أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبحي حديدي - نوبل آداب... كردية؟














المزيد.....

نوبل آداب... كردية؟


صبحي حديدي

الحوار المتمدن-العدد: 1351 - 2005 / 10 / 18 - 10:17
المحور: الادب والفن
    


إذا صحّ ما تردد من أنّ الاكاديمية السويدية ناقشت، على أيّ نحو جادّ وترجيحي، احتمال منح جائزة نوبل للآداب إلى الروائي التركي أورهان باموك، أي أنه كان على لائحة المرشحين الصغرى، فإنّ الأمر فضيحة كبرى لتوّه، أي لمجرّد إيصال الرجل إلى هذا المستوى في التنافس. كأنهم، في التمثيل العربي للمسألة، ناقشوا احتمال منح الجائزة لأيّ روائي إشكالي، سياسياً وثقافياً وليس أدبياً وجمالياً، قبل مناقشة (وأقول فقط: مناقشة، وليس حتمية) احتمال أن يكون نجيب محفوظ هو الأوّل الأَولى بالجائزة.
ذلك لأنّ باموك، وبصرف النظر عن السوية الفنية لأعماله، كان على الأرجح سيحظى بالجائزة لاعتبارات لا تبدأ أوّلاً من مكانة منجزه الروائي في المشهد الأدبي التركي الحديث والمعاصر، بل للأسباب التي راجت على نطاق واسع في الصحافة الغربية: إشكالية ضمّ تركيا إلى الإتحاد الأوروبي، قضايا حقوق الإنسان وحرية التعبير في تركيا، ثمّ المشكلات القضائية الراهنة التي يعاني منها باموك نفسه بسبب إقراره علانية أنّ الأتراك ارتكبوا مجازر ضدّ الأرمن. وبالطبع، غنيّ عن القول إنّ المرء يصفق بحرارة لمواقف الرجل هذه، وفي ما يخصّ المجازر ضدّ الأكراد أيضاً، وليس الأرمن فقط. غير أنّ التصفيق إياه لا يكفي ـ من حيث المبدأ، إذْ حدث مراراً أنّ اعتبارات غير أدبية كانت كافية ـ لمنح نوبل الأدب.
والحال أنّ القضايا الكبرى في أدب باموك ـ وهي بالفعل هكذا: قضايا كبرى، ثقافية وتاريخية وسياسية ـ تتناول انشطار الهوية التركية الحديثة بين شرق وغرب وإسلام وعلمانية وفقر وغنى وقِدَم وحداثة، فضلاً عن أثقال التركة العثمانية في هذه الثنائيات جمعاء. ولهذا لم يكن مدهشاً، رغم أنّ الواقعة ينبغي أن تدهش، أنّ المفوّض الأوروبي لشؤون التوسيع أوللي ريهن اجتمع مع باموك أثناء زيارة رسمية لتركيا، للبحث في... مفاوضات ضمّ تركيا إلى الإتحاد الأوروبي! كان ذلك الإجتماع يوجّه رسالة سياسية بالطبع، وسوى تغليب هذا الجانب على الجوانب الثقافية أو الأدبية، فإنّ الواقعة كانت كفيلة بأن تثلج صدور الأدباء الأتراك، بلا استثناء.
أعود، بعد هذا، إلى مسألة الأديب الأَولى بالجائزة، دون منازع في يقيني، وأقصد ياشار كمال. الاعتبارات الأدبية التي تجعله المرشح الأفضل على صعيد الأدب التركي كثيرة ومتنوّعة في آن، أبرزها بالطبع أنه أديب محليّ وكونيّ في آن معاً، على شاكلة ذلك المزيج المدهش الذي اتسم به أدب الأمريكي وليام فوكنر. ثمة بقعة جغرافية ـ بشرية منتقاة لأسباب ليست مصطنعة أبداً، تحمل سمات إنسانية وبيئية معقدة، تنطوي في الباطن كما في السطح على أساطير وشعائر وحكايات محلية مستقلة بذاتها. لكنها أيضاً قادرة على صناعة رموز كبرى كونية، تبدأ من تمثيل القرية وتنتقل إلى تمثيل الأمّة والثقافة وتنتهي إلى تمثيل قِيَم إنسانية عليا تشترك فيها كلّ شعوب وحضارات. بقعة جيو ـ بشرية كهذه كانت مقاطعة «اليوكناباتاوفا» عند فوكنر، وعند كمال كانت وما تزال سهول منطقة «شوكروفا» في جنوب الأناضول.
ومن الطبيعي أنّ التقاط تفاصيل النسيج الإجتماعي والرمزي والأسطوري والفولكلوري لمنطقة من هذا النوع، تضمّ الأكراد والتركمان والأرمن واليزيديين والعرب والشركس والأتراك أنفسهم، يتطلّب مقاربة ملحمية شاملة لعلاقة البشر بالمكان الرعوي والحكاية الواقعية. ولهذا فقد توجّب أن تأخذ روايات ياشار كمال (قرابة 63 في الإجمال) صيغة مطوّلات متسلسلة في ثلاثيات ورُباعيات، ويواصل البطل الروائي الواحد (ميميد، سلمان، صالح، ...) رحلة طويلة (شبه عوليسية، ولكنها برّية) في القرى والبلدات والسهول والجبال؛ وأن يستعيد تواريخ الماضي مثل وقائع الحاضر، دون أن يغيب عنه أفق المستقبل؛ وأن ينطق بلغات عدّة كردية صورانية تارة، وتركية وتركمانية وعربية وأرمنية طوراً.
وياشار كمال أديب كردي ـ تركي، ولهذا فإنّ منحه جائزة نوبل سوف يكرّم أدب الكرد أوّلاً، وأدب تركيا ثانياً. وفي نظري أنّ الثقافة الكردية، خصوصاً في هذا الطور من استفاقة شعوب العالم على ما حاق بالكرد من ويلات ومظالم من جهة، وعراقة ما قدّمه الكرد من إسهامات ثقافية أصيلة في اللغات التي استضافتهم (المرء يفكّر، على الفور، بأدوار الشاعر والروائي الكردي ـ السوري سليم بركات، ليس في إغناء الأدب العربي وحده، بل في الارتقاء باللغة العربية ذاتها، وصياغة بيان عربي رفيع بديع)، من جهة ثانية.
نوبل كردية، في عبارة أوضح وأكثر إنصافاً!
وما المانع، في نهاية المطاف؟ بل الأحرى السؤال: ما الذي منع حتى الآن؟
في ما يخصّ الأدب ذاته، لا يختلف اثنان على أنّ ياشار كمال أَولى بالجائزة من أورهان باموك، بل لا مجال للمقارنة بين الإثنين في تقديري. وفي ما يخصّ أخلاقيات الأديب، هل تعرّض باموك إلى مشكلات قانونية تفوق ما عاناه ياشار كمال على يد السلطات التركية، عسكرية ومدنية على السواء؟ وهل صحيح، كما يتفاخر باموك أنّ أحداً قبله لم يتجاسر على الإشارة إلى مذابح الأرمن والأكراد، أم أنّ كمال سبقه إلى موقف أكثر شجاعة منذ سنوات، ودفع الثمن؟ وإذا صحّت الأقاويل، كيف حدث أنّ الأكاديمية السويدية وضعت باموك على لائحة المرشحين الصغرى، قافزة بالضرورة فوق قامة شامخة... شامخة؟ وهل يصحّ القول إنّ انتماء كمال الكردي هو، وحده، الاعتبار الذي جعل قفزة كهذه ممكنة؟



#صبحي_حديدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تغييب أو غياب غازي كنعان: مَن سيستأجر السفينة الغارقة؟
- أيّ نزار قباني يسلسلون؟
- برنارد لويس وتركيا الأوروبية: كأننا لم نحرّر فيينا من العثما ...
- مفاجآت ال 100
- استفتاء الجزائر: المصالحة الوطنية أم تبييض الجنرالات؟
- فرد هاليداي والأشغال المتعددة لخبراء الشرق الأوسط
- افتقاد إدوارد سعيد
- أمريكا في القمم الكونية: تصنيع المزيد من الإرهاب في السفوح
- لهيب ما قبل 11/9
- فوكوياما عشية 11/9: ثمة ما يدعو للندم في كلّ شيء
- التهريج الملحمي
- خطاب الرئاسة السورية، حيث المفاضلة رَجْعٌ بعيد متماثل
- محمود درويش والتفعيلة المنثورة
- بات روبرتسون ومرآة تنظير اليمين الأمريكي المعاصر
- -محروسة- جمال حمدان
- العراق المعاصر حسب كيسنجر: غنيمة الذئاب أم الأفلاطونيين؟
- صمويل بيكيت بلا حدود
- نتنياهو أمام الباب الدوّار: مَن الخارج؟ مَن الداخل؟
- عطش التاريخ
- مبايعة عبد الله: ميزان الذهب بين القبيلة والفتوى والدولة


المزيد.....




- خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية بالاسم فقط “هنــــ ...
- في ذكرى رحيل فلاح إبراهيم فنان وهب حياته للتمثيل
- الفنان صبيح كلش .. حوار الرسم والتاريخ
- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبحي حديدي - نوبل آداب... كردية؟