أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مازن ريا - اللامتناهي فلسفيا















المزيد.....

اللامتناهي فلسفيا


مازن ريا

الحوار المتمدن-العدد: 4924 - 2015 / 9 / 13 - 02:09
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


للامتناهي فلسفيا:

يدل اللامتناهي من الناحية الفلسفية على اللامتناهي المطلقinfinte absolute ويقصد به الخالق وصفاته اللامتناهية وهذا ما يشير إليه صليبا في معجمه بالقول:
(( اللامتناهي بحسب الكيف يدل على الصفات التي يتصف بها الموجود الكامل, كالصفات الإلهية فهي لا متناهية))1 و المقصود بالكامل هنا هو لله الخالق، وهنا تطرح إشكالية فلسفية أثارت جدلا بين كل من المعتزلة و الأشاعره هل صفات هي الذات الآلهية أم إنها مفارقة عنه؟
إذا قلنا إن الصفات هي الذات الآلهية كنا أمام لا متناهي واحد فقط ينشأ عن هذا اللامتناهي"الله" عدد لا متناهي من المتناهيات هي الموجودات ، والسؤال هنا كيف ينشأ عن اللامتناهي ماهو متناهي؟
أما إذا قلنا أن الصفات مفارقة للذات كنا أمام لامتناهيان، والسؤال هنا كيف ينشأ عن لامتناهيان ماهو متناهي " الموجود الحسي والعيني"؟
يعتبر فيلون أول من قدم الحقيقة الدينية ضمن قالب فلسفي عندما اعتبر اللامتناهي هو الله فيجعل اللامتناهي ارفع وأسمى من كل ماهو متناهي لأن(( اللامتناهي هو الذي يعم ويشمل كل متناه ، وهو يحوي على صفات لا حصر لها ، بينما المتناهي يشتمل على صفات محدودة أو نهائية))2 أما صفات اللامتناهي فهي ذات طبيعة إيجابية لا سلبية، أما ماهو منبع الصفات السلبية؟ فيجيب فيلون بأن المادة هي المصدر.
يميز ديكارت أبو الهندسة التحليلية بين اللامتناهي واللامحدود إذ يقول: (( لا يوجد شيء أسميه لا متناهي بالمعنى الحقيقي، اللهم إلا إذا كنت لا أصادف حدودا من كل الجهات، وبهذا المعنى الله وحده لا متناهي، أما بالنسبة إلى الأشياء التي لا أرى لها نهاية البتة فقط من زاوية معينة مثل مدى الأماكن والفضاءات المتخيلة، كثرة الأعداد، قابلية الأجزاء الكمية للانقسام، وأشياء أخرى مماثلة، فإنني أسميها لا محدودة وليست لا متناهية لأنها ليست بلانهاية ولا بلا حدود من كل الجهات))4.
ذات الفكرة نجدها عند سبينوزا عندما يفرق بين المتناهي واللامتناهي من خلال تعريف كل منهما(( فالمتناه في ذاته هو ما يمكن حده بشيء آخر من نفس طبيعته))5، فالكتاب مثلا جسم متناه لأنه يمكن أن نتصور كتاب أكبر منه، أما لا متناهي هو الله باعتباره لا متناهي مطلق ((اعني بالإله كائنا لا متناهيا أطلاقا أي جوهرا يتألف من عدد لا محدود من الصفات تعبر كل واحدة منها عن ماهية أزلية لا متناهية))6، والله لابد أن يكون لا متناهي في ماهيته لأنه لو كان متناهي لكان في وسعنا افتراض وجود شيء آخر يحده، وكذلك يجب أن تكون صفاته لا متناهية لأن ماهيته لا متناهية وبالتالي توجد طرق لا متناهية يمكننا تصوره بها.
أما مذهب لايبتنز فكان محكوما باللامتناهي((فكل معنى محدد, أيا ما كان, وكل معنى لا يحتوي اللامتناهي, هو في اعتقاده معنى مجرد وناقص))7 ((فاللامتناهي الذي نجده في الكون و هو واحد من تلك اللا متناهيات غير الجمعية، والتي تقدم لنا السلاسل الرياضية نماذجها، والتي تتمثل بصورة جوهرية في استحالة البلوغ قط إلى الحد الأخير في متوالية من المتواليات، ولهذه اللامتناهيات غير الجمعية تكملة ضرورية، تتمثل باللا متناهي الجمعي الذي هو قانون السلسة الموجود وجوبا خارجها))8
يعتقد كانط البشر كائنات متناهية تعيش في عالم لا متناهي وهو تناول هذا اللامتناهي في كتابه نقد العقل المحض،من خلال قضيتين متناقضتين:
القضية الأولى:((أن للعالم بداية في الزمان وهو أيضا محصور بحدود المكان))9 ويقيم كانط الدليل على صحة القضية بطريقة نقض الفرض فإذا لم يكن للعالم بداية كانت كل لحظة من لحظات الزمن مسبوقة بزمان غير متناه وهذا تناقض لأن معنى اللانهاية في الزمان أن هناك سلسلة لا تتم أبدا، إذا بداية العالم شرط ضروري لوجوده.
أما الشق الثاني من القضية يبرهن عليه كانط باعتبار العالم معطى كلي لا يمكن أن يكون لا متناهي في أجزائه لأنه عندئذ لا يمكن الإحاطة به.
القضية الثانية: وهي عكس الأولى (( ليس للعالم بداية ولا حدود في المكان بل هو لا متناه بالنظر إلى أن الزمان أم إلى المكان))10لأنه لو كان للعالم بداية لكان تقدمها زمان وفي هذا الزمان تتساوى إمكانية وجود العالم من عدمه فلم يكن العالم ليوجد ولو كان للعالم حد لكان هذا الحد هو الفراغ وبالتالي لم يكن العالم محدودا إذا ليس للعالم بداية ولا حدود فهو لا متناهي.
أما الفلسفة الإسلامية فقد أخذت بالقول الأرسطي بأن اللا متناهي موجود بالقوة وليس بالفعل في حين أن المتناهي موجود بالفعل وليس بالقوة، فالكندي يحاول أثبات أن المادة متناهية بطريقة نقض الفرض حيث يفترض أن المادة لا متناهية ثم يصل إلى نتائج تناقض هذا الفرض ليستنتج أن المادة متناهية بالقول:((أن كل جرم لانهاية له فإنه إذا فصل منه جرم متناهي العظم فإن الباقي إما أن يكون متناهيا لعظم، وإما لا متناهي العظم.
الجرم المتناهي العظم فإنه أذا زيد عليه المفصول منه المتناهي العظم، كان الجرم الكائن عنهما متناهي العظم، و الذي كان عنهما هو الذي كان قبل أن يفصل منه شيء لا متناهي العظم، فهو إذن متناه لا متناه وهذا خلف.
إذا كان الباقي لا متناهي العظم، فإنه إذا زيد عليه ما أخذا منه صار أعظم مما قبل إن يزاد عليه أو مساويا له وهذا خلف أيضا ))11.
الكندي يفترض أن اللا متناهي يمكن أن يكون أكبر من لا متناهي، وهنا مكمن الخطأ فالأعداد الطبيعية ليست أكبر من مجموعة الأعداد الفردية، والتي هي جزء منها في اللا متناهيات يصبح الكل مساويا للجزء،أما ابن سينا يرفض وجود جسم لا متناهي بالفعل بالقول:((وكذلك يبين حال ترتيب الأعداد التي لها ترتيب في الطبع،بل الأمور التي لانهاية لها هي في العدم ولها قوة وجود وكل ما يحصل منها في الوجود يكون متناهي ولو كان بعد غير متناه وخلاء أو ملأ مكان لا يمكن أن تكون حركة مستديرة))12 وابن سينا يأخذ بقول أرسطو بأن اللا متناهي موجود بالقوة على افتراض أن العدم الذي قال به هو حالة الوجود بالقوة أما الموجود بالفعل فهو العالم باعتباره متناه((جملة العالم واحد متناه))13.
تثير العلاقة بين المتناهي واللامتناهي جدلا كبير عند فكر المتصوفة التى تقول بمبدأ الحلولي قول الحلاج:
أنا ياهوى وياهوى أنا.....روحان حلانا بدنا
فالعلاقة بين الذات الإنسانية والذات الآلهية هي علاقة بين ماهو متناهي وبين ما هو اللامتناهية، فالروح الإنسانية هي من الروح الآلهية الكلية ونفخنا فيه من روحنا فالروح الآلهية هي لا متناهية في حين أن الروح الإنسانية متناهية فكيف لما هو لا متناهي أن يكون متضمن فيما هو متناهي! وكيف لما هو متناهي إن يدرك ماهو لا متناهي معرفيا؟
يقول الحلاج: أنا ياهوى وياهوى أنا.....روحان حلانا بدنا
المراجع والمصادر
1- صليبا،جميل، المعجم الفلسفي،ص272.
2-بدوي، عبد الرحمن ، الموسوعة الفلسفية، ص351.
4-- لالاند، الموسوعة الفلسفية، ص650.
5-سبينوزا، علم الأخلاق ، ترجمة جلال الدين سعيد ، دار الجنوب، تونس،د.ت ،ص30.
6-سبينوزا ، المصدر ذاته، ص30.
7-برهيية ،أميل، تاريخ الفلسفة ،ج4، ص284.
8-برهيية ، أميل ، المصدر ذاته،ص293.
9-كانط،نقد العقل المحض، ترجمة موسى وهبة، مركز الانماء القومي، بيروت،د.ت،ص227.
10-كانط، المصدر ذاته، ص227.
11-آل ياسين، جعفر ، فلاسفة مسلمون، دار الشروق، بيروت ،1987، ص19.
21-ابن سينا ، عيون الحكمة، تحقيق عبد الرحمن بدوي،ط2، مركز دار القلم ، بيروت،1980،ص20.
13-ابن سينا، المصدر ذاته، ص22 .



#مازن_ريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللانهاية في المدرسة الأيونية


المزيد.....




- -ضربه بالشاكوش حتى الموت في العراق-.. مقطع فيديو لجريمة مروع ...
- آلاف الأردنيين يواصلون احتجاجاتهم قرب سفارة إسرائيل في عمان ...
- نتانياهو يوافق على إرسال وفدين إلى مصر وقطر لإجراء محادثات ح ...
- الإسباني تشابي ألونسو يعلن استمراره في تدريب نادي ليفركوزن
- لأول مرة.. غضب كبير في مصر لعدم بث قرآن يوم الجمعة
- القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير 4 مسيّرات للحوثيين فوق ...
- صاحب شركة روسية مصنعة لنظام التشغيل Astra Linux OS يدخل قائم ...
- رئيسا الموساد والشاباك يتوجهان إلى الدوحة والقاهرة لاستكمال ...
- مصر.. فتاة تنتحر بعد مقتل خطيبها بطريقة مروعة
- علاء مبارك يسخر من مجلس الأمن


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مازن ريا - اللامتناهي فلسفيا