أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد صلاح الدين - ديباج الامتياز عند الشعوب المتخلفة














المزيد.....

ديباج الامتياز عند الشعوب المتخلفة


عماد صلاح الدين

الحوار المتمدن-العدد: 4892 - 2015 / 8 / 10 - 12:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



هناك ظاهرة تاريخية عند شعوب وأفراد الأمم المتخلفة، تتمثل في إيناس نفسها على ضعفها وفشلها وتراجعها، في مجالات الحياة المختلفة، وفي الأساس في مسالة عدم تكوين شخصيتها وشخصية أفرادها في الثقة بالذات والمبادرة والإبداع والتطور، من خلال الارتكان إلى مقولات وتمثل حالاتي على صعيد عاطفي وديني، من قبيل أن الفقير سيحصل حتما على الغنى، وان الضعيف سيغدو قويا، أو العكس كذلك.

ويلحظ المرء مسألة الارتكان والتواكلية هذه في كثير من القضايا الاجتماعية وحتى الصحية؛ فالناس في بلادنا يدعون بعضهم بعضا إلى كثرة إنجاب الأطفال والتفاخر بهم، على أنهم دعم لهم وسند، في حين أن الأسر التي يتراوح عداد أفرادها ما بين ثمانية أولاد في بعض الحالات واثني عشر ولدا في اسر كثيرة، تجد رب هذه الأسرة أو معيلها إما انه عاطل عن العمل أو أن راتبه أو أجره لا يكفي سد حاجات الأسرة بالمعنى المادي البسيط في المأكل والمشرب والملبس والسكن، وتكون تبعا لتلك الظروف المسألة الصحية ورعاية الأولاد في النواحي الطبية والنفسية مسألة رفاهية أو ترف لا داعي له، وهنا تبرز المقولة الاجتماعية البائسة والتواكلية بان الله يحميهم، ويأتي المولود والرزق معه، هكذا دون علاج أو متابعة.

وتعيش الأسر وأفرادها حالة وهم مستمر بان يوما ما سينبثق لها فجر مشرق، يعيش فيه الوالدان والأولاد في نعيم النجاح والاستقرار وتقدم الحياة ورفاهها.

وهذه الأسر وأفرادها أثناء حالة الوهم التي تمتد لسنوات طويلة حتى يكبر هؤلاء في معظمهم زمنيا، دون أن يكون هناك حالة من وصول في اكتمال أو تكامل نضجي على مستوى شخصياتهم وإدراكهم لهدف الحياة وغرضها في إقامة صروح البنيان المختلفة والمتنوعة واللحاق بعملية التقدم الإنساني في كل مجال، في أثناء حالة الوهم هذه يكون أفراد الأسرة الواحدة كحالة اجتماعية ما يعانون وباستمرار تقدم الحالة العمرية والزمنية شتى صنوف المرض الجسدي والنفسي وعموم العذاب الاجتماعي، وحيث تتقدم لديهم شيئا فشيئا مسألة إدراك البعد الاجتماعي لمعاناتهم والتي تتحول أيضا وشيئا فشيئا إلى خسارة مستمرة ومتدهورة على صعيد تماسكهم النفسي والاجتماعي، وربما تطول مسالة الاحتمال ألكبتي والقمعي للذات عندهم لفترة زمنية معينة بسبب حالة الأمل الموجودة لدى الإنسان في الخروج من مشاكله ومآزقه النفسية والاجتماعية وغيرها، لكنها على كل حال تتفاقم مع مرور الأيام والزمن؛ ذلك أن الإنسان له وعاء مادي واجتماعي لا بد من التأسيس والبناء له، وفي هذه المسألة لا يوجد مجال للتسامح أو التجاوز بخصوصها في عرف وسنن الحياة الإنسانية في سياق القوة والضعف والتقدم والتأخر.

يلجأ كثير من الناس في مجتمعات الضعف والتخلف إلى محاولات تبريد الأنفس والذوات من خلال الاعتماد على فطرة التدين والاحتماء بالدين، والمشكلة العويصة بخصوص مسالة الارتكان إلى الدين في مثل هذه الأحوال، هو إن الدين نفسه واقصد هنا الأديان السماوية التوحيدية في الإسلام، وفي صحيح الطبقة التوحيدية في اليهودية والمسيحية، يقوم في الأساس على التكوين المادي الوعائي السليم والأساسي لبنية الإنسان في الصحة عموما وفي بناء الثقة بالنفس خصوصا، حتى تتكون شخصيات إنسانية سليمة وقادرة تستطيع التعامل مع واستيعاب الأفكار والآراء والمعتقدات القائمة على الحسين العاطفي والديني، وفي حضور العقل الواعي والمدرك لحدود ما هو ديني غيبي وما هو دنيوي واجتماعي اجتهادي في غير مجال ونشاط إنساني.

والإنسان قد يحاول ضاغطا على نفسه ومصطنعا لحالة من التوازن الوهمي والتدين الشعبي لفترة قد تطول نسبيا، إلا انه يكتشف أن التدين والحال هذه هو جزء من منظومة مرض عبئي وإضافي عليه؛ ذلك لان المتدين وصانع التوازن الموهوم، يريد من الدين- هكذا- أن يحل له مشاكله في الصحة والتربية والتعليم وفي مجالات حياتية أخرى بشكل نظري وكهنوتي، يقوم على الإكثار من الشعائر الدينية المختلفة، ثم يجد بعد ذلك وبسبب هذه النظرة غير السليمة والقاصرة للدين بان مشاكله لم يحل منها مقدار عقدة أو بوصة، وما ينطبق في هذا الخصوص على الأفراد وأسرها، ينسحب كذلك على عموم المجتمعات والدول من هذا النسق الضعفي والتخلفي.

وعندها، ولان تلك الأسر وأفرادها كانوا يرتكنون إلى مثل تلك المقولات والتمثلات الزائفة والسخيفة والتي لا سند لها من الواقع، فيتكون لديهم بعض القناعات والمعتقدات من قبيل حتمية نجاحهم أو شفائهم أو حصولهم على آمالهم وأحلامهم واقعا متحققا، علما انه لا توجد مقدمات أو أوعية سليمة لهكذا نجاحات أو تحققات سوى الوهم والكبت وقمع الذات واللجوء إلى التدين على شكل خرافي وديباجي للتسكين والتخدير، وفي لحظة الحقيقة والمواجهة مع الواقع، حينما تصل حالة الضعف والتخلف والفشل والخسارة تلو الخسارة حدا كبيرا لا يمكن احتماله أو تبريره بغير وسيلة دينية أو اجتماعية متوهمة، تحدث حالة نكران وكفران حقيقي هذه المرة للدين ولكل وهم تم صناعته والركون إليه.

وعندها يتم تحميل الدين المسؤولية ابتداء وانتهاء عن كل فشل وخسارة وتأخر وتراجع.

علما أن الدين السماوي التوحيدي والإسلام كدين خاتم لهذا الدين على مستوى الاعتقاد والتشريع والاجتهاد المفتوح والنسبي، يقوم على منظومة إيمان وتصور وعمل تتحقق من خلالها أولا مسألة أساسيات الإنسان في انجاز وظهور وعائه الشخصي السليم والمهيأ للتفاعل، وبما يخدمه في مجالات التربية والصحة والتعليم والحضارة بمرجعية منظومات ثقافية وأخلاقية منارية هادية، وبحالة من الالتزام والانضباط الشعائري والتعبدي، لكي تعلمه وتربيه وتذكره باستمرار بمنشط الالتزام اليومي في غير نشاط إنساني وبشكل فاعل وايجابي مثمر.



#عماد_صلاح_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النموذج الإرهابي الأسوأ
- التحرك الدبلوماسي والحقوقي الفلسطيني
- القيم النسبية والحلولية الشاملة
- القيم النسبية والقيم السيولية الشاملة
- القيم النسبية والحلولية الجزئية
- القيم المطلقة والعلمانية الجزئية
- القيم النسبية والعلمانية الجزئية
- القيم النسبية والعلمانية الشاملة
- القيم المطلقة والقيم النسبية
- التعقيد في القيمومة الحضارية المعاصرة
- الخلط ما بين منظومة القيم وبين التجريب الإنساني في النسق الق ...
- متى يحضر الاستبداد؟
- غياب ملكة العقلانية لدى الشعوب المتخلفة
- في زمن مجتمعات التخلف مطلوب الإضافة لا المناكفة
- الحلولية الجزئية والحلولية الشاملة
- خزعبلات اثنيه وأفكار حلولية وديباجات
- الإنسان وحقائق الحياة
- هل توجد إمكانية لانسحاب إسرائيلي من الأراضي المحتلة عام1967؟
- العالم العربي: تفاقم المرض بين الظلم والخنوع
- الإجرائية وغياب تقرير المصير (الحلقة الأولى)


المزيد.....




- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد صلاح الدين - ديباج الامتياز عند الشعوب المتخلفة