أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صبحي حديدي - مفاجآت ال 100














المزيد.....

مفاجآت ال 100


صبحي حديدي

الحوار المتمدن-العدد: 1337 - 2005 / 10 / 4 - 11:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نشرت شهرية Foreign Policy، الدورية التي يصدرها معهد كارنيغي الأمريكي الشهير، ما اعتبرته لائحة الـ 100 شخصية الأكثر تأثيراً ضمن الوظيفة التي يطلق عليها الغرب صفة "المثقف العمومي" Public Intellectual، إذا جاز استخدام العمومي بهذا المعنى. ورغم أنّ التحرير استفتى القرّاء في مشارق الأرض ومغاربها، من موقع المجلة على شبكة الإنترنيت، فإنّ "المزاج" السائد في الاختيارات يرجّح كفّة القارىء الغربي عموماً، والأمريكي بصفة خاصة.
ومن هنا بعض المفاجآت...
وسأبدأ من واحدة تهمّني شخصياً، بسبب انهماكي في دراسة الشعر تحديداً، هي أنّ اللائحة لا تضمّ أيّ شاعر البتة، مقابل تسعة روائيين! التفصيل المدهش الأوّل ضمن هذه المفاجأة ذاتها، أنّ النيجيري شينوا أتشيبي (الشخصية الأهمّ في الأدب الأفريقي المعاصر بأسره ربما، والروائي الكبير الذي كان أحقّ بجائزة نوبل من مواطنه وولي شوينكا) يتصدّر لائحة الـ 100. كيف يمكن للشاعر أن يغيب نهائياً عن موقع المثقف العمومي المؤثر، ولماذا؟ وكيف أمكن لروائي، أفريقي نيجيري، أن يتفوّق في التأثير العمومي على أمثال البابا بنيديكت السادس عشر، واللغوي والمفكر السياسي الأمريكي نوام شومسكي، والفيلسوف الفرنسي جان بودريار، والمؤرخ البريطاني إريك هوبسباوم، والفيلسوف الألماني يورغن هابرماس، والمؤرخ الأمريكي بول كنيدي، والإقتصادي الهندي أمارتيا سين، والعشرات ممّن يأتون بعده في اللائحة؟
التفصيل المدهش الثاني أنّ لائحة الروائيين لا تضمّ من أبناء الغرب وأمريكا سوى الإيطالي أمبرتو إيكو (19)، وتضمّ من أبناء العالم الثالث الأسماء التالية: ج. م. كويتزي (8، جنوب أفريقيا)، غاو تسينغ جيانغ (26، الصين)، ها جين (35، الصين)، عاموس عوز (67، إسرائيل)، أورهان باموك (69، تركيا)، سلمان رشدي (78، الهند)، وماريو فارغاس يوسا (88، البيرو)، فضلاً عن أتشيبي بالطبع. وثمة الكثير من الدلالات في وجود هذه الأسماء ضمن هذا الترتيب، قد يكون بعضها ثقافياً صرفاً ينبثق من نزوعات فكرية وتاريخية وجغرافية، وقد يكون بعضها فنّياً بالفعل يرتكز إلى تثمين السوية الفنّية العالية التي تتسم بها أعمال أتشيبي أو ها جين مثلاً، ومن المرجّح أن عوامل سياسية محضة قد طغت في تفضيل بعض الأسماء على سواها...
المفاجأة الثانية، إذا صحّ أن نعتبرها كذلك بالفعل، هي وجود ثلاثة أسماء عربية، فقط لا غير (مقابل 38 من أمريكا، و12 من بريطانيا، و ـ لمَن يهوى المقارنة ـ 2 من إسرائيل!)، هم: الفلسطيني سري نسيبة (65، وقد اعتبرته اللائحة فيلسوفاً!)، والمصري ـ القطري يوسف القرضاوي (73)، والمصري طارق رمضان (75، واعتبرته اللائحة سويسريّ الجنسية)، وآية الله علي السيستاني (83، واعتبرته اللائحة إيرانياً عراقياً). وأمّا التفصيل الأهمّ في هذه المفاجأة فهو أنّ ثلاثة من الأربعة على صلة مباشرة بالإسلام الشعبي، الأمر الذي يدلّ من جديد على حال الاهتمام الواسع الذي أخذ الإسلام يحظى به في الغرب والعالم، كما يدلّ أيضاً على استمرار واقع التجهيل المتعمّد في ما يخصّ القضية الفلسطينية (سري نسيبة شخصية إشكالية لا ريب، ولكنه لا يمارس ذلك التأثير الملموس الذي يبرّر انفراده بموقع المثقف الفلسطيني العمومي).
ثمة، هنا، تفصيل لافت وقد يكون مبهجاً في آن معاً، هو أنّ برنارد لويس (المؤرّخ المعروف المختصّ بالإسلاميات، والرجل الذي استحقّ بالفعل لقب "بطريرك الإستشراق") يأتي في المرتبة 57، بعد الفرنسي جيل كيبل (48) الذي يشتغل بالإختصاص ذاته ولكنه يختلف عن لويس في مدى ما تحمله كتاباته من نزاهة فكرية وأخلاقية تجاه الموضوعات الإسلامية ذاتها. هذا يعني أنّ الناس، إذا اتفقنا أساساً على دور المثقف العمومي، أخذوا يتجرّدون أكثر فأكثر من من تلك التنميطات والأساطير الإستشراقية التي يواصل أمثال لويس إنتاجها وإعادة إنتاجها واجترارها وترويجها. ويعني كذلك أنّ العموم بدأوا بالإلتفات جدّياً إلى أصوات أخرى، وربما منهجيات مغايرة تماماً، في الحقول المعرفية ذاتها.
ما هو غير مفاجىء أنّ شرائح واسعة ممّن صوّتوا على ترشيح الـ 100 ما تزال تمنح مصداقية عالية لأفكار وكتابات وتنظيرات أمثال الفيلسوف الفرنسي اليهودي ألان فنكلكروت (23)، الأشبه بفضيحة فكرية مستديمة؛ والصحافي والمعلّق الأمريكي توماس فريدمان (24)، الذي لا تحتاج انحيازاته السياسية والأخلاقية إلى تعليق؛ والكاتب والمنظّر السياسي فرنسيس فوكوياما (25)، صاحب النظرية الأشهر حول نهاية التاريخ؛ والكاتب والمعلّق البريطاني كريستوفر هتشنز (38)، أحد القلائل الذين ما يزالون يؤمنون أنّ غزو العراق كان صائباً وعادلاً وصانعاً للديمقراطية؛ والمفكّر السياسي الأمريكي صمويل هنتنغتون (41)، صاحب النظرية الشهيرة حول صراع الحضارات. وفي المقابل، قد لا يكون مفاجئاً تماماً أنّ شومسكي يسبق هؤلاء جميعاً، ويأتي في المرتبة السابعة.
ويبقى، ختاماً، أنّه لا الدهشة ولا العجب ولا المفاجأة تنفع في تفسير وجود الصومالية ـ الهولندية أعيان حرسي علي في المرتبة 37 من القائمة ذاتها، إذْ لا نعرف أيّ "فكر" أنتجته هذه المفكّرة العمومية، ما خلا ظهورها على نحو استفزازي مناهض للإسلام في فيلم الهولندي ثيو فان غوغ، الذي دفع حياته ثمناً للشريط أواخر السنة الماضية. وما خلا، طبعاً، أنها نائبة في البرلمان الهولندي، تقيم في قاعدة عسكرية وتأتي إلى البرلمان تحت حراسة مشددة، في بلد يتحرك فيه رئيس الوزراء نفسه على دراجة نارية!



#صبحي_حديدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استفتاء الجزائر: المصالحة الوطنية أم تبييض الجنرالات؟
- فرد هاليداي والأشغال المتعددة لخبراء الشرق الأوسط
- افتقاد إدوارد سعيد
- أمريكا في القمم الكونية: تصنيع المزيد من الإرهاب في السفوح
- لهيب ما قبل 11/9
- فوكوياما عشية 11/9: ثمة ما يدعو للندم في كلّ شيء
- التهريج الملحمي
- خطاب الرئاسة السورية، حيث المفاضلة رَجْعٌ بعيد متماثل
- محمود درويش والتفعيلة المنثورة
- بات روبرتسون ومرآة تنظير اليمين الأمريكي المعاصر
- -محروسة- جمال حمدان
- العراق المعاصر حسب كيسنجر: غنيمة الذئاب أم الأفلاطونيين؟
- صمويل بيكيت بلا حدود
- نتنياهو أمام الباب الدوّار: مَن الخارج؟ مَن الداخل؟
- عطش التاريخ
- مبايعة عبد الله: ميزان الذهب بين القبيلة والفتوى والدولة
- سوسيولوجيا الطرب
- من أنفاق باريس إلى حافلات لندن: هل للإرهاب أمثولة حقوقية؟
- أقاصيص الأمير
- الذكرى العاشرة لرحيل خالد بكداش: المفارقة المستديمة


المزيد.....




- ناشط يهودي: الضغوط تتزايد على المؤيدين لفلسطين في فرنسا
- القائد نخالة: يقدم أخواننا في المقاومة الإسلامية بلبنان النم ...
- القائد نخالة: سنبقى جميعا أوفياء لروح السيد نصر الله خلال قي ...
- أمين عام حركة الجهاد الإسلامي: التحية للأخوة في الجمهورية ال ...
- أمين عام حركة الجهاد الإسلامي: التحية للأخوة في الجمهورية ال ...
- العسكرة ومقاولات -المتنفذين- تطمس معالم عاصمة الحضارة الإسلا ...
- مجاهدو المقاومة الإسلامية في لبنان قصفوا تجمعا لجنود العدو ف ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تتبنى قصف مستوطنة كرمئيل بالجليل ...
- منتدى كوالالمبور: طوفان الأقصى شرارة نهضة للأمة الإسلامية
- فينكلشتاين للمقابلة: معركتي ضد إسرائيل من أجل العدالة ولا عل ...


المزيد.....

- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صبحي حديدي - مفاجآت ال 100