أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مازن ريا - المشكلة الفيثاغورية















المزيد.....

المشكلة الفيثاغورية


مازن ريا

الحوار المتمدن-العدد: 4929 - 2015 / 9 / 18 - 17:25
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تأثرت الرياضيات في الحضارة اليونانية بفكرة المتناهي لأنها رأت الكمال في الأشياء المنتهية والمحددة بينما اللانهاية تفتقر إلى الكمال، ولذا حاولت استبعاد فكرة اللانهاية التي مالبثت أن ظهرت بشكل جلّي لدى فيثاغورث في حساب طول الوتر في مثلث قائم، طول كل من ضلعيه القائمتين واحد، كما ظهرت اللانهاية في حساب محيط الدائرة، إذ إن حاصل قسمة محيط الدائرة، وهو محدود، على طول قطرها وهو محدود أيضاً يساوي العدد π-;---;--* والمفارقة هنا هي أن ناتج قسمة متناهيين هو عدد لا متناه، قابلية القسمة هذه شكلت عقبة أبستمولوجية لم يستطع العلم الرياضي الفيثاغوري تجاوزها.
الفثاغوريون يقولون: ((إن اللانهاية توجد في الأمور المحسوسة لأنهم لا يجعلون العدد مفارقاً، وأن لانهاية خارج السماء))، لذا اهتم فيثاغورث وأتباعه بالأعداد ودراستها وتبيان خواصها، حيث قسموا الأعداد إلى فردية و زوجية كما ربطوا العدد الفردي بالمحدود لأنه لا يقبل القسمة مما يعني أنه متناه والعدد الزوجي باللامحدود لأنه يقبل القسمة باستمرار فهو لا متناه .
المبدأ الأساسي الذي ينطلق منه الفيثاغوريون لتفسير أصل الوجود هو العدد، والأعداد تنشأ عن الواحد بالتكرار فالعدد 2 ماهو إلا تكرار للعدد 1 والعدد 3 ما هو إلا العدد 2 مضافاً إليه العدد1 ...، إلا أن الواحد ليس من الأعداد، بل هو مساوٍ للوجود((الأعداد عندهم مادة الكون مهما اختلفت أشياؤه وصوره ولما كانت الأعداد كلها متفرعة عن الواحد لأنها مهما بلغت من الكثرة فهي واحد متكرر،كان الواحد أصل الوجود وعنه نشأ وتكون)) ، ((كان الواحد أول عدد تم خلقه وكان يقرن بالإله الخالق ......للواحد بعض الصفات المقدسة كالوحدانية والكمال والقدرة على الخلق وعلى الأولوية)) .
لانجد أي مكانة للعدد صفر* لدى الفثاغوريين ربما لأنهم اعتقدوا أنه يدل على اللاوجود
أمافكرة التكرار فهي مرتبطة بفكرة التناسخ التي آمن بها الفيثاغوريون، فالروح التي تنتقل من جسد إلى آخر هي شيء بسيط ثابت لا يعتريه النقص والتغير، انتقالها يفترض انتهاء لحظة زمنية والبدء بلحظة زمنية أخرى تكون الروح فيها حلت بجسد آخر، وبما أن الزمن هو سلسلة من اللحظات اللا متناهية، فإن بقاء الروح على حالها مرهون بوجود لانهاية من اللحظات، ولكن كيف يمكن تحقيق الانسجام بين المتناهي واللا متناهي؟
لم يميز الفيثاغوريون بين الكم المتصل والكم المنفصل عندما اعتبروا أن الأشكال الهندسية مجرد تعابير عن الأعداد ((العدد 1 يناظر النقطة، والعدد2 يناظر الخط، والعدد3 يناظر السطح والعدد4 يناظر الجسم)) فالخط لكي يرسم يجب تحديد نقطتين، والسطح حتى يحدد يجب معرفة ثلاث نقط على الأقل وهكذا ....
وكان من نتائج ذلك اختزال العلم الرياضي بالحساب" الأعداد" على حساب علم الهندسة وأصبح الحديث عن ((الأعداد الخطية كالعدد2، والأعداد المثلثة كالعدد3، والأعداد المربعة كالعدد4، والأعداد الهرمية كالعدد5،........ الخ فيصبح العدد واحد العنصر الأول لجميع الأعداد والمبدأ المفرد للعدد اثنين، والاثنان أول عدد زوج، والثلاثة أول مجموع للزوج والفرد، والأربعة الحاصل الأول لمضاعفة الزوج الأول.... والعشرة مجموع الأعداد الأربعة الأولى،.......)) .
ولعل ولع الفيثاغوريين بفكرة الوOقدCFة والانسجام بين المتناهي واللامتناهي هو ما أدى إلى المزج بين الكم المنفصل والكم المتصل ويتضح ذلك بمجرد تطبيق نظرية فيثاغورث على الهندسة الأمر الذي أظهر التناقض بين المتناهي واللا متناهي، فالوتر في المثلث القائم، كونه محدوداً من جهتيه، هو متناهٍ ولكنه في الوقت ذاته غير قابل للقياس، أي لا يمكن التعبير عنه بعدد صحيح لأنه غير متناهٍ عندما يكون أحد ضلعي المثلث القائم مثلايساوي الواحد, فالوتر في هذه الحالة يساوي2√-;---;--.
وعلى الرغم من أن فيثاغورث استطاع أن يصوغ المعارف الرياضية لدى حضارات الشرق القديم ضمن قالب نظري ناقلا إياها من الإطار المحسوس إلى الإطار المجرد، إلا أنه لم يستطع أن يقدم برهانا رياضياً على هذه المعارف، فالمعرفة الرياضية التي عرفها الفراعنة والتي تقول: "إن مساحة المربع المنشأ على طول قطر مربع آخر تساوي ضعفي مساحته" قدمها فيثاغورث في صيغة جديدة تقوم على العلاقة بين الوتر في المثلث القائم وطولي الضلعين القائمين، فمربع الوتر يساوي مجموع مربعي الضلعين القائمتين، وحين طبق ذلك على الأعداد وجد بعض الأعداد يحقق وبعضها الآخر لا يحقق مما شكل تناقضاً لم يستطع تقديم إجابة عليه فأمر أتباعه بكتمان السر.
مما سبق نستنتج أن فيثاغورث لم يستطع البرهنة على نظريته وهذا بخلاف ما يذهب إليه "محمد ثابت الفندي" بالقول:((برهن فيثاغورث لأول مرة في التاريخ النظرية التي تنسب إليه في الهندسة....... وذلك في كل الحالات الممكنة لتطبيقها.))
إذا أخذنا المسألة من وجهة نظر منطقية فإن صحة النظرية على بعض الأعداد لا يعني أنها صحيحة على جميع الأعداد، فالقضية الجزئية إذا كانت صادقةكانت القضية الكلية المتداخلة معها غير معروفة، فالاستقراء هنا غير ممكن لأننا لا نستطيع الانتقال من الجزء إلى الكل الذي يعبر عنه بقانون.
أما قول الفندي:((إن هذا البرهان الفيثاغوري معروف في كتب الهندسة)) ففيه شك ليس من جهة أن البرهان غير صحيح بل من جهة نسبته إلى فيثاغورث، يذكر"برتراند رسل" في كتابه "حكمة الغرب" (( وفي الهندسة اكتشف فيثاغورث النظرية المشهورة........... وإن لم نكن نعرف طبيعة البرهان الذي أثبتها به)) .
إذا فرضنا إن البرهان هو فيثاغوري فإننا ((لا نستطيع أن نقول إلى أي حد تعود هذه النظريات إلى فيثاغورث نفسه وكم منها يعود إلى الأعضاء المتأخرين في هذه المدرسة))وهذا الفرض أعتقد مستبعد لأن البرهان في كتب الهندسة يستند إلى نظرية في العلاقات العددية في المثلث القائم والتي تقول:" مربع ضلع قائمة يساوي جداء طول الوتر بمرتسم تلك الضلع على الوتر"، وهذه النظرية مستنبطة من تشابه أحد المثلثين القائمين الناتجين من رسم الارتفاع المتعلق بالوتر في المثلث القائم، وفكرة التشابه تستند إلى فكرة التوازي في الهندسة الإقليدية وهذه متأخرة زمنيا ً عن الفيثاغوريين.
إذاً يمكننا القول: إن فيثاغورث قدم صياغة نظرية للعلاقة بين الوتر في المثلث القائم وبين الضلعين القائمتين ولكنه لم يقدم برهاناً، لأن هذه العلاقة ألقت الضوء على مشكلة العلاقة بين المتناهي واللامتناهي والتي شكلت قلقاً معرفياً لفيثاغورث لم يستطع تجاوزه.
في كتاب الأصول الهندسية يبرهن أقليدس على استحالة وجود عدد صحيح أو عدد كسري يعبر عن أي عدد أصم، فالحاجة إلى تجاوز اللامتناهي رياضياً ارتبطت بالقدرة على تجاوز الأعداد الصماء، الأمر الذي دفع بالرياضيين إلى الاهتمام بما يسمى الكم المتصل بدلاً من الكم المنفصل، مما شكل الأرضية المناسبة لظهور الهندسة الأقليدية التي تأثرت بالمنطق الأرسطي، كل ذلك ساهم في تجاوز اللامتناهي من خلال البرهنة على صحة نظرية فيثاغورث هندسياً، ولذلك نجد أقليدس قد (( قدم الهندسة على نظرية الأعداد واشتق هذه الأخيرة من الأولى متأثراً بالفيثاغورين، ونسق هذا كله ولأول مرة في التاريخ في نسق أو بناء واحد محكم الحلقات، بحيث يستند النسق كله إلى تلك المقدمات أو المبادىء التي ميزها أرسطو في تحليلاته الثانية)) ففي الهندسة الأقليدية لا توجد قضية رياضية إلا ويبرهن على صحتها إما بشكل مباشر أو غير مباشر "طريقة الخلف" ونقطة الانطلاق في البرهان مجموعة من المبادىء التي استمد فكرتها من أرسطو الذي اعتبر أن اليقين لابد أن يستمد من علم برهاني يقوم على أسس واضحة.
المصادر والمراجع
1-أرسطو، الطبيعة، ترجمة اسحق بن حنين، تحقيق عبد الرحمن بدوي، ج1، الهيئة المصرية، 1984.
2-أمين،أحمد/ محمود، زكي نجيب، قصة الفلسفة اليونانية، .
3-ماكليش، جون، العدد، ترجمة خضر الأحمد/ موفق دعبول، عالم المعرفة، العدد 251،
* الهنود أول من استخدم الصفر كعدد قبل الف عام،لكن رياضيي اوروبا ترددو طويلا في قبول هذا الاعتراف،حتى القرن الثامن والتاسع عشر.
انظر (شبوير،زلانكا، الرياضيات في حياتنا،)
4- بدوي، عبد الرحمن، ربيع الفكر اليوناني،
5-الفاخوري، حنا/ الجر،خليل، الفلسفة العربية، ج1، دار الجليل، بيروت، 1993،ط3
6-الفندي، محمد ثابت، فلسفة الرياضية، .

7-رسل، برتراند، حكمة الغرب،
8-كوبلستون، فردريك، تاريخ الفلسفة، ترجمة إمام عبد الفتاح إمام،المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة،2002،



#مازن_ريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللامتناهي بين الوجود بالقوة والوجود بالفعل
- مفهوم الحركة عند زينون الايلي
- اللانهاية اصطلاحا
- اللانهاية في الهندسة الاقليدية
- الفكر الديني والفكر الفلسفي
- اللامتناهي فلسفيا
- اللانهاية في المدرسة الأيونية


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مازن ريا - المشكلة الفيثاغورية