغرق العقلاء في نور الحقائق الموضوعية والنشوة الوطنية ولا تجعلهم يميلون إلى بلادة أفيون الظلام .
المفاد الثاني : ترسيخ مفهوم علمي عن الوجود الإنساني شاسع البعد عن الدوغمائية ” الفكر العاطفي ” ، مما يتيح للفرد متسعا ً ذهنيا في تقبل ” الآخر” ممن يحمل هوية أخرى ، وتأريخا آخر، وحضارة أخرى ، حيث إن بناء مفهوم علمي جديد عن الميكانيكية ” الكونية” لحركة التاريخ سيرسم لنا فسيفساء حضارة الجنس البشري بأسره ، ويجعلها عبارة عن ( Fast culture ) جاهزة بيد كل مثقف في العالم …!!!
لماذا نترك ثقافة الوجبة السريعة حكرا ً على ” الدعاة ” الدوغمائيين ..؟
في خضم دراستي ” الطريق إلى بابل” ..وعلى الرغم من إنها تعلل سببية الوحي الإلهي ..وتزيح القداسة عن ثوابت الدين ، إلا إنني فوجئت بــ” إنصات ” أصدقائي وأخوتي..وأبي وأمي والعديد من زملائي في العمل، فكل هؤلاء الدوغمائيين فاجئوني بإنصاتهم واهتمامهم بأمور ٍ تزيح القداسة عن ثوابت عقيدتهم ، لا لشيء ..إلا كونهم وصفوها بأنها ممتعة إذ تبحر بهم بعيدا في غور بحار التاريخ وتشعرهم في نفس الوقت بنشوة الإحساس بعظمة الانتماء للوطن ..!
لا ادعي إنني أفضل من يقرأ التاريخ ، فقد : حفظت ُ شيئا وغابت عني أشياء ُ
القضية الفلسطينية..عقدة في طريق التقدم
إننا بحاجة إلى ” ممارسة ” ميدانية للتنظير الفكري ، بحاجة إلى النزول في حقل التجربة الاجتماعية ، ولهذا السبب اسميها :
هندسة التاريخ ..أو برمجة اللاشعور الجمعي التاريخي
فما يفعله الدوغمائيون اليوم هو ” إعادة برمجة ” للذهنية العربية بواسطة ثقافة الوجبات السريعة ، ثقافة الخطاب الإسلامي ، الذي خدمته المرحلة الظرفية في حركة التاريخ الفكري بسبب عاملين اثنين :
• طبيعة العصر التي تزدحم بالأفكار التي ولدت الشكية ، وطبيعة عصر الإغراء والسرعة وما تمليه من انكفاء إلى صدر ” الموروث” الجاهز ..المعلب الذي لا يحتاج إلى كثير من العناء في محاولة معرفة علاقته بالواقع لأنه جاهز.موثوق السند وتاريخ الصلاحية..ومقدس ، عكس ما يعرض عليه من ثقافات جديدة كثيرة متنوعة مشكوك ٌ بصحتها
• الصراع العربي الإسرائيلي
وهو المشكلة الأساسية التي تنمي روح العداء وتكرس التعصب ، وتعطي التبرير المقنع لدى اغلب شباب هذا الجيل بظرورة الثقة بالتاريخ الاسلاموي لأنه الضمانة الوحيدة لاسترداد الحقوق المغتصبة .
لفت انتباهي قبل يومين احد البرامج المعروضة في قناة العربية ، حيث يظهر فيلم تلفزيوني يتناول تحقيقا في طبيعة القناصة اليهود والحالة السيكولوجية التي هم عليها خصوصا بعد قيامهم بقتل العديد من الفلسطينيين غير المسلحين ، إن الذين صوروا الفيلم هم من ناشطي السلام اليهود في إسرائيل ،أرادوا من خلاله إظهار المؤسسة العسكرية الإسرائيلية وكأنها مصنع للمجرمين والمرضى النفسيين الذين يلتذون بقتل العرب بدم بارد ..!
لو تأملنا هذه الحال فإننا نجد نفس المشكلة ، قراءة التاريخ ..!
فالفكر اليهودي يعتبر العرب مجرد ” طرائد ” جاهزة للصيد ..!
إن هذا قد تم بواسطة إعادة البرمجة السريعة التي تمارسها الدعاية الإسرائيلية.
علينا التوافق والعمل مع نشطاء السلام في إسرائيل ، لمقاومة هذه ” البرمجة ” ومحاولة إيجاد أرضية فكرية جديدة تعيد رسم صورة الفرد اليهودي في ذهن العربي ، وتعيد رسم الفرد العربي في ذهن اليهودي ..وتحجب في نفس الوقت عن كلا الطرفين ماكينة الدعاية الدوغمائية العربية والإسرائيلية على حد ٍ سواء .!
يجب أن نتخلص من هذه النظرة بكل طريقة ، فاليهودي يعتقد إن العربي حيوان بالفعل يستحق القتل ، والعربي بدوره يعتبر اليهودي ” قرداً ” ، ولن يكون هناك حل دون تغيير فكري جذري في كلا الطرفين .
فالحل لهذا الصراع الذي لن ينتهي بالصراع أو القتال لابد أن يكون مبنيا على تغيير النظرة اليهودية للفكر الإسلامي ، وشخصية الفرد المسلم والتي بدورها يجب أن تصل إلى توافق موضوعي مع واقع الاحتلال، مع إن اليهودي غاصب ٌ للأرض ، لكن الظروف التي نحياها اليوم تحتم علينا أن ننقل للعالم كله صورة مشرفة جديدة عن التاريخ والواقع الإسلامي العصري ، علينا أن نكسب ثقة الشارع الفلسطيني أولا..والشارع العربي ثانيا والعالم بالمرتبة الثالثة ، والمجتمع الإسرائيلي بالمرتبة الرابعة ، إننا بحاجة إلى إعادة قراءة التاريخ فيما يتعلق بهذه المسالة المعقدة التي تحتاج دراستها إلى بحث منفصل .


كيف نقرأ التاريخ ؟
دراسة التاريخ وقراءته من زوايا فرضية جديدة من شانه الإجابة على أهم
التساؤلات الخالدة التي لم يجبها احد ، على سبيل المثال لا الحصر :
لماذا نقل علي بن أبي طالب عاصمة الخلافة إلى الكوفة ..؟
عندما نقرأ التاريخ بالقراءة التقليدية ، نقول : مركز العراق كمفصل يتحكم في العالم القديم يجمع الشرق بالغرب ..؟
لو تأملنا الخريطة بإمعان نجد إن العراق كذلك بالفعل ، لكن كيف غاب هذا عن ” عمر” أو عثمان ..؟
أما عندما نستخدم ” هندسة ” خاصة في تحليل هذه المسالة نفرض الفرضية الآتية :
لنفترض إن عليا لجأ إلى ذلك بفعل أسباب استراتيجية فقط ، لــ “نتصور ” أنفسنا بمكان ابن أبي طالب ، نحن نعيش في العراق ، وفجأة نقرر أن ننقل العاصمة إلى اسطنبول ..!!
لا يمكن حتى تخيل ذلك…! كيف يمكن النجاح في بيئة جديدة..وعالم جديد..!!
إن هذا النمط من هندسة القراءة التاريخية ، هو ” الإسقاط البعدي ” أو أسلوب ” المعايشة الافتراضية للحدث” الذي يأخذ في الاعتبار عامل الزمان والمكان والبعد التكنولوجي والسياسي لواقع الفرق بين طرفي معادلة الإسقاط .
فوفق هذا التحليل ، وهو مجرد طريقة بسيطة من طرق، فان علي بن أبي طالب كان مرغما على نقل العاصمة ..!
لم يجبره على تجرع المر …إلا أمرًٌ آخر أمر ُ منه ..؟
بدليل ، الزبير وطلحة وعائشة والجمل ، معاوية وجيش الشام ، وأخيرا ً ضربة ابن ملجم ٍ في مسجد الكوفة …!
لو استفضنا في هذا الإسقاط نعرف إن عليا تبنى هوية وطنية جديدة…فعلى الرغم من عظيم اعتزاز محمد بكونه عربي ، وكثرة أحاديثه عن تميزه بالفصاحة بين العرب ، إلا إن عليا ً يتنكر للعروبة فجأة ما أن تطأ أقدامه ارض العراق وهو يقول : نحن قريش ٌ نبط من كوثى … ( أي من أهل العراق ) !
فأي شعب بعمق تاريخ العراق الحضاري يرفض الغزو الأجنبي ، وكان على علي أن يظهر وكأنه واحد ٌ منهم ، لم يصدقه أهل العراق في حياته ..!
ولو رجعنا لمعطيات التاريخ الماقبل إسلامية نجد إن كوثى نهر ٌ بابلي مندثر ، وان الأرض ” كوثى” اسم ٌ قديم للكوفة …روت فيما بعد ” أساطير ” الشيعة إن إبراهيم الخليل اشتراها لمحمد وال محمد في العراق ومنهم علي ..؟
والنبط هم أهل العراق ، واحتجاج علي بذلك هو كون إن قريشا ً كانت تدعي إن إبراهيم الخليل هو جدها الأعلى ، وبالتالي فان قريشا ً بابلية..كوفية …!!
بمعنى إن علياً اخبر أهل العراق انه عراقي ومن الدرجة الأولى ..؟
وعلاقته بأهل العراق تجلت أكثر بعد موته ، حيث أيقنوا إن هذا الرجل كان عراقيا بالفعل ولم يكن مثل أولئك الغزاة الذين جاؤا من الصحراء ، لان أهل الجزيرة قاتلوه وكذلك أهل الشام ، هكذا نفهم ، إن الغاية من نقل العاصمة كانت ابعد من إن تكون نظرة استراتيجيا عسكرية أو سياسية أو اقتصادية ، كانت ” ثورة” معرفية ..وطموح بخلق ” إيديولوجيا ” جديدة في عالم جديد …!
إنها تنم عن عبقرية فذة لم يكتب لها النجاح في حياة الخليفة الرابع ربما بسبب الفتن التي كانت تعصف بالدولة ، لكنها أتت ثمارها بعد بضعة قرون ، وأصبح هذا الرجل أهم الثوابت المقدسة في الفكر الشيعي المعاصر إلى درجة إن الفرد الشيعي حينما ينهض من وضع الجلوس في يومنا هذا يقول : يا علي ..!
فلو قارنا صورة علي وهو يصل إلى سدة الحكم أول مرة كأحد الغزاة ، ولو نظرنا إليه اليوم في موقعه الروحي المقدس ، نجد إن عليا ً الغازي المحتل لأرض العراق ، قد احتل أخيرا ً مكان الإله مردوخ البابلي في الفكر العراقي المعاصر…!!
هذا مجرد مثال مبسط لا يرقى إلى الكمال في قراءة التاريخ من زاوية واقعية تعتمد المعايشة الافتراضية ، ولو نظرنا إلى أي الامتدادات الحضارية في التاريخ وحاولنا ربطها بسلاسل معينة من المفاهيم والأحداث ومتابعة ” خريطة” التطور الحضاري عبر التاريخ وحركته الثقافية نجد أنفسنا بلا شك أمام صورة جديدة عن التاريخ تختلف إلى حد ٍ بعيد عن تلك التي رسمناها بصورة أولية عنه فيما مضى من إطلاعنا القديم ..!
وباعتقادي ، فان رسم خرائط متعددة لحضارات العالم القديم ستقود بلا أدنى شك ..إلى صورة موحدة تتمثل بها أهم الثوابت المشتركة بين كل الحضارات ، لو نجح الجنس البشري في هذا الطريق الطويل فإننا ” قد ” نتجنب الصدام الحضاري المرعب ، وبدلا من هذا نصل إلى ” توافق الحضارات” واشراقة عهد جديد من عهود الحضارة البشرية الجامعة في كوكبنا الأزرق ..!
في الختام ، أهيب بكل مهتم بتوافق الحضارات ، ويجد في نفسه الرغبة الصادقة والقدرة على المضي في هذا المضمار من باحثينا في مختلف بلادنا العربية والإسلامية أن لا يتردد في طرح رؤيته أو نقده علينا أو طلب أي مساعدة ٍ في متناولنا بهذا الخصوص ..والله ولي التوفيق .



#وليد_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدخول إلى فضاءات النفس الداخلية وفق الطريقة البابلية
- محاكمة صدام....ام محاكمة التاريخ ؟ للمرادي والبعثيين الجدد ب ...
- مرثية ُ بغدادَ لبابل
- سيكولوجية التفكير لدى الفرد البابلي وعلاقتها بالعالم المعاصر ...
- في الطريق الى عقيدة ليبرالية عربية ج1
- سيكولوجية التفكير لدى الفرد البابلي وعلاقتها بالعالم المعاصر ...
- سيكولوجية التفكير لدى الفرد البابلي وعلاقتها بالعالم المعاصر ...
- الديمقراطية والحداثة في العالم العربي
- سيكولوجية التفكير لدى الفرد البابلي وعلاقتها بالعالم المعاصر ...
- سيكولوجية التفكير لدى الفرد البابلي وعلاقتها بالعالم المعاصر ...
- بابلٌ تتحدث...فلتنصتي لها يا صحراء
- سيد الارض المعظم..ليتقدس اسمك..ليات ملكوتك على الارض ايها ال ...
- حقيقة الدين بين الوحي والفطرة
- الدخول الى فضاء العقل الكوني
- سفينة ٌ تبحث عن مرفأ
- الإعلام العربي.....بين مصداقية الشرف المهني...وطوفان العولمة ...
- نظام اسلامي في العراق.....محطة لابد من المرور عليها
- تناقض مفهوم العقلانية الإسلامي...الديمقراطية والتصحيح
- قناة الجزيرة....عادت تتحرش بالعراق مرة اخرى ؟؟
- ما يجب أن تكون فعلته أمريكا بعد احتلال العراق..إنها الأسرة . ...


المزيد.....




- مصر.. بدء تطبيق التوقيت الشتوي.. وبرلمانية: طالبنا الحكومة ب ...
- نتنياهو يهدد.. لن تملك إيران سلاحا نوويا
- سقوط مسيرة -مجهولة- في الأردن.. ومصدر عسكري يعلق
- الهند تضيء ملايين المصابيح الطينية في احتفالات -ديوالي- المق ...
- المغرب يعتقل الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني
- استطلاع: أغلبية الألمان يرغبون في إجراء انتخابات مبكرة
- المنفي: الاستفتاء الشعبي على قوانين الانتخابات يكسر الجمود و ...
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- الحرس الثوري الإيراني: رد طهران على العدوان الإسرائيلي حتمي ...
- الخارجية الإيرانية تستدعي القائم بالأعمال الألماني بسبب إغلا ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - وليد مهدي - صراع الحضارات ، حوار الحضارات، مستقبل الحضارات، هذا العالم......الى اين ؟