أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مازن ريا - اللانهاية في الهندسة الاقليدية















المزيد.....

اللانهاية في الهندسة الاقليدية


مازن ريا

الحوار المتمدن-العدد: 4924 - 2015 / 9 / 14 - 01:31
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أدرج أرسطو الكم ضمن المقولات*العشر معتبراً أن الكم نوعان الأول يتعلق بالأعداد........ 1,2,3، وكل عدد من هذه الأعداد لا يوجد ما هو مشترك بينه وبين الذي يسبقه أو الذي يليه لذا سمي هذا النوع من الكم بالكم المنفصل.
النوع الثاني هو الكم المتصل و يتعلق بالخط والسطح والجسم والزمان والمكان وهو بخلاف الكم الأول من حيث وجود حد مشترك على الأقل بين أجزائه، ((الحد أمَّا في الخط فهو النقطة وأمَّا في البسيط فالخط وأمَّا في الجسم فالبسيط وأمَّا في الزمان فالآن وذلك إن بالنقطة تتصل أجزاء الخط وبالخط تتصل أجزاء البسيط وبالسطح تتصل أجزاء الجسم وبالآن يتصل جزءا الزمان الذي هو الماضي والمستقبل)) . هذا المفهوم للكم قد أثَّر في مسلمات الهندسة الإقليدية التي تعتبر المستقيم مجموعة لامتناهية من النقط التي تمتد من الجهتين و المستوي الذي يمثل المكان مجموعة لا متناهية من النقط والتي تمتد من الجهات الأربع دون نهاية .
في الكم المتصل نجد إقليدس في هندسته يميز بين ثلاثة أنواع من المبادئ وهي:
البديهيات(Axioms): ((البديهية هي قضية أولية صادقة بذاتها يجزم بها العقل من دون برهان)) . ومن البديهيات التي ذكرها في كتابه أصول الهندسة():
-بديهيات الاتصال:
-لا يمكن أن يصل بين نقطتين سوى مستقيم واحد فقط.
-كل مستقيم يحوي نقطتين على الأقل.
بديهيات الانتظام:
-هناك نقطة واحدة فقط من بين ثلاث نقط لمستقيم واحد تقع بين النقطتين الأخريين.
-إذا كانت بين نقطتين مختلفتين من مستقيم فإنه توجد بينهما نقطة واحدة على الأقل.
بديهيات الاستمرارية: تفترض عدم وجود فجوات في أي مستقيم.
المصادرات(Postulales):(( المصادرة هي مبادئ موضوعة لاستنباط بعض الحقائق المبنية عليها، والعقل يسلم بهذه المبادئ مضطراً لعدم عثوره على غيرها ، فهي قضايا غير بديهية في نفسها ولكنها مع حاجتها إلى برهان لايمكن البرهان عليها)).
والمصادرات عند إقليدس هي مصادرات عقلية محضة يقوم العقل بفرضها كونها حالات ممكنة وليست ضرورية ((إقليدس يعني بالمسلمات أن أشكالا معينة هي أشكال ممكنة ومن هذه الأشكال:-مد خط مستقيم بين نقطتين-مد مستقيم إلى مالا نهاية-كل الزوايا القائمة متساوية))
التعاريف(Definitions): ((هي جملة من الحدود التي لابد من الأخذ بها غير معرفة حتى نستطيع تعريف الباقي بواسطتها)) لأننا لا نستطيع أن نمضي في تعريف المعرف إلى ما لانهاية ، ولذلك لابد من الوقوف عند حدود معينة نسلم بها من أجل تعريف الباقي على أساسها، فنحن لا نستطيع تعريف النقطة ولكن نسلم بها من أجل تعريف المستقيم.
وانطلاقاً من البديهيات التي وضعها إقليدس، استمد منها لا تناهي كل من المستقيم والمستوي بوصفهما يتمتعان بخاصيتي المكان وهما الاتصال والامتداد، فتعريف المستقيم أنَّه أقصر بُعد بين نقطتين لا يعني أن المستقيم محدود بنقطتين بل هو شرط لرسم المستقيم مكون من مجموعة لا متناهية من النقط تقع على استقامة واحدة وتمتد من الجهتين دون نهاية، ليس له ارتفاع ولا عرض. ولذلك تعامل إقليدس في كتابه المبادئ مع اللامتناهي، بوصفه خاصية للمكان محاولاً تجاوز مشكلة الأعداد الصماء التي ظهرت عند" فيثاغورث" هذه المحاولة كان قد سبقها محاولة قام بها إيدوكس* حيث((خلقت نظرية إيدوكس القطيعة مع النظرية الحسابية Yc´4د فيثاغورث التي طبقت للكميات القابلة للقياس فقط، إنها نظرية هندسية صرفة بأسلوب بديهي خالص جعلت كل الصلات بالمقادير القابلة للقياس أو غير القابلة للقياس غير ضرورية)) . فالهندسة الإقليدية استندت إلى كل من نظرية إيدوكس والمنطق الأرسطي لتتجاوز مشكلة الأعداد الصماء بشكل كامل ((لقد تحول المنطق برمته إلى شكل هندسي عند إقليدس... ، يعود هذا النمط من التعبير بدرجة أساسية إلى نظرية إيدوكس للتناسب التي رفضت التعبير العددي لأجزاء الخط المستقيم وبهذا الأسلوب تم تناول مسألة اللا مقايسة بصورة هندسية محضة، مما يقيد الحساب بالأعداد الصحيحة فقط ونسبها)) ، ووفقاً لبعض الباحثين فإن إقليدس: (( جعل الهندسة أي علم الأشكال المكانية العلم الرياضي الأساسي ألحق به علم الأعداد"[الحساب"] الذي قصر عن اللحاق بالهندسة في دقتها وشمول نظرياتها بسب ظهور مشكلة الأعداد الصماء )) .
وبرأينا فإنّ مشكلة الأعداد الصماء، وهي مشكلة في اللانهاية، كانت عاملاً حاسماً في ظهور الهندسة الإقليدية كفرع من العلم الرياضي مستقل عن علم الحساب في مصادراتها ونظريتها وبراهينها، وبالتالي أدت إلى انقسام موضوع العلم الرياضي إلى كم منفصل وكم متصل.
مشكلات اللانهاية في المكان الأقليدي
يرى بوانكاريه في كتابه العلم والفرضية أنّ الجذور الأولى للهندسة تكمن في الطبيعة (( فلو لم توجد في الطبيعة أجسام صلبة لما وجدت الهندسة)) ، بمعنى أنّ الهندسة تستمد من الطبيعة خواص الأجسام المادية دون أن تجرب على هذه الأجسام لأنها لست علما تجريبياً ولو كانت كذلك لكانت خاضعة وبشكل مستمر إلى مراجعة لا تنتهي.
كما يرفض بوانكاريه اعتبار بديهيات الهندسة وقائع تجريبية أو أحكام تأليفية قبلية كما يعتبرها كانط، ((لو كان الأمر كذلك لفرضت علينا تلك البديهيات نفسها بقوة لا يكون لنا معها أن نتصور القضية وضدها ولا أن نقيم عليها بناء نظريا)) فالمكان الهندسي ليس إطاراً مفروضاً على كل تصور من تصوراتنا ولو كان كذلك لاستحال تمثل صورة منزوعة من ذلك الإطار ولما استطاع العقل البشري ابتكار انساق هندسية أخرى لا إقليدية.
ويتمتع المكان الهندسي الإقليدي بخصائص مختلفة عن خصائص المكان الفيزيائي:
فهو مكان متصل،لا متناهٍ، ثلاثي الأبعاد(طول و عرض وارتفاع) متجانس في جميع نقاطه، كما يمتاز المكان في الهندسة الإقليدية بأنه مستو، و درجة الانحناء فيه صفر، ويمتد إلى اللانهاية من كافة الجهات، لا يحوي فجوات، نقاطه متسامتة، هذه الخصائص سمحت بفرض مسلمتي التوازي والتعامد* و هذه الخصائص تفرض السؤال التالي بقوة: هل يوجد متناهٍ خارج ما هو لا متناهٍ؟
يرى ابن سينا أن((النقطة لا توجد مستقلة أبداً إنها لا توجد إلا في الخط وهذا الأخير موجود في السطح والسطح متواجد في الجسم)) .
إذا في مصادرة إقليدس في التوازي فإن إمكانية رسم مستقيم من نقطة خارج مستقيم متضمنة في المقدمة على اعتبار أن هذه النقطة لا يمكن أن توجد خارج مستقيم وهذه إحدى المشكلات الأبستمولوجية التي انتقلت من المنطق الأرسطي إلى الهندسة الإقليدية والتي تعرف بما يسمى بالمصادرة على المطلوب، أي أنّ نتائج الهندسة الإقليدية متضمنة في المقدمات، وهذا ما يذهب إليه "رسل" بالقول:(( إنّ الثماني والعشرين نظرية الأولى من كتاب إقليدس تستعمل ضمنا لا صراحة عدة مقدمات مضمرة لم ينص عليها في ثبوت مقدماته .... وبأنّه لم يكن قبل "ديفد هلبرت" برهان هندسي واحد سليم، أي يستنبط نتائجه بدقة من المقدمات المصرح بها في بداية الهندسة ودون اللجوء إلى مقدمات أخرى مضمرة في ذهن الهندسي)) .
والنقطة في مصادرة التوازي عند إقليدس موجودة في مستقيم آخر، أي تنتمي إلى لا متناه آخر، وفي مصادرة إقليدس نتعامل مع مستقيمين لا متناهيين كل نقطة من احدهما تقابل نقطة من الآخر دون تقاطع بينهما وهذا التقابل بين اللامتناهيين هو الذي يفرض التوازي بين المستقيمين.
ويمكن القول في الهندسة المستوية إنه إذا أمكن إجراء تقابل بين نقاط مستقيمين لا متناهيين كان المستقيمان متوازيين، أما إذا وجدت نقطة مشتركة بين مستقيمان لا متناهيين فهما غير متوازيين، وبالتالي يجب أن يكون نص مصادرة التوازي على النحو الآتي "من نقطة خارج مستقيم لا متناهٍ، يوجد لا متناهٍ آخر واحد فقط النقطة تنتمي إليه بحيث يمكن إجراء تقابل بين نقاط كل منهما".
ويبرهن على المستقيمين المتوازيين لا يلتقيان في المكان الإقليدي وذلك بطريقة نقض الفرض، على النحو التالي:
إذا فرضنا أن المستقيمين المتوازيين يلتقيان في نقطة عندئذ نقع في تناقض مع مسلمة التوازي وبالتالي المتوازيان لا يلتقيان. أما بالنسبة لموضوعة"مصادرة" التوازي والتي تم اللجوء إليها لنقض فكرة تقاطع المتوازيين في المكان اللامتناهي فليست برهانية، إنما هي مجرد مواضعة علينا التسليم بصحتها، فإذا كانت صحيحة كان المتوازيان لا يلتقيان، ولكن ماذا لو كان المتوازيان يلتقيان في المكان اللامتناهي، كما هو حاصل في المكان الكروي؟
من جهة أخرى سواء سلمنا بصحة مسلمة التوازي أم لم نسلم بصحتها، تبقى هناك إمكانية لتقاطع المتوازيين باعتبارهما لا متناهيين وهذه الإمكانية قائمة ويمكن البرهنة عليها .
ومن جهة أخرى فاللامتناهيات تفلت من قبضة المنطق بحيث لا نستطيع تطبيق قوانينه عليها فالقطعة المستقيمة التي هي جزء من المستقيم تحوي عدداً من النقاط بقدر ما يحوي المستقيم، بمعنى آخر الجزء هنا مكافئ للكل!
مفارقة القطعة المستقيمة تشبه ماطرحه زينون الإيلي في إحدى مفارقاته التي تقوم على فكرة التأثير الكلي قاصدا بذلك إبطال الكثرة، فإذا كانت حبة القمح عندما تسقط على الأرض لا تحدث صوتا وحبة قمح أخرى لا تحدث صوتا فكيف مكيال من القمح يحدث صوتاً ؟
إذا كانت مفارقة زينون تقوم على تجاهل قدرة الإنسان على السمع، فإن مفارقة القطعة المستقيمة والتي هي منتهية من طرفيها مع المستقيم اللا متناهي من طرفيه تقوم من جهة على
محدودية القدرة البصرية للإنسان إذ لا تستطيع العين رؤية نقاط القطعة المستقيمة ومن جهة أخرى تعبر عن عدم قدرة العقل على القيام بتعداد عدد النقاط في القطعة المستقيمة لأن النقطة لا متناهية الأبعاد في الصغر فكيف يمكن أن يكون لها حجم أو أن ترى أو تعد؟
كيف يمكن لما لا أبعاد له(النقطة) أن يشكل ما له بُعد( الخط المستقيم له بُعد هو الطول).



#مازن_ريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفكر الديني والفكر الفلسفي
- اللامتناهي فلسفيا
- اللانهاية في المدرسة الأيونية


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مازن ريا - اللانهاية في الهندسة الاقليدية