أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - مقدمة في العقيدة القتالية للجماعات المتطرفة















المزيد.....

مقدمة في العقيدة القتالية للجماعات المتطرفة


حسن محسن رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 4990 - 2015 / 11 / 19 - 21:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



برزت الجماعات السلفية المتطرفة كعنصر قتالي وانتحاري قادر على إيقاع خسائر في الأرواح والممتلكات بشكل فاعل ومؤثر. فلا أحد الآن بات يشك، أو حتى يتردد في الاعتراف، بأن الحل الأمني والعسكري فقط هما غير قادرين، واقعياً، على وقف هؤلاء المتطرفين من التغلغل داخل تلك المجتمعات والدول مهما بدت أنها بعيدة ونائية عن مناطق الصراع. بل رأينا أن هذا "الفكر"، بما يمثله من أيديلوجية تدور حول "وعد" قادم، قادر على تجنيد الأتباع في كل أصقاع الأرض وأحياناً من دون جهد من قياداتهم ودعاتهم أو حتى تخطيط لذلك. ورأينا "هجرة معاكسة"، إن صح التعبير، من الدول الأوروبية وأمريكا الشمالية إلى مواقع الصراع في الشرق الأوسط من أفراد يمثلون الجيل الثاني، وأحياناً الثالث، من المهاجرين العرب والمسلمين. بل وصل الأمر إلى أن شاب لبناني مسيحي يتحول إلى اعتناق هذا الفكر المتطرف ويذهب إلى العمق السوري ليُقاتل ومن ثم يُقتل هناك، وآخر قبله، اسمه (إيلي طوني الوراق)، يتم القبض عليه قبل تنفيذ مخططه. وعلى عكس مما يتوهمه البعض بأن المسألة كلها مؤامرة، وبغض النظر عن حقيقة أن الدول الغربية بالفعل ساندت وموّلت وزودت بالسلاح تلك الجماعات عندما كانت مصالحها قصيرة النظر تستدعي ذلك، إلا أن القضية كلها تتعلق بسلسلة من العوامل الداخلية والخارجية والثقافية لا شأن لها بفكرة المؤامرة، ولكن مضافاً لها عنصر "الأيديولوجية" الأخروية، أو "الوعد". ولهذا السبب بالذات، وحتى نخرج بحل واقعي للكارثية الحالية من دون وجود قناعات "التشفي العاطفية" لدى البعض من خلال العمليات العسكرية فقط التي سوف تفشل في القضاء النهائي على تلك الحالة، كان لابد لنا من فهم تلك العقيدة القتالية للخروج بحل واقعي لها. هذه المقدمة سوف تجيب على أسئلة متعددة ومنها:
لماذا يذهب المتطرفون إلى دول أوروبية ليقتلوا مواطنيها؟
لماذا لا نرى داعش والجماعات المتطرفة تطلق الأسرى، بل تقتلهم؟
لماذا الأغلبية الساحقة من ضحايا الجماعات المتطرفة هم مسلمون وليس من غيرهم؟
وأسئلة أخرى متعددة

هذه المقالة هي مقدمة مختصرة في تلك العقيدة القتالية، وهي مذكورة ومشروحة بتفاصيلها في كتابي:

تشريح الفكر السلفي المتطرف، حسن محسن رمضان، دار الحصاد، الطبعة الأولى، دمشق 2009


ينطلق المنهج التكفيري السلفي من تلخيص ورد في أحد مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب سطر فيه ما أسماه نواقض الإسلام العشرة . هذه النواقض هي:

1- الشرك في عبادة الله. ومنه الذبح لغير الله كمن يذبح للجن أو للقبر.
2- من جعل بينه وبين الله وسائط، يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم فإنه يكفر إجماعاً‏.‏
3- من لم يُكفّر المشركين، أو يشك في كفرهم، أو صحح مذهبهم، كفر‏.‏
4- من اعتقد أن هَدي غير النبي (ص) أكمل من هديه، أو أن حُكم غيره أحسن من حكمه، كالذين يفضلون حكم الطواغيت على حكم الرسول (ص) ويدخل في ذلك حكم القوانين على حكم الإسلام‏ .‏
5- من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول (ص)، ولو عمل به، فقد كفر‏.‏
6- من استهزأ بشيء من دين الرسول أو ثوابه أو عقابه، كفر.‏
7- السحر، من فعله أو رضي به، كفر.‏
8- مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين.‏
9- من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد (ص) فهو كافر‏.
10- الإعراض عن دين الله، لا يتعلمه ولا يعمل به.

ثم أضاف الشيخ محمد بن عبد الوهاب في نهاية هذه العشرة في رسالته "ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف، إلا المُكره، وكلها من أعظم ما يكون خطراً وأكثر ما يكون وقوعاً". أما معنى كلمة "نواقض الإسلام" فقد شرحها الشيخ عبد العزيز بن باز بقوله "هي الموجبة للردة"، ثم أضاف "والناقض يكون قولاً، ويكون عملاً، ويكون اعتقاداً، ويكون شكاً. فقد يرتد الإنسان بقول يقوله، أو بعمل يعمله، أو باعتقاد يعتقده، أو بشك يطرؤ عليه". ولكن هذه المكفرات أو النواقض سوف تزداد اسهاباً، وربما عدداً، من خلال الشروح والتفسير على متنها. فالشيخ محمد بن عبد الوهاب، مثلاً، خلال اجابته على سؤال عن ما إذا نطق الإنسان بكلمة كفر ولم يعلم معناها أو شرحها أو لم يعلم أنها تُكفره أصلاً، هل يكفر بذلك. أجاب "إذا نطق بكلمة الكفر ولم يعلم معناها صريح واضح أنه يكون نطق بما لا يعرف معناه، وإما كونه لا يعرف أنها تكفره فيكفي فيه قوله ﴿لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم﴾" . وقال أيضاً في رسالة بعثها إلى طالب شرح عن حال البدو والبادية "فإن كان للوضوء ثمانية نواقض، ففيهم من نواقض الإسلام أكثر من مائة ناقض"، وفي رسالة أخرى له "الذي ذُكر في الإقناع أن نواقض الإسلام أكثر من أربعمائة".

من المهم جداً الإشارة هنا إلى أن المسلم المرتد، من وجهة نظر السلفيين، هو أخطر على الإسلام من الكافر أو المشرك الباقي على حاله، ولذلك يجب تقديم قتاله (قتله) إذا دعت الحاجة إلى ذلك [وهذا يفسر أن الأغلبية المطلقة لضحايا هذا الفكر هم من المسلمين وليس من غيرهم]. ومن هذا الموقف بالذات نفهم السبب الرئيس لماذا يتم توجيه العنف المسلح السلفي في معظمه إلى داخل دولهم وضمن محيط أفراد مجتمعهم مع وجود أعداء خارجيين غير مسلمين. قال ابن تيمية "قتل المرتد أوجب من قتل الكافر الأصلي"، وقال في مكان آخر "الكافر المرتد أسوأ حالاً في الدين والدنيا من الكافر المستمر على كفره". وقال ابن تيمية أيضاً شارحاً موقفه بإسهاب "وطائفة كانت مسلمة فارتدت عن الإسلام وانقلبت على عقبيها من العرب والفرس والروم وغيرهم، وهؤلاء أعظم جرماً عند الله وعند رسوله والمؤمنين من الكافر الأصلي من وجوه كثيرة. فإن هؤلاء يجب قتلهم حتماً ما لم يرجعوا إلى ما خرجوا عنه. ولا يجوز أن يُعقد لهم ذمة، ولا هدنة، ولا أمان، ولا يُطلق أسيرهم، ولا يُفادى بمال ولا رجال، ولا تؤكل ذبائحهم ولا تُنكح نساؤهم، ولا يُسترقون مع بقائهم على الردة بالإتفاق. ويُقتل من قاتل منهم ومن لم يُقاتل، كالشيخ الهرم والأعمى والزَمِن بإتفاق العلماء، وكذا نساؤهم عند الجمهور". ولهذا السبب فإن حكم الكفر والارتداد إذا أتى من السلفيين المتطرفين ضد شخص محدد بعينه فإن الاحتمال الأرجح أنه هدف للتصفية الجسدية سواء من فرد أو جماعة. ولهذا السبب أيضاً فإن مسألة كفر وارتداد الحكام هي قضية محورية وأساسية في الفكر السلفي المتطرف، إذ من خلالها، وخلالها فقط، يتم شرعنة الخروج على الدولة وتبني العنف المسلح ضدها وضد موظفيها. أي أن مسألة التكفير هي المدخل الأساسي للعنف الداخلي داخل المجتمعات المسلمة.

كتب الإمام الشاطبي في كتابه الشهير "الاعتصام" عبارة توضح الموقف السلفي المبدئي من عقيدة البراء. فعند كلامه عن أهل البدع، قال "نحن مأمورون بمعاداتهم وهم مأمورون بموالاتنا" . فالـ "أمر" عند الشاطبي بالمعاداة يشرحها بـ "أن فرقة النجاة، وهم أهل السنة، مأمورون بعداوة أهل البدع والتشريد بهم والتنكيل بمن انحاش إلى جهتهم، بالقتل فما دونه". هذا الموقف، موقف "نحن مأمورون بمعاداتهم وهم مأمورون بموالاتنا"، هو موقف طريف فكرياً ومرعب وعنيف عملياً وعلى مستوى الواقع. منشأ الطرافة هو الاعتقاد بأن أمراً ما قد صدر للمخالف دينياً أو عقائدياً أو فكرياً أو منهجياً، فيما يتبناه من عقائد، بأن يوالي من يحكم عليه بأنه مبتدع أو كافر أو مشرك وأن يخضع لحكمه بالقتل والتنكيل. وهو طريف أيضاً لأنه يعتقد ويجزم بسلب الإرادة كاملة من هذا المخالف لصالح من يعتقد في نفسه أنه من الفرقة الناجية ويريد قتله. هذا الموقف يلخصه الشيخ عبد العزيز بن باز بقوله "شرع الله سبحانه لعباده المؤمنين الغلظة على الكفار والمنافقين حين لم تؤثر فيهم الدعوة بالحكمة واللين. والآيات، وإن كانت في معاملة الكفار، دالات على أن الشريعة إنما جاءت باللين في محله حين يرجى نفعه، إما إذا لم ينفع واستمر صاحب الظلم أو الكفر أو الفسق في عمله ولم يبالِ بالواعظ والناصح، فإن الواجب الأخذ على يديه ومعاملته بالشدة وإجراء ما يستحقه من إقامة حد أو تعزير أو تهديد أو توبيخ حتى يقف عند حده وينزجر عن باطله" . فـ "الباطل" هو ما عند المخالف للـ "أنا" دائماً.

كتب الدكتور عبدالله عزام ، مُنظّر المجاهدين الأفغان العرب وأهم شخصية جهادية حتى وقت مقتله، في الصفحات الأولى لكتاب له عن الجهاد ما يلي:

"إن القتال في هذا الدين الحنيف لإزالة العقبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية أمام الدعوة الإسلامية. بل تستطيع أن تقول أن وظيفة الجهاد (القتال) هو تحطيم الحواجز التي تقف دون نشر هذا الدين في ربوع العالمين. فإن قَبـِلَ الناسُ هذا الدين فلا حاجة لإشهار السيف ولا إراقة الدماء ولا إتلاف منشآت وأموال لأن هذا الدين جاء للإصلاح والإعمار لا للإتلاف والدمار (...) فإذا لم نستطع تبليغ الدعوة إلا بقتال الأنظمة السياسية والسلطات القائمة قاتلناهم، لأنهم يحولون بيننا وبين تبليغ الناس. فإذا وقفت أمامنا القوة السياسية وأصحاب الأموال وتجمعات القبائل، اضطررنا لمواجهتهم بالسلاح حتى يستسلموا لهذا الدين ويفتحوا الطريق بيننا وبين الشعوب التي أمرنا بإنقاذها" . وقال في موضع آخر من نفس الكتاب "إن لم نستطع الوصول إلى الطواغيت المتألهة في الأرض إلا بقتل الذرية وقطع الأشجار وتدمير المنشآت، فلا بأس، لأن هذه اضطررنا إليها اضطراراً ولم تكن مقصوداً لنا ولا هدفاً" .

هذا هو بإختصار الموقف السلفي المتطرف من مسألة القتال داخل المجتمعات المسلمة وغير المسلمة، والباقي هو تفاصيل وتفريعات للقضية الأساسية وللموقف المبدئي. فالمسألة من وجهة نظر هذه الجماعات هي مسألة مهمة مقدسة قد ألقيت على كاهلهم ولن يرقى إلى أهميتها بشر ولا جماد. فعندما كتب أبو عبدالرحمن أمين، أمير الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر، بأن " أحق الناس بالمال المجاهدون في سبيل الله حتى تتحقق الكفاية ولو مات الرضع والأطفال والجيّع، لأن حفظ الدين أولى من حفظ النفس"، فإنه كان يكتب من وجهة نظر ما كتبه قبله عبدالله عزام. وجهة النظر التي يفقد بها كل شيء قيمته الإنسانية والمعنوية والمادية أمام عقيدة محددة بفهم محدد لا تتيح لما يشذ أو لمن يشذ أن يكون له "قيمة" حتى تقترب لأن تكون مساوية لمن "يؤمن" تماماً بالمنهج كما أريد له أن يُفهم من هذه الجماعة أو تلك. فـ "الناس" هنا، وأشياءهم، هم عنصر ثانوي أمام "الأمراء والعلماء"، والذي يعبر عنهم الفقه السلفي بأنهم هم أولي الأمر الذين أمِر الناس بطاعتهم . فالأمير هو من يقول عنه "السلفي" أنه هو كذلك، و "السلفي" العالم الفقيه هو من يقول عنه "سلفي" آخر أنه هو كذلك، و "السلفي" الفرد هو جزء من جماعات وجماعات من الفيليبين حتى المغرب، ولا يبدو مهماً هنا التأكيد من كل جماعة بأنها هي السلفية الوحيدة دون غيرها. ومن هذا المنطلق، منطلق ثانوية الناس أمام تفوق "السلفي" تجاههم، كتب أبو قتادة الفلسطيني "لن يجعل همَّنا إرضاءَ الناس بتأمين السكن والخبز والعمل لهم، ولسنا محتاجين إلى أخذ رضاهم فيمن يحكم أو بما يحكم، سيحكمهم أميرنا شاءوا أم أبوا، وسنحكمهم بالإسلام، ومن رفع رأسه قطعناها" ، كما كتب قبلها "إذا وصلنا إلى التمكين من خلال شوكة النكاية لن نكون مضطرين إلى احترام آراء التعددية السياسية ولا الأحزاب الأخرى لأنه لا وجود لها، لقد واريناها التراب قبل قليل، أو رميناها في قليب بدر" . كل شيء إما قد فقد قيمته أو سوف يفقد قيمته أمام المنهج كما هو مُشَخص بأفراد معدودون، الغرباء، أهل الفرقة الناجية، لأن المنهج يصر على أنه هو "الجماعة ولو كان وحده".

يتم تقسيم الخريطة السياسية من وجهة النظر الفقهية الإسلامية إلى قسمين. القسم الأول يسمى دار الإسلام، والقسم الثاني يسمى دار الكفر. ودار الإسلام هي كل دار تكون الأحكام الغالبة فيها هي أحكام الإسلام، وهي خاضعة لسلطان المسلمين وحكمهم حتى وإن كان أغلب سكانها من غير المسلمين . أما دار الكفر فتنقسم بدورها إلى قسمين، دار حرب ودار عهد. فدار الحرب هي كل دار ليست للمسلمين ويقوم بها أحكام الكفر وليس بينهم وبين المسلمين عهد أو مهادنة حتى وإن لم تكن الحرب قائمة بينهم فعلياً، إذ يكفي أن لا يكون هناك معاهدة أو مهادنة بين الطرفين. أما دار العهد فهي دار الكفر التي ليست للمسلمين ويقوم بها أحكام الكفر ولكن بينهم وبين المسلمين هدنة أو صلح. أما ابن تيمية فقد أضاف داراً أخرى سميت الدار المركبة. والدار المركبة هي الدار التي سكانها من المسلمين ولكن حكامها من الكفار أو من المرتدين. وأصل هذا التقسيم هو سؤال ورد على ابن تيمية عن بلدة تدعى (ماردين) كانت يحكمها التتار ولكن سكانها (جندها) مسلمين، فأفتى فيها ابن تيمية "أما كونها دار حرب أو دار سلم، فهي مركبة، فيها المعنيان. ليست بمنزلة دار السلم التي تجري عليها أحكام الإسلام لكون جندها مسلمين، ولا بمنزلة دار الحرب التي أهلها كفار، بل هي قسم ثالث يعامل المسلم فيها بما يستحقه، ويقاتل الخارج عن شريعة الإسلام بما يستحقه". وهذه الدار المركبة وأحكامها (يعامل المسلم فيها بما يستحقه، ويقاتل الخارج عن شريعة الإسلام بما يستحقه) هي ما تستند عليه أغلب الأدبيات السلفية المتطرفة في شرعنتها للقتال والعنف المسلح داخل المجتمعات المسلمة (من خلال حكمهم على الرؤساء والحكومات بالكفر) والمجتمعات غير المسلمة والتي تحتوي على أقليات مسلمة أيضاً كما حدث ويحدث في الدول الأوروبية وأمريكا الشمالية.

أبو جندل الأزدي (اسمه الحقيقي: فارس أحمد آل شويل الزهراني)، رجل لا يملك أي ثقل تنظيري ذاتي أو حتى عملي في التوجه العام للفكر السلفي المتطرف. فهو لا يعدو أن يكون جامع لنصوص هذا الفكر من مصادر مختلفة، وبصورة انتقائية واضحة بحيث أنه يلغي جميع أوجه الخلاف الفقهي في المسألة، ثم بعد ذلك يعيد ترتيبها وبصورة مركزة ليبرز قضية هو يريد أن يصل فيها إلى نتيجة محددة يكون فيها عنوان كتابه دالاً عليها. لا أكثر من هذا ولا أقل. إلا أن نجاحه الساحق في كتبه ورسائله تلك ضمن التيار المتطرف مدعاة للدهشة والتأمل إلى درجة أنه هو تباهى بأن عدد مرات تحميل كتبه قد فاقت حتى عدد قيادات هذا الفكر. ولهذا السبب، فقط، هو ذو تأثير. يرفض أبو جندل الأزدي شرط الإستتابة قبل القتل في حق من يكفرهم، وما يهمنا هنا هو ما كتبه في هذا الصدد، فهو يلقي بضوء الفهم على ما يحدث حولنا الآن:

"الممتنع عن شرائع الإسلام والممتنع عن النزول على حكم الله، والمحارب للمسلمين الخارج عن قدرتهم وحكمهم، سواء امتنع بدولة الكفر أو بقوانينها أو بجيوشها ومحاكمها، هذا قد جمع بين نوعي الامتناع، فلا يجب تبين الشروط والموانع في حقه قبل التكفير والقتال. إذ هو لم يسلم نفسه للمسلمين، ولا سلم بشرعهم وحكمهم حتى ينظر له في ذلك. فلا يقال قي حق من كانوا كذلك أنهم لم تقم عليهم الحجة، كما يهذر به بعض من يهرف بما لا يعرف".

وعلى أية حال فإن وجهة نظر أبو جندل ترى أن البلاد الإسلامية اليوم هي كلها ديار كفر وإن كان أهلها مسلمون. يقول أبو جندل "إن البلاد التي أكثر أهلها من المسلمين ولكن يحكمها حكام مرتدون بأحكام الكفار بالقوانين الوضعية هي اليوم ديار كفر وإن كان أكثر أهلها مسلمين يمارسون شعائر دينهم كإقامة الجمع والجماعات وغيرها في أمان. فهي ديار كفر لأن الغلبة والأحكام فيها للكفار. أما إظهار المسلمين لشعائر دينهم فليس هذا راجعاً إلى شوكة المسلمين ولكن لأنه مأذون فيه من الحاكم الكافر، ولو أراد أن يبدل أمنهم خوفاً وفتنة بشوكته وجنوده لفعل كما هو واقع في كثير من البلاد اليوم باسم محاربة الإرهاب والتطرف الديني". ثم يسترسل أبو جندل ليقول:

"إن أمريكا طاغوت ومجلس الأمن طاغوت والأمم المتحدة طاغوت والشرعية الدولية طاغوت والحكومات المعاصرة كما مر طواغيت. ففي هذه الآية يبيّن سبحانه أن الذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت وأنهم أولياء الشيطان، فمن قاتل تحت راية أمريكا فهو كافر، ومن قاتل تحت راية بريطانيا فهو كافر، ومن نقل جنودهم فهو كافر، ومن فتح المطارات لهم فهو كافر، ومن حماهم فهو كافر، ومن نقل الذخائر لهم على الشاحنات فهو كافر...الخ. فمن قاتل معهم فهو معهم في هذه الأوصاف سواء كان بيده أو لسانه أو رأيه أو فتواه أو جريدته أو منصبه أو...الخ" . وينقل أيضاً من مصدر آخر "من أظهر الأدلة على كفر أنصار الحكام المرتدين، بالقول كبعض علماء السوء والإعلاميين وبالفعل كالجنود على اختلاف أصنافهم، أنهم يقاتلون في سبيل الطاغوت. ومن قاتل في سبيله فهو كافر. ولا يلزم للحكم بكفر كل منهم أن يباشر القتال فعلاً، أو أن يقع قتال، بل كل من كان مُعَداً بواسطة هؤلاء الحكام للقتال دفاعاً عنهم وعن أنظمة حكمهم الكفرية التي هي سبيل الطاغوت فهو كافر. وإذا كان الله قد حكم بكفر من يتحاكم إلى الطاغوت فكيف بمن يقاتل من دونه وفي سبيله" . ويقول أيضاً "إن كل من قاتل في صف الكفار أو نصرهم بالقول والفعل، لأن هذه النصرة قتال حكماً، فهو محكوم بكفره على التعيين، وهذا هو حكم أنصار الحكام المرتدين".

فكل حوادث الاستهداف التي يتبناها المنهج السلفي المتطرف ضد الشرطة والجيش وما ينتج عنها من قتل حتى الذين يقفون في صفوف طالبي العمل ضمن هذه الجهات إنما نبعت من موقف مبدئي كالذي رأيناه أعلاه يرى فيهم أهدافاً كفرية مشروعة من الجائز قتلهم والتنكيل فيهم. ومن هذا المنطلق العقائدي كتب أبو جندل:

"وأعلموا أن أعمال التفجيرات والكمائن هي من الأعمال المشروعة سواء في دار الكفر الأصلي كأمريكا وبريطانيا وروسيا أو في دار كفر الردة كالسعودية والمغرب وباكستان والأردن وفلسطين و..و..و..الخ. ومن فرق بين ذلك فهو إما من الجاهلين أو من علماء السلاطين الذين قد وقفوا وجهاً لوجه للجهاد في كل الأرض، بل إن البداءة بالعدو القريب مقدم على العدو البعيد".



#حسن_محسن_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول انعدام براءة النص
- هل كان يسوع سارقاً؟
- أسطرة نصوص العهد الجديد
- أسطورة يسوع والشيطان
- مسألة تعمد تزوير النص المسيحي
- في مسألة الترجمة المسيحية
- بولس – 16 – بولس والنص اليهودي
- المشكلة المذهبية في الوطن العربي
- بولس – 15 – بولس والنص اليهودي
- شذوذ مفهوم الوطنية
- بولس – 14 – بولس والنص اليهودي
- بولس – 13 – عصمة النص المسيحي
- بولس – 12 – بولس والنص اليهودي
- بولس – 11 – بولس والنص اليهودي
- نصوص حرق البشر المسيحية - 3
- نصوص حرق البشر المسيحية – 2
- نصوص حرق البشر المسيحية
- بولس – 10 - بولس وإنجيل مرقس
- لقاء الصالون الثقافي النسائي
- بولس – 9 - بولس وإنجيل مرقس


المزيد.....




- “من غير زن وصداع مع” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على نا ...
- فيديو خاص:كيف تسير رحلة أهالي الضفة إلى المسجد الأقصى؟
- الشريعة والحياة في رمضان- سمات المنافقين ودورهم الهدّام من ع ...
- أول مرة في التاريخ.. رفع الأذان في بيت هذا الوزير!
- أول مرة في تاريخ الـ-بوت هاوس-.. رفع الأذان في بيت الوزير ال ...
- قصة تعود إلى 2015.. علاقة -داعش- و-الإخوان- بهجوم موسكو
- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - مقدمة في العقيدة القتالية للجماعات المتطرفة