أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مازن ريا - وهم اللامتناهي في النظرية النسبية















المزيد.....

وهم اللامتناهي في النظرية النسبية


مازن ريا

الحوار المتمدن-العدد: 4934 - 2015 / 9 / 23 - 08:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إذا كانت فيزياء نيوتن قد أكدت الطابع الإقليدي للمكان باعتباره ذا ثلاثة أبعاد هي الطول والعرض والارتفاع فإن النظرية النسبية العامة كشفت عن طابع لا- إقليدي للمكان ذي أربعة أبعاد هي ذاتها أبعاد المكان الإقليدي مضافاً إليها الزمان كبعد رابع، وهذا يتوافق مع الهندسات اللاإقليدية "هندسة ريمان" في اعتبار المكان كروياً ومغلقاً وأن الخطوط ليست مستقيمة بل منحنية ومن ثم، لا وجود لحركة مستقيمة مطلقاً، وبالتالي ليس هناك لا متناهٍ في الواقع الفيزيائي من وجهة النظرية النسبية، ذلك اللامتناهي الذي أكدته نظرية نيوتن.
وتنطلق النظرية النسبية من فرضيتين شكلتا الحجر الأساس فيها هما:
الأولى:إن سرعة الضوء*، في الخلاء، هي هي في كل المراجع التي تتحرك، واحدا بالنسبة لآخر، حركة منتظمة مستقيمة.
الثانية: إن قوانين الطبيعة تبقى هي هي في كل المراجع التي تتحرك,واحدا بالنسبة لآخر، حركة منتظمة مستقيمة.
يستخلص من النظرية النسبية أن الحركة اللامتناهية ليس لها معنى في الفيزياء لأن سرعة الضوء ثابتة إذاً هي منتهية، كمّا أن المكان الممتد واللامتناهي بشكله المستوي في الهندسة الإقليدية ليس له معنى في الفيزياء النسبية إذ يمكن للكون أن يبنى وفق هندسة عامة مفتوحة أو وفق هندسة عامة مغلقة، ففي فرضية الكون المفتوح يكون الفضاء لامتناهياً في جميع الاتجاهات حيث يحتوي الكون على عدد لانهائي من المجرات وبالتالي لن تكون هناك نقطة مركزية، وبالمقابل في فرضية الكون المغلق يملك الكون انحناء شاملا للفراغ ويعمل هذا الانحناء على انثناء الفضاء الكوني ثلاثي الأبعاد والتفافه على نفسه وانغلاقه ويكون بالتالي حجم هذا الكون محدوداً وعدد المجرات التي يحتويها منتهياً وبالتالي هناك نقطة مركزية.
فإذا ما كان الزمان حسب نيوتن قائما بذاته وبدون أية علاقة بشيء خارج عنه، وأن جريانه يظل ثابتا إذا لم توجد أية حركة وهو يشترك مع المكان في مميزات عدة، اللانهاية، الاتصال، التجانس فإنه وفقا للنظرية النسبية هو تسلسل حوادث استناداً إلى مرجع وأن تسلسل الحوادث ليس واحداً عند جميع المراقبين، فهو يختلف باختلاف حركة المراقب،وهذا معناه أن فكرة وجود زمان مطلق ينساب في الكون كله تترتب بموجبه الحوادث في المكان هو فرض ميتافيزيقي لا أساس له من الصحة .
فالزمن ليس مستمرا ودائما إلى الأمام بل يتمدد ويتقلص، وطول الأجسام أيضا ليس مقداراً ثابتاً بل هو ينكمش ويتمدد ولكن هذا الانكماش لا يحدث إلا في اتجاه الحركة فقط وأنّ ما يلحق الأطوال من انكماش والكتلة من تمدد فلا يمكن إدراكه حسيا فالحساب وحده هو الذي يدل على ذلك، والسبب الأساسي في هذه التغيرات من الناحية الحسابية هي العبارة الجبرية التي تدخل في التحويل اللورنزي* ،فإذا بلغت سرعة جسم ما سرعة الضوء فأن طول الجسم ينكمش ليصبح معدوما.
وهكذا يتضح بما لايدع مجالاً للشك أن فكرة اللاتناهي في الحركة والمكان والزمان في النظرية النسبية لا معنى لها استنادا إلى المنظومات المرجعية التي نستند إليها، والمقصود بالمراجع أو المنظومات المرجعية هي
جملة المرتكزات التي استند عليها لتحديد شيء من الأشياء، في المكان أو في الزمان، أو فيهما معا مثلا ركاب قطار يسير بسرعة ثابتة في خط مستقيم لا يشعرون بحركته ولا يمكن أن يتأكدوا من هذه الحركة إلا إذا قارنوها بشيء ما خارجي، فالشخص الجالس داخل القطار يرى المقعد ساكن الحركة أي أن الحركة متناهية بالنسبة، إليه بينما بالنسبة لمن هو في الخارج فإن المقعد متحرك وبالتالي فالحركة لا متناهية إذا لم يصادف عوائق خارجية حسب قانون القصور الذاتي، وهذا المفهوم يطرح مسألة تزامن الحوادث، أي حدوث حادثتين أو أكثر في لحظة زمنية واحدة بالنسبة لأي مراقبين لهما آلية قياس واحدة، و النظرية النسبية ترفض هذا لسببين الأول: تطبيق السرعة الثابتة التي يتميز بها الضوء على الزمان والأطوال والكتلة، ففي هذه الحالة تتغير القياسات والنتائج، الثاني: الملاحظون الذين يقومون بقياساتهم من منظومات مرجعية تسير بسرعة مقاربة لسرعة الضوء يقيسون الأشياء والحوادث بطريقة خاصة، فلكل منهم زمانه الخاص فلا يستطيعون الاتفاق على تزامن الحوادث
بعبارة أخرى فإنَّ أي نقطتين تفصل بينهما مسافة ما "س" ستكونان منفصلتين زمنيا بمقدار هو الزمن اللازم للضوء ليجتاز هذه المسافة أي لا يمكن أن نوقت ساعة مع أخرى آنيا، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن القياس يعتمد على حالة الراصد، مثلا إن شعاع الضوء المنبعث من مصباح معلق في وسط عربة القطار سوف يصل إلى مقدمة العربة ونهايتها في آن واحد بالنسبة إلى من هو داخل العربة، أما إذا كان الراصد خارج العربة واقفا على الرصيف فإنه يرى شعاع الضوء يصل إلى نهاية العربة قبل أن يصل إلى مقدمة العربة وفي حال كان الراصد يركب سيارة تسير بسرعة أكبر من سرعة القطار فسوف يرى أن الضوء يصل إلى مقدمة العربة قبل وصوله إلى نهايتها، وهكذا تبدو الأحداث المتزامنة بالنسبة إلى راصد ما غير متزامنة بالنسبة إلى راصد آخر وهذا الاختلاف يعود إلى الاختلاف في المنظومات المرجعية المعتمدة من قبل الراصد فلكل واحد منهم زمنه الخاص وبالتالي لا وجود لزمن عام واحد .
إن محدودية السرعة بالنسبة إلى الضوء قضت على مفهوم المطلق سواء بالنسبة للزمان أو المكان انعكس ذلك على اللانهاية في المكان واللانهاية في الزمان حيث أصبحت هذه المسألة نسبية، فما يبدو لراصد أنه متناهٍ قد يبدو لآخر لا متناهياً.
إن التغيرات التي حصلت في مفاهيم الزمان والمكان والحركة كان لابدَّ لها أنْ تطال مفاهيم أخرى كمفهوم الكتلة، حيث للجسم الساكن كتلة معينة، تسمى الكتلة السكونية في الميكانيك التقليدي فقد كانت مقاومة الجسم لتغيير حركته شيئا لا يتوقف إلا على كتلته السكونية، أما في النظرية النسبية فإن هذه المقاومة تتوقف أيضا على سرعة الجسم، بالإضافة إلى كتلته السكونية، فتشتد جدا حتى تصبح لا متناهية في الكبر عندما يبلغ الجسم سرعة تكاد تساوي سرعة النور .
وهنا نلمس تناقضاً في النظرية النسبية فهي تنفي وجود لامتناهٍ مطلق زمانيا أو مكانيا ً انسجاما مع فرضية أن سرعة الضوء محدودة، بينما نجد أن الكتلة السكونية للجسم تغدو لامتناهية عندما تقترب سرعة الجسم من سرعة الضوء.
وفي مقابل الفصل الذي أقامته الفيزياء الكلاسيكية قد فصلت بين الزمان والمكان فإنَّ النظرية النسبية العامة عملت على الربط بينهما من خلال مفهوم الزمكان، وذلك لأن النظرية النسبية العامة تتعامل مع الحقل الثقالي على أنه حقل تشوه هندسي، انحناء، أو اعوجاج في الزمكان، فالأجسام الساقطة بحريتها لا تعتبر في هذه خاضعة لقوى ثقالية،بل تسلك المسار الأكثر"استقامة"ويسمى الخط الجيوديزي في زمكان منحن .
أما مفهوم الجاذبية في النظرية النسبية فهو ليس قوة كسائر القوى بقدر ماهو ناجم عن حقيقة أن المكان-الزمان ليس مسطحا "مستويا " بل هو منحنٍ بسبب توزع الكتلة والطاقة، لذا فالنظرية النسبية غير متوافقة مع نظرية نيوتن للجاذبية التي تقول إن الأجسام يجذب أحدهما الآخر بقوة تتناسب عكسيا مع مربع المسافة بينهما مما يعني إذا حرك أحد الأجسام فإن القوة المؤثرة على الجسم الآخر سوف تتغير في الحال وبالتالي فإن تأثيرات الجاذبية ينبغي أن تنتقل بسرعة لا متناهية تبعاً لمسافات لا متناهية، بدلا من أن تكون بسرعة الضوء أو أقل منه.
كما أن مفهومي المكان والزمان بوصفهما ثابتان تجري فيهما الأحداث دون أن يتأثرا بما يقع فيهما وأنهما يستمران بشكل لا متناهٍ، يختلف عن مفهومي الزمان والمكان في النظرية النسبية، إذ يصبح المكان والزمان مؤثرين ومتأثرين بما يجري فيهما من أحداث، فعندما يتحرك أحد الأجسام أو تعمل إحدى القوى فإنها تؤثر في منحني المكان والزمان كما أن بنية المكان- الزمان تؤثر في الطريقة التي تتحرك بها الأجسام وتعمل بها القوى.
وهكذا لم تستطع النظرية النسبية التخلص من مفهوم اللانهاية، حيث أطل برأسه من أكثر من موضع ومنها ذاك المتصل بمفهوم الكتلة السكونية عندما تقترب سرعة الجسم من سرعة الضوء.
هوامش
* سرعةالضوء تقدر ب 3×510 كم/ثا، بينما سرعة الأرض 30كم/ثا، يكون حاصل سرعة الضوء مع اتجاه الأرض 3×510+30 وفق قانون تركيب السرعات، ويكون حاصل سرعة الضوء بعكس اتجاه الارض3×510-30.
* حسب التحويل اللونزري ,فإذا بلغت سرعة جسم ما سرعة الضوء فإن طول الجسم ينكمش ليصبح معدوما.









#مازن_ريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفراغ واللامتناهي في الفيزياء الكلا سيكية
- مفهوم اللامتناهي رياضيا
- الحقيقة الرياضية والمكان الرياضي
- المشكلة الفيثاغورية
- اللامتناهي بين الوجود بالقوة والوجود بالفعل
- مفهوم الحركة عند زينون الايلي
- اللانهاية اصطلاحا
- اللانهاية في الهندسة الاقليدية
- الفكر الديني والفكر الفلسفي
- اللامتناهي فلسفيا
- اللانهاية في المدرسة الأيونية


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مازن ريا - وهم اللامتناهي في النظرية النسبية