أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نوال السعداوي - أسئلة الأطفال المحرمة وتجديد الفكر الدينى













المزيد.....

أسئلة الأطفال المحرمة وتجديد الفكر الدينى


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4833 - 2015 / 6 / 10 - 08:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تتطلع الطفلة او الطفل بانبهار الى أضواء النجوم وتسأل: مين خلق النجوم؟ ويرد الكبار: ربنا، وعلى الفور تسأل الطفلة أو الطفل: ومين خلق ربنا؟ سؤال بديهى يرد لجميع الأطفال، ثم يطويه النسيان ضمن أسئلة يتم تحريمها خوفا من السلطة فى البيت والمدرسة، يؤدى الخوف الى النسيان، حماية للطفل او الطفلة من القلق وانتظار الحرق بالنار او الاصابة بالصرع.
فى إحدى الندوات قال لى شاب، سألت فى طفولتي: مين خلق ربنا؟ فضربنى المدرس وحذرنى من هذه الأسئلة وإلا أصابنى الجنون والصرع، وأصبحت (إن راودنى أى سؤال محرم) أرتعد لأن الله سوف يعاقبنى بالصرع.
يرتكز الابداع العلمى والفنى على شجاعة التساؤل، وتذكر المكبوت الممنوع منذ الطفولة، يؤدى النسيان الى ضعف الذاكرة، وعدم الوعى بتاريخ الذات الفردية، وتاريخ البشرية الجمعي، وبالتالى الجهل بأسباب جميع المشكلات الخاصة والعامة، ومنها التعصب الدينى والعنف السياسى والعائلي.
سألنى طفل فى السابعة:
ليه يمنعنى المدرس من اللعب مع البنات ويقول عيب وحرام؟ وقالت طفلة فى الثامنة، غضب جدى حين سألته، ليه تقول مارلين كافرة وربنا حيحرقها فى النار؟ وقالت طفلة فى الثالثة عشرة، قرر أبى أن ألبس الحجاب وعمرى حداشر سنة ومنعنى من قراءة الكتب، او التفكير فى أى حاجة حرام.أسس التربية والتعليم توقف التطور العقلى لأطفالنا، توقف نمو الذكاء الفطرى والضمير، تفسد أخلاق الطفل والطفلة، وتنتج التعصب الدينى الأعمى والانجذاب الى أفكار داعش والإخوان وبوكو حرام.
لا يدمر العقل منذ الطفولة إلا الخوف من التساؤل، يكف العقل عن طرح الأسئلة ونتحول الى ببغاوات نردد ما يقوله الآخرون، الابداع هو تذكر الاسئلة المحرمة، التى يغيبها نظام التعليم والتربية لماذا لم تسهم عقولنا فى الاختراعات العلمية الحديثة؟
يرتبط اكتشاف الكمبيوتر بالسؤال الطفولي، مين خلق ربنا؟ هذا السؤال البديهى أدى الى اكتشاف علم الكون وعلوم الفضاء والالكترونيات، تمكن العقل المتطور من كسر الثوابت الدينية، خلال النهضة الأوروبية، ومنها نظرية الخلق الواردة بالكتاب المقدس، ونظرية تأثيم المعرفة، وثبات الأرض المسطحة.
أراق رجال الدين دماء علماء اكتشفوا أن الأرض كروية وأنها تدور، لولا هذه الدماء ما عرفنا الطائرة والانترنت والايميل والأقمار الصناعية.
منذ الطفولة نكف عن أهم الأسئلة التى تدور فى عقولنا:
من أين جئنا والى أين نذهب؟ لماذا تتحجب البنت ولا يتحجب الولد؟ لماذا يذهب الأقباط الى النار ونذهب نحن المسلمين الى الجنة؟ هل يصح الايمان بالوراثة؟
يبدأ التطرف والجمود العقلى من الطفولة، حين يكف عقل الطفلة او الطفل عن طرح الأسئلة البديهية تحت اسم المحرم، هذه هى قضية تجديد الفكر الديني، وليس المتاهات الفقهية والمذهبية التى يغرق فيها الكبار قبل الأطفال، ويتصارعون حول البخارى والغزالى وابن تيمية وسيد قطب وحسن البنا وغيرهم؟
علينا الانعتاق من الخيوط العنكوبية التى تدور فى فلك الثوابت والمذاهب الفقهية؟ تجديد الفكر الدينى يخص جوهر العقل وليس الجزئيات والشكليات، تجديد الفكر الدينى لا يخص الأزهر او الأوقاف او رجال الدين وحدهم، بل يخص كل فرد فى المجتمع والدولة والعائلة والمدرسة والجامعة وكل مكان.
حين كنت تلميذة طلب منا المدرس كتابة قصة من الخيال فملأت الكراسة بمذكراتى الطفولية، بعد أن قرأها المدرس أعطانى "صفرا" واتهمنى بالكفر، لماذا؟ لأن الطفلة طرحت أسئلة محرمة منها: لماذا نأكل فى رمضان أكثر من أشهر آخر؟ لماذا يفرض الله الصيام على الفقراء وقد فرضه علينا لنحس ألم جوعهم؟ لماذا لا يضرب المدرس ابنة الوزير كما يضرب الآخرين؟ لماذا أحمل اسم جدى واشطب اسم أمى مع أنى أحب أمى ولا أحب جدى؟ لماذا يخرج أخى للنزهة وأنا محبوسة بالبيت رغم أنى ناجحة وهو ساقط؟ لماذا اشتغل مع أمى فى المطبخ، وأخى وأبى يلعبان الشطرنج فى البلكونة؟ لماذا أرتدى الحجاب وأخى لا يتحجب مع أنه يجرى وراء البنات وأنا لا أكلم الصبيان؟
هذه أسئلة بديهية يطرحها الأطفال دون أن يناقشهم أحد، خوفا من نقد الثوابت، رغم أن العلم لم يتقدم إلا بنقد المقدسات، ألم تكن الأرض ثابتة مسطحة، ثم كشف العلم أن الأرض كروية وتدور حول الشمس؟ ألم تكن نظرية خلق الكون فى ستة أيام من الثوابت المقدسة، ثم كشف العلم أن الكون تطور عبر ملايين السنين؟
لماذا تكبل عقول الأطفال بالخوف من النقد؟ وقد رأينا كيف تسقط الثوابت العلمية والدينية تباعا مع تقدم الاكتشافات العلمية وتجديد الفكر الديني؟ فالعلوم والأديان تتطور على الدوام، ألم تسقط مفاهيم الرق والعبودية من كثير من الأديان (ومنها الاسلام) بسبب انتصار العدل والعقل، وعدم الخوف من الكفر او السجن او القتل؟ كيف ننتج أفكارا مبتكرة ولا نعيش على استهلاك ما ينتجه الآخرون؟ هذا هو السؤال الأهم لتجديد الفكر الديني:
كيف نشجع أطفالنا على طرح الأسئلة المحرمة؟



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقتل الموت وتنتصر الكتابة
- المسكوت عنه فى السلوك؟
- وضحكت الطفلة بدموع كالبكاء
- الوجه الآخر لنيلسون مانديلا
- منذ اكتشف الرجل -الإسبرماتوزوم-
- إنه الدم -2-
- بشائر صوت الكروان
- لم يعد يراها
- من وراء ظهرها فى فراشها؟
- فتيات الصين والثورة الثقافية
- الإبداع والثورة والحدس باللا معقول
- ثقافة الخرافة فى تونس
- زينة وهدى ودموع التماسيح
- الثورات والتحرر من اللامعقول
- تاريخ الشعوب غير المكتوب
- جبل الثلج تحت الماء
- ثلوج النرويج ونساء العالم
- داعش ومخ الإيبولا
- الاشتراكيون فى لندن وغاندى
- مقطوعات الرؤوس والوجوه


المزيد.....




- قطر تدين بشدة اقتحام مستوطنين باحات المسجد الأقصى
- -العدل والإحسان- المغربية: لا يُردع العدو إلا بالقوة.. وغزة ...
- وفاة معتقل فلسطيني من الضفة الغربية داخل سجن إسرائيلي
- الخارجية الإيرانية تدين تدنيس المسجد الأقصى
- شاهد/حاخام صهيوني يصدر فتوى بقتل أطفال غزة جوعًا: -لا رحمة ع ...
- كاتبة إسرائيلية: من يتجاهل مجاعة غزة ينتهك التعاليم اليهودية ...
- عاجل | بوليتيكو عن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولم ...
- منظمة التعاون الإسلامي تدين اقتحام المتطرف بن غفير باحات الم ...
- البرلمان العربي يدين اقتحام المستعمرين بقيادة بن غفير المسجد ...
- منظمة التعاون الإسلامي تدين اقتحام -بن غفير- باحات المسجد ال ...


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نوال السعداوي - أسئلة الأطفال المحرمة وتجديد الفكر الدينى