أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عماد صلاح الدين - القيم النسبية والعلمانية الشاملة














المزيد.....

القيم النسبية والعلمانية الشاملة


عماد صلاح الدين

الحوار المتمدن-العدد: 4867 - 2015 / 7 / 15 - 12:53
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


ما علاقة القيم النسبية بالعلمانية الشاملة، وما علاقة الأخيرة بالمفهوم الأول؟

سبق لي، أن أوضحت في مقالات ودراسات سابقة، أن القيم النسبية هي مخاض ونتائج وتقريرات ثقافية واجتماعية وإنسانية، تأتي عبر تفكير الإنسان وتخطيطه وإنتاجه، في غير حقل إنساني واجتماعي. ويقوم هذا الإنسان على مر أعماله ومنجزاته الفردية والجماعية، باستخلاص مبادئ وعبر وخلاصات، وأيضا قناعات اعتقادية و شبه اعتقادية يقينية راسخة في الوجدان، لا يستطيع أن يتخلى عنها، وان كان مستعدا في الأساس لان يتخلى عن الحقيقة، إذا أجبرته وقائع مادية وظرفية على ذلك.

أما المعتقد والوجدان وما فيهما من يقين، فمستحيل أن يكون التخلي فيه وعنه، مسألة ذات طابع استمراري، وان كان واردا أو ممكنا حدوث طفرة قاطعة ومتمردة على يقين ما؛ لعلل نفسية واجتماعية بمؤثرات داخلية وبيئية ما.

إن هذه الخلاصات والاستنتاجات، الناتجة عن محاولات ذهنية وروحية ونشاطية؛ فاعلة وعاملة في غير مجال، تعمل الأجيال وبالتوارث، وفي علاقة جدلية يتغلب فيها موروث الآباء والأجداد(الموتى)على الأبناء والأحفاد( الأحياء)، على تكريسها بمرور السنين والعقود بل و حتى القرون، لتصبح - من ثم- جيلا بعد جيل أعرافا وعادات وتقاليد، وحتى أحكاما ونصائح على شكل قناعات مبدئية سائرة بين الناس، لا مفر ولا مندوحة للناس عنها؛ لا في اجتماع أو تشريع، أو حتى في تقرير أوضاع بنيوية وهياكلية علائقية، في مسارات اقتصادية وسياسية وثقافية، وربما أيضا أخلاقية قيمية تتعاظم لتصل إلى مسألة حياة المجتمع أو فنائه، وكل ما يتعلق ويصب في تقرير مصيره، أو شطب حقوقه، وتضييع مصيره، ومستقبل أجياله الإنسانية المتوارثة والمتعاقبة، ضمن روحية ممتدة، عبر أدهر متطاولة.

إن هذه الأعراف والعادات والتقاليد والتصورات واليقينيات المتوارثة من جيل إلى الذي يليه ويخلفه، تتشكل منها منظومات القيم الجزئية أو النسبية، وحتى فيما يتعارف عليه في النظم الدستورية والسياسية والقانونية بفكرة النظام العام والمبادئ الأساسية الحاكمة لمجتمع ما، وما يرتبط بذلك - انتظاميا واجتماعيا- مسألتا الأمن العام والسلامة العامة، لعموم المجتمع الإنساني، في متعين تنظيمي عام ما.

والمجتمعات الإنسانية، وهي تشكل قيمها النسبية الاجتهادية والتجريبية بالنشاط المتنوع والمختلف، لا تنفك تستنير بموروث المشتركات الإنسانية العالمية(الكونية)؛ من قيم كلية ثابتة ومطلقة، كان الأساس في مصدرها إرشاديا واضائيا سماويا، عبر الديانات والرسالات التوحيدية؛ إنها قيم عالمية في الصدق والتضحية والعطاء والانتماء الإنساني، والرحمة والعطف والوسطية والتوازن، والكرامة، والحرية، والعدل، والمساواة، وقيم الطبيعية وعلاقاتها وارتباط الحلال والحرام بها؛ فالزنا هو الزنا، والشذوذ الجنسي هو الشذوذ؛ فلا لواط ولا سحاق، ولا حقوق لما يعرف لمثليي الجنس... الخ.

هذا، مع عدم إغفال الخصوصيات في كل نسق ومجتمع إنسانيين، بتنوعه ومختلف نشاطه، وبالتالي مكونه القيمي الخاص؛ أو ما يسمى بالقيم الجزئية أو النسبية، في هذا الإطار.

ولا يصدقن أحد، أن مجتمعا إنسانيا ما، يستطيع أن تكون منظوماته القيمية النسبية، في الانضباط ودرجاته، والالتزام وأنواعه؛ قانونيا أو عرفيا طبيعيا، وغير ذلك كثير، بمعزل عن القيم الكلية الثابتة، حتى في ظل التحول والانحراف الشديد، باتجاه العلمنة الشاملة؛ ذلك لان من يتبنى العلمنة الشاملة أو بشكل عام مجمل التصورات والمعتقدات المذهبية والفلسفية، وترجماتها التطبيقية والعملية في الحالة المعاصرة، هي المنظومات الرسمية في الدول والكيانات السياسية المختلفة، وشبكات المصالح الكبرى، والجماعات الضغطية والمصلحية المختلفة، خصوصا في الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية.

وتبقى هنا مسألة مساحة ونوع التأثير السلبي، الناتج عن مجهودات نظم العلمنة الشاملة الرسمية وتشكيلاتها المختلفة، في المجتمعات والدول المطبقة فيها. ولا شك أن العلمنة الشاملة وأدواتها الضخمة والمتنوعة؛ سياسيا وإعلاميا، واقتصاديا، وحتى تقنيا وتكنولوجيا، استطاعت أن تكتسح مساحات كبيرة ومهمة من حيوات الناس عبر العالم، وفي صلب خصوصيات كثيرة، من قطاعات المعيشة المختلفة، مما أدى ويؤدي إلى تشكيل منظومات قيم جزئية خطيرة ومتحولة ومتحورة سريعا، دون أدنى ثبات نسبي، في ظلال العلمانية الشاملة، ليكون ذلك على حساب مجهودات الناس الاجتماعية؛ العادية والمبدعة، وأعرافهم وعاداتهم الحسنة، في العلاقات الجوانية والاجتماعية الهيومانية، الناشئة في الأساس عن أبعاد وجدانية وقيمية، ضمن دائرة المشتركات الإنسانية العالمية على الأقل، لصالح علاقات تعاقدية- تعاقدية؛ لا جوانية فيها ولا رحمة، ولا حدود ولا محددات، ما دامت القوة والمنفعة واللذة والاتفاق، هي المعيار الضابط، والمرجعية النهائية.

إن القيم المتشكلة، في ظلال العلمانية الشاملة، هي منظومات نفعية محضة، لا استطيع من الناحية المعرفية وصفها بالنسبية؛ لان من معاني النسبية، بدرجة من الدرجات، وفي مرحلة من الزمان، كأعراف وعادات قائمة، وربما متحولة، بعد فترات طويلة من الزمن نسبيا، هو الثبات إلى حد ما. وهذه النسبية في القيم تتحقق بمرجعية متوازنة، تعتقد بفكرة التجاوز، وتعلي من قيمة الإنسان وحياته وكرامته، في ظلال علمانية جزئية عقلانية وإنسانية.



#عماد_صلاح_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القيم المطلقة والقيم النسبية
- التعقيد في القيمومة الحضارية المعاصرة
- الخلط ما بين منظومة القيم وبين التجريب الإنساني في النسق الق ...
- متى يحضر الاستبداد؟
- غياب ملكة العقلانية لدى الشعوب المتخلفة
- في زمن مجتمعات التخلف مطلوب الإضافة لا المناكفة
- الحلولية الجزئية والحلولية الشاملة
- خزعبلات اثنيه وأفكار حلولية وديباجات
- الإنسان وحقائق الحياة
- هل توجد إمكانية لانسحاب إسرائيلي من الأراضي المحتلة عام1967؟
- العالم العربي: تفاقم المرض بين الظلم والخنوع
- الإجرائية وغياب تقرير المصير (الحلقة الأولى)
- الإجرائية وغياب تقرير المصير (الحلقة الثانية)
- هل هي مشكلة الدين والبرنامج السياسي في فلسطين؟
- الإيمان والتهويم والعدل
- هل الثورات العربية بخير؟
- أوجه الشبه والخلاف في المسألتين الفلسطينية والعربية
- فلسطين: في منطق الحق والواجب
- غزة تنتحر لأجل عموم النضال الفلسطيني
- غياب الموجه نحو تقرير المصير


المزيد.....




- هل باتت الأزمة بين إسرائيل وحماس من الماضي؟
- ترامب وزيلينسكي يبحثان الدفاعات الجوية لأوكرانيا وسط تصعيد ر ...
- هل انتهت حقبة العمل عن بعد؟
- موسم اصطياف جديد مهدد في اليونان بسبب حرائق الغابات
- فيديو.. سحابة سامة قرب مدريد وتحذير من مغادرة المنازل
- ليس إرهابيا.. الكشف عن دافع منفذ هجوم الطعن في فنلندا
- حماس تسلّم الوسطاء ردّها على مقترح وقف إطلاق النار
- حرائق ضخمة تدفع السلطات إلى إخلاء قرى في محافظة اللاذقية
- قرقاش: لا مخرج من أزمات المنطقة بالحلول العسكرية
- مصادر: رد حماس على مقترح غزة -مبهم-


المزيد.....

- نبذ العدمية: هل نكون مخطئين حقًا: العدمية المستنيرة أم الطبي ... / زهير الخويلدي
- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عماد صلاح الدين - القيم النسبية والعلمانية الشاملة