أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - منذ اكتشف الرجل -الإسبرماتوزوم-














المزيد.....

منذ اكتشف الرجل -الإسبرماتوزوم-


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4778 - 2015 / 4 / 15 - 11:14
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


"حين أسمع رجلا يتحدث عن حقوق النساء أتحسس مسدسى" هذه العبارة لامرأة هولندية من فوق منصة المؤتمر العالمى للسينما التسجيلية خلال مارس 2015 فى مدينة لاهاي، حيث محكمة العدل الدولية، التى أصبحت تحمل اسم محكمة الظلم الدولى والازدواجية، لا تمنح نساء العالم ثقتهن لأى مهنة (أو محنة) فى سوق الديمقراطية الحرة، أولها محنة القضاء ومحنة الطب ومحنة الإعلام والسياسة الخارجية، قالوا لى إن وزير الخارجية واسمه "بيرت كيندرز" يطلب مقابلتي، قلت لنفسى لابد أنه قرأ كتبى بالهولندية منذ خمسة وثلاثين عاما ويعرف رأيى فى محكمة العدل الدولية، شاب نحيف ممشوق القامة بالرياضة والطعام الصحى الخفيف، والأفكار اليسارية منذ كان عضوا فى حزب العمال، وافقنى على ازدواجية العالم الرأسمالى الذكوري، طلبت منه أن ينشر فى كل أنحاء الاتحاد الأوروبي الأمريكي، أن ما يحدث فى مصر ثورة شعبية وليس انقلابا عسكريا، وأن التحرش الجنسى وقهر النساء يحدث فى هولندا وأمريكا وكل بلاد العالم، وليس بلادنا فقط، أصابنى التعب والزهق من كثرة ما كررت هذه العبارات فى خمسة بلاد، منها دبى بالإمارات العربية إلى انجلترا وسكوتلاندا وهولندا ثم تونس، أصبح شهر مارس من كل عام هو الوطن والأهل لنساء العالم حيث لا وطن لهن ولا أهل. عيادتى الطبية فى مصر، لأكثر من نصف قرن، جاءتها نساء مطحونات بالفقر والحزن والدهر، ضمرت ملامحهن وتحجرت وأصبحت وجوههن بلون الصخر، عيونهن غاصت فى محجريها غارقة فى دموع متجمدة وجفون متآكلة لم يبق منها شيء، يشبهن الفلاحات فى قريتى (كفر طحلة) حين كنت طفلة فى عصر العبودية والانجليز. صوت الواحدة منهن يأتى كأنما من تحت الأرض: الواحدة منا يا ضكطورة مالهاش أهل ولا بلد: جوزى راح مطرح ما راح لما كبرت، وولادى راحوا ونسيونى لما كبروا: هذه الكلمات قالتها النساء من مختلف الطبقات والأعمار والجنسيات، يتعرض الرجال لمآس عديدة أيضا، لكن مآسى النساء أشد وأقدح؟ منذ نشوءس النظام الاقتصادى الجنسى الذى عرف "بالطبقى الأبوى" أصبحت الأسرة تحمل اسم الأب (رغم هشاشة الاسم وعدم التأكد منّه) وطردت النساء من الدولة والدين والعائلة والتاريخ، لم يعد للمرأة اسم ولا شرف، بعد أن كانت هى الشرف والوطن والأهل، لماذا تغير النظام القائم على اسم الأم إلى النظام القائم على اسم الأب؟ حدث ذلك فى مصر وكل البلاد منذ نشوء العبودية. يرجع ذلك باختصار إلى "الثورة البيولوجية" التى حدثت بعد اكتشاف ما سمى فى علم الطب "الاسبرماتوزوم" الذى يسبح بالآلاف والملايين، دون أن تراه العين، فى السائل الذى ينتقل من الرجل للمرأة خلال عملية الاخصاب، لم يكتشف البشر سر هذه العملية التى كانت تحدث على نحو طبيعى بين الكائنات الحية جميعا بما فيها البشر والحيوانات والزواحف والنمل والنحل، اكتشف البشر الحروف وكتبوا الأساطير والقصص قبل أن يعرفوا كيف تحمل المرأة بالجنين، شطح خيالهم من الأرض إلى السماء المجهولة فوق رءوسهم، تصوروا أن بها أرواحا خفية من الجن، تهبط إلى النساء لإخصابهن بالجنين، كلمة "جنين" مشتقة من كلمة "جن" وتعنى الشيء "الخفي" غير المرئى بالعين، احتوت الأساطير القديمة على حكايات الأمهات العذراوات أو النساء اللائى حملن فى بطونهن "أجنة" بفعل "الجن"، بهذه الطريقة الجنونية غير المعقولة، نلاحظ هنا التقارب فى اللغة بين الأجنة والجن والجنون. كانت المرأة مقدسة، لأنها على صلة بأرواح السماء الخفية، فأصبحت إلهة معبودة خوفا منها، خاصة المرأة الحامل، ذات البطن الضخم، رأينا صورها فى النقوش على جدران الآثار المصرية واليونانية والصينية، وكان من الطبيعى أن يحمل الأطفال اسم الأم، فهى معروفة تلدهم من جسدها، أما الأب فهو مجهول، مجرد روح خفية تهبط من السماء لعملية الاخصاب ثم يتلاشى فى الأثير. بعد الثورة البيولوجية فى التاريخ، حدثت ثورات علمية أخرى فى مجال الغزو والقنص من أجل البقاء، ثم القتال من أجل الثراء، وتراكم رأس المال، ثم الحروب من أجل توريث الثروة والسلطة للأبناء (فقط للأبناء من صلب الأب الذى اكتشف دوره فى صنع الجنين، وحرمان غيرهم من الأطفال الأبرياء مجهولى الأب). دار الصراع التاريخى بين الآباء (مع الآلهة الذكور الجدد) وبين الأمهات (مع أطفالهن الأبرياء) آلاف أو ربما ملايين السنين، بالقوة المسلحة الجديدة والتهديد بالقتل والحرق فى جهنم الحمراء، وانتزع الأب من الأم الاسم والشرف والدين والنسب، وانتزع منها الألوهية والدولة والعائلة، وكل زينات الدنيا والآخرة بما فيها الجنة. هذه الحقائق التاريخية أصبحت معروفة فى علم الأنثروبولوجيا، لكن نادرا ما تشملها الدراسات الحديثة فى المعاهد والجامعات، إذ يتم دفن حقائق التاريخ النسائى بمثل ما يتم دفن أسماء الأمهات، بمثل ما يتم دفن الكاتبات اللائى دفعن حياتهن لتحرير أنفسهن وأطفالهن من العبودية، ويتم تسليط الأضواء على رجل (يشبه قاسم أمين) يتحدث عن حقوق النساء فى عيد الأم، يتلقى التصفيق والتكريم، ثم يعود إلى بيته ليزعق على امرأته المكلومة لأنها تأخرت فى اعداد الغداء، وفى الليل يتسلل متخفيا إلى عشيقته أو زوجته السرية. تحسست المرأة الهولندية مسدسها وهى تمسح عرقها من فوق المنصة، وتمسح معه المكتوب على جبينها بالقلم الإلهى، منذ اكتشف الرجل ذلك الإسبرماتوزوم.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنه الدم -2-
- بشائر صوت الكروان
- لم يعد يراها
- من وراء ظهرها فى فراشها؟
- فتيات الصين والثورة الثقافية
- الإبداع والثورة والحدس باللا معقول
- ثقافة الخرافة فى تونس
- زينة وهدى ودموع التماسيح
- الثورات والتحرر من اللامعقول
- تاريخ الشعوب غير المكتوب
- جبل الثلج تحت الماء
- ثلوج النرويج ونساء العالم
- داعش ومخ الإيبولا
- الاشتراكيون فى لندن وغاندى
- مقطوعات الرؤوس والوجوه
- اللا محسوس أخطر الأنواع
- الخوف من حرية العقل والمرأة
- من يذكر زينب فواز وأروى صالح؟
- النساء المقاتلات فى جبال كردستان
- الثورة الثقافية. وزوجتك


المزيد.....




- “لولو بتدور على جزمتها”… تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر ناي ...
- “القط هياكل الفار!!”… تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 لمشاهد ...
- السعودية.. امرأة تظهر بفيديو -ذي مضامين جنسية- والأمن العام ...
- شركة “نستلة” تتعمّد تسميم أطفال الدول الفقيرة
- عداد جرائم قتل النساء والفتيات من 13 إلى 19 نيسان/ أبريل
- “مشروع نور”.. النظام الإيراني يجدد حملات القمع الذكورية
- وناسه رجعت من تاني.. تردد قناة وناسه الجديد 2024 بجودة عالية ...
- الاحتلال يعتقل النسوية والأكاديمية الفلسطينية نادرة شلهوب كي ...
- ريموند دو لاروش امرأة حطمت الحواجز في عالم الطيران
- انضموا لمريم في رحلتها لاكتشاف المتعة، شوفوا الفيديو كامل عل ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - منذ اكتشف الرجل -الإسبرماتوزوم-