أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جواد لزهر - يسألونك عن الأنفال















المزيد.....

يسألونك عن الأنفال


جواد لزهر

الحوار المتمدن-العدد: 4272 - 2013 / 11 / 11 - 22:03
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


إنَّ كل من إطلع على كتب السيرة النبوية و على آيات القرآن سيعلم لا محالة أن الدعوة المحمدية تميزت بإنقسامها إلى فترتين مختلفتين لكل منهما مميزاتها و خصوصياتها.

فترة مكية، كان فيها محمد مستضعفا لا حول له ولا قوة، فكان يدعو إلى سبيل ربه بالموعظة و بالتي هي أحسن، و آيات قرآنه كانت قصيرة فيها الكثير من الحكمة و إتسمت بالسماحة و قبول الآخر، فالله يهدي من يشاء و يضل من يشاء، ولكلم دينكم ولي ديني، و ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي أحسن...و غيرها الكثير من الآيات الأخرى.

فترة مدنية بعد الهروب من مكة (يسميها المسلمون الهجرة)، اشتد فيها عود محمد بعدما بايعه الأنصار و المهاجرين معه، فأصبح له عدد لابأس به من الجنود يستطيع به تغيير منحى دعوته من مسار الإختيار إلى مسار الإجبار. فبدأ يدعو إلى القتال و رفع راية السيف على كل من يتجرأ أن يقف عقبة أمام مشارعه و طموحاته، وكما كان محمد يعرف أن كل مشروع جديد لا يمكن أن ينجح إلى إذا تمَّ بالتسلسسل و التدريج، فقد نهج فرض القتال في ثلاث خطوات متتالية كانت أولها الإذن بالقتال لاكن من دون فرضه، فأنزل أول آية للقتال و هي : "أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا و إن الله على نصرهم لقدير* الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق الا أن يقولوا ربنا الله" سورة الحج آيات 39 ـ 40. فهذه الآيات تجعل القتال مباحا لا فرضا، و يدل سياقها على أنها تخص المهاجرين من دون الأنصار، فالمهاجرين هم من أخرجوا من ديارهم لا الأنصار، ولكن بحكم بيعتهم لمحمد فقد تكون الآية عامة و تخص الفرقتين.
بعد هذه الخطوة الأولى نهج محمد خطوة أخرى في تشريع القتال فجعله فرضا على كل مسلم ولكن للدفاع عن النفس و التصدي للمهاجمين فقط، فآنزل آية "و قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم" سورة البقرة آية 190. فهده الآية تحث على الدفاع و لا تدعوا إلى الهجوم. ولكن ما إن عظم جيشه وأصبح له من القوة و السلاح ما يستطيع به شن هجومات حتى أنتقل إلى الخطوة الثالثة ففرض قتال المشركين أينم كانوا سواء قاتلوا المسلمين أو لم يقاتلوهم، فأنزل الآية 5 من سورة التوبة "فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم و خذوهم و احصروهم و اقعدوا لهم كل مرصد فان تابوا و أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم"
هكذا إذن تم التدريج في فرض القتال أو الجهاد كما يحب المسلمون أن يسمونه، ولكن كيف تمكن محمد من ترغيب تابعيه في الجهاد ؟ فكلنا يعلم أن القتال أمر رهيب ولا يوجد إنسان عاقل على وجه الأرض يرغب في قتل أخيه الإنسان ولو كان يخالفه في العقيدة و الأفكار، فلماذا يغامر شخص بحياته في حرب إن لم تكن هناك مكاسب يجنيها من وراء ذلك ؟
فطن محمد إلى هذه القضية، و علم أن ترغيب تابعيه في القتال لا يمكن أن يتم إلى إذا قذَّم لهم ضمانات ووعود تعوضهم عن المخاطر و الخسائر التي قد تتعرضهم أثناء معاركهم. فتمت عملية الترغيب على محورين أساسيين، ترغيب مستقبلي أو معنوي و ترغيب حاضري أو مادي.
تدور فكرة الترغيب المستقبلي على وعد المقاتلين بالجنة الخالدة و ما فيها من ملذات و نعيم، و بما أن الترغيب يكون أسهل وأهون إذا قرن بما هو نادر أو بما يشتهيه المرأ في حياته و لا يستطيع توفيره، لقلة ماله أو صحته، فقد وعد محمد أصحابه ب 72 من حور العين على الأقل عدا أنهار اللبن و الحليب و الخمر و العسل، وكلها أشياء كانت قليلة و ناذرة في الجزيرة العربية، فهل يمكن لك أن ترغبَّ سويسري أو هولاندي بالحليب و اللبن ؟ حتما لا، فبلاده تكاد تغرق تحت إنتاج هذه المواد.
و حتى يزيد من ترغيبهم جعل الجهاد الطريق الوحيد الذي يضمن به المرأ دخول الجنة، بل و يغفر به كل الذنوب، و يقي به عذاب القبر و يشفع به 70 من أقاربه (رغم أن القرآن يقول أن كل إنسان مسؤول عن عمله ولا تزر وازرة وزر أخرى). يقول الحديث "للشهيد عند الله خصالا : أن يغفر له من أول دفعة من دمه، و يرى مقعده من الجنة، ويحلى حلية الإيمان، ويزوج من الحور العين، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويزوج 72 من حور العين، ويشفع في 70 من إنسانا من أقاربه" ولا أدري لماذا يذكر الحديث الحور العين مرتين !! و يأتي القرآن ليزكي هذه الفكرة بالآية 169 من سورة ال عمران "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون".
كان للترغيب الغيبي و للوعد بالجنة و نعيمها الدائم أثر كبير في تحريض المسلمين على القتال و الجهاد، ولكن لما لم تكن هذه الوسيلة كافية أقرَّ محمد محورا أخر للترغيب يتمشى مع شهوات الإنسان الدنيوية، فأحلَّ غنم ممتلكات العدو من ماله و نسائه وماشيته و حتى ثيابه، وهذا ما يسمى في الإسلام بالأنفال (أي شرع تقسيم غنائم الحرب).
فكان محمد يرَّغِب تابعيه في الحرب بالغنيمة، بل ذهب به الأمر أن جعلها خاصية من خصائصه التي لم يخص بها نبي من قبله فقال في حديث : "أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي، أرسلت للناس كلهم عامة، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض مسجدا، والتراب طهورا"و أنا لا أفهم كيف يمكن لرسول الرحمة أن ينصر بالرعب و تحلى له الغنائم ! وهذا حديث صحيح رواه البخاري و مسلم.
أصبحت بذلك الغنائم من أكبر المحفزات للخروج للقتال، حتى أن بعض المشركين في المدينة كانوا يريدون الخروج للجهاد مع جيش محمد، كحبيب ابن يساف الخزرجي، لكن محمد منعه، فأسلم بعد ذلك (أو بالأحرى نافق بالإسلام حتى يأذن له بالخروج). و حتى نعلم أن الغاية من الخروج للجهاد لم يكن هدفها الأول هو نشر دين الإسلام، بل كان هدف ثانوي، فقد كان يتم تقسيم أسرى الحرب من نساء و رجال بين محمد و جنوده كما كانت تقسم الغنائم المادية، فتصبح النساء ملكات يمين و يصبح من استسلم من الرجال ولم يقتل عبيدا يتصرف فيهم مالكهم كما يشاؤون، أن شاؤوا باعهم أو فادوهم أو حرروهم أو نكحوهم. و محمد نفسه تزوج من سبايا نساء الحروب، و حتى إن كان قد حررهم بعد ذلك فما الحكمة من نكاحهم قبل تحريرهم ؟ ألم يكن جديرا بنبي الرحمة و المحبة أن يعطي مثلا في كيفية معاملة الأسرى بأن يحرم تعبيدهم و نكاحهم وأن يحررهم مباشرة بعد أسرهم ؟ ألم تكن الغاية الأولى للجهاد هي نشر دين الله ؟
و حتى القرآن الذي هو كلام الله يتماشى مع هذا السياق، فالآية 24 من سورة النساء "و المحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم" تؤكد أنه يجوز وطئ ملكات اليمين حتى و أن كانت محصنات أي متزوجات، فتصور أخي المسلم إذا دخل جندي أمريكي أو فرنسي مثلا بلادك ووطئ زوجتك، ماذا كنت ستقول ؟
ولما ازدادت شدة الحروب و كثرت الغنائم بدأت تضهر خلافات و خصامات بشأن تقسيمها بين أتباع محمد، فلم يجد حلا لهذه المشكلة إلى أن ينزل آيات تبيح له أخد كل الغنائم و بعد ذلك يقسمها كما يشاء، "يسألونك عن الأنفال، قل الأنفال لله و الرسول فاتقوا الله واصلحوا ذات بينكم واطيعوا الله و رسوله ان كنتم مؤمنين" سورة الأنفال آية 1، و يدل سياق هذه الآية أنها أنزلت بعجالة لمعالجة مشكلة الخصام في قسمة الغنائم فأتباع محمد لم يكونوا ليقبلوا أن يتصرف في غنائمهم كيفما يشاء و إلى تقاعسوا عن الجهاد بل و كانوا ليرتدوا عن الإسلام لو بقي الحال على ماهو عليه. فكان لابد من آية جديدة لتنسخ آية الأنفال، فجاء محمد بالآية 41 من سورة الأنفال ليحل هذه المشكلة "واعلموا أن ما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين و ابن السبيل".

فأصبح بذلك تقسيم غنائم الحروب كالتالي :
الأسرى من رجال و نساء لمن أسرهم، يتصرف بيهم كما يشاء.
أسلاب القتلى (ما عليهم من ثياب و سلاح إلخ) لمن قتلهم.
الغنائم كلها لمحمد، يقسمها إلى 5 أسهم، أربعة منها تقسم بين جنوده، والخمس المتبقي تقسم إلى 5 أقسام أيضا، القسم الأول لحمد، الثاني لذوي القربى، الثالث لليتامى، الرابع للمساكين والخامس لابن السبيل.

من كل هذا نفهم أن الترغيب في الجهاد قسمين، ترغيب عام في الجنة و النعيم وهو ترغيب في الإسلام بصفة عامة أكثر ما هو ترغيب في خوض الحروب، و ترغيب مادي ملموس يقوي عزيمة و رغبة المجاهد في القتال، فيسيل لعابه لمجرد التفكير في الليالي التي سيمضيها مع سبياه و الممتلكات التي سيحصل عليها من دون جهد و عناء.

و أنا لا أفهم لماذا لم يحرض محمد أتباعه ويرغبهم على التجارة أو الفلاحة أو الصناعة، و لما لم ينبؤهم بأبار البترول تحت رمال صحرائهم و يعلمهم كيف يستخرجونها و يستفيدون منها.



#جواد_لزهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مساهمة في مصحف -مالك بارودي- : سورة الحاسوب
- المُحَاجَجَة في القرآن : حُجَجْ إبراهيم ضد حُجَجْ نمرود


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جواد لزهر - يسألونك عن الأنفال