أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أمين شمس الدين داسي - الميثالوجيا الشيشانية - بْحارْمات- *














المزيد.....

الميثالوجيا الشيشانية - بْحارْمات- *


أمين شمس الدين داسي

الحوار المتمدن-العدد: 4907 - 2015 / 8 / 25 - 15:40
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تطابق الميثالوجيا اليونانية "بروميثيوس" والشيشانية "بْحَارْمات"-1

الأساطير عن "أبطال الثقافات" موجودة لدى شعوب كثيرة، منهم على سبيل المثال: الإله "تُوت" المصري (Thoth)- إله القمر والحكمة والعِلم، له شكل آدميّ ورأس طائر أبو حَنَش؛ وانِّس السُّومَري (Oannes)- بطل أسطوري برأس وجسم سمكة وأرجل ووجه آدميّ، وهو بمثابة إله؛ كيتسال (Quetzalcoatl)- إله أسطوري لدى شعوب أمريكا الوسطى- طائر ضخم على شكل أفعى؛ العملاق أميراني الجورجي (Amirani)- بمثابة إله؛ بروميثيوس الإغريقي Prometheus - منقذ الناس من الاستبداد والظلم- بمثابة إله. وهكذا، يوجد في الميثولوجيا الشيشانية أيضا مثل هؤلاء الأبطال/ الآلهة. والميثالوجيا، هو علم الأساطير المتعلقة بالآلهة. والبطل الشيشاني، بمثابة الآلهة، هو "بْحَارْمات" P harmat ، الذي كان يغتنم/ يحصل على النار للناس. والشيء المُدهش للغاية أن "بْحَارْمات" في هيئته عبارة عن شخصية مطابقة بشكل كامل تقريبا لبطل قدماء اليونانيين، "بروميثيوس". وهذا يفتح أمامنا صفحات لم تكن معروفة للعلاقات الثقافية القديمة بين القوقاز وما بين الألياذة. نبيّن التطابق بين هيئة "بْحَارْمات" الشيشاني وما بين هيئة "بروميثيوس" اليوناني:
و"بْحَارْمات" (حسب صيغتنا تعكس اسم لـ "أستاذ/ معلّم مقدّس" أو "أستاذ/ معلّم- شمس") يُمثّل في الميثولوجيا الشيشانية كـ "نارت"، أيْ- كائن يفوق مكانة الناس الفانين العاديين، ويتمتّع بجَبَروت وبقوّة تفوق قوى البشر. وكذلك "بروميثيوس" في الميثولوجيا اليونانية- عبارة عن كائن جَبَروت، أي عملاق جبّار (تيتان).
حارب التيتانيون ضد الآلهة الأولمبية، والتي كان على رأسها "زيوس". وهذا الأخير وبعد جهد جهيد استطاع التغلب على التيتانيين وحَشْرِهِم في كهوف تحت الأرض.
وكذلك الأمر مع النارتيين، مثلهم مثل التيتانيين حاربوا الآلهة- اللاّربانية. وحسب الصيغ الشعبية المتباينة فالنارتياديين (من نارتيادا مثل أولمبيادا) إما أنّهم يموتون، أو يُزَجُّ بهم في كهوف تحت الأرض.
"بروميثيوس" يختطف النار من الآلهة أوليمبوس العظيمة، ويُهديها للناس، الذين لم يَعرفوا حتى ذلك الحين حرارتها ونورها.
"بْحَارْمات" يَعتلي قمة كازبِك (باش-لام)، ويتجه صوب قاصف الرعد، الإله "سيلا"، ويختطف من بؤرته النارَ ويمنحها للناس. (توجد لهذه الرحلة تفاصيل لا مجال لذكرها هنا).
في الميثولوجيا اليونانية، فإن العدو الرئيس للبشرية، والذي لا يريد لها أن تخرج من حالتها المتوحشة، هو نفسه "زيوس" العظيم.
في الميثولوجيا الشيشانية، فإن تصوّر عدو البشرية الرئيس يكمن في الإله "سِيلا". وكلاهما "زيوس" و "سيلا" يقطنان على قمم الجبال، والاثنان هما آلهة الرعود والصواعق. و"بروميثيوس" هو معلّمٌ ماهر. علّم الإنسان الحِرَف والعلوم. كما وحسب الميثالوجيا الشيشانية، فإن "بْحَارْمات" هو معلّمٌ ماهرٌ، حَدّادٌ. ويُعبِّر اسمه "بْحارْ"عن طبيعة عمله- حِدادةٌ، مُعَلِّمٌ.
كلا البطلان "بْحَارْمات" و"بروميثيوس"، يعرفان مسبقا أن عقابا صارما بانتظارهما لاختطافهما نيران الآلهة. وهذا العقاب يدركهما فِعلا.
يقود "بروميثيوس" إلى حُكم الإعدام تيتانان- القوة والسُلطة. ويُصَفِّدُه على صخرة ابن زيوس، جيفيست الأعرج. و"بْحَارْمات" يُصفِّدُهُ على الصخرة خادم "سِيلا"، أُوجُو، ذو العين الواحدة. وهكذا، يُقيَّد كلاهما على صخرة في مكان ما في القوقاز.
يُرسِل "زِيوس" نَسراً كل يوم إلى "بروميثيوس" المقيّد بالأغلال إلى الصخرة، ويَنقُرُ كَبِدَه، والذي يعود وينمو خلال الليل }كون ن. أ.، قصص وأساطير يونان القديمة، ريغا، 1955م، ص113{.
يُرسِل "سِيلا" مَلِكَ جميع الطيور" - إدا (نفس ذلك النَّسر) إلى "بْحَارْمات"، ويبدأ بِنقرِ كَبِدِه، والذي يعود وينمو خلال الليل }مالْساغوف أ. و.، أدب الملحمة الشعبية لـ نارت- إيرستخوي الناخيين، غروزني، 1970م، ص 38-39{.
كلا البطلان لا يستسلمان، ولا يطلبان المغفرة.
والإجابة التالية لـ إيسخيل في "بروميثيوس المقيّد" حول البطل، عندما يقترح عليه "غيرمِس" باسم "زِيوس" طلب الرحمة مقابل التَّوبة والنَّدَم:
"فُرِض عليك أن تسمع الكلام، كهدير البحر.
ولا تُفكِّرنّ حتى، بأن حُكم "زيوس"
سيجعلني أبكي كالمرأة.. خوفاً
وأقوم بمد يداي مستميحا تيران البغيض
لتحريري من هذه الأصفاد.
لا، دعه لا ينتظر هذا.. لأنه لن يحصل!
أما في نهاية الميثولوجيا عن "بْحَارْمات"، فجاء فيها:
يأتي الطائر- مَلِك الطيور، إدا، إلى "بْحَارْمات". وكلما يأتي يجلس على ركبتي "بْحَارْمات" ويسأله، مكررا نفس الكلام: "أيها التعيس والمسكين "بْحَارْمات"، إنك لمأسوف عليك! هل لم تندم بعدُ على فِعلَتِك؟ إن تُبتَ لن أقوم بأذيتك، وإن لم تتب، سأبقى أنقرُ كّبِدَك!".
و"بْحَارْمات" يُجيب كل مرة بنفس الكلام، رُغم شدة الألم والعذاب: "لا! لم أندم، لقد وهبتُ الناسَ النارَ، والدفئَ، والسعادة. لا سبب يدعو للندم جراء الفعل النبيل".
ويقوم إدا بِشَحْذِ منقاره الفولاذي على صخرة الصوّان، ويبدأ بنقر كَبِدِ "بْحَارْمات". لا يُصدِر نارت بحارمات أي أنين، ولا تلحَظُ في عينيه دَمعة. فهو يتحمل العذاب الجَهَنّميّ والآلام المبرّحة برجولة فائقة، وبهدوء وسَكينة. ومنذ ذلك الحين، المرعيّ عند الشيشان، أن الرجال لا يجدر بهم البكاء" }مالْساغوف أ. و.، أُو ك، مختارات، ص 42{.
كما تحدّثنا أعلاه، كِلتا الميثالوجيتان متطابقتان تماما باستثناء بعض الجزئيات الضئيلة. حتّى أسماء الأبطال متوافقة مع بعضها- "بروميثيوس" و "بْحَارْمات". ولن نُؤثِم بحقيقة القول، أن كِلتي الميثالوجيتان مستمدتان من نفس المصدر. ولكن السؤال أين ذاك المصدر؟ سنحاول الإجابة عن هذا السؤال. (يتبع).
----------------------------------------------------------------------------------
* حسن بكاييف/ مؤرخ شيشاني
الترجمة عن اللغة الروسية/ د. أمين شمس الدين داسي



#أمين_شمس_الدين_داسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حضور جون كيري كان من أجل توجيه إنذار لبوتين
- ورقة عمل للمؤتمر الشركسي- الشيشاني، عمان/ الأردن، 2014
- روسيا- الشيشان/ تطوير العلاقات ما بين الثقافات - أساس استقرا ...
- رمزان قديروف، في يوم روسيا الاتحادية:-ليس لدينا وطن آخر..-
- دور رمضان قديروف في تحرير الصحفيين الروس المعتقلين في كييف
- سوريا وتأزم الوضع بشكل خطير
- الكتابة الوايناخية ما قبل عهد التأريخ
- بوسطن/ تفجير غير مخطط له، أم عمل تخريبي إيديولوجي مخطط له؟
- عن الشيشان/ رد على سناء الموصلي


المزيد.....




- ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش ...
- الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن ...
- واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق ...
- شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
- إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق ...
- روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أمين شمس الدين داسي - الميثالوجيا الشيشانية - بْحارْمات- *