أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - عندما يصحو القضاة














المزيد.....

عندما يصحو القضاة


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 4813 - 2015 / 5 / 21 - 10:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




قرأنا قبل مدّة عن استنفار بعض رؤساء محكمة العدل العليا السابقين ورئيستها الحالية، القاضية مريام ناؤور، وشاهدناهم وهم يرفعون أصواتهم محذّرين، مما تخطّطه القوى اليمينية في إسرائيل، والتي تستعد لإنزال ضربتها القاضية، وتحجيم مكانة وسلطة المحكمة العليا، وذلك في مسارين خطيرين، كما صرّح عنهما، جهارةً، بعض غلاة اليمين، وبدون خجل ولا تردد:

الأول، السعي لتغيير تركيبة اللجنة الخاصة بانتخاب القضاة، عن طريق إضافة أعضاء كنيست يمثلون قوى اليمين المتشدّد، وبذلك يتم تأمين أكثرية حزبية تكون لها الغلبة في تحديد هويّة القضاة المنتخبين ، وفقًا لولاءاتهم السياسية، وليس على أسس مهنية وموضوعية، كما هو مطلوب ومتّبع.

والثاني، العمل في الكنيست من أجل استصدار تشريع تُمنع بموجبه المحكمة العليا من التدخل في عملية التشريع، ويحظر عليها إلغاء أي قانون لأي سبب كان، حتى لو كان قانونًا عنصريًا يتعارض بشكل واضح مع مبادئ المساواة والعدل، كما قررت هذه المحكمة ونجحت في الماضي بشكل نسبي ومحدود جدًا.

لست في معرض التأريخ لمسيرة الجهاز القضائي الإسرائيلي، ولكن، لا بأس أن أذكّر بأمنيات بُناته في زمن البدايات، حين شرع، مباشرة بعد النكبة، مؤسسو ما كان حينها يعرّف بالكيان الصهيوني المزعوم، بتشييد حلمهم المستورد من أهراء الخير في أوروبا البيضاء المنتصرة على الشيطان، وسارعوا لأقامة محكمة العدل العليا وهيّأوها لتكون ساقية تملأ صحاري الشرق عدلًا زلالًا، وتفاخروا بها عروسًا تزيّن ليل مدينة لبست الحزن تاجًا والوجع؛ أرادوها حصن عدالة ضائعة، وبيت حكمة موروثة عن أجداد مضوا وتركوا للبشرية حروفًا وإغواء "عجل من الذهب"، ومنارة، تضيء سماء بلاد لم تعرف إلا الاستبداد طريقة للحكم، فاستوطن الخوف قلوب أبنائها والفقر ملأ خوابيها.



لم يدم حلم المنتصرين طويلًا. فعلى الأرض بقيت أقلّية عربية طينها من هنا، من هذه التلاع، ولم تخدعها نداءات الثعالب، ولا أوقعها شعر الفروسية والحماسة ولا دردبة الطبول؛ أقلية ساستها قيادة حكيمة مجربة لم ترقص على تناويح حداة شمألوا، ولا على لهب النشيد الذي كان يؤكد أنه على "باب قدس تدق الأكف ويعلو الضجيج".

كان الباقون قليلين، ولكنهم كانوا بحجم البرهان الكافي لتكذيب زيف الرواية وفضح هول المؤامرة والكشف عن عمق المأساة. عشرات الآلاف من سكان البلاد الأصليين حاكوا بمغازل قهرهم وملاحقتهم قصة شعب أرادوا له أن يصير كالغمام.

لم يستوعب قضاة المحكمة العليا تلك الحقيقة، تجاهلوها وتنكّروا للواقع، فصاروا حكّام محكمة مستعلية سقط العدل عنها، فطفقوا مع قادة الدولة الوليدة المنتشين بخمر نصرهم، يعزفون على "قوانينهم" ألحانا أدمت قلوبًا ومزقت الأوتار.

دروب آلام المواطنين العرب في هذه البلاد مرّت من أروقة هذه المحكمة، وسيأتي يوم يقوم فيه الباحثون باقتفاء مواطن الظلم الذي عشش في صدور قاعاتها وقضى على آمال كثيرين استنجدوا بعدل قضاتها، ساعة كان هؤلاء، فعليا، كإخوتهم، مستريبين من مجرد بقاء مواطنين عرب في دولة تمنوا لو جاءت يهودية خالصة.

لا شيء كالعنجهية يعمي عيون البشر ويجرد القلوب من دفئها. وأنصاف العدل كانت دومًا دروبًا للشيطان وأعوانه الظالمين، هكذا كان منذ بدأ الانسان مسيرة الحضارة والتقدم، وإسرائيل، مهما تجبّرت، لن تشذ عمّا علّمنا إيّاه التاريخ وبكاء الجن على الأرض! ففي كل قضيّة خاطبنا فيها قضاة المحكمة أكدنا أننا كأقلية مستهدفة قد نكون أول الضحايا، ولكننا لن نكون آخرها، وأكدنا لهم كذلك، طيلة عقود، أنهم، ساعة يفتحون الأبواب ليمرروا قانونًا عنصريًا بحقنا، نحن العرب، وليسوّغوا قرارًا تعسفيًا ضدنا، يشرّعون عمليًا، بوابات للظالمين ويزرعون أجنّة للشياطين التي لن تترك أحدًا لن يسجد لها صاغرًا حزينًا.



ومضت سنوات القحط عجافًا سبعًا وراءها ستون حتى بدأ مؤخرًا بعض قضاة المحاكم وآخرون ينحدرون من شرائح عديدة في المجتمع الإسرائيلي، يشعرون بانتشار تلك الأعشاب السامة في كل جهة وناحية، وبدأوا يخافون حصارها الخانق.

منذ سنوات بدت صورة المجتمع الاسرائيلي تتكشف بعوراتها والبلطجيون تقدموا حتى باتوا على عتبات البيوت، ولم يعد يهمهم تاريخ ضحيتهم ولا مكانتها، فكل آخر مغاير هو عدو، وكل من ليس معهم فهو ضدهم ويصير هدفًا ملاحقًا حتى الركوع أو الفناء.

عشرات من الاعتداءات مرّت كسحابات صيف، لم يكترث لها أحد،فلقد كانت ضحاياها عربية لم تسترع رمشة أو تنهيدة، ولكن عندما حاولوا قتل مفكر عالم كزئيف شطيرنهال بدأت وساوس الخوف تحرك بعضهم، وعندما هاجم وحش من سائبة تلك الفرق بيت يهونتان جيفن وهو رمز من رموز ثقافتهم وأيقونة صهيونية خالصة واعتدى عليه مباشرةً، استُنفر بعضهم الآخر، وعندما اعترضوا درب أحينوعام نيني وهي من خيرة وأشهر مغنّياتهم تأهب بعضهم وخاف.

ها هو صوت الخوف يجلجل في بعض جيوب المجتمع الإسرائيلي، فمئات مثل رئيس المحكمة العليا السابق،أهرون باراك، لا يخفون قلقهم من الهاوية التي بدأوا يرونها قريبة، ومن محاولات تدمير ما تبقى من بقايا قيم إنسانية سينتهي أجلها عندما سينجح المستبدون الجدد بتدجين قضاة المحكمة العليا علمًا بأن بعضهم دخلوها مدجنين آمنين.

أمّا نحن، عرب هذه الديار، فلن يفيدنا الخوف، ولكن سنستفيد حتمًا إذا تحالفنا مع من صحوا منهم وباتوا يخافون على مصائرهم ومصائر أولادهم.



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قديستان عاشقتان من فلسطين
- هل كل المضطهدين أخوة؟
- وطن يحن إلى وتر
- مطبخ المشتركة
- الحر كريم يونس
- في يوم البشارة
- بين يوم الأرض و - هاتكفا-
- من كان بحاجة لاعتذار؟
- وكفى بالتجربة واعظًا
- للمشتركة، لا بديل
- ليست لأنها مشتركة فقط...
- لأنها مشتركة..
- حين يخاف عاموس عوز
- ظلم في العدل العليا
- قائمة تفتش عن لغة
- ومض أم شرار؟
- ما قاله أبو الطيب في أهل العزم
- حين تعشق العرب ظلالها
- حليفنا ، أبراهام بورغ
- تصبحون على وحدة


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - عندما يصحو القضاة