أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طوني سماحة - إنسان يموت وكلب يعيش














المزيد.....

إنسان يموت وكلب يعيش


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 4971 - 2015 / 10 / 31 - 17:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خبران قرأتهما مؤخرا تركاني أتأمل بفحواهما.
أنفقت الدول العربية مبلغ 134 مليار دولارا أميريكيا على التسلح في العام 2014.
قام رجل شرطة كندي بإطلاق النار على كلب في شارع سكني وارداه قتيلا. أثار الخبر ضجة في الاوساط الشعبية مما تسبب بمحاكمة الشرطي. قال هذا الاخير انه اطلق النار على الحيوان ظنا منه انه ذئب ويشكل خطرا على البيئة التي تواجد فيها.
قد لا يكون ثمة رابط بين الخبرين. لكن عندما ندرك ان الثورة السورية تسببت بتهجير الملايين من البشر وقتل مئات الآلاف منهم وتيتيم الكثير من الاطفال وترميل النساء وترك الملايين في حالة معيشية مأساوية لا تليق حتى بالحيوانات، وكل ذلك تم بالسلاح الذي تتهافت دول الشرق الاوسط على امتلاكه يصبح للخبر معنى آخر.
قتل السلاح العربي والمسلم منذ خمسينات القرن الماضي وحتى اليوم مئات الآلاف وربما الملايين من العرب والمسلمين الذين لم يجدوا من يرفع الصوت كيما يدافع عنهم، فيما كلب في الغرب لا يموت عبثا.
سنت الحكومات الغربية آلاف القوانين للحفاظ على حيوانتها المهددة بالانقراض بسبب عبث الانسان او حبه للصيد او تدمير الطبيعة لاجل بناء وحدات سكنية او بسبب التلوث البيئي، ولم نجد حكومة عربية واحدة لم تنخرط بشكل أو بآخر بدعم انقلاب هنا او تسليح مجموعة هناك او تمويل ثورة في هذا البلد او ذاك.
أسقط الشعب الكندي من خلال الانتخابات هذا الشهر رئيس وزرائه الاسبق بسبب سعيه لزيادة نفوذ كندا عسكريا في الشرق الاوسط من خلال مشاركته في ضرب الدولة الاسلامية ولاتباعه سياسة تشبه السياسة الاميريكية ولانه، وبحسب رأي الناخب الكندي، ابتعد عن قيم التسامح التي ميزت هذه الدولة، فيما شعوب الشرق الاوسط تسير وراء زعمائها الذين ورطوها في الحروب والدمار بشكل اعمى.
يتم انتخاب الرئيس في الدول الغربية بعد ان يكون الناخب قد اقتنع ببرنامجه الانتخابي والذي غالبا ما يكون التركيز فيه على الوضع المعيشي والاقتصادي للفرد بينما يتم التصفيق في الشرق للرئيس الذي يسير ببلاده في مغامرة مجنونة لقلب نظام البلد الشقيق والحصول على ثرواته.
تتم التحالفات في الغرب على اساسات عسكرية احيانا وعلى اساس اقتصادي احيانا اخرى بما يلبي حاجة البلد فيما التحالفات في الشرق الاوسط تتم على اساس طائفي فئوي.
يشكل عامل البطالة الهاجس الاوحد للمواطن والمسؤول الغربي، أما البطالة عندنا فحدث ولا حرج.
تسعى الحكومات الغربية لرأب الصدع بين المواطنين الذين تفرق بينهم الثقافة. فالكندي الفرنسي يتعايش مع الكندي الانكليزي على الرغم من مئات السنوات من الحروب بينهم. والمواطن الكندي يتعايش مع المهاجرين من زوايا الارض الاربعة بالرغم من الاختلافات الثقافية بينهم، فيما لا يزال الخطاب الطائفي التحريضي العدائي يشكل هوية المواطن العربي.
دفعت الاقليات في الشرق الاوسط ثمن انتمائها تهجيرا وقتلا وقمعا بينما استوعب الغرب الاقليات واستثمرها لتصبح غنى له.
ما يزيد عن سبعين عاما مضت منذ حصول معظم الحكومات الشرق الاوسطية على استقلالها، والنتيجة؟ مليارات من الدولارات ثمنا للسلاح، خطاب تخويني عدائي للآخر، حروب لا عد لها، تزايد في حالات الامية والفقر، دمار اقتصادي، هجرة للعقول ولليد العاملة، ازدياد معدلات الجريمة، كوارث بيئية، وأخيرا إنتاج مجتمعات على شكل القاعدة وداعش لا تفهم سوى لغة القتل والدمار.
يلذ للبعض احتساء كوب من الشاي وإطلاق نفخة سيجارة ورمي المسؤولية على الغرب، ومن ثم الذهاب للسرير كيما يغط في نوم عميق. أنا لا أدافع عن السياسات الغربية. فالغربيون ليسوا من جنس الملائكة. لكن انغماس الغرب في مشاكلنا الداخلية لا يعطينا صك براءة. فالقاتل شرق اوسطي، يقتل بسلاح شرق اوسطي، يشعل النار في بيت شرق اوسطي، ييتم طفلا شرق اوسطيا، يرمل امرأة شرق اوسطية. السارق شرق اوسطي (أكان زعيما ام مواطنا) يسرق مال بلاده الشرق اوسطية. الظالم شرق اوسطي يتكلم لغات شعوب بلاد الشرق الاوسط ويظلم الشعوب الشرق الاوسط. الجزار شرق اوسطي يقطع رؤوسا شرق اوسطية.

في العودة الى السلاح والتسلح. ترى ماذا كان يمكن ان تكون عليه بلادنا لو اننا منذ حصولنا على الاستقلال التزمنا باحترام الآخر؟ ماذا كان يمكن ان يكون الحال عليه لو اننا صرفنا نصف ميزانيتنا الحربية على بناء الاقتصاد وتحسين المجتمع ورفع مستوى الامية والفقر وايجاد فرص للعمل والحد من البطالة وفتح ابواب التجارة والصناعة على بعضها وقبولنا للآخر؟
لست اظن اننا اقل ذكاء من غيرنا. بل كل ما في الامر ان الغرب الذي يتحفنا كل يوم بانجازاته العجيبة استثمر ذكاءه في البحث والدراسة والعمل الدؤوب فيما نحن استثمرنا ذكاءنا في شراء السلاح وقتل واحدنا للآخر. لذلك ليس من المستغرب ان يحيا الكلب في الغرب فيما الانسان يموت كل يوم في الشرق.



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عهد قديم وعهد جديد -5- إسمع ما يقوله إيل الثور الإله، سيّدك
- عهد قديم وعهد جديد -4- وسمع الإله دعائي وباركني
- إنها الحياة-6- ومن الحب ما قتل
- عهد قديم وعهد جديد -3- مبروك للعروسين
- عهد قديم وعهد جديد -2- بين الطائرة والمدرسة
- عهد قديم وعهد جديد -1- البداية
- يسوع الثائر 10 - الخاتمة
- إنها الحياة-6- كلب على لائحة الشرف
- يسوع الثائر-9- يسوع والانسان
- يسوع الثائر-8- الرياء وازدواجية المعايير
- يسوع الثائر-7- نقد للتقاليد
- يسوع الثائر-6- رجال الدين
- إنها الحياة 5- الجنون فنون
- إنها الحياة 4- حرب البندورة
- إنها الحياة 3- شحاد ومشارط
- يسوع الثائر-5- رجال الدين
- إنها الحياة 2
- لبنان يا قطعة سما
- يسوع الثائر-4- من هو يسوع؟
- يسوع الثائر 3 مارتن لوثر كينغ والمسيح


المزيد.....




- ابتكار مذهل.. طلاء ذكي يغيّر لونه تلقائيًا بحسب درجة الحرارة ...
- ُهل تمتلك إيران منشآت نووية أخرى أعمق من فوردو؟ جنرال أمريكي ...
- هل عادت الحياة فعلاً إلى طبيعتها في إسرائيل بعد رفع القيود؟ ...
- وسط ركام بيوتهم المهدمة.. الإيرانيون يحصون خسائرهم بعد وقف إ ...
- مهرجان الصويرة للكناوة: القمبري والقرقاب وأنغام عالمية
- عملية -نارنيا-: أي سلاح استخدمت إسرائيل لقتل العماء النووين ...
- إحياء رأس السنة الهجرية في الأقصى بأعداد محدودة
- صحف عالمية: تحرك أميركي لإنهاء حرب غزة ونتنياهو دفع إيران لت ...
- موفق نظير حيدر المسؤول عن -حاجز الموت- بدمشق
- زهران ممداني.. مرشح الهامش يقلب معادلة النخبة في نيويورك


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طوني سماحة - إنسان يموت وكلب يعيش