أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - العبء الذى قتل أمى وأبى














المزيد.....

العبء الذى قتل أمى وأبى


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4888 - 2015 / 8 / 5 - 09:32
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



تقوم التربية فى بيوتنا ومدارسنا على الخوف، بل الرعب من الاختلاف، لهذا نتهم المختلفين عنا بشتى أنواع القبح أو الفسق أو على الأقل النشوز والشذوذ، لم تشارك عقولنا فى الاكتشافات العلمية على مدى القرون لهذا السبب، فالإنسان، المبدع يكون متفردا، مختلفا، الإبداع هو الجديد غير المألوف، وكم من مبدعين ومبدعات قتلوا إبداعهم خوفا من الاتهام بالكفر أو الجنون، وقد يكون الاختلاف عقليا، فى الطريقة التى نفكر بها، وقد يكون الاختلاف جسديا، شكل الوجه مثلا أو لون البشرة، وقد ورثت أمى عن جدتها التركية الخوف من ذوى البشرة السوداء، كانت تصرخ ان اقترب منها رجل أسود أو صرصور، وحين جاءنى (فى مراهقتى) عريس أسود اقشعر بدنى وتصورته الشيطان، لكنى انتصرت على عنصريتى الموروثة بعد أن سافرت إلى بلاد العالم، وتعرفت على ثقافات مختلفة وشخصيات مبدعة، من النساء والرجال السود، فى إفريقيا وآسيا وأوروبا والامريكتين الوعى والرقى الإنسانى ضرورى لنا، للتغلب على الفكر الأحادى العنصرى الذى تربينا عليه منذ الطفولة.
إذ نعتقد أننا أفضل من غيرنا، وعرقنا أسمى الأعراق، وجنسيتنا أرقى الجنسيات، وحضارتنا المصرية ليس لها مثيل، وديننا الإسلامى هو الحقيقة والأديان الأخرى باطلة، ولغتنا العربية من صنع الآلهة واللغات الأخرى بشرية، وطريقتنا هى الأفضل: فى الأكل والشرب والنوم والحب والجنس والزواج والطلاق وتعدد الزوجات والنسب، وأخلاقنا المزدوجة هى أفضل الأخلاق، وقيمنا وتقاليدنا هى المثلى، وغير قابلة للشك أو النقد، ينشدون آفاقا جديدة للتفكير، لكن فى مصر اليوم ظاهرة تدعو للتفاؤل، أصبح الشباب والشابات، منذ ثورة يناير 2011 يتجمعون بالمئات فى الندوات المفتوحة، ومنها الملتقى الذى أعطوه اسمى، يختارون لكل ندوة كتابا من كتبى، يقدمه أحد الشباب أو الشابات ثم يدور النقاش، انتظم الملتقى كل شهر منذ العام الماضى، تمت مناقشة كتب متعددة فى حوارات فكرية متعمقة، ثم، حيث قدم الشاب محمد هشام المدرس بالجامعة كتاب الرجل 22 يوليو 2015 الملتقى فى أتيليه الإسكندرية الرجل والجنس تقديما علميا رصينا، ورأست الندوة الدكتورة ريم حسن أستاذة الفنون التشكيلية، وأدارت الحوار الشابة داليا وصفى لأكثر من ساعتين، حول التاريخ والطب والجنس والفلسفة والفن والرجل والمرأة والختان والزواج والطلاق وتعدد الزوجات، وغيرها من الأمور الملتبسة عندنا، بسبب الخوف والتعصب لأفكار موروثة منذ القدم كانت الندوة علمية أدبية مميزة، تباينت فيها الآراء والمعتقدات، وتم الحوار الراقى بين وجهات النظر المختلفة، رغم الازدحام فى القاعة ساد الهدوء، لا أحد يقاطع أحدا، لا أحد يتهم أحدا، كلمة الشذوذ لم ينطقها أحد، وتمت مناقشة قضية الجنسية المثلية بالتحليل العلمى وشرح أسبابها البيولوجية والاجتماعية، إنه أسلوب العلم والطب والأدب، أن نفهم ونحلل، ولا نتسرع لإدانة أى إنسان يختلف عنا فى الشكل أو الفكر أو الفعل، حتى فى جرائم القتل، يجب أن نفهم الدوافع والأسباب قبل أن نحكم بالإعدام، كان الحوار يدور بالعقل الهادئ، وإتساع الأفق والرقى الإنسانى، وظهرت السعادة على الوجوه والتشوق للمعرفة لكن بعد يومين بدأ الإعلام التجارى ينشر الأكاذيب للكسب السريع عن طريق الإثارة، وتشويه سمعة هذه الندوة الجميلة، تحت اسم العرف والتقاليد والدين، والدفاع عن الختان الذى اعتبروه أمر الله وركنا من أركان هويتنا الوطنية.
أما المثلية الجنسية فهى خطيئة من فعل الشيطان، ويجب عقاب المثليين بأن نقلب عالى أرضهم سافلها، ليكونوا عبرة لغيرهم، ولأن العلاقات الجنسية ثابتة فى الأديان، لا تختلف من مجتمع إلى مجتمع، والعلاقة الجنسية دون تناسل فاحشة كبرى، إنه القانون الطبيعى لاستمرار الجنس البشرى، ومن يخالف ذلك منحرف وشاذ يحرقه الله فى نار جهنم تذكرت الحرب الضارية منذ مائة عام، التى شنتها الكنيسة ضد الطبيبة (ساجنر) التى اكتشفت حبوب منع الحمل، فالجنس فى نظر الكنيسة كان مدنسا، والمولود لا يطهر من الدنس الا بعملية التعميد أو الغطس فى الماء المقدس تعرضت الطبيبة لحملات إدانة وتشويه، من رجال الكنيسة والأطباء معا، اتهموها بالكفر والجنون، ماتت مقهورة، وهى من أعظم الرائدات المبدعات فى مجال الطب والعلوم الإنسانية، فقد أنقذت حبوب منع الحمل الملايين فى العالم، من الحمل والإنجاب اللاإرادى، ومن الجنس الأهوج الذى يجعل الإنسان عبدا للطبيعة الفجة الخام، لا يملك إرادته، ولا يسيطر على نفسه، لا يتحكم فى نسله، ولا يختار شريكه فى الحياة راحت أمى ضحية الحمل والولادة دون إرادتها، والإنجاب غير المرغوب فيه كل عام، الذى أثقلها بتسعة أطفال قبل أن تبلغ الثلاثين من عمرها، حاولت التخلص من الحمل العاشر، وماتت أمى فى ريعان شبابها، أما أبى فقد مات بعدها بخمسة أشهر، مات شابا بثقل العبء الذى حمله بعد موتها، والذى حملته بدورى من بعدهما.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بذور الإبداع والثورة لا تموت
- وكان للأطفال كرامة العظماء
- يملك الشرف الرجال وتدفع ثمنه النساء
- أسئلة الأطفال المحرمة وتجديد الفكر الدينى
- تقتل الموت وتنتصر الكتابة
- المسكوت عنه فى السلوك؟
- وضحكت الطفلة بدموع كالبكاء
- الوجه الآخر لنيلسون مانديلا
- منذ اكتشف الرجل -الإسبرماتوزوم-
- إنه الدم -2-
- بشائر صوت الكروان
- لم يعد يراها
- من وراء ظهرها فى فراشها؟
- فتيات الصين والثورة الثقافية
- الإبداع والثورة والحدس باللا معقول
- ثقافة الخرافة فى تونس
- زينة وهدى ودموع التماسيح
- الثورات والتحرر من اللامعقول
- تاريخ الشعوب غير المكتوب
- جبل الثلج تحت الماء


المزيد.....




- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- البرازيل.. القبض على امرأة يشتبه في اصطحابها رجلا ميتا إلى ب ...
- فيديو.. امرأة تصطحب جثة إلى بنك للتوقيع على طلب قرض
- في يوم الأسير.. الفلسطينيون يواصلون النضال من داخل المعتقلات ...
- السعودية: إيقاف شخص -سخر من القرآن- وآخر -تحرش بامرأة- وثالث ...
- السعودية: إيقاف شخص -سخر من القرآن- وآخر -تحرش بامرأة- وثالث ...
- يوسف بلايلي يُغضب الجزائريين بسبب سوء تصرفه مع حكم (امرأة)
- إعدام سعودي قتل امرأة دهسا بالسيارة


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - العبء الذى قتل أمى وأبى