أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - عندما يسقط المثقفون – يوسف زيدان نموذجاً















المزيد.....

عندما يسقط المثقفون – يوسف زيدان نموذجاً


حسن محسن رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 5009 - 2015 / 12 / 10 - 22:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



من سخرية القدر ومهازل الصدف أن تكون هناك انتفاضة فلسطينية، يسقط بها الضحايا من كل جنس، للمطالبة بأراضيهم ومدنهم المغتصبة في فلسطين من هذا الكيان الصهيوني المغتصب المحتل في نفس الوقت الذي نرى فيه تسابق "ثقافي" و "ديني" محموم في بعض الدول العربية الأخرى لإنكار أي شيء يتعلق بفكرة أن هناك "أراضٍ مغتصبة" من الأساس. بالطبع، هذا الموقف، ومنها ما نراه في بعض قنوات الإعلام المصري بشكل سافر وواضح، والذي يرتدي زي الثقافة والدين، خير ما يلخصه هي المقولة المأثورة: (الناس على دين ملوكهم). فلا المثقفون هناك خارجون عن عباءة السلطة ورغباتها ومشيئتها، ولا البابا تواضروس الذي زار القدس قد زارها من دون إذن وتشجيع حكومي مسبق ومقصود، ولا الأزهر ومعمميه ذوي الجلابيب الرسميين أو ذوي ربطات العنق يتورعون حتى من رفع رؤساء الجمهورية أو جنرالات الجيش والشرطة إلى مقام الأنبياء والرسل. كل شيء يوحي بالفعل أنهم على دين ملوكهم. إلا أن الطريف في هذا الاندفاع الثقافي والديني نحو "اختراع" التبريرات لكل شيء يرغب به "انبياء الجمهوريات الجدد"، والتنازل عن الأوطان والتاريخ بالنيابة عن شعوب ترزح تحت الاحتلال، هو أنهم يتصرفون وكأنهم يخاطبون شعوباً لا تزال جاهلة، تنظر لهم على أنهم الروافد الواحدة الوحيدة للمعرفة والتنوير والخلاص. هذه القناعة الطريفة عندهم تجعلهم يخرجون بآراء تناقض حتى ما يضعونه قبل أو بعد التعريف باسمائهم وذلك للدلالة على مجال تخصصهم. فالدكتور يوسف زيدان، على سبيل المثال، يحلو له أن يُعرف نفسه على أنه "متخصص" في التراث الإسلامي المخطوط. حسناً، هذه المقالة سوف تثبت له أنه عكس ذلك فيما طرحه علينا من آراء بخصوص القدس منذ فترة قصيرة سابقة على أحد القنوات التلفزيونية.

خرج علينا الدكتور يوسف زيدان في مقابلة تليفزيونية ليشرح لنا "اكتشافه" بأن المسجد الأقصى في القدس [إيلياء – أورشليم – بيت المقدس] هو ليس المسجد المقصود في القرآن، بدليل أنه لم يكن هناك "مسجد" أيام تواجد محمد في مكة قبل هجرته للمدينة، وبدليل أن القدس كان اسمها "إيلياء" آنذاك. وبرر زيدان اكتشافه هذا بأن المسجد الأقصى، الحقيقي من وجهة نظره، موجود في الطائف وذلك مع وجود مسجد آخر تحت اسم "الأدنى"، وأن الحرب مع إسرائيل حول فلسطين والقدس لا معنى لها، وأننا إذا فصلنا المسجد الأقصى عن القناعة الدينية للشعوب العربية المسلمة فـ "سيحل السلام". بالطبع، وكما هو واضح لكل عين ناقدة، فإن هدف الدكتور زيدان من كل هذا هو هذه الكلمة الأخيرة وإن كان نسي فيها حرفاً واحداً، فبدل أن يقول سيحل "الاستسلام" قال سهواً أو عمداً "السلام". ومنهجه في ذلك بسيط جداً ولا يحتاج إلى مقدرة علمية أياً كانت، خلاصته: ليتنازل الفلسطينيون ومعهم العرب، مسلموهم ومسيحيوهم، عن حقوقهم وأرضهم وتاريخهم وجذورهم وقتلاهم وضحاياهم ومهجريهم ولاجئيهم، وعفى الله عمّا سلف، ولياخذ الصهاينة ما أغتصبوه ونسامحهم على ما خربوه ومن قتلوه. منطق القوى السياسية المهزومة المنكسرة التي خارت قواها، فتنازلت عن كل شيء مرة واحدة وبالنيابة عن الجميع. إلا أن الدكتور زيدان غابت عنه من "المعرفة" أكثر مما عرف منها، ولذلك جاءت استدلالاته غرائبية وطريفة فيما يخص القدس. ولن أدخل في قضية تغيير المسمى من إيلياء إلى القدس، فهذا دليل لا يستحق حتى أن يوصف بالسطحية، فهو لا يعدو أن يكون "استعراض" معلومات من جانب الدكتور لا داعي له في قضيته، ولا يدل على أي شيء أصلاً، لا في النصوص الإسلامية المقدسة ولا في سبيل الهدف النهائي الذي يريده الدكتور زيدان بالنيابة عن السلطة السياسية الحاكمة، ولن أضيع الوقت في تفنيده.

في البداية وقبل كل شيء يجب التأكيد على أن محاولات تغيير المواقع الجغرافية ذات الأثر الديني هي كثيرة جداً ودوافعها متعددة ولم يكن الدكتور الزيدان أول من باشرها. فأشهر تلك المحاولات هي التي قامت بها (باتريشيا كرون) في محاولتها التأكيد على أن مكة التي عاش بها محمد وحج لها الجاهليون والمسلمون ليست مكانها هو المعروف اليوم ولكن مكانها الحقيقي في منطقة (بلقا) في شمال الحجاز. ثم تلك المحاولة الشهيرة التي قام بها الدكتور كمال الصليبي، على مكانته العلمية، لينقل لنا حضارات سورية الكبرى برمتها ومعها أجزاء من مصر من مكانها الحالي إلى جنوب الجزيرة العربية واليمن وعُمان من خلال "بهلوانيات لغوية"، كما وصفها أحد الناقدين، ضارباً بعرض الحائط دليل الآثار على الأرض ومقتنيات المتاحف والأصول وأوراق البردي والمخطوطات. فالدكتور زيدان ليس أول من فعل ذلك، لكن ربما الهدف من محاولته يختلف. وقبل أن أدخل في تفنيد ما قاله الدكتور زيدان، يحسن بي أولاً أن أنقل أقدم النصوص التاريخية التي نملكها عن دخول المسلمين إلى القدس [إيلياء] حتى تكون مقدمة أساسية لما سأشرحه لاحقاً في المقالة في تفنيد ما ادعاه الدكتور زيدان.

أقدم النصوص على الإطلاق التي نملكها عن فتح المسلمون للقدس هي تلك التي وردت في المصادر الرهبانية المسيحية، إذ بعضها كان معاصراً للحدث ذاته في القرن السابع الميلادي. فأقدم نص تاريخي نملكه عن الحدث هو من كتابة شخص اسمه (تيودوروس) كان معاصراً لبطريك القدس (صوفرونيوس) [أصبح بطريكاً سنة 634 م]، أي أن هذا النص كان معاصراً للفتح المسلم لهذه المدينة. النص يؤرخ اللحظات الأولى للفتح. هذا ما فعله المسلمون أول دخولهم للمدينة بقلم شخص مسيحي متدين، ولعله راهب، شاهدهم يدخلون المدينة بعينيه:

(وصلوا [يقصد المسلمين] راكضين إلى المكان الذي يقال له الكابيتول [يقصد ساحة المعبد اليهودي القديم]. وقد أخذوا معهم مجموعة من الرجال، بعضهم بالقوة، وبعضهم الآخر بملئ إرادتهم، وذلك من أجل تنظيف المكان وبناء ذلك البناء الملعون المخصص لصلاتهم والذي يدعونه ميزغيتا [midzgitha=مسجد]. ومن بين هؤلاء الرجال كان يوجد شخص اسمه حنّا، رئيس شمامسة كنيسة القديسة تيودوروس الشهيد. لماذا أخذوه معهم؟! لأنه كان يحترف رصف الرخام، وقد أغروه بما دفعوا له من مكسب غير شريف، فذهب طواعية للاشتغال هناك، وكان ذو يد ماهرة في العمل)
[للمصدر، انظر الهامش رقم 1]

ثم نملك نص ثانٍ، رهباني مسيحي أرمني، تم كتابته قبل سنة 660 م، في كتاب اسمه (الأخبار الأرمنية) بقلم مؤرخ اسمه (سيبيوس) (Sebeos)، توفي سنة 660 م، وخلاصة هذا النص هو أن اليهود الذين أتوا مع المسلمين أرادوا أن يقيموا لهم معبداً في موقع هيكل سليمان، إلا أن الفاتحين المسلمين منعوهم وأقاموا مسجدهم. ثم نقرأ عن هذا الفتح:

(كانت إرادة الله قد أخذتنا برحمتها حتى قبل قيام عهد المملكة الإسماعيلية [يقصد المسلمين] وذلك يوم فتحوا الأرض المقدسة وانتزعوها من أيدي إيدوم [إيدوم هو الأخ العدو ليعقوب، ويقصد بذلك الإمبراطورية البيزنطية]. وعندما جاء العرب إلى أورشليم كان معهم رجال من بني إسرائيل، وهم الذين كشفوا لهم عن موقع الهيكل)
[للمصدر، انظر الهامش رقم 2 و 3]

ثم هناك نص ثالث، يرجع إلى حوالي سنة 670 م، عن أسقف فرنسي [بلاد الغال]، اسمه (أركولف)، ذهب إلى الحج في مدينة القدس، ثم ليصف ما رآه هناك في ساحة المسجد الأقصى هكذا:

(في هذا الموقع المشهور حيث نهض قديماً الهيكل اليهودي الرائع البناء، بنى الساراسين [أي العرب] على الأنقاض مكاناً للصلاة مربع الزوايا وقبيح الشكل. وهو يتألف من ألواح منصوبة وعوراض كبيرة. ويقال بأن هذا البيت يستطيع احتواء ثلاثة آلاف شخص دفعة واحدة)
[للمصدر، انظر الهامش رقم 4]

إذن، النصوص (المعاصرة لفتح القدس)، أي النصوص المسيحية، التي أرّخت للفتح الإسلامي وبعضها رأي العين، تكلمت عن سياق واحد هو هكذا:

دخل المسلمون القدس [إيلياء]، أول ما فعلوه هو أنهم ذهبوا راكضين [لاحظ التعبير الذي استخدمه تيودوروس: راكضين] إلى موقع هيكل سليمان بمساعدة أدلاء يهود، وأقاموا مسجداً هناك بمساعدة العمال المسيحيين حتى وإن استدعى ذلك اغراؤهم بدفع أموال لهم أكثر بكثير مما يستحقونه إلى درجة أن تلك الأموال أغرت شماس كنيسة فذهب معهم بإرادته لرص الرخام في هذا المسجد. وكان هذا المسجد، مستطيلاً، وتكرر ذكره في مصادر القرن السابع المسيحية.

هنا نقف لنسأل الدكتور زيدان:

لماذا يذهب فاتحون جدد، "راكضين" نحو مكان محدد، كان مجرد ساحة مهجورة للأنقاض والحجارة، باستخدام أدلاء يهود بالتحديد، وقبل أن يفعلوا أي شيء في تلك المدينة نراهم ينفقون أموالاً طائلة لبناء مسجد في هذا المكان بالتحديد مرصص بالرخام ليقيموا فيه الصلاة، ولم يفعلو ذلك حتى لمسجد محمد في المدينة الذي كان وقتهاً بناءاً طينياً سقفه من جريد النخل وأرضه رمل يتحول طيناً كلما أمطرت السماء؟!
لماذا هذا الحرص الشديد على بناء مسجد في هذا الموقع بالذات، تحديداً وحصراً، لدرجة أن الفاتحون المسلمون، ليتأكدوا، ذهبوا إليه "راكضين" باستخدام أدلاء يهود وذلك قبل أن يفعلوا أي شيء آخر؟!

أليست الإجابة البديهية أن المحرك الحقيقي لهذه التقديم والحرص هو محرك عقائدي واضح؟
أليست الإجابة البديهية لابد لها أن تتعلق بـ (نص عقائدي إسلامي) من نوع ما جعل هذا المكان مختلف كل الاختلاف عن كل الأماكن الأخرى التي دخلها هؤلاء الفاتحون المسلمون، مثل مصر والعراق ودمشق وفارس بل وحتى مسجد مدينة نبيهم، حتى يكون مسجد إيلياء [القدس] مقدم وضرورة قصوى عندهم وذلك على خلاف ما كانوا يفعلونه في تلك المناطق الأخرى عند سقوطها بأيديهم؟
ما هو هذا (النص العقائدي الإسلامي) الذي جعل هذا المكان يحتل أهمية قصوى عند فاتحين كان الأجدر بهم أن يلتفتوا إلى الغنائم والسبايا بدل أن ينفقوا أموالهم في البناء ورص الرخام على أرض كانت أطلال خربة مهجورة؟
أليست الإجابة البديهية لابد لها أن تتعلق بنصوص الإسراء بالتحديد في القرآن لأننا لا نجد في القرآن أي شيء آخر يبرر هذا الحرص الشديد من جانبهم على هذا الموضع بالذات؟
أليس ما قاله الدكتور زيدان عن المسجد الأقصى غير صحيح، وغير تاريخي، ويناقض الروايات التاريخية المعاصرة التي شاهدت الحدث، ويخلط قبة الصخرة التي بناها عبد الملك بن مروان بالمسجد القبلي بالأقصى بتعمد واضح؟

أما مسألة كلمة (مسجد)، وأنه لم يكن هناك مسجد عند بروز نصوص القرآن إلى حيز الوجود. فهذه من غرائب الاحتجاجات التي سمعتها من شخص يُعرّف نفسه على أنه (متخصص في التاريخ الإسلامي). أولاً، لا خلاف، حتى بين الدارسين المستشرقين، أن تلك النصوص التي بين أيدينا الآن للقرآن تعود لمحمد. وبالتالي فإن معنى كلمة "مسجد"، كما ينبغي لها أن تُفهم، لابد أن نستخلصها من نصوص القرآن لأنها تعود لذلك العصر بالتحديد الذي تجلت فيها تلك النصوص إلى حيز الوجود. ثانياً، لا خلاف على أنه لم تكن هناك "مساجد" مخصصة للديانة الإسلامية كبناء قائم في العصر المكي، وإنما المساجد، على مفهومنا اليوم وعلى المفهوم الذي احتج به الدكتور يوسف زيدان، بُنيت بعد الهجرة إلى المدينة وكان أولها مسجد قباء ثم المسجد النبوي في المدينة. تلك حقائق تاريخية لا يجادل بها أحد حسب علمي حتى الآن، بل من الواضح أن الدكتور زيدان يتبناها. فإذا وردت كلمة (مسجد) في سور مكية، أي قبل بناء أية مساجد إسلامية على الإطلاق، فإن المعنى الذي نفهمه يجب أن يكون مختلفاً تماماً عمّا فهمه الدكتور زيدان وعمّا يريدنا أنه نقتنع به. وسوف أتبنى هنا تقسيم ثيودور نولدكه في كتابه (تاريخ القرآن) لتقسيم سور القرآن إلى مكية ومدنية [انظر الهامش رقم 5]. فعندما نقرأ في سورة الأعراف: (وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد) [الأعراف: 29] أو (خذوا زينتكم عند كل مسجد) [الأعراف: 31]، أو نقرأ في سورة الجن التي وضعها نولدكه في سور الفترة المكية الثانية: (وأن المساجد لله، فلا تدعوا مع الله أحدا) [الجن: 18] ونحن متأكدون أن تلك الآيات مكية [انظر هامش 5، ص 143 و 118-119 والمقدمة] أي قبل وجود أي بناء لمسجد واحد فضلاً عن أن تكون هناك "مساجد" كما تقول الآية، فإننا نعرف بالضرورة أن المقصود هو ليس "بناء" قائم بكل تأكيد، وإنما المعنى للمساجد في السور المكية هو "ما يجب أن يُتخذ مكاناً لعبادة الله حتى وإن كان في وقت بروز الآية إلى حيز الوجود معبداً للأصنام والأوثان أو أرضاً فضاء" بدليل كلمة (المسجد الحرام) التي يُقصد بها مسجد مكة وكان في الفترة المكية وحتى في الفترة المدنية قبل فتح مكة معبداً للأصنام وبدليل الكلام عن "المساجد" وليس هناك مسجد واحد قائم في الفترة المكية. فكل احتجاجات الدكتور يوسف زيدان لا تملك أي أساس علمي أو نقدي أو حتى تاريخي. إذ حتى رواية الواقدي في مغازيه، هذا إنْ صحّت الرواية من الأساس، فإنها تتكلم عن حدث بعد فتح مكة وغزوة حنين، ولا تذكر أن هذا المكان هو المقصود بالآية القرآنية في سورة الإسراء على أهمية هذه المعلومة لو كانت صحيحة ويعرفها الواقدي، ولا تعرف هذا المكان إلا على أنه: "كان مصلى رسول الله (ص) إذا كان بالجعرانة" [المغازي، م 3، ص 959] فقط. وإذا كان الدكتور يوسف زيدان يعجبه أن يحتج بالواقدي، فأنا أحيله إلى كتاب الواقدي (فتوح الشام) ليقرأ فيها تفاصيل معركة اليرموك وفتح بيت المقدس ثم لنرى بعدها أي منهج "علمي" سوف يستقيم معه من خلال ما يرويه الواقدي هناك.

الخلاصة: عندما تختلط الأهداف والأجندات السياسية للمنظومة الحاكمة مع ما يطرحه المثقفون والأكاديميون ورجال الدين من آراء ومواقف فإن النتيجة لن تكون أفضل من كارثية فكرية وقِيَمية يتأثر بها السذج وذوي المعارف البسيطة من عامة الشعب. ولهذا السبب بالذات فإن الثقافة والدين هما مواقف "أخلاقية" قبل أن تكون رؤى وبحوث وعقائد. هدف الأولى، أي "الثقافة"، هو: "الحقيقة"، وهدف الثانية، أي "الدين"، هو: "العدل". فإذا غيّب المثقفون "الحقيقة" وتصرف رجال الدين على معيار يُعطي "العدل" أهمية ثانوية، نشأ عن ذلك فضاء اجتماعي لا يستحق الحياة ولا الحرية ولا المعرفة ولا العدل، ونشأت منظومة حاكمة سياسية لا تقيم وزناً لا للمثقفين ولا لرجال الدين ولا للشعوب. إذ كل معيار للحقيقة لابد له أن يكون مجرداً من الأهواء والانتماءات، وكل معيار للعدل لابد له أن يتبنى قضايا إرجاع الحقوق إلى أهلها وإن رغمت أنوف نخبتها السياسية. كوارثنا العربية إنما هي من مثل هؤلاء المثقفين، ومن مثل رجال الدين هؤلاء، ومن مثل تلك القوى الحاكمة.


هــــــــــــــــــــــوامـــــــــــــــــــــــــــش


1- Les Fondations de l Islam, Alfred-Louis de Premare

2- Le christianisme de Constantin à la conquête arabe, Pierre Maraval, PUF, "Nouvelle Clio", 2005


3- Seeing Islam As Others Saw It, Robert G. Hoyland, pp. 528-529

4- L’Esplanade du Temple à l’arrivée des Arabes d’après deux récits byzantins», dans J. Raby et J. Johns (éd.), Bayt al-Maqdis. Bernard Flusin, ‘Abd al-Malik’s Jerusalem, Oxford, 1992, 17-31

5- تاريخ القرآن، ثيودور نولدكه، نقله للعربية: جورج تامر، منشورات الجمل، 2008



#حسن_محسن_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستقواء بالسلطة كمنهجية – الحالة المصرية
- نموذج لدوافع التزوير في النص المسيحي
- مقدمة في العقيدة القتالية للجماعات المتطرفة
- حول انعدام براءة النص
- هل كان يسوع سارقاً؟
- أسطرة نصوص العهد الجديد
- أسطورة يسوع والشيطان
- مسألة تعمد تزوير النص المسيحي
- في مسألة الترجمة المسيحية
- بولس – 16 – بولس والنص اليهودي
- المشكلة المذهبية في الوطن العربي
- بولس – 15 – بولس والنص اليهودي
- شذوذ مفهوم الوطنية
- بولس – 14 – بولس والنص اليهودي
- بولس – 13 – عصمة النص المسيحي
- بولس – 12 – بولس والنص اليهودي
- بولس – 11 – بولس والنص اليهودي
- نصوص حرق البشر المسيحية - 3
- نصوص حرق البشر المسيحية – 2
- نصوص حرق البشر المسيحية


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - عندما يسقط المثقفون – يوسف زيدان نموذجاً