|
كيف كرَّم الإسلام المرأة وكيف ميَّز بين المرأة والمرأة.
جواد لزهر
الحوار المتمدن-العدد: 4908 - 2015 / 8 / 26 - 22:06
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
لطالما أرهق هذا السؤال المستسلمين عامتهم وعلماءهم في كل زمان ومكان، ماذا فعل الإستسلام للمرأة ؟ كيف كرمها ؟ هل أعطاها حقوقها كاملة ؟ وماهي واجباتها اتجاه هذا الدين حتى نستطيع أن نسميها مستسلمة كاملة ؟
كما أرهق هذا السؤال المستسلمين، أرهقني أنا أيضا لمدة سنين. ومنذ نعومة أضافري وبحكم ولادتي في مجتمع إستسلامي لا يعطي أجوبة شافية ومقنعة، لا لهذا السؤال وحسب، بل لأي سؤال يتعلق بماهية هذا الدين، فكل ما يستطيع أهل العلم أن يقنعوك به هو : هذه حمكة من عند الله، عقلك المحدود لا يستطيع أين يستوعب حكمة لله اللامحدودة، والجواب الكوني الذي ستسمعه من الغرب إلى الشرق "لاتسأل عن أشياء" بل اكتفي بفعل ما نفعله ودعنا نعيش بسلام. لكن هيهات هيهات أن أكتفي بأجوبة ناقصة، مكذوبة، لا منطقية. انقطعت فقط عن السؤال لكن الشك ظل يراوضني طول سنين طفولتي ومراهقتي، كلما نظرت إلى أفراد عائلتي، أبي وأمي، أخي وأختي يعود التساؤل ليوسوس في داخلي، لماذا أبي أحسن من أمي عند اله الصحراء ؟ لماذا أنا أو أخي أحسن من أمي وأختي مجتمعتين ؟ ماذا فعلا للإله حتى يجعل منهن مجرد أداة لتسلية الرجل وخدمته ؟ لماذا إذا مات أبي لن توزع ممتلكاته علينا بالتساوي ؟ أين الحكمة أن أخد ضعف ما ستأخده أختي ؟ لماذا إذا ذهبنا إلى المحكمة ستقبل شهادتي ولن تقبل شهادة أختي إلا إذا شهدت معها أمي ؟ أسئلة لا يعطيك الإستسلام أجوبة عليها، فقط كهنة الدين استطاعوا إعطاء بعض التبريرات والتفسيرات الواهية، فقط سفسطة وكلام فارغ، انظر مثلا ماقاله العلامة "العريفي" عن الغدة الناقصة عند المرأة التي تجعلها تنسى، لكن وياللأسف لم يستطع هذا العالامة الكبيرأن يتذكر اسم هذه الغدة وبرهن بذلك أنه مثله مثل المرأة ينسى ويتذكر وأن لا فرق بينهما.
عموما التمييز بين الجنسين ليس حكرا على الإستسلام، بل مورس ولازال يمارس حتى في بعض المجتمعات الراقية، ولكن على عكس الإستسلام، المجتمعات التي لم تستطع بعد المسواة بين الجنسين لا تدعي أنها جاءها رسول من السماء برسالة إلاهية وأن نبيها أتاها بالعدل والمساواة؛ أبدا لم يدعوا ذلك ولازالوا يعملون جاهدا لتكريس العدل وتقليص الهوة بين الجنسين.
ورغم أن الإستسلام لم يستطع أو بالأحرى لم يريد أن يحقق العدالة والمساواة بين الرجل والمرأة (وهذا يمكننا أن نجد له الألاف من التبريرات والتفسيرات باللف والدوران، كأن نقول أنه فيزيولوجيا هناك اختلاف، أن الرجل أقوى جسديا من المرأة، أنه عرفيا الرجل هو من ينفق على المرأة وعائلته و و و ...)، إلا أنه جاء ليكرس لما هوأسوأ من ذلك بكثير، جاء لتقسيم المرأة إلى قسمين، نعم إلى قسمين، المرأة الحرة والمرأة المملوكة، امرأتين لكل منهن حقوقها وواجباتها اتجاه دين الإستسلام. فتخيل معي عزيزي القارئ، دين سماوي من عند إله عادل، حكيم، خبير، رؤوف، لا يفرق بين عباده إلا بالتقوى، ولكن يلا الأسف أخطأ وفرق بين امرأتين، جعل إحداهنا حرة وجعل الأخرى أمة، وليزيد الطين بلة، جعل لكن منهن أحكاما مخالفة، فتعالو لنرى كيف حقق هذا الإله العدالة الكونية :
أولا وقبل أن أتطرق للموضوع أريد أن أذكر كيف كرم الله (أو بالأحرى كيف كرم محمد) المرأة، كرمها بأن جعلها تشارك زوجها مع ثلاث نساء أخريات، جعل ميراثها وشهادتها نصف ميراث وشهادة الرجل، جعل عورتها غير عورة الرجل، وربما نسيت الكثير الكثير، ولكن الغريب في الأمر هو أنه فرض عليها كل هذا الهول من التشريعات والذل لا لشئ فقط من مبدأ أن النساء مدينات لله بالحياة، نعم لقد أنقذهن من موت الوأد فأصبحن بذلك عبيدات الإله، فلا يطالبن بعد هذا بشئ أخر ويكتفين بلذة البقاء على قيد الحياة، فما الأفضل ؟ الموت أم العيش بسلام ولو تحت سلطة الرجل ؟
منطق غريب، لم ولن يستطيع المستسلم أن يجيبنا كيف حافض العرب الجاهليين على استمرار نسلهم مع تفشي ظاهرة الوأد ؟ هل كانوا يتقاسمون كالبكتيريا ؟ وكيف نفسر تعدد الزوجات في مجتمع كان من المنطقي أن لا تكون في امرأة ؟ على أي حال سنتجاوز هذه النقطة ولنستمر في سرد موضوعنا.
لما علمنا كيف كرم الإستسلام المرأة، تعالوا نرى كيف جعل منها فرقتين، كأنه لا يكفيها ما هي عليه. فهناك المرأة الحرة أو ما يسميه القرآن في بعض آياته المحصنات، وهناك الأمة أو ملكة اليمين كما جاء في عدة آيات في الفرقان.
يقول كاتب القرآن في سورة النساء (أكثر سورة أهانت المرأة) آية 25 : "وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ۚ-;- وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُم ۚ-;- بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ۚ-;- فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ ۚ-;- فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ۚ-;- ذَٰ-;-لِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنكُمْ ۚ-;- وَأَن تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۗ-;- وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"
وإليكم التفسير كما جاء مشروع الملك سعود للقرآن : "ومن لا قدرة له على مهور الحرائر المؤمنات، فله أن ينكح غيرهن، من فتياتكم المؤمنات المملوكات. والله تعالى هو العليم بحقيقة إيمانكم، بعضكم من بعض، فتزوجوهن بموافقة أهلهن، وأعطوهن مهورهن على ما تراضيتم به عن طيب نفس منكم، متعففات عن الحرام، غير مجاهرات بالزنى، ولا مسرات به باتخاذ أخلاء، فإذا تزوجن وأتين بفاحشة الزنى فعليهن من الحدِّ نصف ما على الحرائر. ذلك الذي أبيح مِن نكاح الإماء بالصفة المتقدمة إنما أبيح لمن خاف على نفسه الوقوع في الزنى، وشق عليه الصبر عن الجماع، والصبر عن نكاح الإماء مع العفة أولى وأفضل. والله تعالى غفور لكم، رحيم بكم إذ أذن لكم في نكاحهن عند العجز عن نكاح الحرائر"
هذه الآية دليل إلاهي لا مفر منه لتكريس التفرقة بين النساء في الإستسلام، فكيف تكون الواجبات والحقوق مختلفة بين امرأة وامرأة في نفس الدين ونفس المجتمع ونفس الحقبة الزمنية ؟ وأكد على ذلك قول الجبار "فعليهن نصف ماعلى المحصنات من العذاب". آية واضحة صريحة لا تحتاج لا تأويل ولا رأي شيخ ولا تفسير علامة.
هذه الآية وضعت علماء المستسلمين في مأزق لم يجدوا معه مخرج إلى حد الآن، أولا هي توضح بما لا يمكن معه التأويل أن النساء صنفين عند الله، الحرة والعبدة. هذا لم يعد لنا فيه شك، إلا عند المستسلم الرومانسي الذي لا يصدق أن الدين عنصري حتى بين أفراد نفس الجنس. ثانيا اخلفوا في نصف العقوبة ونوعيتها، فمنهم من رأى أنها 50 جلدة باعتبار أن الزنى يباقب عليه ب 100 جلدة، ولكن حد الزنى عند المحصن هو الموت رجما !!!! فكيف يكون نصف الرجم حتى نصف الموت ؟ هل يكون بنصف عدد الحجارة ؟ أو نصف حجمها ؟ وما هو نصف الموت ؟ سؤال يتخبط فيه المستسلم منذ زمن ولا يزال يتخبط فيه إلى حد الآن.
فبالله من يجيبنا على هذه التساؤلات ؟ من يستطيع أن يخرج الإستسلام من مأزقه دون أن يقع في التناقضات ؟ ستقولون ليس هناك رجم ؟ سنقول لكم إذن هناك عبودية وتمييز بين النساء، ستقولون الناس سواسية عند الله ؟ سنقول لكم لماذا نصف العقوبة إذن ؟
للأسف لم ولن تستطيعوا الجواب مهما حاولتم، أتعرفون لماذا ؟ فقط لأن محمد كذب عليكم، والخطاب الكاذب مهما كان لابد أن ينتهي به المطاف في حائط الواقع فينكسر كلوح من الزجاج.
نسيت أن أنوه إلى عورة الأمة التي جعلها محمد مثل عورة الرجل بينما عورة الحرة هي جسدها كله، فكلها عورة، كما أنها باقصة عقل ودين. فهنيئا للمرأة المستسلمة بكرامتها وليزدها الله من كرمه يوما بعد يوم.
دمتم بخير.
#جواد_لزهر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصداقية البخاري وكثرة أحاديث أبو هريرة
-
يسألونك عن الأنفال
-
مساهمة في مصحف -مالك بارودي- : سورة الحاسوب
-
المُحَاجَجَة في القرآن : حُجَجْ إبراهيم ضد حُجَجْ نمرود
المزيد.....
-
أدين بـ90 جريمة اغتصاب..42 حكما بالمؤبد لرجل في جنوب إفريقيا
...
-
-لا أحد فوق القانون-.. ضبط أحد أفراد الأسرة الحاكمة في الكوي
...
-
السلطات الفلسطينية في غزة تفند الرواية الإسرائيلية حول الفتا
...
-
محكمة العدل الأوروبية: الجنس والجنسية كافيان لمنح النساء الأ
...
-
السجن مدى الحياة في جنوب إفريقيا لرجل مدان بـ 90 جريمة اغتصا
...
-
حكم تاريخي بعد 90 جريمة اغتصاب على -البستاني المزيف- في جنوب
...
-
بتهمة الاغتصاب.. إيقاف متزلج على الجليد عن المنافسة إلى أجل
...
-
الأول من نوعه.. مستشفى ميداني أردني مخصص للنساء والولادة في
...
-
ما فقه المقاومة في الإسلام ودور المرأة والشباب في نصرة الأمة
...
-
مسؤولة أممية: العنف في لبنان أثّر على نحو نصف مليون امرأة وف
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|