أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد بولس - قيادة في امتحان، يكاد يكفي!















المزيد.....

قيادة في امتحان، يكاد يكفي!


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 4914 - 2015 / 9 / 3 - 10:24
المحور: الادب والفن
    


قيادة في امتحان، يكاد يكفي!

جواد بولس

كشفت المواجهة الأخيرة بين الحكومة الإسرائيلية والهيئات التمثيلية للمواطنين العرب في البلاد كثيرًا من الملامح غير المألوفة، وقد تكون هي الخليقة والطبيعية في تنظيم علاقات دولة مع مواطنيها، بيد أن الجميع في حالتنا، دأبوا على تشويشها وطمرها بأسمال غطّت على حقيقتها وأظهرتها، في ساعات الضرورة والحاجة، مشوّهةً أحيانًا، ومقنّعة بألف قناع وقناع في معظم الأحيان.

بعيدًا عن تفاصيل الخلاف المزمن بين الأقليّة الفلسطينية المواطنة في إسرائيل، وبين حكّام اسرائيل، وبعيدًا عن حقيقة ما حصّله القادة، أو لم يحصّلوه، من إنجازات مادية عينية أو وعود "نتنياهوية"مجرّبة، لن يقنعني أحد أن اللقاء القصير، والذي جرى في الفاتح من أيلول، بين أقطاب القائمة المشتركة مجتمعين ورئيس اللجنة القطرية للسلطات المحلية العربية، من جهة، وبين بنيامين نتنياهو وبعض مساعديه، من جهة ثانية، حقق المعجزة وشفى الجسد العربي المعذب من سياسات إسرائيلية رسمية أصابته ببرص مزمن، أو أنه عافى رئتين مسلولتين عاجزتين لمجتمع سقيم، وذلك،مع احترامنا، نحن العرب، لما يعنيه الفاتح من سبتمبر في أيام أمتنا! ومع هذا يبقى، برأيي، لهذا اللقاء أهمية بحجم البرعم، قد تصبح، كما يرجح كثيرون، ذكرى للتندر والوجع.

رب صورة خير من ألف مقال،

وأقصد تلك الصورة اليتيمة التي نشرت عقب ذلك الاجتماع، ويقيني أن لناشريها مقاصد وغايات. فاللقاء يتم في غرفة صغيرة، في وسطها طاولة مستديرة متواضعة، تحلقتها سبع كنبات صفّت متقاربة، وضمنت لجالسيها جوًا عائليًا حميميا، يكمله بساط قوقازي يغلب عليه اللون القرمزي الجسور، وعلى الحائط، المقابل للنوّاب العرب، تبرز لوحة، قد تكون للرسام الاسرائيلي "روبين"، تتصدرها بعض أشجار الزيتون وفي الخلفية تتراقص القدس الشرقية من بين الأسوار والأبرز من معالمها منطقة الحرم القدسي؛ في الصدر يجلس نتنياهو، وهو، بخلاف الضيوف، يبدو ضاحكًا برصانة،لا تليق بعدم لبسه ربطة عنق وضحكات ملأت وجوه القادة العرب وجمعت كل من أحاطوه، من ميمنة وميسرة، بحالة نفسية سعيدة واحدة، ذكّرتني بما كنا نردده صغارًا، أنا وأترابي في لعبة كانت لازمتها، "إحنا التلاتهسوا متل عامود الهوا.." وطبعًا مع اقتضاء استبدال التلاته بالزعامة، لتلائم الحال والحالة.

لا أستبعد أن يكون أحدهم، في أوساط نتنياهو، قد خطط لإخراج هذا المشهد، كما قد تعكسه تلك الصورة، وذلك للنيل من مصداقية من شارك من قادة المشتركة في ذلك الاجتماع، وبعضهم يدفعون اليوم ثمن ثقافة سادت في أروقة أحزابهم، يوم كانوا يجيدون حرفة مناكفة غرمائهم السياسيين والمزايدة عليهم والتقريع بصدق وطنيتهم، بأنماط لم تعرف حدودًا ولم تبق لرهانات المستقبل هامشًا أو لمفاجآت الدهر كوّة ولا لنوائب الواقع مسربًا، فكثيرون، خاصةً من جيل الشباب، أزعجتهم تلك الصورة، وأعمت أبصارهم، ولم يتفاعلوا مع أبعاد تلك الجلسة، ولا مع معانيها المتعددة. بعضهم يزايد عن جهل واندفاع صبياني، وبعضهم يعبّر عن شعوره الحقيقي إزاء الرجل وسياساته المعهودة المعروفة تجاه العرب بشكل عام وتجاهنا نحن بشكل خاص، وبعضهم تصرّف بشكل طبيعي كروبوت لقن في أروقة/مختبرات حزبه وأُقنع من قادته بوجوب الردح كلّما شاهد قائدًاعربيًا وطنيًا من حزب مغاير يجتمع مع مسؤول رسمي إسرائيلي،لاسيما إنكان وزيرًا أو رئيس وزراء.

من الواضح أن هنالك تفاوتًا بين دوافع القيادات العربية ومسببات انخراط بعضها في هذه الخطوة أو غياب بعضها الآخر، ومن الواضح أن قادة إسرائيل اليوم يراهنون على فشل هذه الوقفة الواحدة والاتفاق على كيفية مجابهة واقع لا يمكن له أن يدوم ولا أن يتفاقم ويستمر، ومن الواضح أن عناصر من المشتركة ما زالت تتلمس مصابيحها، في مساع للاستنارة والمضي في شعاب لم تطأها أقدامها في الماضي، ومن الواضح أن من استفز من لقاء نتنياهو له ذلك ولكن، بالمقابل، من يريد قراءة مغايرةً لهذا المشهد سيجده ناضحًا من تلك الصورة كذلك:قادة عرب قدّوا من معادن غير متشابهة،ورغم مواقف بعضهم المعادية سابقًا لمثل هذه اللقاءات، جاءوا للقاء رئيس وزراء الدولة، باسم أقلّية تعيش في إسرائيل، وقد عزم أفرادها أن يبقوا على أرضهم/وطنهم بكرامة من غير ذل ومذلة، وأن يكافحوامن أجل حقوقهم، وسلاحهم، الوحدة والعِلم والموقف الحكيم الصلب؛ شجعان، إذا أمكنتهم الفرص، وإذا رأوا عجيبةً صبروا لها، "فالدهر قد يأتي بما هو أعجب"!

لقد كان المشهد بعد انتهاء اللقاء برئيس الحكومة ضعيفًا، وغير مقنع، فعلاوةً على وجود هوّة سحيقة بين ما يعرفه الشعب وما يقوم به القادة، لم تحدد أهداف شرطية علنية واضحة للقاء نتنياهو ولم تعرض أي وثيقة تجمل ما توصل الفرقاء إليه من تفاهمات مع رأي موثوق يطمئن الناس عن أبعاد هذه الوعود ومكانتها القانونية.

لقد أعلن القادة عن تعليق إضرابهم في مشهد تخللته نقاشات حادة آثر بعضهم وصفها تجلّيًا للديمقراطية وكظاهرة صحية سائدة بينهم، وعلى الرغم مما أثارته تلك النقاشات من فوضى وضجة، لم تفلح بإخفاء خيبة كثيرين وامتعاضهم من تخلي القادة عن قضية المدارس الأهلية والموافقة، عمليًا، على فصلها عن سائر قضايا العرب!

موقف القيادة خطير، والضرر منها قد رسب في الفضاء العام وفي النفوس، ومهما حاول القادة، كما نشهد في اليومين الأخيرين، من جسر ما حفر من هوة في هذه الساحة واطلقوا من بيانات مساندة وداعمة، اعتقد انهم أخطأوا وأساؤوا للأمانة التي أوليت بهم.

كان على القيادة أن تتحلى ببعد نظر وحساسية فائقة لهذه المسألة وأن تصر على إبقاء قضية المدارس الأهلية في حضنها وعلى جدول أعمالها لضمانها قضية وطنية، حتى لو تلكأ بعض المسؤولين الكنسيين في مواقفهم أو تصرفوا بما قد يعارض تلك المكانة والمفاهيم.

لقد حاولت بعض الجهات استغلال هذه المسألة لتنكأ جرحًا لا وقت لنكئه، وبعض المغرضين اندفعوا مطالبين محاسبة تاريخ بعض المدارس ومواقف إداراتها، من باب زجها في تهمة الطائفية والانغلاقية وما إلى ذلك من محاور كان الأجدر إرجاؤها الى غير زمن ومحطة، والاكتفاء بتأمين الجهود في مواجهة هذه المحنة التي تهدد مستقبل أهم صروح وطنية أعطت لعقود طويلة، ما لم تعطه أحزاب وحركات كثيرة في تاريخ الأقلية الفلسطينية في إسرائيل.

إن غدًا لناظره قريب، وإلى أن نعود إلى ذلك يبقى التخطيط لما يتلو هذا اللقاء وصية وواجبًا، الاستعداد، وماضينا مرشد ومعلّم، للخيبة أمر الساعة وفرض لازم، فنحن في زمن نفتش فيه على قيادة، تنتصر لرأيها، ولا تجازف إلّا بحساب وعقل، ونحن بحاجة إلى من يقود بعزيمة وشجاعة من دون أن يهادن.

وأخيرًا، لا تحمّلوا المشهد أكثر مما حمله إنه لقاء برعم، يؤخذ بحجمه ووزنه ولا أقل ولا أكثر، فقضيتنا، لمن نسي، كانت وستبقى مع جماعة تسمن في الحرب وتهزل في السلم، فلنكن قومًا تزيدنا جلدًا وصبرًا قسوة السلطان.



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموت مع الكل رحمة
- محكمة التفتيش العليا
- سليم نخله، وداعًا
- إما معًا أو تحت أعواد المشانق
- معًا أو تحت أعواد المشانق
- أور سليم أو سليم الضو
- عندما ضاعت ساحة البلد
- خضر عدنان ليس أسطورة!
- ريفلين عدو أم صديق؟
- داعش هناك داعس هنا
- مقاوم برقة الماس وصلابته
- نركب البحر ونخشى من الغرق
- حديث انتخابات قادمة
- من ينقذ الفن في بلادي؟
- حين سألت طمرة : من منكم بلا خطيئة؟
- في بيتنا شريف
- عندما يصحو القضاة
- قديستان عاشقتان من فلسطين
- هل كل المضطهدين أخوة؟
- وطن يحن إلى وتر


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد بولس - قيادة في امتحان، يكاد يكفي!