أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين كركوش - مَن يقضي على التشيع : (فرقة الخشابة) أم (تدين) الشيعة الجُدد ؟















المزيد.....

مَن يقضي على التشيع : (فرقة الخشابة) أم (تدين) الشيعة الجُدد ؟


حسين كركوش

الحوار المتمدن-العدد: 4909 - 2015 / 8 / 28 - 13:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مَن يقضي على التشيع : فرقة الخشابة أم (تدين) الشيعة الجُدد ؟

القسم الأخير

في الحلقتين السابقتين ذكرنا شعراء شيعة فرقوا بين التشيع كخيار فكري والتزام سياسي نضالي ، وبين الحياة الواسعة وما تحتويه من متع حسية.
و بالإمكان إضافة آخرين مثلهم عاشوا في عصور مختلفة ، منهم:
الشاعر بن الرومي ( 221- ه283). أبو الفتح كُشاجم (ت 360 للهجري) ، ابو الرقعمق الأنطاكي (ت 399 ه ) ، علي محمد بن الحسين بن جمهور القني ، الشاعر سبط بن التعاويذي (519- ه583 ) ، الشاعر الشواء الكوفي الحلي ( 562-635 ه) ، أبو الحسين الجزار (601-672 ه ).
فالشاعر ابو الفتح كُشاجم كان (أماميا صادق التشيع) ، كما يصفه مؤرخو الشيعة. لكن التشيع عنده ليس البكاء واللطم والممارسات الشكلية. كان كُشاجم يعب من متع الحياة. وكان يجمع بين فكره العقائدي وبين الاستمتاع بالحياة.
كان كُشاجم يتغزل بالمرأة ، ويشبه خدها بركن من أركان الكعبة (فلم يزل خدها ركنا أطوف به). و كان كُشاجم يغني بصوت عذب ، ويستمتع بجلسات الطرب والشراب والغناء:
ولدينا ما تشتهي بَعدَ هذا من غناء يُنسي غناء الحمام
ثم من نرجس بصير وأعمى ونبيذ محلل وحرام

أما الشيعي ابا الرقعمق الأنطاكي فهو صنو (شقيقه) الشيعي بن الحجاج البغدادي ، في النهل من متع الحياة ، وفي التمرد ضد القيم الاجتماعية. كان ابو الرقعمق يسمى ( أمير الفحش) في الشام.
الأنطاكي المتحمس في دفاعه عن الشيعة و القائل (لا والذي نطق النبي بفضله يوم الغدير ما للإمام أبي علي في البرية من نظير) ، كانت له صولات وجولات في ميادين الغناء والطرب والشراب والموسيقى.
ولشدة شغفه بالحياة وإقباله على ملذاتها و لعمق راديكاليته و تفرده فأنه كان يتباهى علانية بمجونه :

وقد مجنتُ وعًلمتُ المجون فما أدعى بشيء سوى رب المجانات

و (المجون) الذي يتمسك به الشيعي أبو الرقعمق يعني ، عمليا ، التمسك بما يمليه عليه ضميره الفردي وقناعته الشخصية وأيمانه العقائدي ، من جهة ، ورفضه لمسايرة المألوف الاجتماعي الأخلاقي ، عن طريق مجاهرته بالتغزل بالمرأة وإقباله على الشراب و سماعه للغناء و ولعه بالموسيقى.
يقول الأنطاكي:

وذي دلال إذا ما شئت أنشدني وأن أردت غناء منه غناني
سقيته وسقاني فضل ريقته وجاد لي طرفه عفوا ومناني

كان الانطاكي يبحث عن المتع و المسرات ومجالس الغناء والموسيقى واللهو أينما كانت:

كم بالجزيرة من يوم نعمت به على تصاخب نايات وعيدان
والطل منحدر والروض مبتسم عن أصفر فاقع أو أحمر قان

أما الشاعر علي محمد بن الحسين بن جمهور القني فكان يجمع بين تشيعه وعشقه لآل البيت وبين عشقه للحياة الدنيا ، بما في ذلك إدمانه على شرب الخمر وسماعه الغناء.
و كما يروي الشابشتي (توفي سنة 388 ه) في كتابه (الديارات) فأن بن جمهور ، الذي ولد ونشأ في كنف عائلة مثقفة شديدة التشيع ، كان قد (تطرًح في مواطن اللعب ، وعاشر أهل الخلاعة ، وطرق الحانات). وكان ابن جمهور يقضي الكثير من أوقاته في اللهو، ومشاركة أصدقائه المسيحيين في الاحتفال بأعيادهم داخل أديرتهم. وهو القائل عن ذكرياته في واحد من تلك الديارات :

يا منزل اللهو بدير قُنًا قلبي إلى تلك الربى قد حنًا
أيام لا أنعَمَ عيش منًا إذا انتشينا وصحونا عُدنا

ولشدة تشيعه فأن ابن جمهور كان (يملي في مجلسه أخبار أهل البيت ، عليهم السلام) ، كما يروي الشابشتي ، لكنه ( إذا فرغ من الاملاء ، ابتدأ جواريه فقرأن بألحان ثم قلن القصائد الزهديات. فإذا فرغن من ذلك ، انصرف من انصرف واحتبس عنده من يأنس به ، وعمل الغناء والشرب.) و لابن جمهور أشعار فاضحة في الخمر والغزل واللهو.

و الشاعر سبط بن التعاويذي الذي يضعه بعض مؤرخي الأدب (في الصدر من الشعراء الشيعة) كان مخلصا لتشيعه وله قصائد كثيرة في الدفاع عنهم. لكن ذلك لم يمنعه من الانفتاح على الحياة المدينية الحَضرية ، و أن يعيش عصره ، الطافح وقتذاك بالملذات ، حتى الثُمالة ، و حد التفنن في (أتكيت) مجالس الشراب و الأنس :

إذا اجتمعت في مجلس الشرب سبعة فما الرأي في تأخير هن صواب
شواء وشمام وشُهد وشاهدُ وشمع وشادن مطرب وشراب


و كان الشاعر الشواء الكوفي الحلي يُصَنف ضمن المغالين في التشيع. وله قصائد كثيرة في مدح الشيعة والدفاع عنهم. وهو القائل (ضمنت لمن يخاف العقاب إذا والى الوصي أبا تراب ). لكن موقفه المبدأي ، بل حتى تطرفه المذهبي لم يمنعه من النهل من متع الحياة ، وفي مقدمتها العشق الجسدي وتمجيد الجمال:

قالوا حبيبك قد تضوع نشره حتى غدا منه الفضاء معطرا
فأجبتهم والخال يعلو خده أو ما ترون النار تحرق عنبرا ؟

وكان الشاعر الشيعي (البروليتاري) أبو الحسين الجزار (يُكنى هكذا بسبب ممارسته لمهنة الجزارة) يجمع بين التزامه المذهبي ، وبين عشقه الشديد للحياة الدنيا ومتعها و ملذاتها. فعندما تحل أيام عاشوراء يشعر الجزار بالغم والأسى:

ويعود عاشورا يذكرني رزء الحسين فليت لم يعد

لكن الجزار يعود لحياته الطبيعية حالما تنقضي تلك الأيام ، فيشرع يتغنى بالجمال وبالعشق وينهل من (اللذات):

لولا تثني خصره في ردفه ما خلت إلا أنه مغروز
والعيش مخضر الجناب أنيقه ولأوده اللذات فيه بروز

أما شعره الغزلي فنذكر منه بيتين:
وقالوا : به صلف زائد فقلت : رضيت بذاك الصلف
لئن ضاع عمري في من سواك غراما ؟ فأن عليك الخلف

هولاء المثقفون الشيعة وغيرهم كثيرون ، إذا ظهروا اليوم في العراق سيشعرون بغربة ويلزمون بيوتهم أو يفرون من هذا (الجحيم) إلى مناطق أخرى من الأرض ، هذا إذا ظلوا أحياء و لم تقتلهم المليشيات الشيعية.

إن كل يوم يمر يجعلني أتيقن أن (شيعة المحابس) أو (شيعة الكلاشنكوف ) أو (شيعة الخرطات التسع) أو (شيعة الوشاح الأخضر طباخو الهريسة أمام الكاميرات) ، الذين ظهروا في العراق سنة 2003 ، هم كائنات خرافية غريبة. هولاء لم يرد نظير لهم بين شيعة الأمس البعيد في كتب التاريخ.
و لم يرد نظير لهم بين شيعة الأمس القريب.
لم يرد نظير لهم في كتاب جعفر الخليلي (هكذا عرفتهم) ، و لم يرد شبيه لهم في كتاب علي الخاقاني (الكوكب الدري من شعراء الغري) ، ولم يذكر مثلهم الشيخ جعفر الشيخ باقر آل محبوبة في كتاب (ماضي النجف وحاضرها).
(شيعة المحابس) نبات (فطر) ظهر هكذا فجأة ، بدون جذر ، بدون مطامح كبرى ، بدون ثقافة ، بدون مشاريع مستقبلية ، بدون ديناميكية حضارية.

وهولاء هم الذين شوهوا التشيع ، ولطخوا سمعته وحولوه قرينا بنهب أموال اليتامى والفقراء والمعدمين ، بعد أن كان ثورة فكرية سياسية طبقية وقفت ، تاريخيا ، على يسار الأنظمة الحاكمة.
وبعد أن كان الطغاة والجبابرة الظالمون هم الأعداء الذين يناطحهم التشيع ، أصبحت (فرقة الخشابة) و المراهقون التعساء (الأيمو) وباعة الخمر البؤساء هم الأعداء الحقيقيين !

لقد هَزُلت.

لقد هَزُلت حتى بدا من هزالها كلاها وحتى سامها كل مفلس



#حسين_كركوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مَن يقضي على التشيع : (خمر) الحبوبي أم (تدين) الشيعة الجُدد ...
- من يقضي على التشيع : (خمر) الحبوبي أم (تدين) الشيعة الجُدد ؟
- كيف تغير المزاج الشعبي رأسا على عقب في العراق ؟
- التشيع الخضرائي
- إعصار ساحة التحرير يتقدم بسرعة قياسية
- تظاهرات ساحة التحرير: من (المشروطة) إلى ديكتاتورية (ما ننطيه ...
- تظاهرات ساحة التحرير: من (المشروطة) حتى ديكتاتورية ( ما ننطي ...
- تظاهرات ساحة التحرير: من (دستورية) الأخوند الخراساني حتى ديك ...
- قراءة في كتاب فالح مهدي : الخضوع السني والاحباط الشيعي. نقد ...
- الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (القسم الأخير)
- الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (4/5)
- الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (3/5)
- تمعنوا جيدا في هذه المواد الدستورية (2/5)
- الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (2/5)
- الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (1/5)
- ( النجف. الذاكرة والمدينة ) : مسح بانورامي للمدينة
- إيران تفجر قنبلة سياسية في العراق
- ماذا لو تجرع العراقيون السنة السم ؟
- مؤامرة، فلتسقط المؤامرة: على هامش الأحداث الإرهابية الأخيرة ...
- نفاق وانتهازية الأحزاب السياسية الإسلاموية في تعاملها مع الس ...


المزيد.....




- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين كركوش - مَن يقضي على التشيع : (فرقة الخشابة) أم (تدين) الشيعة الجُدد ؟