أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - في طبيعة الدولة الراهنة وبنيتها














المزيد.....

في طبيعة الدولة الراهنة وبنيتها


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 4927 - 2015 / 9 / 16 - 09:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما وصلت إليه شعوب عربية من أوضاع كارثية، يتجاوز في أسبابه ثورات «الربيع العربي» إلى بنية الدولة ونظامها السياسي الذي يعاني مأزقاً تاريخياً تجلَّى في الفشل في بناء دولة بالمعنى الكلاسيكي. هذا إضافة إلى التعامل الإشكالي مع الفكر الأيديولوجي. فكان المجتمع السياسي الذي يُعتبر قاعدة الدولة، والمدخل إلى بنائها الفوقي، معرَّضاً دائماً للتجزئة الجيوسياسية، ولانقسامات تتعلق أسبابها بقضايا تاريخية. فراحت الدولة تتقلب على ذاتها بين أشكال «سلطانية» و «دينية» و «شمولية» و «استبدادية» و «أمنية» و «حزبوية» و «طبقوية» تهيمن على مداخلها ومخارجها مصالح فئوية تضيق باستمرار.

من جانب آخر، خضعت بنية الدولة وتركيبتها وطبيعتها وأشكال علاقاتها على نحو متزايد لجملة متغيرات عالمية منها مثلاً لا حصراً، أولاً: الثورة الرقمية والتكنولوجية الموصولة بالعولمة بنسختها الأميركية لتحوّلها إلى إحدى أدوات رأس المال والشركات العملاقة العابرة للحدود والجنسية. ولم تقف تداعيات ذلك هنا، فتجاوزتها إلى تنميط آليات التفكير وأشكال الممارسة اليومية. وانعكس ذلك على طبيعة العلاقة بين الفرد والنظم السياسية. ثانياً: عولمة رأس المال وتحديداً المالي الذي يشتغل عبر آليات وأشكال من الترابط والتشارط مع الشركات العابرة للحدود والجنسية على تقليص دور الدولة الاجتماعي والاقتصادي. ثالثاً: انعكاس موازين القوى السياسية والاقتصادية والعسكرية للدول المهيمنة، على طبيعة علاقاتها مع الأسواق والأنظمة والدول «النامية». رابعاً: الطبيعة التدخلية لرأس المال والشركات العملاقة والمؤسسات الدولية في القضايا الداخلية للدول. ويندرج ذلك في سياق عولمة رأس المال وعلاقات الإنتاج الرأسمالية السطحية والعادات الاستهلاكية للنمط الرأسمالي المهيمن.

وامتد تأثير ذلك إلى دور وطبيعة وآليات اشتغال الطبقة العاملة والقوى السياسية.

وساهم الخطاب الأيديولوجي العابر للجغرافيا السياسية، بغض النظر عن مشروعيته، في إقصاء الدولة عن عمقها الإنساني والاجتماعي. فلم يستطع الاشتراكيون تجاوز الدولة البرجوازية وبناء دولة العمّال، أما القوميون ففشلوا في الانتقال من الدولة القطرية إلى ضفاف دولة الوحدة، فيما الإسلاميون عجزوا عن إسقاط دولة «الكفر» وبناء دولة «الخلافة». ولم يستطع الديمقراطيون، في كنف الدولة التسلطية، أن يؤسسوا مجتمعاً مدنياً أساسه المواطنة وحقوق الإنسان. أما في ما يتعلق بمواجهة الخطر الصهيوني، فيحتاج بدوره إلى بناء أسس وعوامل المقاومة على مستوى الدولة والمجتمع، وذلك لم يتبلور بالشكل الأمثل حتى اللحظة.

ونتيجة عجز الأنظمة عن إيجاد حلول ديموقراطية لمسألة العصبيات والمذاهب والإثنيات والطوائف والعشائر، تحولت إلى عوامل تُنذر بتفكك الدولة، وارتكاس المجتمع إلى ما قبل-مدنية.

لقد شكّلت مصادرة الأنظمة للمجتمع المدني المدخل الأساس إلى الإجهاز على «الدولة». فنُزعت عنها صفة تمثيل مصالح وحقوق الجماعات والأفراد، ووضِعَت في موقع المواجهة مع التطور الاجتماعي. فالمشاريع الأيديولوجية الكبرى أجّلَت قضاياها الوطنية إلى أن تتحقق شعاراتها الكبرى. أما الحركات الإسلاموية، فلم تنجب غير الكوارث التي تهدد وحدة الأمة والمجتمع والدولة، فتعزز الإرتكاس من المستوى الوطني والقومي إلى الطوائف والمذاهب الخ.

لقد دخلت الدولة «الوطنية» وأنظمتها بفعل «ثورات الربيع العربي» وأسباب أخرى ذاتية وموضوعية في طور التصدع المُعيق لإمكان إعادة إنتاج ذاتية. أما بناء نِسَخ «ثورية» فمن الصعوبة بمكان، وذلك يتعلق بتركيبة قوى التغيير، وتراكبها على عوامل دولية وإقليمية تفكيكية.

وهذا يستدعي التأكيد على ضرورة تجاوز الأوضاع الراهنة انطلاقاً من المحافظة على وحدة المكونات الاجتماعية، والدفع إلى بناء دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية في سياق القطع مع الفيروس النيو ليبرالي الإحتلالي. ولن يكون ذلك بالاستمرار في صراعات تدميرية تهدد المنطقة العربية وشعوبها كافة. فـ «الثورة» ليست هدفاً بذاتها، لكنَّها تعبير عن مصالح سياسية واقتصادية اجتماعية. وعندما تناهضها فئات شعبية يُفترض أنها تُشكل حواملها المادية، فذلك يستدعي إجراء مراجعات نقدية لبنية «الثورة» الداخلية وأهدافها وأدواتها وحواملها.



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هجرة في الموت
- سوريا على صفيح ساخن
- العالم العربي نموذجاً: الدولة حين تأكل المجتمع
- في أوضاع الطبقة العاملة وتغيراتها البنيوية
- في مقدمات ثقافة العنف
- الدور الوظيفي ل «داعش» وأخواته
- إشكاليات الحل السياسي في سوريا
- سوريا: عتبة انهيار الأمن الغذائي
- هل ستكون اليونان بوابة للتغيير؟
- تجليات الإمبريالية الراهنة
- السباق إلى الهاوية
- حروب على الحضارة والتاريخ
- من تجليات الأزمة السورية
- المشهد السوري في سياق التحولات العالمية
- مقدمات أولية إلى نهضة
- في سوريا: دافعوا الضرائب هم الأفقر
- الترابط بين اليمن وسائر الإقليم
- تحولات عربية: اليمن ليس وحيداً
- خرائط تُرسم بدماء السوريين
- أربع سنوات من الصراع السوري: الحداثة التخلف


المزيد.....




- إعلام إيراني: إسرائيل تهاجم مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون الر ...
- زيلينسكي يعول على حزمة أسلحة أمريكية موعودة لأوكرانيا
- مصر تحذر من استمرار التصعيد الإسرائيلي الإيراني على أمن المن ...
- لحظة استهداف مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية (فيديوها ...
- لقطات من داخل مستشفى الفارابي بمدينة كرمنشاه غربي إيران عقب ...
- ترامب: الأمر مؤلم لكلا الطرفين.. إيران لن تنتصر بالحرب على ا ...
- هل مقعد 11a هو الأكثر أماناً على الطائرات؟
- نتنياهو: إسرائيل على طريق النصر وعلى سكان طهران إخلاء المدين ...
- -سي إن إن-: ترامب يتجنب المواجهة مع إيران لكن الجمهوريين يحث ...
- قتلى وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مبنى هيئة الإذاعة والتلفزي ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - في طبيعة الدولة الراهنة وبنيتها