|
حب تحت قصف الطارات
شهاب وهاب رستم
الحوار المتمدن-العدد: 4906 - 2015 / 8 / 24 - 01:55
المحور:
الادب والفن
شمس آب المحرقة لم تحدهم عن قرارهم بالألتحاق الى صفوف الثورة المسلحة ويحملوا شرف اسم البيشمه ركه ، ساعات وكانوا في قـرية قــشـقه في منطقة دشت هولير ، أخبرهم أهل القرية أن يكونوا حذرين فالطائرات السمتية تحلق فوق سماء المنطقة، الأمس حرقوا الأخضر والأصفر، أستشهد ثلاث من البيشمه ركه .. هيوا .. هوشيار ..ريباز ، لم يخيفهم الطائرات ولا حتى الشهادة ، مضوا قدما ً ... بالأمس أستشهد ثلاث هنا ... وها ثلاث يلتحقون . كان اللقاء حارا ً مغ الرفاق في قرية (سى گردکان) ، الساعة تشير الى السادمسة والربع من بعد الظهر ، تصافحوا مع رفاقهم ، الشمس تجر خيوطها القرمزية نحو الافق البعيد والظلام ترمي بشباكها على القرية ، لفحات من الهواء البارد ينعش القلب والنفس ، عقارب الساعة تتقدم لتدق اثنتي عشرة دقة معلنا منتصف الليل ، هناك حركة غريبة بين افراد الفصيل، كل اثنين او ثلاث يتحثدون بصوت خافت ، صوت يرتفع من بينهم شددوا الحراسة ، أستيقظ الجيمع قبل صلاة الفجـــر بوصلة الفصيل كان نحو قرية ( ئومه ر كومه ت ) ، القــرويــون يخــرجون الى المزارع والحقول والسهول الخضراء، أرطال من سيارات إيفا العسكرية تتجه نحو القرية ، طائرات سمتية تحلق فوق سماء القـــرية ، الســــاعة تشير الى الســادسة زالدقيقة الخامسة صباحا ً تبدأ المعركة غير المتوازنة بين فصيل من البيمشمه ركة وقوة عسكرية مدججة باحدث الأسلحة والدبابات في الأرض والطائرات فوق تحمي الاجواء لهم والجحوش يتقدمون خطواتهم أدلاء أذلاء . البيشمه ركة أصلب وأقوى مما يتصورون ، لا يطأطاأون الرأس لهم ، مقاتل من البشمه ركة يدخل الى مسجد القرية ، ينساب صوته قويا ً من خلال مايكروفون المسجد وهو يدعو الجنود أن تذكروا أهلهم وشعبهم المضطهد ، الطائرات تتناوب في القصف ، مقاتل شاب يحمل قاذفة RBG يصوب القاذفة صوب السمتية فتنطلق صاروخا ً .. أصوات الأنفجارات تعلوا ، تهز الأرض ، الجحوش كعادتهم يهرعون من الخوف يتركون وراهم حتى طاقياتهم . في هذا الجو المشحون يقفز سليم الشاب النحيل من اهل القرية من جدار الى جدار ، ازيز الرصاص تمر في الأذان ، الطيور تطير عاليا ً تبتعد عن سماء القرية ، من أشجار القرية ، الشاب النحيل يقترب من بيت جارته حبيبته يبحث عنها فيجدها سالمة ، يسرق منها نظرة وابتسامة ، يلف منديلهى حول رقبته ، يقترب من البيشمه ركة ليساعدهم في حفر الجدار ، لا يهمه ازيز الرصاص وانفجار الصواريخ ، يعود للجدر يلقي نظرة على حبيبته التي تشبه زهرة برية ربيعية ، يتحرك سليم بعينين ناعستين يصوب نظرته لزهرته البرية دماء حارة تتدفق للقلب ، يركض قلبه كغزال مطارد،همس في العيون قبل اللسان، تبتسم الزهرة اربيعية أبتسامة قمرية ، القلوب تلتقي بعمق الأشواق ، إنها فرصة سانحه لهما ، لا احد ينتبه للقاءهم وتبادل نظراتهم يناجيها ، المعركة على أشدها ، المقاتلون يتحركون في كل مكان ، يصوب أحدهم بندقية البرنوا الى الطائرة ، الجحيم يعم القرية ، أصوات الانفجارات يتداخل ، المقتلون الجدد يشاركون رفاقهم في المعركة ، مقاتل يجلس في ركن بعيد في بيت من بيوت القرية يمسك بيده كتاب اصول الفلسفة . الطائرات تقصف القرية على التوالي ، تهتز القرية للمرة العشرين لا الثلاثين بل الاربعين، والعاشق سليم ما زال واقف خلف الجدار، يسرق الخمسات والابتسامات من حبيبته ، يطير سليم من الفرح ، يقفز من الجدار لآخر يريد ان يساعد المقاتلين، يلتفت بين لحظة وأخرى الى حبيبته ، لكنه توقف ، احس بشي يحرق صدره ، سكون عميق يغلف طبلتي أذنه ، ظلام دامس يزحف على ناظريه ، خوا داخلي ، نزف من الجانب الأيسر يكون بركة حمرا قانية ، يسقط من مكان شاهق ، صراخ عميق متواصل من الزهرة البرية ، يقترب أكثر فأكثر ينتهي في واد عميق لا نهاية له ، مقاتل يصرخ لقد أصيب سليم ، بينما جهاز الراديو على موجه FM ينقل أصوات الطيارين يعلنون أنسحابهم من ساحة المعركة ، الرعب يصيب الجحوش والجنود ، ينسحبون بسرعة ، لكن نشيجا ً متقطعا ًيمزق القلوب يصاحب جسدا ً باردا ً نشيج ابدي وصوت خافت ( انهم قتلوا حبيبي ) .
#شهاب_وهاب_رستم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جنوب كوردستان (كوردستان العراق)
-
الكورد في الحرب العالمية الأولى
-
اجتماعات الاخوة الاعداء
-
النقد والتقد الذاتي
-
الدورة الانتخابية الثالثة في العراق
-
مراحل انضمام دول الشمال الى الأتحاد الأوربي
-
الكورد والسياسة البريطانية
-
كرتي الجميلة
-
الانتخابات النرويجية
-
الحرب العالمية الأولى ومصير الشعب الكوردي
المزيد.....
-
وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما
...
-
تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
-
انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
-
الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح
...
-
في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
-
وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز
...
-
موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
-
فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
-
بنتُ السراب
-
مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|