أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - تاج السر عثمان - شريط ذكريات البحر














المزيد.....

شريط ذكريات البحر


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 4902 - 2015 / 8 / 20 - 13:13
المحور: سيرة ذاتية
    


شريط ذكريات البحر

بقلم: تاج السر عثمان

كلما استعرض شريط ذكريات البحر اتذكر قصيدة إيليا ابو ماضي التي يقول فيها:
قد سألت البحر يوما هل أنا يابحرمنك؟
هل صحيح مارواه بعضهم عني وعنك؟
أم ترى مازعموا زوراً وبهتانا وافك؟
ضحكت أمواجه مني وقالت:
!لست أدري
إلي أن يقول:
يرقص الموج وفي قاعك حرب لن تزولَ
تخلق الأسماك لكن تخلق الحوت الأكولَ
قد جمعت الموت في صدرك والعيش الجميلَ
ليت شعري أنت مهد أم ضريح؟..
لست أدري !
اذكر كنت اسكن في طفولتي بالقرب من مقرن نهري عطبرة " الاتبراوي"ونهر النيل من الجهة الشمالية لنهر عطبرة والجهة الشرقية لنهر النيل في حي امبكول المشهور بعطبرة..
كنا نطلق علي نهر النيل أونهر عطبرة كلمة " البحر"، كان "البحر" يشكل جزءا مهما من حياتنا، كنا نذهب اليه للسباحة وخاصة في العطلات الدراسية الصيفية التي تتميز بحرارةالجو في صيف عطبرة القائظ، وكانت العطلات الصيفية تمتد لمدة تقارب الاربعة أشهر تبدأ في أول مارس وتنتهي في أول يوليو. كنا نقضي الساعات الطوال في السباحة ، ونجلس علي الرمال الفضية علي ضفتي النهر، ونغسل ملابسنا ونقوم بطيها وندفنها في تلك الرمال الساخنة، وحين العودة للمنازل نخرجها لنجدها نظيفة ولامعة.
رغم المحاذير من الأسرة بعدم الذهاب للبحر خوفا من صدمات سمك "البرد" الكهربائية، أو التماسيح، أو الغرق، الا أننا كنا نصر علي الذهاب ، رغم حالات لغرق بعض زملائنا أذكر منهم : محمد عمر سلمان وشقيقه، وهما شقيقا الزميل المناضل المرحوم الاستاذ والزميل صديق عمر سلمان القيادي في الحزب الشيوعي بعطبرة، الذين غرقا في نهر اتبرا، وكذلك زميل الدراسة في المرحلة الوسطي هاشم نصرالله الذي كان مصابا بداء الصرع ، أذكر أنه كان يسبح في نهر عطبرة ، وداهمة الصرع اثناء السباحة ومات غرقا وحزنا عليه كثيرا ، مثلما حزنا علي شقيقي المرحوم صديق عمر. وفي بعض الأحيان تمكنا من إنقاذ بعض الاصدقاء ، اذكر منهم :عبد الله عبد الكريم سقيرم شقيق المرحوم الزميل والاستاذ عبد السلام سقيرم الذي كان إداريا في نادي الهدف الرياضي وقياديا في الحزب الشيوعي بعطبرة. كما أنقذنا صلاح إبن الخال عبدالرحمن تكة الذي كاد أن يغرق في نهر النيل. رغم تلك المحاذير كنا مداومين علي السباحة ، وكنا نسبح لمسافات طويلة ، وكان من زملائي السباحين لمسافات طويلة:هاشم عبد الباقي، عمر ميرغني برسي..الخ، كنا نقطع نهر النيل حيث كنا نبدأ من قرب مدرسة عطبرة الثانوية شرقا ونسبح الي الضفة الغربية حتي نصل الي المكان الذي به " بنطون" أو باخرة الفاضلاب.
وبعد مغادرتي عطبرة في العام 1973م للدراسة بجامعة الخرطوم، واصلت رياضة السباحة في حوض الجامعة الذي كان يقع خلف كلية العلوم من الجهة الشمالية، إضافة للسباحة في نهري النيل الأبيض والأزرق ، خاصة في الرحلات التي كنا نقوم بها في المناسبات المختلفة. وكذلك السباحة في ساحل البحر الأحمرعند زياراتي ألي بورتسودان. وحتي في خارج السودان في الخليج" ابوطبي، الشارقة.." وشرق اوربا" بلغاريا.."، كنت اذهب كثيرا للتأمل أمام البحر وخاصة مع غروب الشمس.
كنا نذهب للبحر ايضا لصيد السمك ، كنا نصنع أدوات الصيد من " جبادة" ، " ونشاقة"، وكان الطعم مزيج من مسحون دقيق مع لحم وثوم، او دود "صارقيل" الذي كنا نستخرجه من الطين" الطمي" الذي يتراكم في جداول المياه التي تروي بها المزارع والحياض ، كنا نقضي ساعات طويلة في الصيد احيانا نأتي بسمك وفير، وأحيانا نرجع بخفي حنين.
كنا ايضا زوارا للمنتجات الزراعية علي ضفاف النهرين التي كنا نطلق عليها " الجروف" وخاصة بعد إنحسار فيضان النيل ونهر عطبرة، لنقطف ثمار " البطيخ" ، " العجور"، وبقية الخضروات، وكنا احيانا نتسلل للجنائن الخاصة والحكومية الممتدة علي ضفاف النهرين لالتقاط ثمار " البرتقال" ، و " المانجو" ، " والبلح" و" التمري هندي"، و"الذنيا" و " والجوافة"..الخ، كنا نمتلك أدوات تتكون من قناة طويلة علي رأسها خطاف من السلك القوي لالتقاط الثمار ، أحيانا يتم القبض علينا ويتم تحويلنا إلي العمدة " السرور السافلاي" الذي يأمر بجلدنا ، وكان يصفنا " ببطان امبكول الشواطين"، وأحيانا بعض حراس الجنائن يقولوا لنا " اكلوا فقط ، لكن لاتحملوا ثمارا معكم خارج الجنينة".
كان نهر اتبرا في "الدميرة" يأتي مندفعا هادرا من الجبال الشرقية جارفا الأشجار والخشب ، في تلك الأيام كنا نجمع
كميات كبيرة من الخشب ونجلبه إلي المنازل والذي كان يستخدم وقودا للطعام، وبعد قيام خزان "خشم القربة " في أوائل ستينيات القرن الماضي قلت كمية الأخشاب.
كما ذكرت سابقا، كان نهر عطبرة يأتي مندفعا وهادرا في الفيضان ، وكان يحمل معه طمي خصب ، وهو سماد طبيعي لزراعة " الجروف" بعد إنحسار الفيضان ، وكان الطمي يتشقق شقوق كبيرة، وتنمو فيه أعشاب كثيرة ، إضافة لزراعة الخضروات والدخن والذرة، والذرةالشامية...الخ، إضافة لنمو النباتات الأخري مثل: الحلفا ، والدفرة " النجيلة"،و " والعشر"..الخ.
كان البحر مصدر سعادة لي ، فهو بالاضافة لرياضة السباحة مصدرا للالهام ، وكثيرا من الافكار التي دونتها كانت بعد جلسات طويلة أمام البحر.
ما أروع تلك الذكريات عن البحر الذي جمع الموت في صدره والعيش الجميل ، كما قال ايليا ابوماضي..



#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بمناسبة مرور 69 عاما لتأسيس الحزب الشيوعي السوداني
- إسهام مجلتي -النهضة- و-الفجر- في الإستنارة والتجديد ( 2/2)
- إسهام مجلتي -النهضة- و-الفجر-في الإستنارة والتجديد(1/2)
- ذكريات من مدرسة عطبرة الثانوية الحكومية القديمة
- ذكريات من حي امبكول بعطبرة
- الذكري العاشرة لرحيل جون قرنق
- مفهوم التنمية المستقلة
- الذكري ال 25 لحرب الخليج
- ذكريات: آخر العلاج الكي
- وظائف الدين في تاريخ السودان القديم
- المعتقدات في تاريخ السودان القديم (3)
- المعتقدات في تاريخ السودان القديم (2)
- المعتقدات في تاريخ السودان القديم
- الذكري ال 44 لانقلاب 19 يوليو 1971م
- ذكريات من الأندية الرياضية والإجتماعية والثقافية
- مقدمة لدراسة التاريخ الإجتماعي للسودان القديم
- المرأة في السودان القديم
- تجربتي في العمل الصحفي
- ذكريات من الحركة السياسية والوطنية بمدينة عطبرة
- تجربتي في دراسة التاريخ الإجتماعي للسودان


المزيد.....




- فرصة ذهبية نادرة: جزيرة اسكتلندية خاصة وقلعة منسية للبيع
- رئيس CIA الأسبق لـCNN: الحرب بين إسرائيل وإيران -لم تنته بال ...
- إحياء طقوس الإنكا القديمة في مهرجان إنتي رايمي في بيرو وسط ح ...
- تظاهرات في تل أبيب.. دعوات لإبرام صفقة تعيد الرهائن وتُنهي ا ...
- كيف استقبل الفلسطينيون في غزة خبر وقف إطلاق النار بين إسرائي ...
- أكبر مستشفيات إسرائيل تعمل تحت الأرض بعد وقف إطلاق النار
- خامنئي يظهر في كلمة مسجلة لأول مرة منذ وقف إطلاق النار، ووزي ...
- غارة إسرائيلية على جنوب لبنان ومقتل العشرات في غزة وسط تعثر ...
- ما أبعاد الخلاف بين ترامب وإسرائيل بعد وقف إطلاق النار مع إي ...
- أمسية حوارية حول الثورات والديون الفلاحية من الماضي إلى الح ...


المزيد.....

- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - تاج السر عثمان - شريط ذكريات البحر