المستشرقون ومبادئ ثورة الامام الحسين (ع)

نبيل ابراهيم الزركوشي

الحوار المتمدن-العدد: 5004 - 2015 / 12 / 3 - 19:06
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

على مر السنين نجد ان هناك مستشرقين يخوضون غمار البحث والكتابة عن ثورة الامام الحسين (ع) ومبادئها العظيمة ذلك الحدث الملحمي الغني بالمفاهيم التحررية والوحدوية والاصلاحية الخالدة للإنسان الذي لايقبل الاستعباد من قبل أي سلطان.

مهما كانت قسوته وظلمه واضطهاده لرعيته معتبرين هذه الشعائر في اكثر الأحيان من الدروس البليغة للخروج على السلطان الجائر والتضحية بالنفس في سبيل اصلاح المجتمع وصيانة الحرمات وديمومة التشريع الالهي ومن اجل إعلاء كلمة الحق وبعد مرور كل هذه السنين بقيت الحادثة خالدة وارتبطت بمجموعة من الشعائر والطقوس تدور حولها العديد من الاقاويل التي لا يستند اصحابها الى أي قانون تشريعي اسلامي ولكن نرى هذه الشعائر وبكل عفويتها ومع هذه الاعداد الهائلة التي تخرج لنصرة كلمة الحق عبرها تثير في نفوس المستشرقين الغربيين الفضول لمعرفة ما تركت هذه الملحمة من اثار لايمكن ان تمحى الى وقتنا الحاضر وكيف تستطيع ان تجسد ملحمة ثورة مر على ذكرها اكثر من الف واربعمئة سنة وكأنها حدثت للتو فهذا مستر توماس لايل الذي اشتغل في العراق معاوناً للحاكم السياسي في الشامية والنجف بين سنتي 1918- 1921 ومعاوناً لمدير الطابو في بغداد وحاكماً في محاكمها المدنية في كتابه (دخائل العراق) بعد أن شهد مجالس الحسين ومواكب العزاء.....
يقول ((لم يكن هناك أي نوع من الوحشية أو الهمجية، ولم ينعدم الضبط بين الناس فشعرت في تلك اللحظة وخلال مواكب العزاء وما زلت أشعر بأنني توجهت في تلك اللحظة إلى جميع ما هو حسن وممتلئ بالحيوية في الإسلام، وأيقنت بأن الورع الكامن في أولئك الناس والحماسة المتدفقة منهم، بوسعهما أن يهزا العالم هزاً فيما لو وجها توجيهاً صالحاً وانتهجا السبل القويمة، ولا غرو فلهؤلاء الناس واقعية فطرية في شؤون الدين)) في هذا المجال يقول الفرنسي موريس دوكابري:(يقال في مجالس العزاء أن الحسين ضحى بنفسه لصيانة شرف وأعراض الناس، ولحفظ حرمة الإسلام، ولم يرضخ لتسلط ونزوات يزيد.
إذن تعالوا نتخذه لنا قدوة، لنتخلص من نير الاستعمار، وأن نفضل الموت الكريم على الحياة الذليلة) ويذهب المستشرق الأميركي فيليب حتي الذي أنشأ مكتبة عربية إسلامية في جامعة برنستون تعنى بجمع المخطوطات والوثائق العربية ونشرها ، الى ابعد من ذلك معتبرا ضريح الامام الحسين (عليه السلام) أقدس محجة اذ يقول (الحق أن ميتة الشهداء التي ماتها الحسين بن علي قد عجل في التطور الديني لحزب علي، وجعلت من ضريح الحسين في كربلاء أقدس محجة) ويقول هوكارت، المستشرق الإنجليزي في كتاب الجزيرة العربية واصفاً جموع الزائرين في يوم عاشوراء مستنتجاً ان الموت هو حياة للأشخاص أصحاب المبادئ الذي يصفهم بالقديسين (دلَّت صفوف الزوار التي تدخل إلى مشهد الحسين في كربلاء والعواطف التي ما تزال تؤججها في العاشر من محرم في العالم الإسلامي بأسره، كل هذه المظاهر استمرت لتدل على أن الموت ينفع القديسين أكثر من أيام حياتهم مجتمعة).
الأثاري الإنكليزي ستيفن لويد يقول واصفاً يوم عاشوراء (أصبح اليوم الذي قتل فيه الحسين بن علي وهو العاشر من محرم يوم حداد ونواح عند المسلمين ففي مثل هذا اليوم من كل عام تمثل مأساة النضال الباسل والحدث المفجع الذي وقع للإمام الشهيد وغدت كربلاء من الأماكن المقدسة في العالم، وأصبح يوم كربلاء وثأر الحسين صيحة الاستنفار في مناهضة الظلم.
الباحثة الإنكليزية أ.س ستيفينس في وصفها قصة مقتل الامام الحسين وكيف ينتابها البكاء عن قراءتها اذ تقول (وما تزال تفصيلات تلك الوقائع واضحة جلية في أفكار الناس إلى يومنا هذا كما كانت قبل 1257 سنة وليس من الممكن لمن يزور هذه المدن المقدسة ان يستفيد كثيراً من زيارته ما لم يقف على شيء من هذه القصة لأن مأساة الحسين تتغلغل في كل شيء حتى تصل إلى الأسس وهي من القصص القليلة التي لا استطيع قراءتها قط من دون أن ينتابني البكاء).
ان السمو والرقي التي حازت عليهما مضامين الثورة الحسينية وشعائرها لقرابة الاف واربعمائة سنة التي مضت يجب ان نستحضرها ونحن نؤدي هذه الشعائر كي نجعل منها امتداداً لثورة لم تنته ولن تنتهي بانتهاء الأشخاص بل هي خالدة في كل شيء ولنستلهم منها العبر والدروس في الشجاعة والإيثار والإقدام والبطولة لمقارعة الظلم وأهله ونجعل منها منبراً ودستوراً للأجيال القادمة لما تحويه من مضامين تربوية وقصص وأحداث نغني بها مناهجنا الدراسية من اجل ان نبعد الشبهات والعمل العشوائي عن هذه الفكرة الملحمة والثورة التي كانت فيها انتصار للدم على السيف ولنرفع شعارنا الأبدي (الحسين سفينة النجاة).

#نبيل_ابراهيم_الزركوشي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل