عند طبيب الذاكرة

جمشيد ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 4948 - 2015 / 10 / 7 - 13:37
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

عند طبيب الذاكرة
عندما سمعت بان هناك طبيب جديد للامراض العقلية و العصبية اختصاصه الذاكرة في مدينتنا ذهبت اليه حالا:
الطبيب: مالذي دفعك ان تاتي اليّ؟
دعنى ابدأ كالاتي دكتورعندما جئت الى هنا استعجلت في تعلم اللغة لكي استطيع ان اراجع طبيب مثلك لوحدي دون مترجم و لكني اصبت بخيبة امل عندما اكتشفت بان الاطباء هنا لا يستطيعون مساعدتي و اليوم اتيت اليك و انا كل امل بانك تستطيع مساعدتي اخيرا.

انا اعاني يا دكتور و منذ فترة طويلة من عذاب الذاكرة في الكهوف الاولى منها. لا استطيع ان انام لانها لا تتركني في الليل و النهار. لا تزال تعذبني ذاكرة الطفولة و المراهقة لهذا اليوم و لربما اسود القسم. ارجو منك اما تنظيفه او مسحه كليا او استئصاله. تصور كيف ان هذه الذاكرة القديمة تدفعني حتى الى الانتقام و القتل و ارتكاب جرائم اخرى حتى و انا بعيد عنها اليوم. انا اتكلم عن معاناة نفسية و جسدية يا دكتور بسبب هذه الذاكرة القديمة الملعونة.

الطبيب: متأسف لست مختصا بهذه الوظائف و لا اعتقد بان هناك طبيب مختص. ثم اسرد و كانما يتكلم مع نفسه:
للذاكرة يا عزيزي سيطرة مرعبة على الحيوان الذي يسمى بالانسان. الذاكرة بحر لم يستطع احد الوصول الى قاعه العميق و كهوفها الكثيرة رغم انها جزء منا في داخلنا. انت على حق يذهب الانسان الى الخارج و يصعد على الجبال و يصل الى القمر و الفضاء و لكن لا يستطيع ان يدخل في ذاكرته.

الذاكرة انت و انت الذاكرة فيها العين و الاذن و الحس و اللمس و الذوق و اللغة و ما يدخل المعدة - هي سريعة التنقل بين الصور. لربما تخزن ما تتجاوز الحاسات. تقول العين قمت بواجبي و تقول الاذن كل ما صدر كصوت خزنته و يقول الانف طبعا اخزن الروائح سواء كانت طيبة او فاسدة و يقول الذوق انا لا اهتم بذوقك يا انسان لاني ديموقراطي لا اميز و ليست هناك طبقات كما في مجتمعك - ليس هناك ملك و لا دكتاتور..

لذا يسمى الفكر بـ cogitare لانه يجمع و يخزن في الذاكرة من agito اي اجمع و ago اي اعمل و اكرر للذاكرة لغة فوق اللغة فهي كالرياضيات. ليس هناك حل لمشكلتك مع الاسف. بالمناسبة ماذا يعذبك في ذاكرتك؟

متأسف دكتور جئتك لاستئصالها لا للتكلم عنها.
كيف هل تريدني ان امسح هويتك؟
www.jamshid-ibrahim.net

#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل