أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - الوضع الحالي لقضية مخطوفي دوما الأربعة















المزيد.....

الوضع الحالي لقضية مخطوفي دوما الأربعة


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 5012 - 2015 / 12 / 13 - 22:49
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


بعد يومين من خطف سميرة الخليل ورزان زيتونة ووائل حمادة ناظم حمادي في دوما في الغوطة الشرقية، تواصلتُ مع الناطق الرسمي باسم "جيش الإسلام"، سلطة الأمر الواقع في المنطقة، طالبا منه العون وراجيا، بوصفي زوج سميرة، تزويدنا، أهالي المخطوفتين والمخطوفين، بما يحتمل توفره لدى الجماعة من معلومات عن الجريمة. لم يرد الرجل على سلامي، وجاءت ردوده مقتضبة وجافة دونما مبرر. وختم سلسلة تبادلات بيننا بالقول إن جيش الإسلام "يعمل على تحرير المدن من الطغاة"، وليس له قوات داخل دوما.
لم يكن هذا صحيحا. فلدى "جيش الإسلام" مؤسسة أمنية نافذة في دوما، وله حواجز منتشرة، ولديه سلسلة سجون اسمها "التوبة"، ثلاث منها كانت معلومة في ذلك الوقت، وكان في تداول السكان منذ ذلك الوقت أن هناك سجنا رابعا، سريا. هذا دون قول شيء عن أن اختطاف امرأتين ورجلين عزل لا يقتضي وجود قوة أمنية كبيرة.
بعد يومين إضافيين بادر الرجل الجاف نفسه إلى الاتصال بي ليبلغني بكلام لين هذه المرة أن تشكيله يجري تحقيقا في الجريمة. لم يكن ذلك صحيحا أيضا. لم يهتم "جيش الإسلام" وقتها ولا في أي وقت لاحق بتفحص مكان الجريمة، "مكتب توثيق الانتهاكات"، الذي كان في الوقت نفسه سكنا تقم فيه رزان وسميرة، قبل أن ينضم إليهما وائل وناظم في أيلول 2013. كنت في ذلك اليوم نفسه وجهت اتهاما سياسيا إلى "جيش الإسلام" بالمسؤولية عن الجريمة، مرجحا أيضا مسؤوليته الجنائية. استندت في ذلك إلى معرفتي بواقع الحال في دوما والغوطة الشرقية حيث كنت قضيت أكثر من ثلاثة شهور بين ربيع وصيف عام 2013، وكذلك إلى استحالة أن يتحدى أي تشكيل آخر جيش زهران في عاصمته دوما. ثم إلى حقيقة تعرض رزان إلى تهديد بالقتل من "جيش الإسلام" قبل أسابيع من الخطف. وقتها استاء مُكلّمي، واسمه إسلام علوش، من اتهامي لجماعته، وأمعن في التجاهل فسألني عما إذا كنت متيقنا أن الأربعة لم يتركوا دوما بإرادتهم!
في الشهر الأول من عام 2014، بعد نحو ستة أسابيع من الجريمة، كان زهران علوش بنفسه، يقول في مقابلة تلفزيونية: "ليس لنا ولا جندي واحد ولا مجاهد واحد في دوما"، "نحن جيش عسكري بكل ما تحمله الكلمة من معنى"، و"لا نجلس في المدن". وألمح علوش أن "كتائب متسكعة" لها مقرات في دوما. ومثل الناطق الرسمي باسمه، استطاع قائد "جيش الإسلام" أن يقول: نحن "لا نمارس دورا أمنيا"، وأشار إلى أن "جهات أخرى تمارس دورا أمنيا هي التي تسأل عنهم (المخطوفين الأربعة)". لكن علوش الذي لم يكن يقول الصدق، ويعرف أن معظم من كان يشاهدونه، وأولهم أنصاره بالذات، يعرفون أنه لم يكن صادقا فيما قال، ناقض نفسه على الفور تقريبا حين أضاف: "حولنا الأمر إلى مركز التوبة ليحقق في الموضوع، ولا نستطيع أن نفعل أكثر من ذلك". وللأسف لم يسأله محاوره عما يكون هذا الشيء الذي اسمه "مركز التوبة"، وكيف يحيل الأمر إلى مركز التوبة الأمني من كان يقول قبل لحظات فقط إن جيشه لا يمارس دورا أمنيا!
في لقاء تلفزيوني على قناة "الجزيرة"، في حزيران من عام 2014 نفسه، كان الرجل الطموح يسهب في الكلام على الوظائف التي يقوم بها تشكيله، ومنها وظائف تعليمية (مؤسسة "اقرأ") ووظائف أمنية وقانونية، فضلا عن العمل العسكري. يحصل أن يعمي الطموح المرء عن تناقضات أقواله وأفعاله فيما بينها، وليس فقط مناقضتها لما يفترض أن يوجبه دينه عليه من أمانة وصدق.
وفي آخر آب 2014، بعد شهرين من كلامه السابق، كان زهران علوش يسأل في مؤتمر صحفي رتبه لنفسه في الغوطة الشرقية عن "الناشطة رزان زيتونة"، فيقول إن جيشه "شكل لجنة أمنية" [للتحقيق في الجريمة التي كان انقضى ما يقترب من تسعة شهور على ارتكابها]، وأنه منذ أيام قليلة فقط أُرسِل له تقرير عن عمل اللجنة، وأنه ربما صار بمتناوله "أطراف خيوط"، ألمح إلى أنها "تتعلق ببعض الاتجاهات الخارجية". قال أيضا إننا "نتابع الموضوع". وبعد عام وثلاثة أشهر لم يشعر زهران بالحاجة إلى توضيح نتائج متابعته للموضوع، وإلى أين قادته "أطراف الخيوط".
خلال هذا الوقت كانت تجمعت لدينا، أهالي المخطوفتين والمخطوفين وأصدقائهم، قرائن كافية، ترجح مسؤولية "جيش الإسلام" الجنائية، منها أن شخصا معروفا بالاسم دخل إلى كمبيوترات المخطوفين، وهذا الشخص من جماعة علوش، وأن شخصا آخر معروفا بالاسم أيضا كتب تهديدا بالقتل لرزان قبل أسابيع من الجريمة، وقد كان موقوفا على ذمة القضية من قبل جسم قضائي محلي ضعيف الولاية، ويشعر القائمون عليه أنهم غير آمنين على حياتهم. زهران شخصيا زار الموقوف وتوعد بالإفراج عنه حين لم يسمح له بالانفراد به، وهو ما تم فعلا بعد حين. الرجل في دوما اليوم، يعمل في المؤسسة الأمنية لزهران. نعلم أيضا أن "شرعي" زهران، واسمه معروف كذلك، هو من حرض كاتب التهديد، وهي معلومة أيدها في اتصال مع كاتب هذه السطور أصدقاء محليون لكاتب التهديد، وليسوا خصوما لزهران وجيشه.
هذه المعلومات وغيرها أوردناها في مواد منشورة، ودعونا إلى تحكيم بيننا وبين زهران في شهر أيار من هذه العام، بما يمكن الرجل من أن يدافع عن نفسه، ويمكننا معا من التعاون لكشف ملابسات جريمة يقول إنه لم يرتكبها. لم يستجب زهران، واعتصم بإنكار هش، بينما دفع جماعته إلى التسفيه، وفق استراتيجية التهويش المألوفة: من يتهمونه هم أعداء للإسلام! يحولون على هذا النحو جريمة سياسية محددة المعالم إلى قضية صراع عقدي.
دعوة التحكيم التي لم يرد عليها من قبل زهران وجماعته وجهناها، أصدقاء وشركاء في القضية للمخطوفين الأربعة، وقت كان الرجل في تركيا في نيسان وأيار 2015. وكان مما قاله لبعض من قابلوه في اسطنبول وقتها أن لديه ملف ضخم في شأن القضية، وأن جماعته سيوفرون معلوماته في وقت قريب للعموم. وبدا لمقابليه أن تلميحاته وقتها كانت تتجه نحو "جبهة النصرة"، وليس نحو أية "اتجاهات خارجية". انقضت سبعة أشهر على ذلك الكلام، ولم يعلن الملف.
هل يحتمل فعلا أن سميرة ورزان ووائل وناظم أسرى عند "جبهة النصرة"؟ هذا وارد، والكلام في شأنه متداول، لكن الاحتمال ضعيف جدا في أن تقدم "جبهة النصرة" على الجريمة دون تنسيق مع زهران وفي إطار صفقة ما بين الفريقين.
كان لافتا وقت زيارته لتركيا أن زهران حاول عرض وجه براغماتي، فصار من كان يقول قبل قليل: الديمقراطية تحت قدمي، وأنه لن يقبل بـ"مبدأ فوق دستوري اسمه الديمقراطية"، يتكلم هذه المرة على "الشعب السوري" وعلى اختياره لمن يحكمونه. وفي مقابلة مع صحيفة أميركية، ميز الناطق باسم جيشه، هو نفسه المذكور في مطلع المقال، بين كلام متشدد بغرض "الاستهلاك الداخلي"، هذا تعبيره، وبين ما يفترض أنه الموقف الحقيقي المعتدل. هذا حضيض من عدم احترام جمهور مسانديه بالذات قلما انحدر إليه متكلمو النظام الأسدي. في ذلك الوقت نفسه كان هذا الرجل نفسه يتصل بناشطات وناشطين "علمانيين"، معروفين، يمهد لهم بأن قائده زهران شخصيا سيتصل بهم قريبا. بدا أن تلك حملة علاقات عامة لتبييض السمعة، لكن الاتصال الموعود لم يجر. ربما خشي الجماعة أن ينقلب عليهم مخططهم.
أورد هذه المعلومات لأن من المحتمل أن يكون ملف القضية "الضخم"، الذي كان من المفترض أن يعلن قرييا وقتها، ربما يكون مجرد بند في حملة علاقات عامة، كان من مفرداتها المعلومة زيارة أشخاص، وحسن استماع لأشخاص، وعرض وجه أقل انغلاقا أمام أشخاص.
هذه الجملة من التصريحات والمواقف المناقضة للواقع والمتناقضة فيما بينها ترجح بقوة ضلوع تشكيل "جيش الإسلام" في دوما في اختطاف أو ترتيب اختطاف سميرة ورزان ووائل وناظم قبل عامين من اليوم. وهي تصلح منطلقا لمحاسبة الجناة وتحقيق العدالة.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سياسة المكان: الحدود، حركة السكان، والخيال السياسي
- المبعوثون والممثلون الدوليون وما شابه
- حول مفهوم -البيئة الحاضنة-
- تطور ظاهرة -المخبر الأهلي-
- مستقبل إنكار: عن القتلة وشراكاتهم
- زوج سميرة
- سورية والعالم: الرجعية عائدة، وتتقدم
- جدار ونوافذ/ نوافذ ونوافذ
- صادق جلال العظم، إشارات أولى
- من القومية العربية إلى النهوض بالعبء الإسلامي
- سورية والقوى الغربية: مشكلة عالمية
- في وجوب مفارقة الجماعة وشق عصا الطاعة
- مسالك حيال الفظيع
- أدونيس: الظلاميُّ مُنوِّراً
- بدون لغة مشتركة: تأملات عن المجتمع والعنف والكلام
- الظالمون العادلون: من سرديات المظلومية إلى مقاومة الظلم
- انطباعات سورية عن حركات ثورية في تركيا
- الباراديغم السلفي الجهادي وهيمنته
- المشكلة في مفهوم -العلوية السياسية-؟
- بشار الأسد، الشخص والسلالة والطبقة


المزيد.....




- -بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن ...
- قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا ...
- سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
- بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة.. ...
- قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر ...
- مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور ...
- ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف ...
- رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو ...
- سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف ...
- -بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - الوضع الحالي لقضية مخطوفي دوما الأربعة