عندليب الحسبان
الحوار المتمدن-العدد: 4977 - 2015 / 11 / 6 - 10:45
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
كانت المدينة في مخيال ابن قرية ذلك الزمن قطعة من السماء المضاءة بالنجوم, فسحة تعج بالأضواء ,و تضطرم بنجوم الفن والأدب واللياقة واللباقة والحذاقة والتجارة والصناعة ,
كانت المدينة توق وشوق الفلاح ابن الأرض إلى العلو , فكل ما فيها عمودي يشي بالسماوية , حتى مساكنها عالية شاهقة تفترش الفضاء ..
كان طموح القروي ابن التراب أن يسكن المدينة , فيبيع بستانه ثمنا لعيش الطموح , ولأن مصير من يبيع عرضه في الذاكرة الشعبية النبذ والضياع ,يضيع ابن القرية في الزحمة , فتأكل الشوارع والأزقة ماله, وتركنه ذكرى على رصفها .هكذا صورت مسلسلات وأفلام الستينات والسبعينات العربية العلاقة بين قيم القرية وقيم المدينة ,
لم يعد أحد من الموتى الغائبين عن أرضنا ليخبرنا عما في السماء, ولكن عائدين من المدينة حكوا , منهم من كوت أيديهم الكادحة نارُ الحرمان والطبقية والدونية فقالوا ظنناها نار النجومية إذا بها نار الغلاء ...فعادوا إلى قراهم وبيوتهم وافترشوا وسائدهم الخالية ...ومنهم من مست أرواحهم نار النجومية فعادوا _ ولو قليلا _ إلى الأرض يفترشون سريرا في غرفة درجاتها منخفضة يلتقطون فيها أنفاسهم المحلقة اللاهثة في بورصة المال والأعمال ...هؤلاء وهؤلاء عرفوا أن الترابي لا يريحه غير التراب ...
اليوم لا عائدين من المدينة العربية , فساكنوها غارقون في الضوضاء والاستهلاك وفي الشعور بدونية الذات أمام الآخر ثم الرغبة بتمير هذه الذات الدنيئة , المدينة العربية اليوم بلا نجوم ولا نجومية ..هي ليس أكثر من شقق مشققة تسرب منها السردين المسكين ليتنفس لقمة , فوقع على سائل طيني , ماء وطين هذا كل ما جادت به سماء المدينة على السردين الحزين .
.ولكن رغم هذا ففيها " مول " واسع عريض طويل كبير ,و في المول سلع كثيرة بأسعار منافسة ...والسردين فيه هو أكثر السلع منافسة لأنه أصغرها و أرخصها.....!!
#عندليب_الحسبان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟